بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الله ، ولأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد :
فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" مرَّ رجلٌ ممن كان قبلكم بجمجمة ، فنظر إليها فحدَّث نفسه بشيء ثم قال : يا ربِّ ! أنت أنت ، وأنا أنا ، أنت العوّادُ بالمغفرة ، وأنا العواد بالذنوب ! ، وخرَّ لله ساجداً ، فقيل له :
ارفع رأسك فأنت العواد بالذنوب ، وأنا العواد بالمغفرة ، .صحيح ( السلسلة الصحيحة )
أيها الأحبة الفضلاء :
إذا أراد الله أن يُكرم عبده بمعرفته وجمعِ قلبه على محبته ؛ شرح صدره لقبول صفاته ، ومن صفاته ـ سبحانه ـ : الكرم بكثرة الخير وجزيل العطاء ، ومن نُعوته : الشُكر يشكر القليلَ من العمل بمُضاعفة الثواب أضعافاً كثيرة ، إن ربنا لفغور شكور .
وأقل ما يُضاعف به الحسنة عشر حسنات ، وشكرَ المؤمنين بجنات النعيم ، والمُسلمُ لا يحقرُ أيّ عمل صالح ، فلا يدري ما الذي يدخله الجنة منه ، ومن وصايا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تحقرنّ من المعروف شيئاً "
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ : " ينبغي للمرء ألا يزهد في قليل من الخير أن تأتيه ، ولا في قليل من الشر أن يجتنبه ؛ فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها ، ولا السيئة التي سخط عليه بها " .
أيها الأحبة الكرام :
مسكُ ختامٍ ـ إن شاء الله ـ !
نعم ؛ مسك الختام لخير أيام الدنيا " العشرة من ذي الحجة "
عشرة أيام كاملة ( العمل فيها أحب إلى الله مما في سواها ) : سبعة منها مضت ، وثلاثة أقبلت .. ولكن : أيُّ ثلاثة ؟!
أولها ( وهو الثامن من ذي الحجة ) :
يوافق يوم الأربعاء .. هذا اليوم زيادةً على أنه يوم من ضمن أفضل أيام الدنيا ، وأن العمل الصالح فيه من أحب الأعمال إلى الله ؛ فإنه أُختص بفضيلةٍ غفل عنها الكثير من الناس .
عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الأثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين فعُرِفَ البِشرُ في وجهه
، وقال جابر : " فلم يزل بي أمرٌ مهمٌ غليظٌ إلا توخيتُ تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة " . رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد والبزار وغيرهم وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد ( 246/1) رقم : 704
قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ : " لولا أن الصحابي رضي الله عنه أفادنا أن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت من يوم الأربعاء كان مقصوداً ،
والشاهد يرى ما لا يرى الغائب وليس الخبر كالمعاينة ، لولا أن الصحابي أخبرنا بهذا الخبر ؛ لكنا قلنا هذا قد اتفق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه دعا بما رآه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ووقتاً ويستجاب له .
إذاً هذا أمرٌ فهمناه بواسطة هذا الصحابي وأنه سنةٌ تعبديةٌ لا عفويةٌ "
وقال البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2/ 46 ) :
" ويتحرى للدعاء الأوقات والأحوال والمواطن التي يرجى فيها الإجابة تماماً فأما الأوقات فمنها ما بين الظهر والعصر من يوم الأربعاء " .
فلا تحرم نفسك ـ أخي الكريم ـ من هذا الفضل العظيم .
أما اليوم الثاني ( التاسع من ذي الحجة ) :
فإنه يوافق يومي الخميس وعرفة .
الله أكبر ..!
يوم عرفة ، وما أدراك ما يوم عرفة .
يومٌ ... يدنو فيه المولى ـ سبحانه وتعالى ـ من عباده ويباهي بهم الملائكة ويشهدهم على غفران ذنوبهم ، فيقول : " أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم " .
يومٌ ... لم يُر الشيطان أحقر ولا أصغر ولا أذل من هذا اليوم لِما يعاين فيه من تنزيل رحمات الله عز وجل .
يومٌ ... تكفر فيه ذنوب سنتين ( الماضية والباقية ) .
يومٌ ... وضع فيه النبي صلى الله عليه وسلم تحت قدمه أشياء ، فماذا وضع ؟
وضع شرك الجاهلية ، وضع ربا الجاهلية ، وضع تبرج الجاهلية , وضع دماء الجاهلية .
وإن كان يوم الأربعاء فيه وقتٌ يستجاب فيه الدعاء ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
" خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير " .
فأي فضل بعد هذا الفضل ، وأي فرصٍ أعظم من هذه الفرص ؟
وإياك إياك أن تغفل ـ أخي الفاضل ـ ، أو تنسى أن هذا اليوم المبارك العظيم قد وافق ـ أيضاً ـ يوم الخميس
والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس ، فيغفر الله لكل عبد مسلم ، لا يشرك بالله إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا ، أنظروا هذين حتى يصطلحا "
فاحرص أخي على مصالحة إخوانك ، وسارع إلى ترك الخصومات والشحناء كي تنال هذا الفضل العظيم وتحصل على مغفرة الله عز وجل رب العالمين .
أمّا عن اليوم الثالث ( العاشر من ذي الحجة ) :
والذي يوافق يوم الجمعة ؛ فحدِّث ولا حرج عن ما في هذا اليوم من الفضائل والبركات .
هذا اليوم " النحر " يومٌ عظيم ، بل هو أعظم الأيام عند الله عز وجل ، قال عليه الصلاة والسلام : " إن أعظم الأيام عند الله ، يوم النحر ، ثم يوم القر " .
هذا اليوم هو يوم " الحج الأكبر " تُحيا فيه سنة أبينا إبراهيم ـ عليه أفضل الصلاة والتسليم ـ .
في هذا اليوم العظيم يتقرب العباد إلى ربهم بإراقة دماء الأضاحي والهدي والتي هي من أفضل القربات ، وأجل الطاعات .
ومن فضل الله وكرمه ، أن هذا اليوم العظيم الفاضل ، وافق يوماً هو خير يومٍ طلعت عليه الشمس ، يوم الجمعة .
هذا اليوم العظيم " الجمعة " زيادة على أنه وافق أعظم أيام السنة " النحر " ، وأنه ـ أيضاً ـ من ضمن أفضل أيام الدنيا التي العمل الصالح فيها أحب إلى الله مما في سواها ؛ فإن فيه ـ أيضاً ـ ساعة إجابة لا يسئلُ فيها عبدٌ مسلم ربه شيئاً إلا آتاه إياه ،
قال عليه الصلاة والسلام : " يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة ، لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه إيَّاهُ ، فالتمسوها آخر ساعةٍ بعد العصر " .
فهذه ثلاثة أيامٍ على التوالي من أفضل الأيام عند الله ـ تبارك وتعالى ـ خص كل يوم فيها بساعةٍ مجابة الدعاء
{ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } ؟
{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين }
تقبل الله منا ومنكم
ورزقنا وإياكم القبول والسداد
~ كـنــوووزة ~ @knoooz_2
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ريم الشمالية 66
•
جزاااك الله خيييير كلاامك درر
أفضل الدعاء يوم عرفة , وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد , وهو على كل شيء قدير
الصفحة الأخيرة