*لمسة حنان*

*لمسة حنان* @lms_hnan_4

كبيرة محررات

تربية الطفل من خلال القصه+نماذج قصص شيقه ومفيده للاطفال

الأمومة والطفل








السلام عليكم

حبيت افيدكم بقصص مناسبه للاطفال وتنمي عندهم الاخلاق الفاضله ومن الكتاب والسنه بدل قصص الي مامنه اي فائده بل ضررها اكثرمن نفعها
وهذي القصص مناسبه للاطفال من سن7الى12سنه

اولا نبي نعرف

كيف نربي اطفالنا بالقصه

السؤال:
كيف أربِّي ابني عن طريق الحكاية أو القصَّة، أحكي له قصَّة ويعرف منها معلومات جديدة؟

الجواب:
سيـدتي الفاضلة:


أهلاً وسهلاً بك، وكم يُسعدنا في (الألوكة) وجود أمثالِك من الأمَّهات الكريمات، الحريصات على تربية أبنائهنَّ، فشكرًا جزيلاً لثقتك الغالية، نسأل المولى - عزَّ وجل - أن نكون دائمًا عند حسن الظنِّ بنا.

سيـدتي:


لقد اتَّفق علماء التَّربية وعُلماء النَّفس على أنَّ الأسلوب القصصي هو أفضل وسيلة لتربية الأطفال، على القيم الدينيَّة والخلقيَّة، والتوجيهات السلوكيَّة والاجتماعية، لكن القرآن الكريم سبق هذه الدراسات بقرونٍ عدَّة، حين أثار دافعيَّة التعلُّم لدى المسلم باستخدام الأسلوب القصصي؛ قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِي ٱلأَلْبَابِ} ، وقال: {فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} .

وقد أفرد الله - عزَّ وجلَّ - سورةً كاملة باسم "القَصص"، هذا فضلاً عن تعدُّد القصص في القُرآن الكريم، وتنوُّع طرُق عرْضِها؛ وللاستِزادة حوْل هذا الموضوع يُمكنُك الرُّجوع إلى كتاب "التَّصوير الفنِّي في القرآن" لسيد قطب؛ فهو كتاب تحليلي تأمُّلي مُمتع يَعرِض فيه سيِّد قطب بأسلوبه المذْهِل أغراضَ القصَّة في القرآن، والخصائصَ الفنِّيَّة للقصَّة، ورسْم الشَّخصيات، رحِم الله سيِّد قُطْب رحمةً واسعة.

أدب الأطفال:


يُقصد بأدب الأطْفال: تلك الأعمال الفنِّية التي تنقل إلى الأطفال، عن طريق وسائل الاتِّصالات المختلفة والتي تحتوي على أفكارٍ، وأخيلة، وأحاسيس، تتَّفق مع مستويات نُموِّهم المختلفة عقليًّا ووِجْدانيًّا.

وبِهذا يشمل أدبُ الأطفال كلاًّ من: القصَّة، والرِّواية، والمسرحيَّة، والشِّعْر أيضًا، ولَم يعُدْ شكْل القصَّة مقتصِرًا على الشَّكل الورقي المعْهود في السَّابق، بل أصبحتِ القِصص الآنَ تُكْتَب على مواقع الإنترنت، كما نَجِدها مضغوطةً في أقْراصٍ مُدمجة، فضلاً عن إمكانيَّة سماعِها عبر شريط الكاسيت أو مشاهدتِها بالتِّلفاز ونحو ذلك.

أهمية أدب الأطفال:


أدب الأطْفال هو أحد أهم أنواع الأدب، تقول د.سناء عبد اللطيف في كتابها "هكذا يربي اليهود أطفالهم": "إنَّ أدب الأطفال له أهمِّيَّة قصوى في عمليَّة تنشئة الأطفال؛ لأنَّهم في هذه المرحلة من العمر يكونون بِحاجة إلى ما يُساعدهم بطريقةٍ واعيةٍ ومدروسةٍ على تَحقيق النُّمو السَّليم المتكامِل من مختلف النَّواحي"، وقدِ استفاد الكيان الإسرائيلي كثيرًا من هذا الأدب، ومنحَه الاهتمام والدَّعم المادي والمعنوي والبشري، حتى تصدَّر قائمة أعلى إصدارات أدب الطفل تأليفًا ونشرًا.

أنواع قصص الأطفال:


1) قصص ألعاب الأصابع.
2) القصص الفكاهية.
3) القصص الخيالية.
4) الأساطير.
5) الخوارق.
6) القصص التاريخية.
7) القصص العلمية.
8) القصص الدينية.
9) قصص الحيوان.

أسس اختيار قصص الأطفال:


1- أن تكون القصَّة مناسبةً لعمر الطفل الزمني وعمره العقلي، وكلَّما كان سنُّ الطِّفل أصغرَ، كان التَّفضيل في جعْل شخصيات القصَّة أقلَّ، والجمل أقصَر وأبسط؛ تَجنُّبًا لتشتيت ذهن الطفل.

2- أن يحوي موضوع القصَّة على الفضائل والقيم والمُثُل العليا، والاتِّجاهات المرغوب فيها، والمراد إكسابها للطفل أو تعزيزها لديْه، أو بِهدف تعديل السُّلوكيات غير المرغوب فيها.

3- أن تكون الشخصيَّات في القصَّة واضحة وقويَّة، ومما يجذب الطفل، ومرسومةً وملونة بشكل جَمالي معبِّر عن النَّصِّ المكتوب، وكلَّما كان سنُّ الطفل أصغرَ، كان التَّفْضيلُ في جعْل رسوم وألوان القصَّة واضحة ومُلْفِتة؛ لاعتماد الطفل بقوَّة على حاسة النظر في استكشاف العالم الخارجي.

4- أن تكون مكتوبةً بأسلوب سهل ومبسط، ولغة راقية تثري حصيلة الطفل اللغوية، وتشتمل على أفكار مترابطة، وأحداث مُتعاقبة توسِّع الخيال وتشجِّع على التَّفكير السليم.

5- إشراك الطفل في اختِيار قصصِه بنفسِه، حين يكون في سن يمكنُه الاعتماد فيه على نفسه في القراءة، واصطِحابه إلى المكتبات ليتعرَّف على أنْواع القصص وأشْكالِها، ومناقشته وتوجيهه حول ما هو أفضلُ لسنِّه وعقليَّته ومبادئ الأسرة وقيمها الإسلاميَّة.

القصص الواجب تجنبها مع الأطفال:


1- القصص التي تُثير الرعب والمخاوف؛ لكوْنِها تسبِّب اضطرابات في النَّوم.
2- القصص التي تَحوي قيمًا غير إسلامية أو عقائد منافية، كما في بعض القصَص المترجمة عن الأيديولوجيات الغربيَّة.
3- القصص القائمة على السخرية من الآخرين، وإيقاع الأذى بهم.
4- القصص التي تمجِّد انتِصار الشَّرِّ والظُّلم على الخير والعَدْل.

من أين نستقي القصص للأطفال؟


1- قصص القرآن الكريم: أفضِّل شخصيًّا قراءة القصَّة على الطِّفْل من المصحف نفسه؛ لربْط الطِّفْل بالقرآن، أنا أفعل ذلك حتَّى لو كنتُ أحفظُ القصَّة عن ظهْر قلب.
2- قصص السيرة النبوية.
3- قصص التَّاريخ الإسلامي الحافل بقصَص العُظماء والعُلماء والبطولات.
4- ابتِكار قصصٍ خياليَّة من المخيلة، ترتبِط بالأحْداث الحياتيَّة اليوميَّة، وأنصحُك في هذا المجال أن تَجعلي الطفل هو بطل القصَّة، أو اختيار اسمِه لشخصيَّة البطل في القصَّة.

الضوابط الشرعية في قصص الأطفال:


يشترط في هذه القصص الخياليَّة أن تمسَّ الواقع، وتُعالج بعضَ ما فيه من خلل، مع الإِشارة إلى أنَّها ليستْ حقيقيَّة، وإنَّما هي من نسْج الخيال، وقد أفْتى بِهذا الشَّيخُ ابن عثيمين – رحمه الله – وغيره.

في أي عمر نبدأ بقراءة القصة للأطفال؟


لا بدَّ من القراءة للطِّفْل وهو ما يزال جنينًا، ثُمَّ بعد الوِلادة وحتَّى عامِه الأوَّل تُقرأ عليْه القصص المطبوعة في ورق كرتوني مقوَّى؛ كي لا يمزقها الطفل، أو القصص القماشية؛ فقد أثبتتِ الدراسات الحديثة: أنَّ الأطفال الذين يستمعون للقراءة منذُ الصِّغر ينشأ لديْهم حبٌّ وشغفٌ للقِراءة بقيَّة حياتِهم، كما أنَّ الأطفال يستجيبون بعد الإنْجاب إلى القصَص التي استمعوا لها بشكْلٍ مُعتاد أثناءَ مكوثِهم في الرَّحِم؛ ولهذا نَجِدُ الكثيرَ من براعم حفَظَةِ القُرآن قد أكملوا ختْم القُرآن في سنٍّ مُبكِّرة؛ لأنَّ أمَّهاتِهم كنَّ يُسمعْنَهم صوتَ القرآن خلال فترات الحمل.

كيف نجعل قصَّة الطِّفل تَجربة مُمتعة وأسلوبًا تربويًّا؟


1- اختيار الوقت المناسب، بِحيث تتجنَّب الأمُّ الأوْقاتَ التي ينشغِل فيها الطِّفْل ذهنيًّا؛ كأوْقات اللَّعِب ومشاهدة التِّلفاز، أو أثناء تناوُل الطَّعام، وساعات الغضَب والبكاء والجوع والإرهاق ونحو ذلك، ويفضَّل تَحديد وقْتٍ مُعيَّن ليكونَ عادةً للطِّفْل بأنَّ هذا هو وقْتُ القصَّة، كالوقت الذي يسبق النَّوم مثلاً؛ لتشْجيعِه على القراءة فيما بعد.

2- اختيار المكان المُناسب لسَرْدِ القصَّة، كالجلوس معه على سرير النَّوم، أو تَخصيص ركن في غرفة الطِّفل يحوي مكتبًا ومكتبة صغيرة للطِّفل، تضمُّ قصصًا وكُتُبًا ومجلات للأطْفال، وتَخصيص هذا المكان للقِراءة والكتابة، وبِهذا الصَّدد يفترض بالوالدين النزول من قمَّة الجبل التي يعتليانها قياسًا على طول الطفل، والاقتِراب منه جسديًّا عند الحديث، والاهتِمام بالاتِّصال البصري مع الطِّفل.

3- أن يكون قارئ القصَّة مرتاحًا وغير منشغل ذهنيًّا أو جسديًّا، فالقِراءة خبرة تعليميَّة لا يُمكن للطِّفل نسيانُها، وليس الهدف أن يسمع الطِّفل القصَّة وحسْب، بل ويستمتِع بِها أيضًا، ومن المهمِّ أن يتحلَّى المربِّي بالصَّبر والحِكْمة في التَّعامُل مع أسئلة الطفل ومقاطعاته المتوقَّعة.

4- قراءة القصَّة بصوْتٍ واضح ودافئ وحنون، مع التَّلاعُب بنبرات الصَّوت وتعبيرات الوجْه، والانفِعال والتَّفاعُل مع شخصيَّات القصَّة لجذْب الطِّفْل لسماعها.

5- الحوار مع الطِّفْل خِلال القصَّة، من خلال سرْد الأسئِلة أو الطَّلب من الطِّفْل إكمالَ بعض الجمل والمقاطع؛ لتنمية خياله وللمحافظة على أطول وقْتٍ من قُدْرةِ الطِّفْل على الانتِباه، ومن المُمْكن الوقوف عند مقْطعٍ مشوق من القصَّة، ثُمَّ إخْبار الطفل باستِكْمال الجزْء الثَّاني في اليوم التَّالي؛ بِهدف التَّشويق وتوْثيق علاقة الطِّفْل بالقصَّة، (وتوقَّعي مزيدًا من الإلحاح طيلة اليوم التَّالي لمعرفة نِهاية القصَّة، فإن لم يكن لديْك صبر فلا تلجئي لهذا الأسلوب).

6- مناقشة الطِّفْل عن مَحاور القصة بعد الفراغ منها.

كيف نربي الطفل من خلال القصة؟


توجد ثلاثُ صور في التوجيه التربوي:
1- تعديل السلوك غير المرغوب فيه:
ومن أمثلة السلوكيات غير المرغوب فيها: الكذِب، نوبات الغضب، العصيان، السَّرقة، الخجَل الشديد، الغيرة، الأنانية، الشِّجار، عدم الاحترام...إلخ.

2- تعزيز السلوك المرغوب فيه:
ومن أمثلة السلوكيات المرغوب فيها، وتكون لدى الطفل: الصدق، التعاون، استخدام كلمات الشُّكْر والاعتِذار، الشَّجاعة، الكرم، طاعة الوالِديْن، المحافظة على الصَّلاة .... إلخ.

3- إكساب الطفل السلوك المرغوب فيه:
وهي السُّلوكيَّات الجيِّدة التي لم يتعلَّمْها بعد: كاحتِرام حقوق وخصوصيَّات الآخَرين، النَّظافة الشَّخصيَّة، آداب الطعام، تَجنُّب السخرية من الآخرين، حفظ القُرآن الكريم ... إلخ.

ويعتمد تعليم السُّلوك من خلال القصَّة على قدر إلحاحه وأهميته لدى المربي، فمن المُمكن جعْل قراءة القصَّة قصديَّة بغرض حل مشكلةٍ ما، فإذا كان الطفل يعاني من مشكلةٍ - كالكذب مثلاً - فيمكن للأم هنا أن تهتمَّ بالقصص التي تحكي عن عاقبة الكذِب، وحب الآخرين للشَّخص الصادق، وجعل الطفل يستنتج بنفسِه أهمية ذلك، مع مُحاولة تشجيعه بالمكافأة في حال طرأ تحسُّن على السلوك بعد القصة.

أو استخدامها كنقطة انطلاق حول قيمة معيَّنة، فمثلاً أثناء أو بعد قراءة قصة تتحدَّث عن الأمانة، يكون من السَّهل على المربي هنا التحدُّث مع الطفل عن الأمانة وأهميتها وفضلها.

كذلك مساعدة الطفل على القراءة الناقِدة، بحيث نساعد الطفل على أن يكتشف بنفسه الهدف التربوي من القصَّة، من خلال طرح الأسئلة عليه.

خـتامًا:


أسأل الله العليَّ القدير: أن يَمنَحكِ القُدرة والثَّبات على تربيةِ أبنائِك تربيةً إسلاميَّة صالحة؛ ليكونوا عونًا لكِ في مستقبل حياتِك، متمنِّيةً لك كلَّ التَّوفيق والسَّعادة والرِّضا، ولا تنسَيْني من صالح دعائك.


التربية بالقصة
قصص مناسبة للأطفال

محمد صالح المنجد

من خلال النظر إلى الواقع المؤلم يتبين لنا مدى أهمية التربية كعامل أساسيٍّ في تنشئة جيل يعمل لخدمة الأمة، ويدفعها نحو العزة والرفعة، ويسمو بها نحو القمة، وعندما نتأمل الواقع جيداً، وننظر بشفافية أكثر؛ يتضح لنا أن البذور إذا عُني بها خرج الزرع طيبا، فكذلك الطفولة إذا عُني بها خرج لنا جيلاً صالحاً.

وهنا وعند تأمل القرآن الكريم والسنة المطهرة يتبادر لنا سؤال مهم وهو:
هل من الممكن أن يتربى هؤلاء الأطفال من خلال القرآن والسنة وهل يمكن استثمار قصص القرآن أو السنة في هذا المشروع الضخم؟؟؟

للإجابة على هذا السؤال نقول:
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
فلاشك أن القرآن الكريم والسنة المطهرة كفيلان بأن يكونا أداة عظيمة في تربية الجيل وإرشاده نحو كل جليل وهذا من المسلمات عند كل مسلم حيث يقول الله تبارك وتعالى:(ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة:2) .
وفي ظل البيئة السيئة التي ولدّها التأثر بالغرب وسيطرت وسائله الإعلامية المختلفة على بيوت المسلمين وانهماك الوالدين في الأعمال المختلفة كاضطرار بعض الأسر لخروج الأم للعمل وقد يعمل الأب عملاً إضافياً أصبح الآباء بعيدون عن تربية أبنائهم وإذا جلسوا معهم إما أن يكونوا معكري المزاج فلا يجد الأولاد سوى الصراخ والعويل دون كلمة حانية أو بسمة رفيقة أو مداعبة رقيقة ويظن الأب أو الأم أن التوبيخ والنهر هو الطريقة المثلى للتربية بل قد يكون أصلاً لا يعرف سوى هذه الطريقة.
وكم نسمع من بعض الناصحين اضرب ولدك يصبح مؤدباً!
ستكون النتيجة ولداً مهذباً صالحاً وهذا خطأ كبير في التربية فالتأديب بتعليق العصا ليراه أهل البيت من السنة ولكن أن يكون الوحيد فهذا أمر مرفوض.
يجب أن تكون أساليب التربية مستفادة من الوحي العظيم الكتاب والسنة فهذه الشريعة جاءت بكل ما يصلح به البشر شؤونهم ، ومن تلك الأساليب المستقاة منها تربية الأبناء بل المجتمع بالقصة فالتربية بالقصة وتوصيل المعنى بالإحساس وتحقيق الهدف بالمثال من أفضل الأساليب وأكثرها نجاحاً وأنجعها نتيجة إن شاء الله.
فنحن نجد بأن الموعظة بالقصة تكون مؤثرة وبليغة في نفس الطفل، وكلما كان القاصْ ذا أسلوب متميز جذاب؛ استطاع شد انتباه الطفل والتأثير فيه؛ وذلك لما للقصة من أثر في نفس قارئها أو سامعها، ولما تتميز به النفس البشرية من ميل إلى تتبع المواقف والأحداث رغبة في معرفة النهاية التي تختم بها أي قصة، وذلك في شوق ولهفة.
فممّا لا شكّ فيه أنّ القصة المحكمة الدقيقة تطرق السامع بشغف، وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة ويسر... ولذا كان الأسلوب القصصي أجدى نفعاً وأكثر فائدة؛ فالقصة أمر محبب للناس، وتترك أثرها في النفوس والمعهود حتى في حياة الطفولة أن يميلَ الطفل إلى سماع الحكاية، ويصغي إلى رواية القصة...
هذه الظاهرة الفطرية ينبغي للمربّين أن يفيدوا مِنها في مجالات التعليم خاصة وأن إعلامنا أجرم عندما جعل من العاهرة بطلة ومن العاهر بطلا، وإعلامنا أجرم كثيرا في حق أبنائنا فلم يترك عاهرة إلا وصورها وعقد معها لقاء.
لذلك لابد أن يربط الولد بأنبياء الله عز وجل: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ )(الأنعام: من الآية90) وبرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(الأحزاب: من الآية21)
وتربيتهم على ما كان عليه صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا إن التشبه بالكرام فلاح
والقصة خير وسيلة للوصول إلى ذلك ولهذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيراً ما يقص على أصحابه قصص السابقين للعظة والاعتبار وقد كان ما يحكيه مقدَّماً بقوله: " كان فيمن قبلكم " ثم يقص صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مسامعهم القصة وما انتهت إليه.
لقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتمثل منهجاً ربانياً (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(لأعراف: من الآية176).
وتلك القصص كانت قصصاً تتميز بالواقعية والصدق، لأنها تهدف إلى تربية النفوس وتهذيبها، وليس لمجرد التسلية والإمتاع حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يأخذون من كل قصة العظة والعبرة، كما يخرجون منها بدرس تربوي سلوكي مستفاد ينفعه وينفع من بعدهم في الدارين: في دار الدنيا والآخرة.

ولكن هل الإعلام الموجه للطفل عموماً استفاد من هذا الأسلوب " التربية بالقصة " لتحصيل أسباب تربوية أم أنه إعلام هدّام أو سلبي على أقل وصف ؟ للأسف كثيرٌ منه سلبي فالقصص التي تعرض في أفلام الكرتون فيها محاذير ومنكرات عديدة منها :
1- قصص تثير الفزع والرعب والرهبة
القصص التي يغلب عليها طيف الفزع والرهبة، تترك في الذائقة اشتياقاً ممزوجاً بالجزع، وفي النفس جبناً وعقداً، وأمثال ذلك: قصص (أمناً الغولة، وقصص المردة، والعفاريت) هذه القصص تهدم الشخصية، وتقتل الحس الفكري لدى الطفل، ولا تؤسس الطفل الشجاع، ولكنها تؤسس الطفل الجبان المتخاذل، الذي يتملك الخوف من فرائسه.
فالطفل يظل معايش الفكرة حتى بعد الانصراف، من لحظة المعايشة الفكرية للقصة، يتخيل بالفعل أن هناك عفاريت تحاصره بالظلام، وأن هناك (أمنا الغولة عند البئر) إلخ...، ولو نظر كل منا لنفسه، لوجد أنه لا يزال يعيش بوجدانه قصصاً قرأها في صباه، فيجب أن نؤسس الطفل على الشجاعة، لكي نبني أمة شجاعة، لا أن نؤسس الطفل على الجبن فنبني أمة ضعيفة.
2- القصص الشعبية التي تحتوي على مواقف منافية للأخلاق:
وأمثلة ذلك: قصص (طرزان- وسوبرمان- والجاسوسية)، التي لا تحتوي على قيم إنسانية أو أخلاقية ، بقدر ما تمجد العنف كوسيلة لحل المشاكل، وتجعل القوة البدنية، هي العامل الأقوى في حسم المواقف.
مثال: طرح شخصية (طرزان)، الذي تربى بين الحيوانات، ولا يعرف وسيلة لحل مشاكله إلا بالقوة البدنية، هذه الفكرة تسقط سلوك الطفل العقلاني، إلى السلوك العدواني، دون استخدام العقل، فيجب طرح قصص تدرب الناشئة على حل المشاكل بإحلال العقل محل القوة.
3- قصص تثير العطف على قوى الشر أو تمجيدها:
القصص، التي تثير العطف على قوى الشر، وتمجده مثل انتصار الشر على الخير،.. الظالم على المظلوم...الشرير على الشرطي.
ويطرحونها بحجة أنهم يكشفون السلوك الخاطئ للطفل كمن يكذب على أولاده ثم يقول هذا كذب أبيض وفي الحقيقة الولد يتربى على الكذب فليس هناك كذب أبيض ولا أسود ، أما عن إثارة العطف على قوى الشر والانتصار له في النهاية قد تجعل الولد يسلك السلوك الخاطئ ، ليبقى ضمن طائفة الأقوياء المنتصرين.
مثال ذلك: (قصص الرجل الخارق، وسوبر مان، الرجل الحديدي ، جلاندايزر )
4- قصص تعيب الآخرين وتسخر منهم:
القصص القائمة على السخرية من الآخرين وتدبير المقالب لهم وإيقاع الأذى بهم، منها السخرية من علة المعاق أو عيب خلقي في نطق البعض وتدبير المقالب للكبير مثلاً وإيقاع الأذى بالأعمى، بإيقاعه في فخ ما أو غيرها، دون تعظيم الأثر الواقع على المخطئ أو مدبر المقلب، ومن الأمثلة الشهيرة لهذا الفكر الخاطئ تربوياً: الأفلام المتحركة في قصة " توم وجيري " ، وهذه القصة رغم ما بلغته من شهرة جماهيرية لدى الأجيال إلا أنها فاسدة تربوياً، ترسِّب هذه الأفلام في وعي الطفل نمطاً سلوكياً خاطئاً، يقلده الطفل ويتمثل به ليحقق ذات المتعة والشقاوة الفكرية على من حوله، ويحس بالتفوق على الآخرين، وكذلك تلك الأفلام التي تسخر من الأسود وتؤدي إلى نبذ الجنس الآخر الأسود فهذا يرسب الضغينة والحقد في نفوس الأطفال، ويؤسس التفرقة والتشرذم لا الوحدة والتآلف.

فتلك مقتطفات من واقع القصص المقدمة للأطفال والتي كان يفترض أن تكون تربوية.

ربما يقول البعض إن القصص المناسب طرحها للأطفال قليلة وغير مفيدة وهذا كلام غير صحيح ففي الكتاب والسنة الكثير من القصص المفيد وكل قصص الكتاب والسنة مفيد.
فمن القصص المناسبة للأطفال والتي سنتاول بعضها:
1. قصة يونس في بطن الحوت
2. قصة أبي هريرة مع الشيطان
3. قصة خشبة المقترض
4. قصة الثلاثة أصحاب الغار
5. قصة أصحاب الأخدود
6. قصة أنس مع سر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
7. قصة عبد الله بن عمر مع الراعي .. " قل له أكلها الذئب "
8. قصة أم موسى
9. قصة عمر واللبن
10. قصة يوسف
11. قصة معاذ ومعوذ
12. قصة القُبّرة
13. قصة الجمل
14. قصة صاحبة الوشاح " ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا "
15. قصة ابن عمر والنخل.

وإليك بعضاً منها مع بيان لكيفية الاستفادة منها وتطبيقها على الواقع ؟
قصة الثلاثة أصحاب الغار
روى البخاري في صحيحه عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ فَقَالُوا إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ - شُرْب الْعَشِيّ - قَبْلَهُمَا أَهْلًا وَلَا مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا فَلَبِثْتُ وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا ُ حَتَّى بَرَقَ الْفَجْر فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج.
َ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الْآخَرُ اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ فَجَاءَتْنِي فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا قَالَتْ لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ ( أَيْ : ثَمَنه) غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي فَقُلْتُ لَهُ كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئُ بِي فَقُلْتُ إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ .
الفوائد من هذه القصة :
قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، قال قتادة : تقربوا إليه بطاعته ، والعمل بما يرضيه .
1- الأعمال الصالحة وقت الرخاء يستفيد منها الإنسان وقت الشدة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء ، يعرفك في الشدة) .
2- يجب على المسلم أن يلجأ إلى الله وحده دائماً بالدعاء وخاصة حين نزول الشدائد ، ومن الشرك الأكبر دعاء الأموات الغائبين ، قال الله تعالى : (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ) - الظالمين : المشركين .
3- مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة ، وهي نافعة ومفيدة ، ولا سيما عند الشدة ، وعدم مشروعية التوسل بالذوات والجاه .
4- حب الله مقدم على حب ما تهوى النفوس من الشهوات .
5- من ترك الزنى والفجور خوفاً من المولى نجاه الله من البلوى .
6- من حفظ حقوق العمال حفظه الله وقت الشدة ، ونجاه من المحنة .
7- الدعاء إلى الله مع التوسل بالعمل الصالح يفتت الصخور .
8- بر الوالدين وإكرامهما على الزوجة والأولاد .
9- حق الأجير يحفظ له ، ولا يجوز تأخيره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) .
10- استحباب تنمية مال الأجير الذي ترك حقه ، وهو عمل جليل ، وهو من حق الأجير .
11- شرع من قبلنا هو شرع لنا إذا أخبر به الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم على طريق المدح ، ولم يثبت نسخه ، وهذه القصة قصها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدح هؤلاء النفر الثلاثة لنقتدي بهم في عملهم .
12- طلب الإخلاص في العمل حيث قال كل واحد ( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه) .
13- إثبات الوجه لله سبحانه من غير تشبيه ، قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) .

قصة خشبة المقترض
وهذه قصة خشبة المقترض الأمين فلننظر كيف يمكن أن نربي أبنائنا على الأمانة ورد الأمانة من خلال سرد القصص ؟
روى البخاري رحمه الله في صحيحه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ
فَقَالَ ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا قَالَ فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ قَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ صَدَقْتَ . رضي بكفالة الله, مما يدل على إيمان صاحب الدين , وثقته بالله عز وجل .
فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى .
فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ
ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبُهَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا
فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا . فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ
ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا
ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْرِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ تَسَلَّفْتُ فُلَانًا أَلْفَ دِينَارٍ فَسَأَلَنِي كَفِيلَا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِكَ
وَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْتُ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا فَرَضِيَ بِكَ وَأَنِّي جَهَدْتُ
أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ وَإِنِّي أَسْتَوْدِعُكَهَا
فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ
رماها وهو واثق بالله , متوكل عليه , مطمئن أنه استودعها من لا تضيع عنده الودائع .
ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِسُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ ( وَجَدَ الْمَال ) فِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ " فَلَمَّا كَسَرَهَا " وَفِي رِوَايَة أَبِي سَلَمَة " وَغَدَا رَبّ الْمَال يَسْأَل عَنْ صَاحِبه كَمَا كَانَ يَسْأَل فَيَجِد الْخَشَبَة فَيَحْمِلهَا إِلَى أَهْله فَقَالَ : أَوْقِدُوا هَذِهِ , فَكَسَرُوهَا فَانْتَثَرَتْ الدَّنَانِير مِنْهَا وَالصَّحِيفَة , فَقَرَأَهَا وَعَرَفَ " .
قال صلى الله عليه وسلم : ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيَكَ بِمَالِكَ فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ قَالَ هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ قَالَ أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي جِئْتُ فِيهِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ فِي الْخَشَبَةِ فَانْصَرِفْ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا .
قَوْله : ( وَانْصَرَفَ بِالْأَلْفِ الدِّينَار رَاشِدًا ) وفي حديث آخر " قَدْ أَدَّى اللَّه عَنْك , وَقَدْ بَلَغَنَا الْأَلْف فِي التَّابُوت , فَأَمْسِكْ عَلَيْك أَلْفك "
يعني لما تيسرت للمدين العودة إلى بلده ,جاء بسرعة إلى صاحب الدين , ومعه ألف دينار أخرى , خوفا منه أن تكون الألف الأولى لم تصل إليه , فبدأ يبين عذره وأسباب تأخره عن الموعد , فأخبره الدائن بأن الله عز وجل الذي جعله الرجل شاهده وكفيله , قد أدى عنه دينه في موعده المحدد .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَلَقَدْ رَأَيْتنَا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْثُر مِرَاؤُنَا وَلَغَطنَا , أَيّهمَا آمَن " ؟

وَفِي الحديث من الفوائد:
فَضْل التَّوَكُّل عَلَى اللَّه وَأَنَّ مَنْ صَحَّ تَوَكُّله تَكَفَّلَ اللَّه بِنَصْرِهِ وَعَوْنه .فما أحوج الإنسان في زمن طغت فيه المادة , وتعلق الناس فيه بالأسباب إلا من رحم الله, إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة بالله , والاعتماد عليه في قضاء الحوائج , وتفريج الكروب , فقد يتعلق العبد بالأسباب , ويركن إليها , وينسى مسبب الأسباب الذي بيده مقاليد الأمور , وخزائن السماوات والأرض , ولذلك نجد أن الله عز وجل يبين في كثير من المواضع في كتابه هذه القضية , كما في قوله تعالى : {وكفى بالله شهيدا} (الفتح 28) , وقوله : {وكفى بالله وكيلا } (الأحزاب 3) , وقوله : { أليس الله بكاف عبده } (الزمر 36) , كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في النفوس , وعدم نسيانه في زحمة الحياة , وجاءتنا السنة بقصة هذين الرجلين من الأمم السابقة , اللذين ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى .
إن هذه القصة تدل على عظيم لطف الله وحفظه , وكفايته لعبده إذا توكل عليه وفوض الأمر إليه , وأثر التوكل على الله في قضاء الحاجات , فالذي يجب على الإنسان أن يحسن الظن بربه على الدوام , وفي جميع الأحوال , والله عز وجل عند ظن العبد به , فإن ظن به الخير كان الله له بكل خير أسرع , وإن ظن به غير ذلك فقد ظن بربه ظن السوء .
إذا بلغ العبد الغاية من الزهد ، أخرجه ذلك إلى التوكل
فإذا اتكلت فكن بربك واثقاً لا ما تحصل عندك الموثوق
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا .
(...وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:3)

قصة جرة الذهب
كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشترى رجل من رجل عقاراً له (أرضاً) فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب !!
المشتري (للبائع) : خذ ذهبك مني ، إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أشتر منك الذهب !!
البائع (ممتنعاً) : إنما بعتك الأرض وما فيها . – يحتكمان إلى رجل - .
الحكم : ألكما ولد ؟
أحدهما : لي غلام .
الآخر : لي جارية .
الحكم : أنحكوا (زوجوا) الغلام للجارية وأنفقوا عن أنفسكما منه ، وتصدقا .

من فوائد القصة
1- أداء الأمانة مطلوب لقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) .

2- القناعة كنز لا يفنى تعود بالخير والبركة على صاحبها .
3- مشروعية الاحتكام إلى عالم بالكتاب والسنة ، دون الذهاب إلى المحاكم المدنية التي تضيع الأموال والأوقات عملاً بقول الله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)
4- من رضي بما أعطاه الله كان من أغنى الناس لقوله صلى الله عليه وسلم :-
أ- (وأرضَ بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس) .
ب- ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس .
5- الرزق مقسوم ، لا بد أن يصل إليك في وقته ومقداره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت) قال الشيخ الألباني رحمه الله: رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن.
6- على المسلم أن يقنع بالحلال ، ويترك الحرام والطمع فيما ليس له ، ويأخذ بالأسباب المشروعة للرزق ، وأن العمل الصالح يكفل له السعادة في الدنيا والآخرة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله وأحملوا في الطلب) .
7- الحكم العادل يرضي المحتكمين .
8- عدم الطمع فيما ليس للإنسان .
كيف نربي أبنائنا على مراقبة الله وأن الله معنا ويراقبنا ؟

قصة ابن عمر والراعي :
ذكر هذه القصة ابن الجوزي رحمه الله في صفة الصفوة ( 2 / 188 )
قال نافع : خرجت مع ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع
فقال له عبد الله : هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة.
فقال : إني صائم
فقال له عبد الله : في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم
فقال الراعي : أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر
وقال : هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تقطر عليه وتعطيك ثمنها
قال : إنها ليست لي إنها لمولاي
قال : فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب ...؟ !
فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله ؟؟؟
قال : فلم يزل ابن عمر يقول : قال : الراعي فأين الله
فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم رحمه الله
صفة الصفوة ( 2 / 188)
فهذه القصة احتوت على كثير من الفوائد والعبر منها :
الحث على الكرم فعبد الله بن عمر لم يستأثر بالسفرة مع أصحابه دون الراعي وقد مر بهم بل دعاه ليأكل معهم وهكذا فإن الولد الكريم إذا أحضر طعاماً إلى المدرسة أو الرحلة فإنه يضيّف أصحابه ويعرض عليهم مشاركته فيه
وكذلك الصيام وأن الراعي على الرغم من أنه يعمل عملاً شاقاً وفي يوم حار لكنه يحتسب ذلك ليوم الحساب والجزاء
وكيف أن ابن عمر رضي الله عنهما أحب أن يختبر أمانة الراعي فأعجبه جوابه وقيل أنه بكى لقول الراعي وهو رافع إصبعيه إلى السماء فأين الله
وهنا درس عظيم الآخر وهو تنمية الصلة بالله وخشيته في الغيب والشهادة وغرس روح المراقبة في النفوس كالشاعر الذي قال :
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل سـاعـة ولا أن ما تُخفي عليه يغيب
ونفس الغرض الذي أراده ابن السّماك:

يا مدمن الذنب أما تستحي واللهُ في الخلـوة ثانيكـا
غـرك من ربـك إمهالـه وستره طول مساويكا
وفي القصة العاقبة الحميدة لمن نال هذه الصفات فالراعي الذي سمعنا عنه في هذه القصة كان عاملاً يأكل من تعب يده برعي الغنم وكان مع ذلك عابداً يصوم في النهار حتى في الأيام الحارة وكان أميناً في عمله يراقب الله عز وجل في نفسه وأن مطلع عليه فصلته بالله قوية ولذلك رفض المكسب الحرام مع أنه قادر عليه ومتمكن منه ولم يستغل عمله وأمانته ولم يسرق منها فأعقبه الله الحسنى فعندما رأى عبد الله بن عمر تلك الصفات أعتقه واشترى له الغنم ووهبه له
فمن عبد يرعى غنم صاحبه إلى حر يملك حلالاً كثيراً
وإنه سنة عظمية يجب تربية الأبناء عليها (( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ))
إنها قاعدة لو شربها أطفالنا منذ الصغر لجنبتهم الكثير من الحرام والمنكرات في الكبر
تربية الأبناء على تجنب الغش وتحريمه ؟
لما نهى عمر رضي الله عنه في خلافته عن خلط اللبن بالماء وخرج ذات ليلة في حواشي المدينة وأسند ظهره إلى جدار ليرتاح فإذا بامرأة تقول لابنتها إلا تمذقين اللبن بالماء فقالت الجارية كيف أمذق وقد نهى أمير المؤمنين عن المذق فقالت الأم فما يدري أمير المؤمنين , فقالت الجارية إن كان عمر لا يعلمه فإله عمر يعلم ما كنت لأفعله وقد نهى عنه.
فوقعت مقالتها من عمر فما أصبح دعا عاصماً ابنه فوصفها له ومكانها وقال اذهب يا بني فتزوجها فتزوجها عاصم بن عمر فولدت له بنتاً فتزوجها عبد العزيز بن مروان بن الحكم فأتت بعمر بن عبد العزيز.
ومن فوائد تلك القصة :
1- أن ما أثبته القرآن والسنة من الكتب السابقة نثبته أما خلافه فلا نصدقه ولا نكذبه إذا لم عرض النصوص .
2- اجتهاد السلف في تربية أبنائهم .
3- استشعار مراقبة الله في السر والعلن .
4- عدم التحرج من تقديم النصيحة للوالدين .
5- اختيار الزوج والزوجة الصالحة للبنت والابن .

قصة صاحبة الوشاح
" ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا "
كيف نربي الأطفال على تجنب الظلم ؟
روى البخاري - رحمه الله تعالى- عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: (1).- قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنَّه من بلدة الكفر نجاني
فلما أكثرت قالت لها عائشة: وما يوم الوشاح؟! قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم، فسقط منها، فانحطت عليه الحديَّا وهي تحسبه لحماً، فأخذته. فاتهموني به، - أي بسرقة الوشاح- فعذبوني حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي، وبينما هم حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديَّا حتى وازت(2) برؤوسنا، ثم ألقته فأخذوه، فقلت لهم: هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه بريئة ] (3).
ما يؤخذ من القصة:
وَفِي الحديث من الفوائد الْخُرُوج مِنْ الْبَلَد الَّذِي يَحْصُل لِلْمَرْءِ فِيهِ الْمِحْنَة , وَلَعَلَّهُ يَتَحَوَّلُ إِلَى مَا هُوَ خَيْر لَهُ كَمَا وَقَعَ لِهَذِهِ الْمَرْأَة . وَفِيهِ إِجَابَة دَعْوَة الْمَظْلُوم وَلَوْ كَانَ كَافِرًا ; لِأَنَّ فِي السِّيَاق أَنَّ إِسْلَامهَا كَانَ بَعْد قُدُومهَا الْمَدِينَة .
1. استجابة دعوة المظلوم ولو كان كافراً؛ لأن المرأة ما أسلمت إلا بعد قدومها إلى المدينة.
2. الخروج من البلد الذي يحصل للمرء فيه المحنة ؛ فلعله يتحول إلى ما هو خير منه؛ كما وقع لهذه المرأة وكما أخبر الله: ((ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة))(4) إرغاماً لأنوف الذين اضطهدوه، وسعة له في الرزق.
3. الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام.
إباحة المبيت والقيلولة في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلاً كان أو امرأة بشرط أمن الفتنة، وإباحة الاستظلال في المسجد بخيمة ونحوها.

قصة أبي هريرة مع الشيطان
كيف نعلم أولادنا التوقي من الشيطان والتعود على الأذكار ؟
قال البخاري رحمه الله ( باب الوكالة ):
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ مَا هِيَ قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لَا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ.
وفي رواية انه كان على تمر الصدقة أبو هريرة فوجد أثر كف كأنه أخذ منه وقوله من الطعام المراد منه البر ونحوه مما يزكى به.
قوله: ( لأرفعنك ) أي لأذهبن بك أشكوك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليقطع يدك لأنك سارق.
وقوله: (أني محتاج ولي عيال) يعني فقير في نفسي ولي عيال أظهر حاجة أخرى ثم قال مؤكداً حاجته ولي حاجة شديدة يعني زائدة صعبة كدين أو جوع مهلك ونحو ذلك هذا تأكيد بعد تأكيد.

وقوله: (لا يزال عليك من الله حافظ ) يعني لا يزال من عند الله أو أمر الله حافظ من قدرته سبحانه أو من الملائكة لا يقربك شيطان لا إنسي ولا جني لا يقربك شيطان في أمر ديني ولا دنيوي ودليله صلى الله عليه وسلم عندما قال له صدقك أي في تعليمه لك وهو كذوب أي في سائر أقواله لأن هذه عادة الشيطان.
وهكذا وجدنا أيها الأخوة والأخوات حلقة من حلقات الصراع بين المسلم والشيطان وقد حصل لعدد من الصحابة مواقف مثل موقف أبي هريرة رضي الله عنه وهذه الوقائع والقصص لها مدلولات كثيرة منها:
1- أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن.
2- أن الحكمة قد يعلمها الفاجر لكنه لا ينتفع بها لأنه لا يعمل بها لكن تؤخذ عنه.
3- أن الشخص قد يعلم شيئا ولا ينتفع به (يعلم بالشيء ولا يعمل به )
4- أن الشيطان قد يَصدق وقد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن ومع ذلك لا يكون مؤمنا.
5- أن الكذاب قد يصدق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (صدقك وهو كذوب )
6- أن عادة الشيطان الكذب الغالب على الشيطان الكذب وأنه نادرا ما يصدق وكذوب صيغه مبالغه
7- للشيطان قد يتصور في صورة يمكن للإنسي أن يراه لان الله يقول في كتابه (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ..) (لأعراف:27) فالشيطان ومن هم من شاكلته من الشياطين يمكنهم أن يرونكم وانتم لا ترونهم فقال الله من حيث لا ترونهم فكيف رآهم أبو هريرة والصحابة؟؟ لما تصور بصورة أخرى غير الصورة التي خلق عليها فيمكننا رؤيته فإذا كان بشكله الحقيقي لا يمكن أن نراه
8- والشخص الذي يقام بحفظ الأشياء يسمى وكيلا يوكل بحفظ الصدقة وعليه الاهتمام بها وصيانتها.
9- أن الجن يأكلون من طعام الإنس وقول الله تعالى ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ ..) (الاسراء:64) فيدخل الطعام في الأموال فإذا أردت أن لا يشارككم الشيطان في الطعام فسم بالله عند الطعام وغط الإناء و قل بسم الله لان الشيطان يأكل من الإناء المفتوح ويشرب من الإناء المفتوح فالفائدة من تغطيته والتسمية هو منع الشيطان منه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (ولو أن تعرض عليه عودا وتسم بالله) فلو وضعت عودا بدلا من الغطاء وقلت بسم الله لا يستطيع الشيطان أن يأكل أو يشرب منه وكذلك أيضا يفيد في منع نزول الداء من السماء فإن في السنة ليلة ينزل بها الداء كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهذا شي غيبي فإذا غطيت الإناء لم ينزل الداء إذا الفائدة من تغطية الإناء:
منع نزول الداء
منع الشيطان أن يشركك في مطعومك ومشروبك
10- فاسم الله أيضا يمنع الشيطان من النظر إليك فإذا أراد الإنسان أن يخلع ثيابه أو أن يأتي الرجل أهله فما هو الحل أفنبقى نحن نهباً لأعين الجن يرون عوراتنا؟؟ لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الرجل إذا أراد أن يخلع ثيابه فسم الله فان الشيطان لا يستطيع أن ينظر إلى عورته.وكذلك بسم الله تمنع الشيطان من مشاركه في الأولاد فانه ورد في تفسير قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ ..) أن الشيطان يشارك الإنسان في وطئ زوجته فإذا قلت بسم الله قبل الجماع منعت الشيطان من المشاركة .
11- أن الجن يسرقون و يتكلمون بكلام الأنس كلام تسمعه وباللغة التي عليها الرجل حدثوا أن أبا علقم النحوي وكان رجلا متقعرا في الكلام أنه كان مرة يمشي في الطريق فأصابه شي فسقط فتجمع عليه أهل السوق واحد يعصر إبهامه وواحد يقرأ في أذنه وواحد يؤذن في الأذن الأخرى فقال : ما لكم تكأكأتم علي كتكأكؤكم على ذو جنة افرنقعوا عني فقالوا: شيطانه يتكلم بالفارسية أو الهندية فقوله تكأكأتم علي كتكأكؤكم أي تجمعتم علي كتجمعكم على ذو جنة أي كمن دخل عليه جني و افرنقعوا عني أي انفضوا من حولي .
12- أن الجن يسرقون ويخدعون كما في قوله لا أعود فعاد
13- فضل آية الكرسي ومن الروايات الأخرى يؤخذ فضل آخر سورة البقرة
14- أن السارق لا يقطع في المجاعة
15- قبول العذر والستر على من يظن به الصدق
16- إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات
17- جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر لتفريقها بعد ذلك
18- أن زكاة الفطر تخرج طعاما
19- يقين الصحابة بكلام النبي صلى الله عليه وسلم وتصديقهم به
20- قراءة آية الكرسي قبل النوم
21- أن التشريع على كلام الشيطان أتى من الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :صدقك وليس التشريع من كلام الشيطان .
22- أن آية الكرسي تمنع شياطين الجن والإنس سواء أكان في الأمور الدينية أو الدنيوية (لا يقربنك شيطان حتى تصبح ) والشيطان هنا نكرة
23- كرامة الله لأبي هريرة عندما استطاع أن يلقي القبض على الشيطان أي لم يستطع الشيطان أن يفلت منه ففيه إن المؤمن قوي الإيمان يستطيع أن يمسك الشيطان ولا يمكنه من الهروب وذكر ابن القيم في فوائد الذكر انه ربما من كثرة ذكر المؤمن لله عز وجل ربما أن يقرب منه الشيطان ليمسه بسوء فيصرع الشيطان فتجتمع عليه الشياطين فيقولون ما به فيقولون صرعه الإنسي.
24- أن ذكر الله تعالى هو الذي يحمي المؤمن من الشيطان وعلى رأس الذكر القرآن وأفضل آية في القران هي آية الكرسي
25- أن الإنسان إذا كان صاحب حاجة يجب أن يبين حاجته حتى يعرف عذره ولا يرتاب في أمره
26- رفع الشأن المهم إلى العلماء (وكانوا أبو هريرة رضي الله عنه لأرفعنك إلى رسول الله عليه وسلم
27- حرص أبي هريرة على العلم (وكانوا احرص شي إلى العلم) فأطلق سراحه لأجل الفائدة فهم يحرصون على العلم
28- يمكن أن يثور اعتراض وهو كيف استطاع أبو هريرة أن يمسك الشيطان لان الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع عن إمساكه لدعوة سلمان (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ..) (صّ:35) (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) (صّ:36) (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) (صّ:37) فكيف امسك أبو هريرة بالشيطان الذي رآه وأراد حمله للنبي عليه السلام ؟؟
أجاب الحافظ بن حجر على هذا الإشكال بأن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يمسك بالشيطان الأكبر رأس الشياطين فعند ذلك يكون فيه مضاهاه لما حدث لسليمان أما الشيطان الذي في حديث الباب إما أن يكون الشيطان الذي مع الصحابي (لكل إنسان شيطان ) أو أن يكون شيطان من الشياطين وليس رأس الشياطين.فإن قال قائل ما هي الميزة التي موجودة في آية الكرسي حتى تمنع الشياطين من إيذائنا ؟؟
آية الكرسي هي أعظم آية في القرآن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي وأن هذه الآية إذا قرأها المؤمن في دبر كل صلاة لم يمنعه من الدخول إلى الجنة إلا أن يموت كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح الذي رواه النسائي رحمه الله وغيره فآية الكرسي تقرأ قبل النوم وفي أدبار الصلوات من أسباب فضلها :
اشتمالها على الاسم الأعظم (الله لا اله إلا هو الحي القيوم ) في البقرة وال عمران وطه وعلت في وجوه الحي القيوم على بعض الأقوال على احتمال أنها الاسم الأعظم
هذه الآية هي عشر جمل مستقلة(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) متفرد الألوهية ( الْحَيُّ الْقَيُّومُ) الحي في نفسه لا يموت أبدا القيوم : القيم لغيره ومن آياته أن تقوم السماء بأمره كل الموجودات لا قوام لها بدون الله عز وجل ولا غنى لها من الله وكل الموجودات مفتقرة إلى الله (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْم) لا يعتريه سبحانه لا غفلة ولا ذهون ولا نعاس ولا استيقاظ من النوم ولا فقدان الوعي ( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْض) الجميع عبيده وتحت قهره وفي ملكه ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) لا يتجافى احد أن يشفع احد لأحد عند الله إلا إذا أذن الله لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم لكي يشفع لابد له من أن يستأذن وإذا أراد أن يستأذن يوم القيامة يأتي تحت العرش فيخر ساجدا ما شاء الله له أن يسجد فيعلمه من المحامد ما يفتح عليه من الثناء بعد ذلك يقول الله يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع فسيد القوم لا يشفع حتى يؤذن له( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) احاطته سبحانه وتعالى بجميع المخلوقات ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ) لا يطلع على علم الله احد إلا أحد أطلعه الله (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) والكرسي موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى والعرش لا يقدر قدره إلا الله والكرسي عظيم جدا في غاية الاتساع فالسماوات والأرض ليست إلا كحلقة في صحراء فهذا هو الكرسي فكيف العرش وما الكرسي في العرش إلا كحلقة في صحراء والله أكبر من الكرسي ومن السماوات والأرض فاستوى على العرش استواء يليق بعظمته وجلاله ( وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا ) لا يثقله ولا يشق عليه حفظ السماوات والأرض وما فيها من الجن والإنس والملائكة وهو يسير على الله سبحانه وتعالى (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255) كقوله تعالى وهو الكبير المتعال وتبين آية الكرسي عظم الله تعالى .
ما هي الوسائل التي نحذر بها من الشيطان ؟؟
- الحذر والحيطة واخذ التأهب
- الاعتصام والالتزام بالكتاب والسنة
- الالتجاء والاحتماء بالله تعالى (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) (المؤمنون)
- الإستعاذه بالله
- الاشتغال بذكر الله تعالى
- أن يلتزم الإنسان بالصحبة الصالحة
- مخالفة الشيطان في كل الأمور
- الاستغفار

__________________
(1) انظر فتح الباري (7/186) ط: دار الريان للتراث. والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (1/407) ط: دار الفكر.
(2) وازت: أي قابلت.
(3) أخرجه البخاري - الفتح - رقم (3835).
(4) النساء: 100.

المصدر : موقع المختار الإسلامي

32
27K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*لمسة حنان*
*لمسة حنان*
قصص مناسبه لرياض الاطفال من 4 الى5سنوات

التربية بالقصة في الإسلام وتطبيقاتها في رياض الأطفال الباحثة : هناء هاشم عمر الجفري ...

ومن القصص التربوي الإسلامي المستمد من القرآن الكريم ، والمناسب لمرحلةرياض الأطفال ، وللوحدات التعلمية المقدمة إليهم
: قصص الأنبياء ، وقصص الطير

والحيوان ، وفيما يلي نماذج من ذلك القصص
:

أو ً لا
: قصة أصحاب الفيل :

لقد جعل الله سبحانه الكعبة البيت الحرام مثابًة للناس وأمنًا لهم ، وجعل القلوب
وي إليه من أرجاء الأرض جميعًا ، وهذا يمثل فائدة تجارية عظيمة لقريش ، فاغتاظ
أبرهة الحبشي
- ملك الحبشة النصراني - لهذه المكانة العظيمة لمكة ، فأراد أن يصرف

الناس عن الكعبة ، فبنى كنيسة عظمى في صنعاء باليمن ، حتى يحج الناس إليها بد ً لا من
مكة ، ولكن خيب الله ظنه ، ولم تنل كنيسته مكانة عند الناس مثل الكعبة
.

وزاد الأمر سوءًا عند أبرهة ، عندما ذهب أحد العرب خفية إلى اليمن ، وغافل
حراس تلك الكنيسة ، وقضى فيها حاجته امتهانًا واحتقارًا لها ، وعندما أصبح الناس
وجدوا القاذورات في صحن الكنيسة ، وتأججت لذلك نيران الغضب في قلب أبرهة ،
وأقسم على غزو الكعبة وهدمها ، وك  ون لذلك جيشًا جرارًا ، وجعل على رأسه في ً لا
ضخمًا لإخافة العرب الذين لم يعتادوا على رؤية الفيلة ، وعندما سمعت العرب بتأ  هب
أبرهة وبجيشه ، تأهبوا له ، وأول من واجهه رجل من أشراف اليمن يقال له
: (ذو نفر) ،

لكن أبرهة هزمه ، ومضى قاصدًا لوجهته مكة ، حتى إذا وصل أرض خثعم اعترضه رجل
يقال له
: (نفيل بن حبيب) في قومه ، وحاربوه ، لكن أبرهة هزمهم وأسر نفيل ،

مستخدمًا إياه دليلا وهاديًا له ليبين له طريق مكة
.

وحين وصل أبرهة قرب مكة ، وجد إبلا ترعى ، فأغار عليها وأخذها كلها ، وكانت
وعندما علم عبد المطلب ،
-  هذه الإبل ا مائتين لعبد المطلب - جد الحبيب محمد

ذهب إلى أبرهة ، فسأل مترجمًا ماذا يريد عبد المطلب ، فأخبره بأمر الإبل ، قال أبرهة
للمترجم
: قل له : حين رأيته عظمته في نفسي ، ولكن عندما طلب الإبل زهدت فيه ،

لقد جئت هادمًا للكعبة ، أتترك الكلام في ذلك ، وتترك دين آبائك ، وتحدثني في أمر
ذلك البعير ؟
!!.

فرد عليه عبد المطلب قائ ً لا
: إ ّ ن الإبل أنا را ، بينما البيت له ر  ب يحميه .

قال أبرهة متعجرفًا
: لن يمنعه شيء مني .

ثم قام عبد المطلب يتعّلق بأستار الكعبة ومعه نفر من قريش ، داعين الله سبحانه
بأن ينتقم من أبرهة ، ثم خرجوا متحصنين بالجبال ، ناظرين فعل الله بأبرهة وجيشه ،
وعندما اقترب أبرهة من الكعبة برك الفيل على غير عادته ولم يتحرك ، فأخذوا يضربونه
ليقوم ، لكنه أبى ، وتقهقر راجعًا عندما وجهوه تجاه الرجوع
.

وبينما هم كذلك ؛ إذ بعث الله من فوقهم طيرًا جماعات جماعات ، مع كل طائر
منهم ثلاثة أحجار تقذفهم ا ، فتهلك من تصيبه على الفور ، وكان أبرهة نفسه ممن
هلك ، وتساقطت أعضاؤه عضوًا عضوًا في مكان يسمى خثعم ، وجعل الله ذلك آية
للمؤمنين جميعًا
.

ثانيًا
: قصة أصحاب الجنة :

لقد ضرب الله لكفار قريش بأصحاب الجنة مثلا ، وهم إخوة ثلاثًا ، ترك لهم
أبوهم بستانًا ، فيه ما تشتهيه الأنفس من الثمار ، وكان أبوهم قبل موته صالحًا ، يقسم
الثمار لثلاثة أقسام
: قسم للمساكين والفقراء ، وقسم لأولاده لينتفعوا به ، وقسم

للأرض واحتياجات الإنبات مرة ثانية .

وعندما مات ذلك الرجل ، اجتمع أبناؤه وقالوا
: لقد كان أبونا في ضلا ٍ ل واضح

بين ، بفعله وتصدقه بثلث الثمار ، ويضيع كده وجهده ، ونحن لن نفعل ذلك أبدًا


.

وبيتوا النية على قطف الثمار جميعها في الصباح الباكر قبل أن يأتي الفقراء ليأخذوا منها

، كما كانوا يفعلون في السنين السابقة ، وعلم الله بنيتهم ، فأمرض بستام ، وأهلكه

فأصبح كالهشيم الأسود






. وعندما أصبحوا أخذوا ينادون على بعضهم البعض لقطف

الثمار قبل أن يراهم الفقراء ، وعندما وصلوا إلى حديقتهم وجدوا الثمار كلها فاسدة ،

فعلموا بعد أن تشككوا في كون الحديقة حديقتهم التي رأوها بالأمس جميلة ، بأ ّ ن الله

قد جازاهم بنيتهم السيئة ، وأدركوا أم كان ينبغي عليهم ألا يضيعوا حق المساكين ،

فالمال والثمار هبة من الله ، وألا ينبغي عليهم منع حقه عليهم ، وهذا ما ذكرهم به





القلم




: ٢٨ ] ؟. أي : هلا : أخوهم الأوسط ، فقال لهم

سبحتم الله وشكرتموه على نعمته ، وأديتم حق المسكين والفقير ؟


!.

وتذكروا حين لا ينفع التذكر ، وندموا في وقت لا ينفع فيه الندم ، حين هلكت

الثمار وحدث ما حدث ، فتابوا إلى الله ، وهذا خير لهم ، فعذاب الدنيا أيسر من

.






( عذاب الآخرة وأهون( ١

ب


- الحديث النبوي الشريف :

يع  د الحديث الشريف المصدر الثاني من مصادر القصة التربوية الإسلامية ، وإذا

.




(٢)  كانت القصة بارزة في القرآن الكريم ، فإا كذلك في حديث رسول الله

في فترة من فترات حياته المختلف ة ، تحت ،


 فهناك القصة الواقعة للرسول

ظروف متع  ددة ، كقصة الإسراء والمعراج


. وهناك القصة التي تروي واقعة حدثت في

الزمن الماضي لأشخا ٍ ص لهم وجود حقيقي ، كقصة الملك والغلام والساحر والراهب ،

المس  ماة بقصة أصحاب الأخدود ، والقصة الغيبية التي تق  ص ما سيقع في المستقبل مما لم

ي ّ طلع عليه الإنسان ، والذي هو تحت القدرة الإلهية المعجزة ، كقصة الدجال ، وقصة

آخر رجل يخرج من النار ويدخل الجنة








.

وتتنوع الشخصيات ، والأحداث في الحديث الشريف ، كما تنوعت في قصص

القرآن الكريم ، فهناك الشخصيات التي تنتمي إلى عالم الغيب ، كجبريل ، وميكائيل ،

والشخصيات التي تنتمي إلى عالم الشهادة ؛ من الأنبياء ، والصالحين ، والطغاة






..

في قصة


(الإسراء والمعراج) ، والخضر في قصة (موسى والخضر) ، والملك  كمحمد

والساحر في قصة


(أصحاب الأخدود) .

بالإضافة إلى تنوع الأحداث بما ينسجم مع طبيعة وغايات القصة في الحديث

الشريف ، ما بين أحداث خارقة للعادة ، كرؤية الملائكة في صورة ح  سية ، و  حفر

اَلمَلك لزمزم ، ومخاطبته لهاجر في قصة






(بناء الكعبة) ، وأحداث غيبية ، وأخرى معتادة

.


( ، قد تقع بعد ذلك( ١

ومن قصص السنة النبوية المناسبة لأطفال مرحلة رياض الأطفال ، وللوحدات

التعلمية المقدمة إليهم في تلك المرحلة




: قصة المرأة المع ّ ذبة للهرة ، وقصة الرجل الذي سقى

كلبًا فغفر الله له ؛ لفعله ذلك ، تقصها عليهم المعلمة كما وردت في أحاديث رسول

بصورة مبسطة ، بالإضافة إلى قصة




(الكلب صديق الإنسان الوفي) ، والمستم  دة من  الله

وفيما يلي عرض موجز لتلك الأحاديث ، ولقصة الكلب الوفي


. ،  أحاديث رسول الله

أو ً لا


: قصة (حديث المرأة وتعذيب الهرة) :

قال


: ((  عذِّبت  عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله

امرأة في هرة سجنتها


حتى ماتت فدخلت فيها النار ، لا هي أطعمتها ولا سقتها ؛ إذ

حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض


))


ثانيًا


: قصة (الرجل والكلب العطش) :

قال


: (( بينما رجل يمشي بطريق ؛ إذ اشت  د عليه العطش عن أبي هريرة أن رسول الله




، فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب وخرج ، فإذا كلب يلهث ، يأكل الثرى من

العطش ، فقال الرجل ، لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني ، فنزل البئر

فملأ خفه ، ّ ثم أمسكه بفيه حتى رقى ، فسقى الكلب ، فشكر الله له ، فغفر له




)) ، فقالوا

:


يا رسول الله ، وإ ّ ن لنا في البهائم لأجرًا ؟. فقال : (( في ك ّ ل ذات رطبة أجر ))

.


(١)

ثالثًا


: قصة (الكلب صديق الإنسان الوفي) :

في إحدى ليالي الشتاء الباردة ، وبينما الناس يغطون في سبا  ت عميق ؛ إذ بكلب

ينبح نباحًا متواص ً لا متكررًا ، وإذ بكل ٍ ب ثا  ن فثالث فرابع يتبعه في النباح ، ثم امتلأ

الح  ي الذي يسكنه هيثم بأصوات الكلاب ، وصراخ الأطفال الفزعين ، وضجر

الأمهات والآباء النائمين ، الذين طار نومهم عن أعينهم بسبب تلك الأصوات








.

هيثم


: أبي ، إن أصواا مخيفة .. مخيفة جدًا ..

الأب


: تعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا بني( ٢). وبذلك أمرنا رسولنا - عليه

ال  صلاة والسلام


- حين قال : (( أقلوا الخروج بعد هدوء ، فإن لله دواب

يبثهن


، فمن سمع نباح الكلب ، أو اق حمار فليستعذ بالله من الشيطان

الرجيم ؛ فإم يرون مالا ترون


))

.


(٣)

هيثم


: ولكن لماذا يا أبي تنبح هذه الكلاب هذا النباح المزعج ؟.

الأب


: الله أعلم ، الكلاب لا تنام بالليل ، لكن تنام بالنهار ، وهذه هي المشكلة


كما أن الكلاب عندما تنبح فلسبب ولمعنى لا نفقهه نحن ، بل يفقهه البدو

في الصحراء ، والفلاحين في القرى ، ويستدّلون بنباحها على شيء قد

حدث ، أو قد يحدث






. فمث ً لا : يقولون إ ّ ن الكلب إذا نبح فجأة بعد هدوئه

د ّ ل على وجود اللصوص ، وإذا  ع  وت الكلاب وجاوبتها الذئاب د ّ ل ذلك

على وباء قاتل ، أو سيل جارف ، أما إذا كان نباحها ضئي ً لا د ّ ل على قدوم

العدو






. والله أعلم بذلك ..

هيثم


: إنه جهاز إنذار بالغ الدّقة .

الأب


: إن للكلاب لغة أخرى غير النباح ، والهدير ، ألا وهي لغة الإشارة ، فهي

تفهم بعضها البعض بالإشارات ، فسبحان خالقها


.

هيثم


: إا لا تزال تنبح يا أبي ، ولا أدري متى ستدعنا ننام ؟.

الأب


: رغم ك ّ ل شيء يا بني الحبيب ، فهي حيوانات ماهرة في رعي الغنم ،

وصيد الفرائس ، وحراسة المزارع والمنازل


.

هيثم


: نحمد الله على تسخيره الحيوانات ، والمخلوقات العديدة لنستفيد منها في

معاشنا ، ويبدو يا أبي أ ّ ن الكلاب قد انتهت من نباحها ، وخلدت للنوم


.

الأب


: إذن هيا يا بني للنوم نحن أيضًا ، ولا تنسى ذكر الله قبل نومك ، تصبح

على خير يا بني


.

.


( هيثم : تصبح على خير يا أبي الغالي ، وشكرًا على معلوماتك القيمة( ١

ج


- آتب السيرة :

إ ّ ن كتب السيرة من أه  م مصادر القصة التربوية الإسلامية


( ٢)، فهي ممتلئة بقصص

وقعت أحداثها لأناس سيرهم وحيام مليئة بالمواقف الأخلاقية والبطولية ، التي  ّ ذب



الأخلاق ، وتق  وم السلوك ؛ كالقصص الموجود في سيرة أبي بكر الص  ديق

جميعًا

..  الفاروق ، وعثمان ذي النورين ، وعلي

مولده ، إيمانه ، خلقه ، هجرته ، تعامله


:  ومن قبلهم سيرة المصطفى محمد

وأيضاً قصص الصحابة والتابعين ،


مع الأطفال والكبار ، ومن َثم وفاته

والصالحين ، الثابتين على الإيمان والعقيدة ، من النساء والرجال والأطفال ، أمثال


:

خديجة ، وأسماء ، وعمار ، وبلال الحبشي ، الذين يجد فيهم الأطفال القدوة الحسنة

والمثال المحتذى ، الذي لو ساروا عليه وانتهجوا جه لَكلّل سعيهم بالفلاح والنجاة

في الدنيا والآخرة






.

ومن قصص كتب السيرة المناسبة لأطفال مرحلة الرياض ، والمرتبطة بالوحدات

التعليمية المقدمة إليهم ، والتي يحتويها المنهج المتبع في تلك المرحلة




: قصة حفر الخندق ،

وقصة ذات النطاقين ، وقصة الشقيقين ؛ معاذ ومعوذ ، وفيما يلي عرض مبسط لتلك

القصص




:

أولاً


: قصة حفر الخندق :

فذهبوا إلى قريش ودعوهم إلى حربه معهم ، ،


أراد اليهود حرب رسول الله

ووعدوهم المعونة


. فخرجت قريش مع القبائل اليهودية لحربه - عليه ال  صلاة والسلام -

في المدينة المنورة ، ولما سمع م


- عليه الصلاة والسلام - ، وعرف ما أجمعوا عليه

من الأمر ، حفر خندقاً حول المدينة المنورة ، بمشورة سلمان الفارسي ، واشترك مع

المسلمين في حفره حتى أحكموه ، ولما فرغوا منه أقبلت عليهم قريش في عشرة آلاف

ومعه ثلاثة






من المقاتلين ، كما أقبلت عليهم غطفان ومن تبعها ، فخرج رسول الله

آلاف من المسلمين وعسكر م ، والخندق بينه وبين الكفار ، وحاصر المدينة قرابة

شهر ، وظلوا على هذه الحال حتى خذل الله




- سبحانه وتعالى - الكافرين ، وأرسل

عليهم ريحاً شديدة البرد ، بعثرت متاعهم ، واقتلعت خيامهم ، وفرقت كلمتهم ؛ مما

اضطرهم إلى العودة دون قتال ، ودون أن يدخلوا المدينة




. أما اليهود فحوربوا من


بل المسلمين ، وباءت معركتهم معهم بالهزيمة والفشل ، وخرجوا من المدينة

.




( مطرودين ذليلين( ١

ثانياً


: قصة ذات النطاقين :

بتآمر قريش عليه ، وعلى عزمهم على قتله في داره


- عليه  علم رسول الله

الصلاة والسلام


- ، فهاجر من مدرج طفولته ووطنه الأعز ، ومهبط نبوته - مكة

المكرمة


- إلى المدينة المنورة ، موطن من آزره وناصره ، وسانده في دعوته ، متخذاً

صديقًا له ، وعليًا


- كرم الله وجهه - في فراشه يتسجى ببردته ؛  أبا بكر الصديق

عن انتقاء


 وأبو بكر  ولقد أعجل النبي .  ليشغل المتآمرين عن رسول الله

الزاد وقت هجرما ، فسارا خفيفين إلى غارٍ في أعلى جبل ثور إخفاءً لأمرهما ،

وكانت أسماء بنت أبي بكرٍ توافيهما كلّ ليلة بالماء والزاد ، وبما رأته أو سمعته من

حديث القوم وخبرهم






.

ولقد ظلت تلك الصبية تترك أتراا يلع  بن وهي تسير لمدة ثلاثة أيام في ذلك الطريق

الذي يعجز أشداء الرجال وأبطالهم عن قطعه




. وفي الليلة المنتظرة وافتهما بالزاد كله

الذي يحتاجان إليه في سفرهما ، ولما أرادت تعليق سفرة الزاد بالراحلة لم تجد ما تربطها

به ، فشّقت نطاقها نصفين وربطت الزاد بنص  ف ، وأوكأت السقاء بالنصف الآخر ،

فقال لها






- عليه الصلاة والسلام - : (( إن الله أبدلك بنطاقك نطاقين في الجنة )) ،

.


( فسميت منذ ذلك اليوم بذات النطاقين( ٢

ثالثاً


: قصة مسابقة شقيقين :

كنت واقفاً في يوم بدر ، وعن يميني


:  قال سيدنا عبد الرحمن بن عوف

وشمالي غلامين من الأنصار ؛ معوذ بن عفراء ، ومعاذ بن عفراء ، التفَت إليّ أحدهم

وقال سراً




: أي عم ! هل تعرف أبا جهل ؟.

فقلت


: نعم ! ماذا تريد اب  ن أخي منه ؟.

قال


: ُأخبر  ت أنه س  ب رسول الله - عليه صلاة الله وسلامه - ، أرنيه يا عم ؛ فإني

قطع  ت عهدًا أن أقتله إن رأيته ، أو أموت دونه


.

وقال لي الآخر سرًا


- أيضًا - من صاحبه : أرنيه يا عم ! فإني عاهدت الله أن

أقتله ضربًا بسيفي إن عاينته


.

فبينما أنا كذلك إذ برز أبو جهل ، فقلت لهما


: ألا تريان ؟. هذا هو أبو جهل ،

فأخبراه


.  فش  دا عليه كالصقرين حتى ضرباه ، ثم انصرفا إلى رسول الله

فقال


- عليه ال  صلاة والسلام - : (( أيكما قتله ؟ )) .

قال ك ّ ل منهما


: أنا قتلته .

قال


- عليه ال  صلاة والسلام - : (( هل مسحتما سيفكما ؟ )) .

قالا


: لا !.

فنظر


- عليه ال  صلاة والسلام - في السيفين ، فقال - عليه الصلاة والسلام - :

((


كلاكما قتله ))

.


(١)

د


- الواقع :

يع  د الواقع المعاش مصدرًا من أه  م مصادر القصة التربوية الإسلامية ، فالحياة مليئة

بالأحداث ، وبيئة الطفل مليئة أيضًا




.. فالطبيعة وجمالها وزينتها ، وعادات الشعوب

وطبائعها ، ومشاكل اتمع ، ومظاهر حضارته ، هي وغيرها مجال خصب أمام

الأديب لكتابة ق  صته




( ٢) التي تفيد الطفل ، وتعرفه بالعالم من حوله ، لاسيما في مراحل

طفولته الأولى التي يكتشف فيها عالمه المحيط به من خلال وجهة التصور الإسلامي لذلك

العالم ، والنابع من التزام الأديب المسلم ، الذي يعبر تعبيرًا فنيًا هادفًا من خلال تصور

إسلامي واضح ، عن الكون والإنسان والحياة






.

وتتع  دد قصص الواقع ، وتتن  وع تن  وع مظاهر الكون والحياة ، وتتن  وع طبائع البشر

وعادام ، ومن تلك القصص المناسبة لأطفال مرحلة الرياض ، والمرتبطة بالوحدات

التعليمية المقدمة إليهم






: قصة رحلة إلى الشاطئ ، وفيما يلي عرض مب  سط لتلك القصة .

أو ً لا


: قصة رحلة إلى الشاطئ :

استيقظ ثامر في صباح يوم من أيام الصيف ، ورأى جميع أفراد عائلته مشغولين ؛

فأمه تحضر الخبز والجبن ، وأبوه يضع زجاجات العصير والماء في ثلاجة صغيرة ، وأخوه

يجمع الألعاب ، وإذا به يسمع رنين الهاتف ، فرد عليه ، فإذا بعمته تستفسر عن موعد

الانطلاق








[FONT=Traditional
*لمسة حنان*
*لمسة حنان*
قصص للاطفال الكبار شويه فوق 8سنوات



تأليف: عبد التواب يوسف
{}{ ذلك هو الفوز العظيم }{}

كانت “هادية” أصغر الأبناء في الأسرة، وكان أشقاؤها يدابعونها في قسوة، ويتعاملون معها بعنف. وضاقت بذلك، ونقلت إلى أمها شكواها عن أشقائها، واكتفت الأم بأن عاتبتهم في رفق، فلم يكفوا عن عبثهم. وحدثت هادية أباها في الامر، فنهر إخوتها ولامهم على سوء تصرفهم، ومع ذلك لم يرتدعوا.
ولم ترغب الصغيرة في مواصلة الشكوى، خاصة وهمم يرددون على مسامعها كلمات جارحة مثل أنت طفلة.
وكانت في البداية تحس بغضب شديد، فتدمع عيناها، ويزيدهم ذلك رغبة في مزيد من العبث، والعناد، لذلك دربت نفسها على أن تبتعد عنهم، فما إن تحس أنهم على وشك ممارسة هوايتهم في إغاظتها حتى تسارع إلى غرفتها، لتغلق على نفسها الباب، ولا تغادر المكان إلا بعد انصرافهم، أو عودة الأم أو الأب من الخارج.

تكرر عبث الإخوة مع شقيقتهم، مما جعلها تذهب كثيراً إلى غرفتها وتغلق على نفسها الباب في ضيق وحزن. وطال وقت مكوثها وحيدة، لا تفتح لهم إذا هم طرقوا الباب، بل كانت في أحيان عدة لا ترد عليهم عندما ينادونها، ويحاولون أن يعتذروا إليها، ويعدون بألا يضايقوها. كانت تعرف جيداً أنهم سيسكتون عنها قليلاً، ثم يعودون لعاداتهم السخيفة، وساعتها تضطر للرجوع إلى غرفتها حيث تبقى فيها وحيدة حزينة، لا أحد يدري ما تفعله!
وكان الإخوة محبين للاستطلاع، يحاولون أن يعرفوا ما تفعله هادية، وهي وحدها جالسة، لكنهم أخفقوا، فما قالت لهم، ولا استطاعوا هم من جانبهم أن يروا ما تصنعه. إذ كان يسود الغرفة - بعد ما تغلقها - سكون عميق، وإن تصاعدت في البداية همهما لا يتبينونها، تصوروا أنه صوت بكائها، أو شكواها منهم. واستمر لشهور طويلة، تصور فيها الإخوة أنها تقاطعهم، أو تحاول أن تبتعد عنهم، ولا تريد أن تشاركهم في لعبهم، ولا ترغب في أن تتبادل معهم الحديث.

بدأ الإخوة يشكون “هادية” إلى الأم، التي أبدت دهشتها، فقد انقلب الأمر، وحاولت هي من جانبها أن تعرف منها سر بقائها الطويل في غرفتها، وعزلتها، وغمغمت بكلمات يفهم منها أنها أراجت أشقاءها واستراحت، ويكفي أنها ما عادت تزعجهم بالشكوى.. وسكتوا عن ملاحقتها، وتناست الأم الأمر، إلى أن جاءتها هادية يوماً تقول:

- أمي، سوف أدخل مسابقة حفظ القرآن الكريم.
سألتها أمها: ماذا؟! هل تحفظين بعض سوره؟
قالت هادية في ثقة: بل، كل سوره وآياته..
تطلعت الأم إليها في دهشة شديدة، فما كانت تعرف عنها إلا أنها طالبة ممتازة، متفوقة في دراستها العادية، وتحفظ القليل مما تيسر من آي الذكر الحكيم.
قالت هادية:
- لقد كنت يا أمي أكاد أنفجر غيظاً وحنقاً من أشقائي وعبثهم وعندما كنت أغلق على نفس الباب كنت أبكي طويلاً.
وذات مرة امتدت يدي إلى كتاب الله أتلو منه. فهدأت نفسي ورأيتني أقبل عليه وأحفظ آياته، حتى استطعت أن أحفظه كله عن ظهر قلب.

وتقدمت هادية إلى المسابقة..
وفازت بها..
كان ذلك هو (الفوز العظيم)
لقد استطاعت الصغيرة أن تحول لحظات الضيق إلى أجمل ساعات العمر، ونجحت في أن تنفض عن نفسها الحزن لتعيش مع آيات الله أفضل الأوقات وأحلاها.



تأليف: عبد التواب يوسف
* الخطيب الصغير *
هل فكرت يوماً في أن تصبح خطيباً عظمياً؟ لم يخطر ذلك أبداً على بال حسين، فقد كان كل همه أن يتمكن من أن يتحدث إلى الناس في بساطة، ولم يكن ذلك سهلاً ولا يسيراً. كان المسكين في أزمة كبيرة، ويواجه مشكلة لا يجد لها حلاً. لكن الله يدخر دائماً للمؤمنين طريقاً واضحاً، تهديهم إليه، وما إن يسيروا فيه حتى يجدوا أنفسهم قد وصلوا إلى ما يبغون وما يريدون. بل إنهم أحياناً يحققون أكثر مما كانوا يتمنون ويرجون..
كان الصغير (حسين) يحب التحدث إلى الناس، والكلام معهم، وهو يجد في ذلك متعة كبيرة. كان يسره أن يتلقى الأسئلة من الآخرين ويجيب عما يعرف. وكان يريد أن يعرف، فيلقي عليهم أسئلته من أجل أن يضيفوا إليه جديداً. لكن بعضاً من الكبار لم يكونوا راضين عن ذلك، بل صحت أذنه يوماً كلمة (ثرثار)، على الرغم من أنه لم يكن يطيل في الكلام، كما كان يجيد الاستماع بقدر ما يجيد الحديث. كما أنه كان يحسن اختيار الموضوعات التي يسال عنها أو يتحدث فيها.

وقد قرأ (حسين) الكثير عن أطفال العرب والمسلمين، الذين كانوا في سنه، وتناقل الناس كلماتهم الحلوة الطيبة.
- داركم أم دار الخليفة أفضل؟
- دارنا ما دام الخليفة فيها.
وهل رأيت أثمن من هذا الخاتم؟
- نعم، الإصبع الذي هو فيه.
و
- أيسرك أن يكون لديك مال كثير، ولو أنك أحمق؟
- أخشى أن يذهب حمقي بمالي، ويبقى لي الحمق.

و
ذلك الذي قال له الخليفة: اسكت ليتكلم من هو أكبر منك! ورد الصبي أن المرء بأصغريه: قلبه ولسانه.

وكثيراً ما قيلت هذه الكلمات إلى حسين:
- (لا تتكلم) .. (اسكت) .. بل، وأحياناً (اخرس)!
ويتأذى المسكين، ولا يتكلم، ولا ينطق، بل بدأ يكف عن الحديث إلى الآخرين، وباعد ما بينه وبينهم، وأحب الوحده، لأنها تقيه من مثل هذه الكلمات القاسية، واستراح إلى الهمس إلى نفسه، وإذا ما حدث يوماً أن فكر بصوت عال، لم يعدم من يقول له:


- مسكين، إنه يكلم نفسه!

واضطر إلى أن يغلق شفتيه ويقفل فمه، وقلّت كلماته رويداً رويداً، حتى إن أحداً لم يعد يسمع صوته. وهو إذا وجد أنه بات من الضروري أن يتكلم نطق بأقل الكلمات، بل بدأ يتلعثم، ويرتج عليه، وإلى درجة شعر فيها بالمرض.
لاحظت أسرته ذلك، كما تنبه إليه معلموه وأساتذته، كما أن زملاءه أشاروا للأمر أكثر من مرة، وحسين لا يود أن يصارح أحداً بالسر، وإنما كتمه لنفسه، وأبقاه بداخله. إلى أن أصبح مشكلة حقيقية، لا يعرف سبيلاً إلى حلها! ولا يجد من يعرضها عليه أو يحدثه عنها، وراح يفكر فيها بنفسه لنفسه.
فكر.. وفكر.. وفكر..
وكان أطرف ما خطر له سؤال يقول: لماذا نتكلم؟! وراح يحاول أن يجيب. بل لقد حاول أن يضع الإجابة على الورق في كلمات موجزة مركزة.
نحن نسأل، نطلب..
نحن نجيب من يسألنا..
ولدينا ما نقوله.. ما نريد أن نعبر به.


ونتبادل كلمات المجاملة: أهلاً، شكراً، حرماً، سلامتك!
وطالت به قائمة الأسباب وامتدت، وهو يحس أن الكلام ضروري كالطعام. لكن من الطعام ما هو عسر الهضم وثقيل، ومنه ما هو ممتع ولذيذ، وقد لا يكون نظيفاً.. و.. لقد وجد أوجه شبه عديدة، وفارقاً أساسياً: إنك حين تأكل الطعام تأخذ فقط، وحين تتكلم تأخذ وتعطي.. إنه شيء متبادل، يستمتع به طرفان. وسمع يوماً عبارة عن واحد من كتابنا الكبار، كان يغلف الأمر الجاد بكلمات فكهة مرحة.. كان يقول: إننا نحن الكتّاب مثل (عربات الرش)، لا يمكن أن (نرش) إلا غذا امتلأنا.. لقد ضحك للتعبير في البداية، لكنه وجده في النهاية جاداً، وعميقاً، وطريفاً.
وقرر فيما بينه وبين نفسه أن يكون عربة رش..
والسؤال: كيف يملأ هذه العربة؟!

وعندما فكر طويلاً: كيف يمتلئ بالكلمات الحلوة، لم يجد أمامه خيراً من كتاب الله. وبدأ يتلو الآيات، ويتلو.. ولأول مرة أدرك حلاوة تقسيم القرآن الكريم إلىإلى سور، وأجزاء، وأرباع، وآيات.. وأقبل عليه ينهل منه، ولم يمتلئ بالكلمات فقط، بل بالمعاني والأفكار والمبادئ والقيم.. إنه أمام فيض إليه يغمره.. وهو لا يكتفي بالقراءة، بل هو يتمعن فيما يقرأ. هو يقرؤه أكثر من مرة ويفكر فيه ويتدبره في راسه، وهو لا يجد بأساً من ان يلقي أسئلة عما لا يفهمه، والإجابة تزيد الأمور وضوحاً في رأسه.
- كيف غابت عني فكرة قراءة القرآن مرة ومرة ومرات؟
لماذ نهاب قراءته وتلاوته؟ لماذا لا نيقبل عليه بقلب مفتوح؟ من يقول: إنه ليس من السهل فهمه؟ حتى لو كان هذا صحيحاً فليس أروع من الإحساس به.. وحاجتنا إلى ذلك لا تقل عن حاجتنا لفهمه وإدراك معانيه.. اقرأ القرآن بالحس، تحس به أكثر، تستوعبه، تستمتع به، يرعاك ببركاته، ويجعل منك إنساناً آخر.. بشرط واحد: أن تداوم على القراءة والتلاوة!

أحب حسين كتاب الله حباً جماً، وفي لحظات كثيرة كان يشعر أنه يستطيع أن يستغني به عن الكلام مع الناس أو الاستماع إليهم. لكن الكلام كالطعام ضرورة.. وعندما بدأ يواجه من يلقي عليه سؤالاً، أو يتحدث إليه في أمر ما درب نفسه على أن يتلو آية قصيرة من كتاب الله بينه وبين نفسه.. يتلوها في صوت هامس، إنه لا يختار، إنما يتلو الآية التي ترد إلى ذهنه.. وبعدها يجد نفسه قادراً على أن يجيب عما يلقى عليه من أسئلة، وعلى أن يحسن اختيار كلماته، إذ اكبر قاموسه واتسع، وتعرف على الكثير الجديد من الكلمات التي يمكنه أن يعبر بها عن نفسه.. وأعطاه ذلك ثقة في نفسه، فعاد يتحدث إلى الناس، يسأل بلا حرج، ويجيب دون أن يتلعثم، كم كان يدعو ربه.

بسم الله الرحمن الرحيم..
(قال ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني ييفقهوا قولي)
لقد أحس بحق أن الله قد شرح له صدره ويسر له أمره وحل عقدة من لسانه، وأن الناس يفقهون قوله.
وعندما اتسعت دائرة قراءة القرآن أصبح حسين قادراً على أن يتلو آية مناسبة لما يحدث أمامه. لم يكن يتباهى بالتلاوة بصوت عال، بل كان يكتفي بقراءتها لنفسه.. وأحسن بعد حين أنه قد أصبح مسموعاً.. لم يعد أحد يقول له: لا تتكلم أو اسكت.. بل أدهشه أن الناس تقبل عليه لتسمعه. غير أنه كان دائماً يتذكر العبارة المرحة التي تقول: إن لنا فماً واحداً وأذنين، وإن علينا أن نسمع ضعف ما نتكلم.. وهو يفرض على نفسه هذا المبدأ، ويحاسبها عليه، ويأبي أن يستأثر بالكلام.. إنه يريد أن يأخذ عن الآخرين، وخاصة هؤلاء الذي يتكلمون عن أفضل ما قرأوه، وما شاهدون، وما سمعوه.. وهو يعرض عن اللغو، وعم يتكلمون عن كل شيء وفي أي شيء..
والطريف أنه كثيراً ما كان يحدث أن يسعى إليه زملاؤه، بل وبعض الكبار ليسألوه رأيه في أمر ما، ويحاول أن يجيب بقدر ما يعرف، بل لقد طلب إليه أصدقاؤه في مسجد المدرسة أن يلقي كلمة وألقاها وكانت موجزة، فلقيت الاستحسان.. وكثيراً ما دعي إلى الإذاعة المدرسية ليتكلم، وكان أحرص ما يكون على ألا يلقي النصائح* بل هو يحكي، يروي، يتحدث.. ويود أن يترك كلامه هذا انطباعاً طيباً في نفس مستمعيه.. ساعتها يشعر بالارتياح، ويحس أنه قد أحسن الكلام.
وحدث يوماً في المدرسة أن فرضت عليهم الإدارة أمراً لم يرتضوه.. وتجمع الطلاب يريدون أن يحتجوا، وأن يوقفوا هذا الأمر، وقد بلغ بهم الغضب منتهاه. كان حسين معهم في رفض ما فرض، لكنه لم يكن معهم في طريقة مواجهته. وفوجئ بزملائه يتجهون إليه، يسالونه رأيه، ويطلبون إليه أن يتكلم.. كان الموقف حرجاً وعلى وشك الانفجار..

وعندما وقف حسين ليتكلم ساد الصمت، ووقف الطلاب كأن على رؤوسهم الطير، وارتجل كلمة قصيرة بليغة، أعادت للجميع هدوءهم، وشدت التفات مدير المدرسة والمعلمين، فسألوه أن يلتقي بهم، ودار بينه وبينهم نقاش هادئ، وإذا بإدارة المدرسة تلغي الأمر، وتعم الفرحة الجميع.. ويلقي المدير كلمة يقول فيها: إن المدرسة بهذا الموقف قد كسبت خطيباً عظيماً، ومتحدثاً ملهماً، ومتكلماً مفوهاً.

وفي هذه اللحظة مر شريط طويل في رأس حسين، بدأ بعدد من الناس يقولون له: لا تتكلم، اسكت، بل اخرس! وتذكر عكوفه على تلاوة القرآن الكريم وكيف قوّم لسانه، وأفاض عليه من خيره وبركاته ما جعله (الخطيب).. ورفع عينيه إلى لاسماء، شاكراً لربه نعمته التي أنعم عليه بها، بعد أن كان يتغثر ويتلعثم حين يتكلم مع شخص واحد، إذا به اليوم قادر على أن يواجه جموعاً غفيرة ليقول لها كلمة طيبة!

لقد كانت فكرة الخطابة فوق آماله وأحلامه، وما كان يتصورها، فهو فضلاً على خوفه من التعثر والتلعثم في الكلام مع الآخرين، لم يكن يجد في نفسه الجرأة في مواجهة جماهير الناس، فما بالكم وهذه الجماهير غاضبة ولا تريد إلا أن تفعل ما تريد، مستغلة تجمعها وقوتها.. وإذا بهذا الخطيب الصغير قادر على أن يكبح جماحها ويقودها إلى ما فيه خيرها، وخير الجميع..
جرب أن تكون مثله، ليس ذلك مستحيلاً ولا صعباً، إنه في إمكانك ومقدورك.. عليك فقط أن تصاحب ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه: القرآن الكريم.

*لمسة حنان*
*لمسة حنان*
جاري الاضافه انتظروني
*لمسة حنان*
*لمسة حنان*
احدى قصص الاديب الكبير عملاق القصه للاطفال عبدالتواب يوسف

بأسلوب طريف ومبتكر؛ يحكي الكاتب عبد التواب يوسف للأحباب الصغار سيرة خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك من خلال جوانب متفرقة، كان لكل جانب فيها متحدث متميز وكان له دور أساسي فيها، يتحدث عنها بلسان حاله. وربما جاءت القصة على لسان حيوان أو شجرة أو ليلة أو حجر أو بئر أو دينار أو راية... وغيرها من الأشياء التي وإن جاءت على ألسنة هذه الحيوانات والأشياء، التي يحب القارئ الصغير أن يسمعوا الحكايات على ألسنها، إلا أنها حكايات واقعية حقيقية، حدثت كلها، وجميع ما فيها صدق، وإن ما فيها قد جاء في القرآن الكريم أو في الكتب التي تجمع الأحاديث النبوية الشريفة، أو في الكتب التي تحكي حياة النبي العظيم، وهي كتب كثيرة قام المؤلف عبد التواب بقراءتها، ليقدم للأطفال الأطهار قصة حياة النبي الحبيب بهذه الطريقة الجديدة.


انا فيل

لي خرطوم طويل.. و لكنني لست فيلا في غابة، أو في حديقة الحيوان. بل عشت منذ زمن بعيد .. وكانت لي شهرة كبيرة، وحكاية غريبة أحب أن تعرفوها.

بدأت حكايتي في بلاد الحبشة وكنت اعيش حرا بين الأشجار، إلى ان اصطادني أهل الحبشة.وعندماوجدوا أني فيل قوى عظيم، ضموني إلى الجيش، وسافرت مع الجيش إلى اليمن.

وكان الناس يخافونني، ويرتعشون عندما يسمعون بقدومي، لأني كنت أنشر الخراب في كل مكان أذهب إليه. وكنت إذا خطوت فوث شيءكسرته وحطمتهمن. وتمكنت بذلك من أن أجعل أهلي الأحباش يحتلون بلاد اليمن.
وأكرمني القائد "أبرهة" وجعلني الفيل الخاص به، ورفض أن أحمل الأحجار والاخشاب للمعبد الكبير الذي كان يبنيه. فقد كان يبني معبداً هائلاً ليصبح أعظم من ذلك المعبد الموجود في مكة، والذي كان كل الناس من كل مكان يزورونه. وقد أقام "أبرهة" في معبده الكبير كعبة من الذهب حتى يحج الناس إليها بدلاً من أن يحجوا إلى كعبة مكة. غير أن الناس لم تأت إلى كعبة " أبرهة" ، واستمروا في الذهاب إلى مكة.

وضاق "أبرهة" بذلك وغضب، وقرر أن يهدم كعبة مكة. وبذلك لا يجد الناس أمامهم غير الكعبة التي بناها من الذهب فيأتون إليها.

وأعد " أبرهة" جيشاً كبيراً لكي يحارب به مكة، وأهل مكة... وكنت ضمن هذا الجيش بالطبع، ليركبني القائد "إبرهة" الذي سيسير في أول الجيش.. وكان "إبرهة" ينوي أن أحمله حتى الكعبة..كعبة مكة. وعندما أميل عليها بجسمي الضخم فسوف أهدمها. وكثيراً ما فعلت هذا في بيوت أعداء "أبرهة".

والحقيقة أنني لم أكن راضياً عن هذا العمل. ولكن، لم استطع أن أرفض الذهاب معهم. وقد سرت وجيش "أبرهة" حولي ، والجنود يتكلمون عن مكة وأهلها...وعن ال كعبة وحكاياتها.

وعرفت أن الذي بناها نبي اسمه إبراهيم عليه السلام، وأن ابنه إسماعيل اشترك معه في البناء. وقالوا إن إبراهيم كان صاحب معجزات، فقد رماه قومه في النار ولم تحرقه.

وعرفت أن هذه الكعبة شريفة، وأنها ي بيت الله الحرام، وأن هذا البيت الحرام بيت آمن، يدخله الناس فلا يمسهم أحد بضرر أو سوء، ويهبط فيه الحمام فلا يصطاده أحد ولا يقربه أحد. إنه مكان هادىء آمن، مقدس...يحبه الناس ويحتمون فيه ويصلون.

وعرفت من الجنود أن اهل مكة خافوا عندما سمعوا عني، عرفوا وعندما عرفوا أني ذاهب إليهم، لانهم سمعوا عن قوتي، وقدرتي على هدم كل ما في طريقي.

ولم يكن قد بقي لنا لكي نصل إلى مكة سوى ليلة واحدة وبعدها لن تبقى الكعبة، وسوف تنهدم مكة. ولم يكن هناك جيش يعترض طريقنا أو يمنعنا من التقدم. الطريق مفتوحة ولا أمل في أن تنجو مكة أو تفلت منا الكعبة. وكان كل من في الجيش ينظر إلي في إعجاب. وكثيرا ما قال لي بعضهم:
تقدم يا بطل...سر يا فيل "أبرهة" يا أعظم الأفيال!
وفيما نحن نتعجل الوصول إلى مكة، تجيئنا رواية عن عبد المطلب زعيم مكة، تجعلنا جميعا نفكر في معناها، وتجعلنا جميعا نهتز منها.
قالوا إن عبد المطلب لما علم أن "أبرهة" وجيشه وأنا سنهدم الكعبة، لم يخف، بل قال:
"للبيت رب يحميه".
هذه الكلمة الكبيرة التي قالها عبد المطلب، جعلتني أخاف. لقد أصبحت أنا الخائف..أنا الفيل الرهيب الذي أمر وسط وسط أي مدينة، وفي لحظة أجعلها خرابا ولا يبقى منها بيت واحد قائم في مكانه.
خفت من هذه الكلمة التي قالها عبد المطلب. وبدأت لا أقدر على السير. شعرت بتعب شديد. ولم أكن وحدي الذي أحس بهذا..بل كل الافيال، وكل الخيول. وكل الجمال، وكل الجنود..أصبحوا غير قادرين على السير.
ولم ألبث أن وجدت نفسي أقف مكاني..لم أقدر على التحرك، كأن أرجلي التصقت بالأرض..تسمرت فيها..لا أستطيع نقلها من مكانها خطوة واحدة، في الطريق إلى مكة.
انزعج "أبرهة" هو والجنود. أداروني إلى الخلف فتمكنت من السير. أداروني إلى اليمين فاستطعت المشي. أداروني إلى اليسار فخطوت ببساطة! وعندما جعلوني في اتجاه الكعبة عجزت عن أن أتحرك! ضربوني..جذبوني..دفعوني..لسعوني بالنار، ومع ذلك ظللت في مكاني..لن أذهب إلى مكة، لن أهدم الكعبة مهما فعلتم معي! كانوا لا يريدون أن أرجع إلا إذا خلصتهم من مكة وكعبتها وأهلها.
وفجأة..حدث شيء عجيب..رأيت بعيني طيرا تغطي السماء كلها، فلا تُظهر منها شيئاً..حتى أن الدنيا أظلمت، ولم أعد أستطيع أن أعرف هل أنا في حلم، أم أنا صاح أرى ما حولي! وسمعت الجنود يصرخون:
هذه طير أبابيل، ترمي بحجارة من سجيل.
وتساقطت علينا حجارة صغيرة، ربما لا تزيد على حبة الفول أو القمح..ينزل الحجر الواحد منها على أضخم فيل من زملائي فإذا به يرقد على الأرض..يسقط على أكبر جمل فإذا به يبرك على الرمل..يهبط على أضخم رجل فإذا به ينتهي ويموت..ووجدتُني أنا الفيل الشهير أنظر إلى ما حولي وأرتعش. لقد دمرتُ الكثير في حياتي، ولكنني لم أشاهد مثل هذا الذي أراه يحدث..ووجدتُني أركع وأنا أرى من بعيد نوراً يمتد بين الأرض والسماء. كان هذا النور حول مكة..ورأيت عبد المطلب زعيم قريش من بعيد، يقف ليتقبل التهنئة من الناس، وكلمة "مبارك" تتردد على ألسنتهم..لأن جيش "أبرهة" قد انتهى، ولن يستطيع أن يدخل مكة أو يهدم الكعبة!

وكان عبد المطلب يحكي لمن حوله ما رآه في المنام..لقد رأى كأن سلسلة من الفضة خرجت من ظهره، لها طرف في الأرض وطرف في السماء..وظهرت هذه السلسلة بعد قليل كأنها شجرة، وعلى ورقة منها "نور" تعلق بها كل الناس.
وفسر السامعون الحلم لعبد المطلب على ان ابنه عبد الله سيرزق ابنا يتعلق به الناس في الشرق وفي الغرب..وبشروه..وهنئوه..وسألوه:
ماذا تسميه؟
أجاب: اسميه محمداً..ليحمده من في الأرض ومن في السماء.
وكانت مع بشرى مولد محمد نهايتي، أنا الفيل الشهير..ونهاية "أبرهة" وجيشه الكبير..وبقيت مكة، وبقيت الكعبة، وستبقى إلى آخر الدهر، خالدة عزيزة، تتجه إليها أمة محمد خمس مرات كل يوم وهي تصلي لله، الذي ارسل إليهم نبي الهدى، عليه أفضل الصلاة والسلام.

( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ )
صدق الله العظيم
*لمسة حنان*
*لمسة حنان*
قصه ثانيه
أنا كتاب ...
وأنا سعيد بهذا كثيرا...
وأشعر بأني أغلى شيء في الوجود، وأن ورقي أغلى من أوراق المال والنقود. والسبب في ذلك:

*أن الله حين أراد أن يهدي البشر، بعث إليهم بكتاب..كتاب مقدس..فالتوراة كتاب، والإنجيل كتاب، والقرآن الكريم كتاب.

*وأنني كتاب عن محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين والمرسلين، الذي ارسله الله للناس كافة..هاديا وداعيا إلى الحق والخير والمحبة والسلام للناس اجمعين,

*وأنني كتاب للناشئين..الصغار..الأطهار..أحباب الله، وأحباب محمد الرسول الكريم.

من شدة فرحتي باسمي وعنواني وقرائي، أقول هذه الكلمات لكي أقدم نفسي، وأقدم هذه الحكايات التي أحملها بين أوراقي. وهي حكايات واقعية حقيقية، حدثت هي كلها، وجميع ما فيها صدق، وإن جاءت على ألسنة الحيوانات والأشياء التي تحبون يا قرائي الأعزاء أن تسمعوا الحكايات على ألسنتها.

وجميع ما في هذه الحكايات جاء في القرآن الكريم أو في الكتب التي تجمع الأحاديث النبوية الشريفة، والكتب التي تحكي حياة النبي العظيم، وهي كتب كثيرة كثيرة. ستقرؤنها كلها بإذن الله عندما تكبرون وتصبحون رجالا مؤمنين صالحين.

وقد قام المؤلف عبد التواب يوسف بقراءة كل هذه الكتب، ليقدم لكم أيها الأحباب الأطهار قصة حياة النبي الحبيب بهذه الطريقة الجديدة.

وأنا واثق بأنكم ستقروؤنها كلها باهتمام شديد وسرور..وبأنكم ستفرحون كثيرا بها وبما فيها من قصص جميلة ورائعة، ومن معان واخلاق نبيلة وسامية..وبأنكم ستُسعدون بعد ذلك بقراءتها مرات ومرات ومرات..وأنكم ستظلون تذكرون أحداثها ومعانيها..وأنكم ستحبون النبي الكريم العظيم من كل قلوبكم، وأنكم ستعملون دائما على الاقتداء به وبأخلاقه العظيمة.

والآن وقد استبد بكم الشوق لمعرفة أحداثي..قلبوا اوراقي..



بنات في احدمتابع معي اخاف ابحث واتعب ولاالاقي تجاوب منكم