تجد صعوبة في ترجمة الإحساس إلى لغة ، بينما يقال أن اللغة هي وعاء التفكير ، و معنى هذا أن العقل يختلف عن الإحساس ؛ فالإحساس تفهمه من دون كلمات الشخص ، فيكمـّل الشخص كلامه و لكنك تفهم مقصده دون أن يكمل أصلاً ، هذه هي البداهة و هذا من وسائل التثبّت في علم البداهة .
و من عجائب الإحساس أنه يفهم الأشياء البعيدة أكثر من الأشياء القريبة ، بحيث أنه يفهم الأشياء العميقة المرتبطة بالنوايا والأساسات أسرع من فهم شيء جزئي خارجي ، فأنظر إلى الفارق في المستوى . فهو (الإحساس) ليس العقل ، فالعقل اصغر منه بكثير ، تجد شخص مثلاً تعرّفت عليه منذ سنوات ، و قد نسيت اسمه ، و هذا من اختصاص العقل ، لكن صفاته الداخلية تعرفها ، بينما أخباره و اسمه قد ضاعت تماماً , وفي نفس الوقت أنت تعرف أن هذا الشخص مرح مثلاً ، أو أن فيه طيبة أو غبي أو ذكي أو خدوم أو أناني ، فكل هذه الصفات لا تنسى ، لماذا ؟؟ فكأن هذا هو المهم ، فالمهم هو الباقي ، و كما قالت فيروز : (أسامينا .. شو تعبوا أهالينا .. عينينا هنّي أسامينا) ..
هذه هي الأسماء الحقيقية ، إذاً هو ليس بسخف ولا خرافة أنك تهتم بالإنسان من داخله ، بل هذا هو الأساس والصحيح ، بينما الناس يعتبرونه شيئاً غريباً أن تتكلم عن الناس من خلال دواخلهم . يريدونك أن تتكلم عن اسمه و عن أقربائه ، أما عن داخله فهذا غير مسموح . هم يريدونك أن تتكلم عن الخارج، أي عن الجاف المادّي ، كإسمه و وظيفته و ما عنده وما ليس بعنده ، مع أن هذه الأشياء ليس لها قيمة لدى الشعور .. القيمة هي في داخله ، فتتعامل معه من داخله و تخاطب داخله ، فتصرفك معه يجب أن يكون مبني على هذه الخريطة .
ومواهبك لا تظهر ولا يكمل عقلك ولا تبرز عبقريتك حتى يكون هناك تقارب بين عقلك وإحساسك ، ويكون عقلك يفهم إحساسك ويستطيع أن يترجمه و يحترمه و يقدِّره ، في تلك اللحظة تكون أنت ، و تكون كاملاً . أما بدون ذلك فإن نصفك فقط هو من يعمل ، و حتى ذلك النصف ليس منك بل من الناس .
فالمخ صفحة بيضاء , و عندما تولد يُعبأ ممن و مما حولك , والإنسان يفكر في اللغة التي يكسبها من الناس , و مع اللغة يكتسب ثقافة من الناس , فهذا يعني أنك لا تستطيع أن تربّي أحداً تربية صحيحة أساساً , فلا تستطيع أن تربّيه عن طريق اللغة بحد ذاتها, و هنا المشكلة .
إذاً : وجود المجتمع المترابط و القائم على هدف واحد وعلى فكرة طبيعية واحدة مطلب ضروري , لذلك القرآن يخاطب المسلمين كجماعة , فهو يريدهم جماعة , وأن يكونوا جميعا ، ومن هنا فائدتها .
الإحساس عبقري , فكلما كنتَ دقيقا معه و كلما تـُنصت له و تحترمه و تمشي بموجبه فسوف يدلّك على الصواب ويُعْلِمك به , فإذا أحسست أن فلان زعلان منك فهو زعلان فعلاً , و إذا أحسست أنه مسرور منك فهو مسرور . فالإحساس نفسه يكفي إذا كان صافيا , و يجب أن تتثبت مع الإحساس بالعقل , فإذا لم يعارض فإن الأمر مقبول , فالإحساس إذا اهتممت بأمره و تمعـّنت به ، يأتيك علم البداهة مباشرة .
الناس يقولون دائما : لا تثق بالإحساس فهو يخيب أحيانا معك , و في الحقيقة أن الشيء عندما تحس أنت به ، يكون بخلاف ما أحسست به سابقاً , فالسبب في هذا أنك بنيت أفكارك على أفكار غيرك , فشخص مثلا أخذت عنه فكرة أنه سيء و أنه شديد وقاسي ، وإحساسك يقول ذلك تبعاً لذلك التصوّر , ثم تتعامل معه فتجده شخصا طيبا ولطيفا , فتقول : خاب إحساسي ! هذا ليس بإحساسك ! هذه إيحاءات سمعتها من الناس, والذي من الناس دائما يخيب :{وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} , فإذا أنت لم تبنِ هذه الصورة, عليك أن تتثبت من الإحساس من هذه الناحية, هذا هو المهم , تأكد أنه إحساسك أنت و أنه لا توجد عوامل خارجية أثّرت على ذلك الإحساس .
حلم وواقع @hlm_ooakaa
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
زائرة
•
مشكوره
الصفحة الأخيرة
ونعم هناك تجربة وقفت عليها لمجموعة من البنات تعرفن على بعضهن عن الطريق منتدى وارتبطوا مع بعضهن عن طريق احساس كل واحده منهن فسيحان الله أصبحوا أخوات في الله من عدة سنوات لدرجة أنهن لم يروا بعضهن لان كل واحدة بمدينه تبعد عن الأخرى
لكن سبحان الله أحساس كل واحده بحالة اختها كبير وعاالي لدرجة عندما تكون متضايقه وتتصل بها بنفس اللحظة كانت با الفعل تجد أختها في الله بضيق
فا إحساس الأخوة في الله أعظم إحساس من عاش تجربته
جزاك الله خير على الموضوع