ترجمة كتاب كيف تكتب رواية في مائة يوم أو أقل –المقدمة-
مقدمة المترجم
الرواية هي نوع من أنواع السرد القصصي، تحتوي على العديد من الشخصيات لكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة، وتعتبر الروايات من أجمل أنواع الأدب النثري . وتمثل النوع الأحدث بين أنواع القصة، والأكثر تطوراً وتغييراً في الشكل والمضمون بحكم حداثته وما لهُ صِلة بالرواية أو ما شابه كفن السيرة وفن المقامة وإن كانا يعدان أساساً واحداً من الأسس التي قامت عليها الرواية العربية اليوم ذلك إنَّ ما احتواه هذا الفن من قواعد فنية يرجع إلى عهد قريب حين تعرف العرب هذا النوع الأدبي وأصوله كما ظهر مع بدء القرن الماضي إذ ترجم الكثير من القصص والروايات العالمية من الشرق والغرب.
وبالأساس فن الرواية بشكله الحالي هو فن غربي بحت, ورغم اختلاف الثقافة الغربية عن الثقافة الشرقية إلا أن عناصر الرواية ثابتة في كلا الثقافتين, أقول عناصر الرواية وليست قواعدها, فكتابة الرواية لا تخضع لأي قواعد, فللروائي الحق في سرد الأحداث بالطريقة التي تلائم خياله.
حينما بدأت اللغة العربية في تبني فن الرواية, بدأت بمرحلة التقليد أو بما يسمى بالتعريب, والتعريب هو نقل أحداث الرواية كما هي مع إعطاء الشخصيات والأماكن أسماء عربية وتعتبر رواية زينب للدكتور محمد حسين هيكل أول محاولة جادة لكتابة الرواية العربية ثم يأتي بعد "زينب" روايات "دعاء الكروان" و "سارة" و " إبراهيم الكاتب" "جلال خالد"
وظلت مراحل تطور الرواية في الوطن العربي مستمرة لتصل في النصف الثاني من القرن العشرين إلى المستوى الذي جعل بعضها يقف في مصاف أفضل الأعمال الروائية العالمية، وبرز في كتابتها أكثر من واحد من الروائيين العرب الذين طبقت شهرتهم أنحاء كثيرة من العالم وترجمت أعمالهم إلى لغات عديدة منهم: توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوجت الرواية العربية بجائزة نوبل التي حصل عليها الأديب العالمي "نجيب محفوظ" عام 1988.
واليوم ظهرت على الساحة الروائية عدة روايات متميزة حققت رواجاً جيد, وذلك لم تتمتع به من جرئه وتجديد في فن السرد والبناء اللغوي ومن هذه الروايات ,عمارة يعقوبيان, شيكاجو لعلاء الأسواني, ثلاثية أحلام مستغانمي: ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، و عابر سرير و رواية حكومة الظل لمنذر القباني, و رواية مدن تأكل العشب لـ عبده خال ورواية التلصص لمؤلفها لصنع الله ابراهيم, و رواية سعار لـ بثينة العيسى , ورواية ربع جرام لعصام يوسف.
ما الفائدة من كتابة الرواية؟
تعتبر الرواية وثيقة تاريخية تسجل بها ما يمر بالمجتمع من أحداث وظروف, فهي تتناول مشكلات الحياة ومواقف الإنسان منها في ظل التطور الحضاري السريع الذي شهده المجتمع الإنساني خلال هذا القرن.
فعلى الراوي أن لا يكتب الرواية من أجل التسلية , بل يجب أن يضع نصب عينيه مشكلات وطنه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, يبرزها ويحللها ويتنبأ بعواقبها, ويقترح الحلول المناسبة لها. والروائي حينما يعرض تلك القضايا عليه أن يكون جريئا, لا يخاف بطش سلطان أو لوم لائم لكن في الوقت نفسه عليه أن يراعي ثقافة مجتمعه ولا يميل كل الميل, كما عليه أيضاً أن لا ينسى أن الرواية أولاً وأخيراً فن قصصي يجب أن يكون ممتعاً ويجب أن يقدم بلغة بعيدة عن التكلف والاستظهار.
كتابة الرواية موهبة أم ممارسة
كتابة الرواية هي 20 في المائة موهبة و 80 في المائة ممارسة وتدريب. فالروائي هو الشخص الواسع الخيال, الذي يستطيع تصوير ما يمر أمام عينيه من أحداث في قالب أدبي يجمع بين الإمتاع والإفادة. فرواية "هاري بوتر" مع أنها رواية مسلية إلا أنها في نفس الوقت تتناول العديد من القضايا والأفكار في صورة رمزية.
هل أنت أيضاً موهوب؟
ليس شرطاً أن يكون الأديب موهوباً لمجرد أنه ضليع في قواعد اللغة التي يكتب بها, فالروائي العالمي "همنجواي" كان يعتمد في كتابته على الجمل البسيطة إلا أنه كان واسع الخيال, رائع التصوير. فإن كنت ذو خيال واسع, قادر على تصوير الحدث, فأنت موهوب. لا تجعل حاجز اللغة يقف أمامك, أكتب روايتك وبعد ذلك ابحث عن مدرس بارع في اللغة العربية ليساعدك في تصحيح الأخطاء النحوية. لا تجعل شيء يعيقك, فإن كنت تشعر أن عملك جيد ويستحق فلا تمل ولا تتوقف, حتى وإن لم تلقى تقديراً من النقاد فلا تنسى أن الأديب العالمي نجيب محفوظ مع أنه بدأ الكتابة في وقتٍ مبكر، إلا أنه لم يلق تقديراً نقدياً لائقاً حتى قرب نهاية الخمسينيات، فظل مُتجاهلاً من قبل النُقاد لما يُقارب خمسة عشر عاماً قبل أن يبدأ الاهتمام النقدي بأعماله في الظهور والتزايد.
وأخيراً أتمنى أن يكون هذا العمل مفيداً لبني جلدتي, وأن يكون وسيلة لاكتشاف الدرر الدفينة.
حسن محمد
مترجم وروائي ناشئ
مقدمة المؤلف جون كوين
كم مرة انتهيت من قراءة رواية ما وقلت لنفسك " أستطيع كتابة رواية مثل هذه", أعتقد أنا كل وحد فينا يحلم بكتابة رواية أو قصة تراود خياله. الروائي توني ميروسن يعبر عن ذلك قائلاً " أجمل كتاب تستطيع قراءته هو كتاب من إبداعك الخاص", عميلة كتابة رواية عملية ليست سهلة على الإطلاق ومع ذلك هناك العديد من الكتب التي تنشر يومياً. طبقاً لإحصائيات "بوك إن برنت" لعام 1996, هناك 1.3 مليون كتاب تم طبعة. عدد الكتب التي تم نشرها عام 1996 في الولايات المتحدة فقط كان 140.000 كتاب. إذا لماذا لا تأخذ دورك الآن؟
ما الذي تحتاجه؟
إذا كانت لديك القدرة على كتابة جملة بسيطة بلغتك إذا كانت لديك رغبة صادقة لكتابة رواية تحقق أعلى مبيعات, إذاً فأنت تتمتع بكل مقومات الروائي. ومع ذلك لا أعتقد أن أي شخص يستطيع أن يكون روائياً بمجرد قراءته لكتاب. فالكتابة تأتي من واعز داخلي ينطلق من إحساس الكاتب. لذا يجب أن تضع في الحسبان أن هذا الكتاب لن يعلمك كيفية كتابة رواية لأن الكتابة لا تكتسب بالتعلم بل بالممارسة. دور هذا الكتاب يتلخص في توفير الآلية التي بها ستنظم وقتك, سيضعك على الطريق الصحيح, سيساعدك على كتابة رواية في مائة يوم أو أقل لكنه لن يكتب الرواية نيابة عنك.
هل من الممكن أن تكتب رواية؟
بالتأكيد, فيدي التي مثل يديك كتبت العديد من الروايات الشهيرة, أعلم صعوبة أن تقضي عدة ساعات منعزلاً في غرفة مغلقة, أعلم ثقل أن تكتب شيئاً لا تعرف عواقبه. كتابة الرواية ليس عملاً سهلاً خاصة إن كنت موظفاً أو كنت رب أسرة لكنك رغم ذلك تستطيع أن تفعلها. معظم الكتاب يحيون حياتين أثناء الكتابة, الحياة الفعلية والحياة الخيالية التي يعيشها في روايته. لكن بمجرد بيعك لروايتك الأولى, ستترك عملك وستتفرغ للكتابة تماماً.
الكبار فعلوها من قبلك
نعم لديك وظيفة تأخذ كل وقتك ومجهودك, نعم أنت مسئول عن أسرة كبيرة. الكتاب العظام كانوا مثلك تماماً لكنهم لم يتوقفوا, هذا هو الفرق.
الشاعر والاس ستيفنس كان نائباً لرئيس شركة تأمينات, وخبيراً بسوق الأسهم. الأديب الكبير إليوت كان صرافاً, ويليام كارلوس كان طبيب أطفال, روبيرت فورست كان صاحب مزارع طيور, هارت كرين صانع حلوة, ستيفن كران كان مراسل حربي, مريان موور كان يعمل في مكتبة, جيمس ديكي كان موظفاً في شركة دعاية, ماكليش كان مدير لمكتب "الحقائق والأرقام" أثناء الحرب الثانية.
الشاعر محمود سامي البارودي كان ضابط في الجيش, الأديب الكبير نجيب محفوظ كان موظفاً بوزارة الأوقاف, توفيق الحكيم كان محامياً, الروائي الكبير حنا مينا كان حلاقاً, أحلام مستغانمي كانت تعمل منذ صغرها لتعيل أخوتها وأبيها المريض, غازي القصيبي كان مستشاراً قانونياً وعلاء الأسواني طبيب أسنان. (الجمل المكتوبة بحروف مائلة من إضافة المترجم).
المشاعر الجياشة
ما الذي يصنع كاتباً؟ ربما حادثة فريدة تمر به في بداية حياته ويكون لها أبلغ الأثر عليه, تشكل هذه الحادثة إحساسه وإدراكه الذاتي.
ولنأخذ حياة خوزيه ساراماجو كمثال, ذلك الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب, والده كان فلاح بسيط, أمه كانت لا تعرف القراءة والكتابة, بدأ حياته العملية كعامل أجير في إحدى المصانع, ثم إلتحق بالجيش, ثم بعد ذلك أصبح محرراً في إحدى دور النشر, أربعون عاماً مروا من عمره , أربعون عاماً من المعاناة.
في طفولته, ذهب لقضاء إحدى الأجازات مع جده في قرية تدعى أزينهاجا, وفي إحدى الأيام أصيب جده بجلطة إنتقل على إثرها إلى ليسبن للعلاج, وحينما شعر ساراماجو بالوحدة والحزن على جده وقف في حديقة المنزل مناجياً أشجار التين والزيتون , شاكياً لهم عما بداخله من أحزان, كان يشعر أنه لن يعود إلى هذا المكان مرة أخرى, شرع بمعانقة الأشجار مودعاً. يقول ساراماجو " إن لم تأثر فيك مثل تلك الأشياء فأنت لا تصلح أن تكون أديباً" المشاعر الجياشة تصنع أديباً عظيماً لأنها ببساطة تتحول إلى كلمات رقيقة.
هيا نبدأ
في إحدى الأيام تم دعوة سنكلاير لويس لإلقاء محاضرة أمام الطلبة حول كيفية الكتابة, وقف أمام الطلاب وقال لهم " كم واحد منكم يريد أن يصبح كاتباً" كل الأيادي ارتفعت إلى أعلى, فنظر إليهم لويس وقال " إذاً اذهبوا إلى بيوتكم وابدءوا في الكتابة" قال عبارته تلك وانصرف على الفور.
الآن قد حان دورك في الكتابة, ستجد في الصفحات التالية سجل أداء يومي لروايتك الأولى, في كل يوم ستجد به بعض عبارات التشجيع, نصائح, كلمات مأثورة, واجبات عليك القيام بها. هذا ما عليك القيام به لمدة مائة يوم حتى تنتهي من كتابة روايتك الأولى
ديني كياني @dyny_kyany
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الله يوفقك وإن شاء الله تفوزين في المسابقة
مشكورة حبيبتي على نقلك للموضوع المميز
لقد مارست كتابة الرواية قبل ذلك
وكتابة الرواية تحتاج أولا
1- القراءةالكثيرة لعدد من الروايات العالمية والروايات العربية الميزة بأسلوبها ... والتنويع في القراءة حتى لا تتأثري بكاتب واحد
2- القراءة لأدباء مثل الرافعي والمنفلوطي .. لأن أساليبهم قوية وجميلة
3 - الابتعاد عن قراءة القصص السخيفة والروايات الهزيلة المنتشرة في الانترنت .. كتلك الروايات الخليجية التي تضع لك أسماء العوائل وأبطال القصة ويغلب عليها الحوار واللهجة العامية ... فغالب تلك الروايات هي تجارب غير مدروسة ولا منسقة وليس فيها حبكة وتهتم بتفاصيل مملة
4- عليك أن تجربي قلمك مرة ومرتين ..ابدأي بكتابة القصة القصيرة لتجربي أسلوبك فإن نجح فابدأي بالأفكار الكبيرة وبكتابة رواية
مشكورة حبيبتي على نقلك للموضوع المميز
لقد مارست كتابة الرواية قبل ذلك
وكتابة الرواية تحتاج أولا
1- القراءةالكثيرة لعدد من الروايات العالمية والروايات العربية الميزة بأسلوبها ... والتنويع في القراءة حتى لا تتأثري بكاتب واحد
2- القراءة لأدباء مثل الرافعي والمنفلوطي .. لأن أساليبهم قوية وجميلة
3 - الابتعاد عن قراءة القصص السخيفة والروايات الهزيلة المنتشرة في الانترنت .. كتلك الروايات الخليجية التي تضع لك أسماء العوائل وأبطال القصة ويغلب عليها الحوار واللهجة العامية ... فغالب تلك الروايات هي تجارب غير مدروسة ولا منسقة وليس فيها حبكة وتهتم بتفاصيل مملة
4- عليك أن تجربي قلمك مرة ومرتين ..ابدأي بكتابة القصة القصيرة لتجربي أسلوبك فإن نجح فابدأي بالأفكار الكبيرة وبكتابة رواية
الصفحة الأخيرة
بحمد الله وتوفيقه انتهيت من ترجمة كتاب كيف تكتب رواية في مائة يوم, كان عملاً شاق بمعنى الكلمة فقد أستغرق مني أكثر من سبعة أشهر, وطول هذه المدة لا يعود لصعوبة العمل وإنما يعود لسببين الأول: هو انشغالي بأعباء وظيفتي حيث أني لست متفرغ للتدوين والسبب الثاني هو أني آليت على نفسي أن أستخدم أسلوب التعريب في الترجمة وذلك لتبسيط الأفكار على المتلقي العربي, فحينما كان يستشهد مؤلف الكتاب بتجربة أحد الكتاب الغربيين كنت أحاول أن أبحث في الإنترنت والكتب لأجد تجربة عربية مشابهة أستخدمها في الترجمة, وقس على ذلك الأمثلة والنصائح, وحينما كنت لا أجد مثالاً عربياً مشابهاً –وهذا كان يحدث في أغلب الأحوال- كنت أكتفي بترجمة النموذج الأصلي مع وضع بعض التوضيحات من عندي.
كنت أعلم من البداية أن جمهوري قليل, لان هواة الكتابة والثقافة في زمننا أصبحوا قلة, ولكي أكون صادق معكم فكرت كثيراً في التوقف عند حد معين وكلما كنت أقرر ذلك كان يأتيني تعليق من أحد القراء يحثني فيه على الاستمرار فقطعت العهد على نفسي بأن أستمر إلى النهاية حتى وإن كان جل قرائي شخص واحد.
نعم بصدق حتى وإن كان قرائي كلهم عبارة عن شخص واحد لأني ببساطة بدأت ترجمة هذا العمل بسبب شخص واحد!, ففي يوم من الأيام وعن طريق المصادفة شاهدت أثناء تصفحي لإحدى المواقع شاب يتمنى ترجمة هذا الكتاب وهو كيف تكتب رواية في مائة يوم أو أقل, فحاولت أن أبحث في الإنترنت عن كتاب باللغة العربية يقدم معلومات شبيهة عن كيفية كتابة رواية, لكن للأسف بعد بحث مضني لم أجد سوى بعض المقالات أو النصائح التي على الرغم من أهميتها إلا أنها لا تلبي رغبة القارئ العربي الذي يهوى الكتابة, فحاولت أن أبحث باللغة الإنجليزية, وبسرعة كتبت العبارة التالية في مربع البحث:
How to wire a novel?
تفاجئت بالنتائج الكثيرة التي ظهرت أمامي, كتب, دراسات, مقالات, ورش عمل, فقلت العبارة الشهيرة التي قالها (على بابا ) في ألف ليلة وليلة " ذهب, ياقوت, ألماز. أحمدك يا رب" , في تلك اللحظة فرحت فرحاً شديداً وحزنت أيضاً حزناً شديد: فرحت لأني وجدت مادة جيدة ومتنوعة أستطيع أن أقدمها للقارئ العربي الذي لم يعد أمامه في هذه الأيام سوى كتب الطبخ و الأطباق الطائرة...وسألت نفسي والحيرة تملؤني : لماذا نحن كذلك؟ ولمتى سنظل هكذا؟ وما الفرق بيننا وبين الغربيين؟ لماذا يكتب الغربيون عن خبراتهم و تجاربهم الشخصية بصدق ويقدموها للبشرية؟ ولماذا يبخل علينا أهل الخبرة من بني جلدتنا؟ لا أتحدث عن مجال الأدب والكتابة فحسب, بل أتحدث عن كل مجال يفيد بني أدم, فأنا لم أقرأ فقط كتب أجنبية عن كيفية كتابة رواية, بل قرأت أيضاً مئات المقالات عن كيفية كتابة مقال صحفي, وكيفية كتابة كتاب, حتى أنني قرأت مقالات عن كيفية ربط الكرفت وكيفية إصلاح "ماسورة المياه"!!!
ببساطة الفرق بيننا وبين الغرب هو أن في بلادنا العربية أهل الخبرة –إلا من رحم ربي- يعتبرون ما توصلوا إليه من علم أو خبرة أمر "سري للغاية" فيكف يكون هناك شريك لهم في الشهرة والثراء.... تأكد لي ذلك حينما كنت أشاهد أحد البرامج الدينية في التليفزيون وسمعت مرة أحد الدعاة يقول " ليس المفروض أن نصبح كلنا دعاة" رداً على مجموعة من الرسائل التي يطلب فيها بعض الشباب بأن يصبحوا دعاة مشهورين ويطلبون مشورته.
.ومع أن الشريعة الإسلامية تأمر جميع المسلمين أن يكونوا دعاة يأمرون بالمعروف وينهون على المنكر إلا أن هذا الداعية قد تعثر في هذه النقطة لماذا؟ الجواب ببساطة لأنها طبيعة وفطرة قد ترسخت فينا كلنا نحن العرب من أيام المماليك والعثمانيين, هذه الطبيعة هي حب الذات والخوف على المصلحة الشخصية, فلم ينظر هذا الداعية وهو ينصح هذه النصيحة إلى تعاليم الدين الذي يدعو إليه وإنما أستقى إجابته من طبيعته التي جلب عليها , فكيف يخرج دعاة يحققون شهرة أكثر منه, يحققون مال أكثر منه, يظهرون على الفضائيات أكثر منه, ويشهد الله أني مازلت أحب هذا الداعية لأني أشعر بصفاء سريرته وأعلم أنه كان يقصد شيئاً آخر, أعتقد أنه كان يقصد أن لا يترك الإنسان عمله ويتفرغ إلى الدعوة فلا يصبح لدينا أطباء أو مهندسين أو علماء, لكن في أخر الأمر هذا الداعية نظر إلى أمر الدعوة على أنه مهنة وليست رسالة وأظن أنه هفا في ذلك لأن الطبيب الداعية أو المهندس الداعية أشد تأثيراً من الداعي العاطل بشرط أن لا يمتهن الدعوة أو يتكسب منها وعلى أي حال لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة.
والمثال لا يقتصر فقط على أمر هذا الداعية فقد سمعت كلام مشابه من كتاب وفنانين لكني أحببت أن أستشهد بمثال الداعية لأن من المفروض أن يكون الداعية من أكثر الناس حرصاً على مصالح الناس وإن كان هذا هو حال الداعية فكيف نعيب على الآخرين إن ضنوا علينا بعلمهم وخبراتهم.
ما الفائدة من الكتابة؟
كان الشباب في العقود الماضية مثقفون, كان تفكيرهم راقي, كانوا ملتزمين في كل شيء, في طريقة تعبيرهم , في ملبسهم , في شغلهم لأوقات فراغهم, لو عقدنا مقارنة بسيطة بين عصرهم وعصرنا وبين جيلهم وجيلنا لوجدنا أنفسنا بعدهم بمراحل, فالطالب الجامعي في العصر الماضي كان مهموماً بأحوال بلده السياسية والاقتصادية , الأغلبية منهم كانت تقرأ في الأدب والدين والسياسة والتافه منهم هو الذي كان يكتفي بقراءة المجلات والصحف, أما الآن فقد سحب السي دي ومن قبله شريط الكاسيت البساط من تحت الكتاب والثقافة, وبعد ما كان مصطفى كامل وسعد زغلول أمثلة يحتزى بها أصبح سعد الصغير وشعبان عبد الرحيم فرسان هذ1 العصر وقدوة لكثير من الشباب.
أسمع بعض الأصوات تتهمني الآن بالرجعية وعدم الحداثة لأنني عقدت مقارنة بين زماننا وزمن ولى ومضى, وأسمع البعض أيضاً يقول " قراءة!!! وما الفائدة من القراءة وقد أمدني الكمبيوتر بكل ما أريد من معلومات"
لا بأس أتفق معكم, فأنا رجعي وبعيد عن الحداثة, وأعتذر على عقد مقارنة بين جيلنا والأجيال السابقة, لكن هل يسمح لي دعاة الحداثة والروشنة بأن نجعل المقارنة بيننا وبين شباب الغرب, فهم من أبناء زماننا والكثير منا يقلدهم في ملبسهم ومأكلهم وطرق عيشهم, هل نقرأ مثلهم, أثبتت أحدث الإحصائيات بأن الأوربي يقرأ بمعدل 35 كتاباً في السنة وأن الإسرائيلي يقرأ بمعدل 40 كتاباً في السنة وأن 80 عربي يقرؤون (كتاباً واحداً) في السنة, لماذا هل لأن الكتاب مرتفع الثمن, بالطبع لا فهو ليس بأغلى سعراً من الموبيل أو الدش لكن العيب فينا نحن أمة أقرأ التي جعلت الكتاب في أخر أولوياتها.
رسالتي هي أن يمسك كل شاب ورقة وقلم ويكتب, يكتب أي شيء ليس شرطاً أن يكتب قصة أو رواية, يمكن أن يكتب مقال في أي مجال وعن أي موضوع, ماذا يحدث حينما يبدأ الكتابة: سيختار موضوع معين ليكتب عنه وهذا في حد ذاته تخطيط, ثم يكتشف أنه لا يملك المعلومات الكافية حول هذا الموضوع, فيبحث عن المعلومات اللازمة لكتابة هذا المقال وهذا هو البحث, وبعد ذلك سيكتب المقال ثم يكتشف فيه أخطاء فيعود لتصحيحها ويعيد تحرير المقال مرتان وثلاث وأربع إلى أن يرضى عن شكله ومتنه ومن ثم ينشره في مدونة أو في جريدة أو في منتدى وهذا في حد ذاته إصرار, والتزام.. ماذا استفاد الشاب من هذه العملية, استفاد الأتي:
1- تفكير وتخطيط
2- التزام
3- بحث
4- إصرار
5- تصميم
6- ثقافة
7- رضاء داخلي
لم أتحث عن ربح مادي وشهرة بل أتحدث عن تنمية الذات, فهل تعتقد عزيزي القارئ أن شخص لديه الصفات السبع السابقة يمكن له أن يكون يوماً إرهابياً أو مدمناً. أسأل نفسك وأجب عليها.
ملاحظات:
في السطور السابقة وضحت سبب إقدامي على هذا العمل, والصعوبات التي واجهتني والآن أحدثكم عن بعض الأشياء المهمة التي لاحظتها أثناء ترجمة هذا الكتاب, أكثر القراء كانوا من المملكة العربية السعودية وفي المرتبة الثانية تأتي جمهورية مصر العربية, نلاحظ من ذلك أن الأخوة السعوديين يمرون اليوم بنهضة فكرية وثقافية منقطعة النظير ربما يعود ذلك لنجاح بعض الروايات السعودية في الفترة الأخيرة كرواية "بنات الرياض" على سيل المثال لا الحصر, لذلك أرجو أن يستمر هذا الرخاء الثقافي في السعودية كما أرجو من المصريين أن يعودوا من جديد إلى الثقافة التي ورثوها عن أجدادهم وإبائهم وأذكرهم أن الحصول على الوظيفة والمال ليس نهاية الطريق.
ما هي المواضيع التي يفضل أن تكتب فيها الرواية؟
من منا لم يعجب بفيلم ألام المسيح, رغم الاختلاف العقائدي بيننا وبين ما جاء في الفيلم, لقد أعجبنا بالقصة رغم عدم أيماننا بصلب المسيح, فنحن نؤمن أن المسيح ومن قبله الأنبياء والصالحين ومن بعده رسول الله والصحابة قد تألموا كثيرا من أجل إيصال الرسالة إلى الناس, لكن كاتب فيلم آلام المسيح أستطاع أن يبهرنا بفنه وجعلنا نبكي على هذا الرجل المسكين الذي كان يمتلئ وجه بالدماء وقلبه بالمرارة, عزيزي القارئ ألا تجد مثالاً في تاريخنا الإسلامي كان هو الأولى بهذه القصة. الأ تجد أن ما لقاه الصحابي الجليل "خبيب بن عدي" من عذاب يفوق ما لاقاه بطل هذا الفيلم, لقد تم القبض عليه غدراً, وسلم إلى طالبيه في قريش بدراهم معدودات, ومكث في بيت أعدائه أكثر من شهرين, وبعدها تم صلبه على جذوع النخيل, هل تتخيل كيف مرت عليه تلك الأيام وهو أسير في بيت أعدائه, كم لاقى من إهانة وعذاب وشماتة من أجل تمسكه بدينه, كيف ساقوه مكبلاً إلى مصرعه, هل تعلم أن معظم رجال قريش قد أطلق عليه سهماً, كيف كان جسده, هل كان يرى من السهام, ماذا قال وهو معلق على الصليب, هل قال مثل بطل الفيلم "ربي, ربي لم تركتني" أم أنشد قائلاً:
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وان يشأ يبارك على أوصال شلو ممزّع
لا أفرض على أحد موضوع معين للكتابة فهذه مصادرة على الفكر, وإنما أحببت أن ألفت انتباهكم إلى أن تاريخنا مليء بمئات القصص التي لو كتبت بأسلوب جيد لبهرت العالم, وليس التاريخ وحده الذي نستطيع أن نستقي منه المواضيع الجميلة بل الحاضر أيضاً بصعوباته ومشاكله, يمكننا أن نكتب للأطفال وللشباب وللنساء, نكتب عن كل الأشياء المسكوت عنها والأشياء الأخرى المنسية, فليس معقولاً وعندنا كل هذا الإرث أن نظل مبهورين دائماً , أعتقد أن الوقت قد حان لنبهر أيضاً.
وأخيراً أتقدم بالشكر لكل من شجعني على مواصلة هذا العمل وأخص بالذكر الأستاذ طارق سمير, الأخ أبو عبد الله, السيدة أريج السمر والكاتبة والأديبة الليبية حنان الهوني والأستاذ عبد الله العثمان المخطط والخبير في التنمية البشرية الذي تبنى الكتاب وعرضه على أحدى دور النشر الكويتية وبحمد الله تم قبولهم للكتاب وعلاوة على ذلك قام الأخ عبد الله العثمان مشكوراً بوضع ملاحظاته على الكتاب ليصبح بحق كتاب له وزنه في مجال الكتابة ليس هذا فحسب فقد قرر الأستاذ عبد الله أيضاً أن يقدم الكتاب كدورة تدريبية في مجال الكتابة ولمزيد من المعلومات عن الأستاذ عبد الله العثمان يرجى زيارته على مدونته الخاصة:
www.abdullao.com/blog
وفي الختام أرجو من الله أن يجعل هذا العمل شاهد لنا ولا يجعله شاهد علينا . آمين.