ازهار 2015

ازهار 2015 @azhar_2015

عضوة نشيطة

تسلسل الأفكار في حفظ القرآن

حلقات تحفيظ القرآن

كتاب: تسلسل الأفكار في حفظ القرآن
المؤلف: الحافظ أحمد مالك شايب
دعوة :
حقوق الطبع ممنوحة لكل من له الرغبة في إعادة طبع هذا الكتاب وتوزيعه خيرياً لوجه الله تعالى مع مراعاة حق المؤلف الأدبي في نشر إسمه.
تنبيه :
تطبيق الأفكار الواردة في هذه الدراسة يستدعي أولاً الإطلاع على المصحف الشريف بما يجعل معاني ومضامين آيات القرآن الكريم مستوعبة بشكل جيد ومألوفة.

لا شك أن حفظ القرآن من الأمور الصعبة على قلب المسلم والتي تتطلب إعارتها من الجهد الخص والمعاناة المتواصلة الكثير.
وقد ورد في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها".
ولا جدال في أن حفظ القرآن الكريم هو بالأساس توفيق من الله سبحانه وتعالى ولا يعود فقط إلى الأسلوب المعين الذي يتبعه شخص ما في حفظه, فقد يتبع شخصان أسلوباً واحداً في الحفظ لكن يحفظه أحدهما ويعجز الآخر. كما أن هناك من يحفظ القرآن الكريم بالإطلاع والنظر المتواصل في المصحف دون الحاجة إلى اتباع نهجاً أو أسلوباً معيناً.
الأفكار الواردة في هذه الدراسة لا ندعي أنها الأسلوب الأمثل وهي توسيع لموضوع بعنوان "أفكار في حفظ القرآن" نشر بجريدة الراية القطرية بتاريخ 30 رمضان 1416ه, وهي محاولة لإثبات أن آيات القرآن الكريم المتتابعة أو المتسلسلة تعرّف سابقتها لاحقتها, من ناحية الشكل أو المضمون, وذلك بمعنى أنك تستطيع من نص الآية المعينة معرفة ملامح من نص الآية اللاحقة وبالتالي تساعدك على حفظ الآية من خلال حفظك لسابقتها. إذ غالباً ما يتكرر جزء من شكل الآية المعينة أو جزء من مضمونها في الآية التي تليها. ويتضح ذلك فيما يلي:
أولاً: التكرار في شكل الآية (التسلسل الشكلي):
فمن حيث الشكل نجد أن هناك بعض التعابير والمفردات الخاصة بآية معينة تتكرر في الآية اللاحقة, أو قد نجد بعض الحروف المميزة (منها الحروف اللسانية مثل الثاء والذال أو الحروف الحلقية واللهائية مثل الهاء والقاف والعين) أو غيرها من الحروف الأخرى في الآية المحددة تتكرر في بعض الكلمات الموجودة في الآية اللاحقة وذلك كما في سورة البقرة الآية (11) ﴿وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض.....﴾ والآية (12) ﴿ألا إنهم هم المفسدون﴾ والآية (13) ﴿إلا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون﴾. فنجد تكرار كلمتين متقاربتين هما (تفسدوا) و(المفسدون) في الآيتين (11) و (12) كما نجد تعبير يتكرر مرتين هو (ألا إنهم هم) في الآيتين (12) و(13). كما نجد تكرار حرف الصاد في الآيات (17) و (18) و (19) من سورة البقرة أيضاً حيث جاء فيها على التوالي ﴿وتركهم في ظلمات لا يبصرون﴾ ﴿صم بكم عمي فهم لا يرجعون﴾ ﴿أو كصيب من السماء.....﴾. كذلك نجد من حيث الشكل التوافق والجرس الموسيقي بين بعض الآيات المتتابعة كما في سورة الهمزة ﴿نار الله الموقدة. التي تطلع على الأفئدة﴾. والتتابع من حيث الشكل نجده أيضاً عندما تتحدث الآيات حول أحداث متتابعة كما في سورتي يوسف والكهف أو تتحدث عن خطوات متتابعة مثل موضوع كتابة الدين في سورة البقرة حيث يشير الحدث أو الخطوة إلى الحدث أو الخطوة التالية في الآية اللاحقة أو النص اللاحق.
ثانياً: التكرار في مضمون الآية (التسلسل المضموني):
أما من حيث المضمون فنجد تكرار مضمون واحد في الآيات الأولى من سورة الفاتحة وهو الحديث عن صفات الله تعالى. كما يتكرر المضمون في الآيتين (6) و (7) من سورة البقرة ﴿إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون﴾ ﴿ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم﴾ فكأنما الآية (7) توضح السبب في عدم إيمان الذين كفروا الوارد ذكرهم في الآية (6).
وقد يأخذ التتابع في المضمون أشكالاً مختلفة كأن يكون تتابع تصنيفات وذلك بأن تقسم آيات السورة إلى عدة مجموعات كل مجموعة تتحدث حول موضوع مستقل. وقد يكون هناك رابط واضح بين تسلسل هذه المجموعات كما في سورة الهمزة حيث تتحدث المجموعة الأولى من آياتها مركزة حول تعريف الهمزة اللمزة في حين تتحدث بقية الآيات حول عذابالحطمة الذي ينتظره فيكون الرابط بين المجموعتين هنا هو أن المجموعة الثانية فصلت الويل الذي تتحدث عنه المجموعة الأولى. وقد يكون الرابط بين المجموعات المتتابعة غير واضح كما في سورة البقرة التي تتكون أولاً من مجموعة آيات يبدو الرابط بينها واضحاً حيث تتحدث المجموعة الأولى عن أوصاف المتقين الذين يكون الكتاب هدى لهم ثم تتحدث المجموعة التي تليها عن أوصاف الذين كفروا فيبدو الرابط هنا هو أن الذين كفروا هم نقيض المتقين في حين نجد في موقع آخر من السورة نفسها مجموعتين متتابعتين من الآيات تتحدث كل منهما في موضوع يختلف عن الآخر دون وجود رابط واضح بينهما فنجد المجوعة الأولى تتحدث حول قصة خلق الله تعالى خليفة في الأرض في حين تتحدث المجموعة التالية مباشرة عن بني إسرائيل وهنا يطرح تساؤل للبحث هل حقاً لا يوجد رابط في كثير من الحالات بين مجموعات الآيات المتتالية أم أن هناك رابطاً منطقياً بين كل مجموعة والمجموعات التي تليها قد يكون واضحاً وقد يكون خفياً؟
فهم النص يقود إلى حفظه أو تسهيل الحفظ لحد كبير إلا أنه غالباً لا يستقيم العكس. وهنا يمكن الاستعانة على الفهم بأحد كتب التفسير المشهورة إضافة إلى كتاب حول أسباب النزول وكتاب حول قصص الأنبياء إن وجدت.
لتطبيق هذه الأفكار في حفظ النصوص القرآنية يمكن اتباع الخطوات التالية:


الخطوة الأولى : الاستيعاب:

(1) الاستيعاب الشامل:
وهو يقوم على النظرة الشاملة للسورة فيتم التعامل معها هنا في ملامحها الأساسية التي تتمثل في عنوانها ومجموعات آياتها فيجري فهم المقصود من عنوان السورة ثم بعد ذلك يتم تقسيم آيات السورة إلى مجموعات (أو كتل نصية) مستقلة، لو تعددت موضوعات السورة، تتحدث كل مجموعة منها عن موضوع منفصل ثم محاولة إيجاد رابط بين كل مجموعة والمجموعة التي تليها. بعد ذلك نحاول إيجاد رابط بين هذه المجموعة مجتمعة وبين عنوان السورة متى أمكن ذلك. أما إذا كانت السورة تتحدث حول موضوع واحد فيتم مباشرة وبسهولة ربط موضوعها بعنوانها.

وبالإضافة إلى التصنيف المشهور لموضوعات آيات القرآن الكريم في أنها تتناول العبادات (العلاقة بين العبد وربه) والمعاملات (العلاقة بين العبد والعبد) فبالإمكان دعم هذا التصنيف بتصنيف آخر. ووفقا لذلك يمكن اعتبار أغلب آيات القرآن تتحدث عن (أ) صفات الله تعالى (ب) التعامل أو السلوك ويمكن تصنيفه إلى : 1- تعامل من الله تعالى تجاه خلقه. 2- تعامل من الخلق تجاه بعضهم البعض. والتعامل من الخلق تجاه ربهم ومن الخلق تجاه بعضهم البعض يأخذ صورتين، إما تعاملا إيجابيا كما يحب ربنا ويرضى وإما تعاملا سلبيا يشير إلى ارتكاب المعاصي والمخالفات. أما تعامل الخالق القادر تجاه خلقه فحاشا لله أن يكون سلبيا حيث أنه يوضح للعبد طريق الخير وطريق الشر في حين يتسبب العبد بتعامله الحر في أن يلقى ثوابا أو عقابا.
أما النصوص التي تتحدث عن الرسول(r) فيمكن تصنيفها ضمن التصنيفات السابقة أو وضعها في تصنيف منفرد.
(ج) النتيجة أو الخاتمة (العاقبة أو الجزاء) : وهي نتيجة تعامل الخلق تجاه ربهم أو تعاملهم تجاه بعضهم البعض فأما الثواب بدخول الجنة وأما العقاب بدخول النار مع تصوير أحوال فريق الجنة وفريق النار وأهوال يوم الحشر. كما تشمل النتيجة نهاية أي تصرف فقذف النبي موسى (u) في اليم على التابوت انتهى بأخذ فرعون له.

أما آيات الله ومعجزاته فقد تصنف ضمن صفاته جل وعلا حيث لا أحد يستطيع خلقها إلا إنه يبدو أنها أقرب إلى تصنيف تعامله سبحانه وتعالى مع خلقه حيث يوجد لهم الآيات من أجل إظهار قدرته على كل شيء وبالتالي دفعهم إلى الإيمان رغبا أو رهبا.

(2) الاستيعاب التفصيلي:
وهو الدخول في تفاصيل نصوص الآيات وهي غالبا ما تتحدث عن صفة وموصوف أو عن فعل وأسباب قد يصرح النص عن هذه الأسباب وقد لا يصرح. ويمكن استيعاب النصوص التي تتحدث عن صفات بالمقارنة لمعرفة ما إذا كانت هذه الصفات مشتركة بين الموصوف الذي يتحدث عنه النص وموصوف آخر أم هي صفات متفردة فصفات الله، مثلا، هي دائما صفات متفردة عن بقية صفات الخلق وحتى صفتي السمع والبصر عنده تعالى تختلفان عن صفتي السمع والبصر لدى البشر. أما النصوص التي تتحدث عن أفعال وأسباب ? مع إشارة النص لهذه الأسباب أو عدمها ? فيمكن تصنيف الأفعال فيها إلى تعامل عام أو خطوات (أو أحداث) وفي الحالتين يتم الاستيعاب عن طريق (قاعدة السببية المنطقية/غير المنطقية). فإذا كانت الأفعال عبارة عن تعامل عام نبحث عن السبب أو الأسباب المنطقية/غير المنطقية وراء هذا التعامل سواء كان مصرح بها كما في سورة البقرة حيث ورد في الآيتين(6) و(7) الحديث عن سبب تعامل الكافرين بعدم الإيمان وهو أن الله )ختم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة( أو إذا كانت أسباب التعامل غير مصرح بها في النص كما جاء في سورة العلق )أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى ... الخ( التي تتحدث عن تعامل أبي جهل مع النبي (r) ونهيه له عن الصلاة وتوليه عن الإيمان وهذا التعامل من قبل أبي جهل جاء بسبب كفره وعدم اقتناعه بما جاء به الرسول الكريم (r) وهو أمر لم تصرح عنه الآيات وإنما أشارت رأسا إلى العقاب الذي ينتظره.

أما إذا كانت الأفعال عبارة عن خطوات فإن هذه الخطوات قد تكون خطوة واحدة منفصلة أو تكون خطوات متتابعة وفي الحالتين يمكن الاستيعاب أيضا بقاعدة (السببية المنطقية/غير المنطقية) سواء بمعرفة السبب (أو الأسباب) المنطقي/غير المنطقي وراء الخطوة المنفصلة أو السبب المنطقي/غير المنطقي وراء الخطوات مجتمعة مع متابعة تسلسلها المنطقي. ويمكن التمثيل للحالة الأولى (خطوة منفصلة) بسورة الكهف التي تصرح فيها الآية (2) بالسبب وراء إنزال الله تعالى الكتاب على عبده وهو
)لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً( أما الحالة الثانية (عدة خطوات) فيمكن التمثيل لها بما جاء أيضا في سورة الكهف من خطوات متسلسلة منذ أن أخبر موسى (u) فتاه بأنه لا يبرح حتى يبلغ مجمع البحرين حتى لقائهما بعبد الله (الخضر عليه السلام) وما حدث بعد ذلك.

وبين الموصوف والصفة وبين الفعل والأسباب تبرز إشكالية المفردات الصعبة وكيفية استيعابها وترسيخها في الذهن. وهنا يمكن اعتبار معنى المفردة المعينة توسيعا (أي تفصيل المفردة الواحدة إلى عدة مفردات في شكل نص شارح) قد يكون توسيعا شكليا ( إشتقاق) وقد يكون توسيعا مضمونيا. والتوسيع الشكلي للمفردة هو تفصيلها أو شرحها استنادا على شكلها كما في مفردة (الكوثر) بمعنى الخير الكثير البالغ في الكثرة إلى الغاية وبمعنى كثرة الأصحاب والأمة حيث نجد أن التوسيع هنا استمد من نفس مفردة (الكوثر). أيضا هناك مفردة (سفرة) في سورة عبس )بأيدي سفرة( والسفرة هم الملائكة الذين يسفرون بالوحي بين الله ورسوله وهي من السفارة أي السعي بين القوم. وهنا يتضح التوسيع الشكلي لكلمة (سفرة).

أما التوسيع المضموني للمفردة ? وهو غير المستمد من شكلها ? فيمكن تقسيمه إلى صنفين : توسيع مضموني واضح وتوسيع مضموني مبهم. والتوسيع المضموني الواضح هو الذي يستمد من علاقة واضحة بين مضمون المفردة وشرحها ويمكن التمثيل له بمفردة (العصر) في سورة العصر بمعنى الدهر ? كما جاء في فتح القدير ? فيكون التقاء بين مضمون مفردتي (العصر) و (الدهر) وهو الإشارة إلى الزمن والوقت لدى كليهما. كما هناك لفظة (عطلت) في سورة التكوير )وإذا العشارعطلت( وهي تعني: تركت هملا بلا راع فيكون بدون اهتمام. أما التوسيع المبهم والذي لا يشير إلى علاقة واضحة بين مضمون المفردة وشرحها فيمكن التمثيل له بكلمة (غثاء) في الآية )فجعله غثاءً أحوى( من سورة الأعلى والتي تعني هشيماً جافاً بعد أن كان أخضراً وكلمة (أحوى) أي أسود بعد اخضراره وذلك أن الكلأ إذا يبس أسود. وفي هذا الشرح لهذه المفردات الثلاث لا تبدو هناك علاقة أو إشارة واضحة بين مضمونها وبين التوسيع فيها أو شرحها.

ويبدو أن فكرة الربط والترسيخ من خلال التسلسل الشكلي والمضموني قابلة للتطبيق ليس فقط بين الآيات المتتابعة وإنما أيضا بين فقرات نص الآية المحددة. فبالإمكان تقسيم نص الآية إلى فقرات صغرى مكتملة المعنى لغويا (أي أصغر فقرة في النص تعطي معني كاملا منفصلا) . وهذه الفقرات الصغرى هي غالبا ما تكون متوافقة مع علامات الوقف في المصحف وعليه يمكن ترسيخ نص الآية من خلال متابعة التسلسل الشكلي أو المضموني لهذه الفقرات الصغرى داخل نص الآية الواحدة، وبالتالي يكون التسلسل الشكلي لهذه الفقرات الصغرى هو تكرار تعابير أو كلمات أو حروف بين الفقرات المتتابعة للنص ويكون التسلسل المضموني عبارة عن تكرار مضمون واحد أو أفكار مترابطة بين الفقرات المتتابعة للنص.
ولتطبيق ما ذكرناه آنفا يمكن التمثيل بما يلي:
v الآية (102) من سورة البقرة يمكن تقسيمها إلى فقرات صغرى متكاملة ومتتابعة كما يلي (وفقا لعلامات الوقف في المصحف):
)واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان (1) وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هروت ومروت (2) وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر(3) فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه (4) وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله (5) ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم (6) ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق (7) ولبئس ما شروا به أنفسهم (8) لو كانوا يعلمون(.

يلاحظ أن هذه الآية تنطبق عليها فكرتي التسلسل الشكلي والمضموني على السواء وذلك كما يلي:
أولا التسلسل الشكلي:
- تكرار كلمتي (سليمان) و (الشياطين) الواردتين في الفقرة (1) في الفقرة (2)
- تشابه (يعلمون) في الفقرة (2) مع كلمة (يعلمان) في الفقرة (3) مع ملاحظة أن ألف الاثنين في كلمة (يعلمان) يعود لهروت وماروت الواردين في الفقرة (2).
- تشابه كلمة (فيتعلمون) في الفقرة (4) مع كلمتي (يعلمون) و ( يعلمان) في الفقرتين (2) و (3) مع ملاحظة أن كلمة (منهما) تعود يضا الى هروت وماروت.
- تشابه تعبير (يفرقون به) في الفقرة (4) مع تعبير (بضارين به) في الفقرة (5) في الشكل والمعنى.
- تشابه كلمة (بضارين) في الفقرة (5) مع كلمة (يضرهم) في الفقرة (6).
- تشابه تعبير (ولقد علموا) في الفقرة (6) مع تعبير (ويتعلمون) في الفقرة (5).
- تشابه تعبير (اشتراه) في الفقرة (7) مع تعبير (شروا به) في الفقرة (8)
- تكرار (واو الجماعة) في الفقرة (8) و (واو الجماعة) في الفقرة (9) وهو يشير في كليهما إلى اليهود.
ثانيا التسلسل المضموني:
- جاء في كتاب "صفوة التفاسير" أن ما ورد في الفقرة (1) يعني أن اليهود اتبعوا طرق السحر والشعوذة التي كانت تحدثهم بها الشياطين في عهد ملك سليمان.
- الفقرة (2): تشير إلى أن الذي حدث في الفقرة (1) ليس بسبب أن سليمان كان ساحرا أو أنه كفر بتعلمه السحر " صفوة التفاسير" وإنما بسبب اتباع اليهود لما تتلوا عليهم الشياطين وما أنزل على الملكين وهو السحر.
- الفقرة (3): تحدثت عن هروت ومروت الواردين في الفقرة (2) وأوضحت أنهما ما يعلمان أحدا من الناس السحر حتى يبذلا له النصيحة ويقولا إن هذا الذي نصفه لك إنما هو امتحان من الله وابتلاء فلا تستعمله للإضرار ولا تكفر بسببه فمن تعلمه ليدفع ضرره عن الناس فقد نجا ومن تعلمه ليلحق ضرره بالناس فقد هلك وضل "صفوة التفاسير".
- الفقرة (4) : توضح أن اليهود يتعلمون من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه وتشير بذلك إلى أن اليهود بفعلهم هذا استخدموا السحر للإضرار بالناس.
- الفقرة (5) : توضح أن ما ورد في الفقرة (4) من فعل لا يقع ضرره بأحد إلا إذا شاء الله.
- الفقرة (6): توضح أكثر ما جاء في الفقرة (5) وهو أن اليهود بتعلمهم السحر يضرون أنفسهم أيضا وليس غيرهم فقط.
- الفقرة (7) : تفصل أكثر الضرر الذي يصيب اليهود حيث أنهم يعلمون أنهم بنبذهم كتاب الله واستبداله بالسحر ليس لهم حظ من رحمة الله ولا من الجنة لأنهم آثروا السحر على كتاب الله " صفوة التفاسير".
- الفقرتان (8) و (9) تعلقان على هذا الشيء الذي باعوا به أنفسهم وتصفانه بأنه شيء سيئ لو كان لهم علم أو فهم وإدراك.
v الآية (60) من سورة البقرة: يمكن تقسيمها أيضاً إلى فقرات صغرى متكاملة ومتتابعة كما يلي (أيضا وفقا لعلامات الوقف في المصحف): )وإذ استسقى موسى لقومه/ فقلنا اضرب بعصاك الحجر/ فانفجرت من اثنتا عشرة عيناً/ قد علم كل أناس مشربهم/ كلوا واشربوا من رزق الله و لاتعثوا في الأرض مفسدين(.
يلاحظ أن التسلسل الواضح بين فقرات نص هذه الآية هو تسلسل مضموني حيث أن كل فقرة تمثل خطوة (أو حدث) متسلسلة مرتبطة بما قبلها وما بعدها. كما يلاحظ هناك تسلسلا شكليا يتمثل في تكرار بعض الكلمات والتعابير المتشابهة بين الفقرات.

وبالمقابل فقد يتناول نص الآية الواحدة أكثر من موضوع ولا تكون هناك أشكالا لغوية مكررة وبالتالي يصعب تطبيق فكرة التسلسل الشكلي والمضموني.

وهناك مسألة الترسيخ لخواتيم الآيات المتشابهة والتي غالبا ما تكون عبارة عن صفات لله تعالى مثل (سميع بصير/ عليم حكيم) أو مخاطبة للناس أو المؤمنين مثل (لعلكم تتقون/ لعلكم تعقلون). وهذه الخواتيم هي غالبا ما تتماشى مع معنى نص الآية (مثل خاتمة الآية (102) من سورة البقرة المذكورة آنفا) وهنا يجب الاستعانة بكتاب تفسير لربط خاتمة الآية مع بقية نصها.


الخطوة الثانية: الترسيخ (الحفظ):

وهو المرحلة الثانية والأساسية في عملية حفظ النصوص القرآنية وهو تثبيت النصوص في الذاكرة وفقا لما ذكرنا حيث يتم ترسيخ أو حفظ نص الآية المعنية استنادا على ما ورد في نص الآية السابقة لها شكلا أو مضمونا. وبتطبيق هذه الخطوة الأخيرة يكون الحفظ قد تم بعد الفهم الذي يساعد كثيرا على الحفظ كما ذكرنا.
لتطبيق ما ذكرناه من أفكار في حفظ القرآن نورد فيما يلي بعض النماذج من سور القرآن الكريم ونسأل الله التوفيق في ذلك.

النموذج الأول


سورة الملك



الخطوة الأولى: الاستيعاب:

(أ) الاستيعاب الشامل العام:
1- العنوان واسم السورة: الملك هو ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة "كتاب: كلمات القرآن".
2- تصنيف الآيات إلى مجموعات: المجموعة الأولى يمكن اعتبارها من الآية (1) حتى الجزء الأول من الآية (5) (وجعلناها رجوماً للشياطين ...) وتتحدث حول آيات الله وصفاته .. المجموعة الثانية من الجزء الثاني من الآية (5) (وأعتدنا لهم عذاب السعير) وحتى الآية (12) وتتحدث عن نتيجة وعاقبة تعامل الشياطين والذين كفروا مقابل الذين يخشون ربهم بالغيب مع الله تعالى الذي خلقهم عبر آياته وصفاته المشار إليها أعلاه مع تفصيل حول ما يحدث للكافرين بعد أن يلقوا في النار. المجموعة الثالثة من الآية (13) حتى الآية (22) تتحدث عن بعض صفات الله تعالى وآياته عبر مخاطبته الخلق عموما موضحا علمه بهم ثم مخاطبته كفار مكة متوعدا لهم. المجموعة الرابعة والأخيرة والتي تبدأ من الآية (23) وحتى الآية الأخيرة (30) فتتحدث عن تعامل سلبي من قبل الكافرين تمثل في شكل حوار بينهم وبين الرسول صلي الله عليه وسلم أوضح لهم فيه كفرهم وتكذيبهم بوعد الله تعالى رغم آياته الواضحة في أنفسهم.

ويمكن اعتبار الرابط بين هذه المجموعات الأربع هو إنها في مجملها تعبر عن شكلين من التعامل: تعامل من الله تعالى تجاه الخلق ( توضيح آياته لهم) وتعامل من الخلق تجار ربهم (سلبي وإيجابي) فالمجموعات الأربع تتحدث عن آيات وصفات الله تعالي ثم عن تعامل سلبي من البشر تجاه ربهم وآخر إيجابي ثم آيات وصفات الله وأخيرا تعامل سلبي.

أما الرابط بين مجموعات الآيات واسم السورة فيمكن تحديده في أنه وبرغم وضوح ملك الله تعالى بجلاء في آياته إلا أن البشر منهم الكافرون والمكذبون ومنهم الذين يخشون ربهم.

(ب) الاستيعاب التفصيلي:
ويتم باستخدام (قاعدة المقارنة) عند وجود صفة وموصوف و (قاعدة السببية المنطقية/غير المنطقية) عند وجود فعل وأسباب مع بيان معاني المفردات الصعبة.


الخطوة الثانية: الترسيخ(الحفظ):

وهو حفظ نص الآية المعنية من مؤشرات وملامح نص الآية السابقة لها وذلك بمراعاة مجموعات الآيات وكما يلي (مع الاستعانة بالمصحف وورقة وقلم لو أمكن):
1- المجموعة الأولى ( الآيات 1-5):
)تبارك الذي بيده الملك ... ( (1): تسلسل شكلي يتمثل في تكرار كلمة (الذي) في الآية اللاحقة.
)الذي خلق الموت والحياة .. ( (2) وتكرار كلمتي (الذي خلق) في الآية اللاحقة )الذي خلق سبع سماوات ... فارجع البصر ...( (3) وتكرار تعبير (ارجع البصر ) في الآية اللاحقة.
)ثم ارجع البصر ... ( (4). في الآية (5) يوجد تسلسل مضموني وشكلي حيث تتحدث عن السماء الدنيا وهو مواصلة للحديث عن السماوات السبع في الآية (3) باعتبار الآية (4) تكملة للآية (3) من حيث تناولها لموضوع إرجاع البصر.

2- المجموعة الثانية (الآيات من 5-12)
هذه المجموعة فيها تسلسلان مضموني وشكلي: المضموني يتمثل في أنها توضح إن عذاب النار ليس للشياطين وحدهم وإنما أيضا للذين كفروا بربهم وفي المقابل المغفرة والأجر الكبير للذين يخشون ربهم بالغيب.
أما التسلسل الشكلي للمجموعة فيتمثل في تكرار بعض الألفاظ والتعابير عندما تستعرض المجموعة ما يحدث للذين كفروا في النار وذلك كما يلي :
) وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم .. ( (6) تكررت كلمة (عذاب) في الآيتين (5) و (6).
) إذا ألقوا فيها .. ( (7) كلمة (فيها) ترجع إلى (جهنم) في الآية السابقة.
) كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير( (8) (ألقوا فيها ) و (ألقي) متكررة في الآيتين (7) و (8).
الآية (9) فيها تسلسل مضموني عبارة عن الإجابة على السؤال الوارد في الآية (8) كما فيها تسلسل شكلي يتمثل في تكرار كلمة (نذير) الواردة في الآية (8).
الآية (10) فيها تسلسل مضموني تمثل في أنها توضح السبب في تكذيب الذين كفروا الوارد في الآية (9) وهو عدم سمعهم وعدم تفكيرهم بعقولهم. كما فيها تسلسل شكلي تمثل في مفردة (قالوا) الواردة في الآية (9).
(أصحاب السعير) تكررت في الآيتين (10) و (11).
) إن الذين يخشون ربهم بالغيب ... ( (12)، تحول التتابع هنا بين الآيات إلى تتابع مضموني حيث يكون الذين يخشون ربهم نقيضا لأصحاب السعير.

3- المجموعة الثالثة (الآيات 13-22) :
الآية (13) كأنها تحكي عن تسلسل مضموني تمثل في توضيح أن السبب في خشية الله بالغيب كما ورد في الآية (12) هو العلم بأنه عليم بذات الصدور في السر أو الجهر، )وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور( (13).
)ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير( (14)، تكرر مضمون المصدر (العلم) في كلمتي (عليم) في الآية (13) و (يعلم) في الآية (14) و (15).
) أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور((16) تكرر لفظ (الأرض في الآيتين (15) و (16) وتغيير حالة الأرض من (ذلول) بمعنى ساكنة ذليلة إلى (تمور) بمعنى تضطرب وتتحرك.
)أم أمنتم من في السماء .. كيف نذير( (17) تكرار تعبير )أمنتم من في السماء( في الآيتين (16) و (17).
)ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير( (18) تكرار تعبيرين متشابهين في الآيتين (17) و (18) هما (كيف نذير) و (فكيف كان نكير).
)أولم يروا ... إلا الرحمن( (19) تواصل الحديث حول (الذين من قبلهم) الوارد ذكرهم في الآية (18).
)أمن هذا الذي ... من دون الرحمن .. ((20) تكرار لفظ (الرحمن) في الآيتين (19) و (20).
)أمن هذا الذي .. ( (21) تكرار صيغة السؤال (أمن هذا الذي) في الآيتين (20) و 21).
)أفمن يمشي مكباً .. أمن يمشي سوياً .. ( (22) تشابه صيغتي السؤال (أمن) و (أفمن) في الآيتين (21) و (22).

4- المجموعة الرابعة (الآيات 23-30):
)قل هو الذي أنشأكم ... قليلاً ما تشكرون( (23) تكرار حرف الشين في الفعل (يمشي) في الآية (22) وكلمتي (أنشأكم) و (تشكرون) في الآية (23) كأنها تحكي عن تسلسل مضموني يتمثل في أن السمع والأبصار والأفئدة هي المعين على اتباع الصراط المستقيم وهي نقيض لحالة الانكباب على الوجه الواردة في الآية السابقة (22).
)قل هو الذي .. وإليه تحشرون( (24) تكرار تعبير (قل هو الذي ) في الآيتين.
)ويقولون متى هذا الوعد ... ( (25) الحديث عن يوم القيامة في لفظ (تحشرون) في الآية (24) ولفظ (الوعد) في الآية (25).
)قل إنما العلم عند الله ... ( (26) التشابه بين لفظي (ويقولون) في الآية (25) مع (قل) في الآية (26) مع ملاحظة أن (قل) هي إجابة على السؤال الوارد في الآية السابقة كما نلاحظ استمرار الحديث عن يوم الحشر.
)قل أرأيتم .. أو رحمنا( (28) تشابه لفظي (قيل) في الآية (27) و (قل) في الآية (28). استمرار الحديث حول الوعد وتوضيح حال الكافرين عند وقوعه.
)قل هو الرحمن آمنا به... ( (29) التشابه بين (رحمنا) في الآية (28) و (الرحمن) في الآية (29).
)قل أرأيتم ... فمن يأتيكم بماء معين( (30) تكرار لفظي (قل) في الآيتين (29) و (30) وتشابه عبارة (فلما رأوه) في الآية (27) مع عبارة )قل أرأيتم ( في الآية (28) من حيث أن حرف الفاء "شقيق" حرف القاف ولو أخذنا الحرفين الأولين في لفظ (فلما) واستبدلنا الفاء قافا أصبحت الكلمة (قل) كما أن لفظي (رأوه) و(أرأيتم) يلتقيان في مصدر الفعل.
هناك تشابه بين عبارة )وجوه الذين كفروا( في الآية (27) وعبارة (يجير الكافرين) في الآية (28) من حيث تكرار الحرف (ج) في الكلمتين الأولتين مع وجود حرف متكرر في كل منهما هو (و) في الكلمة الأولى و(ي) في الكلمة الثانية. أما (الذين كفروا) و(الكافرين) فهي إشارة لشيء واحد.
كما أن من يأتيهم بماء معين هو (الرحمن) الوارد ذكره في الآية السابقة.


النموذج الثاني
سورة يس


النموذج الثاني الذي نحاول فيه تطبيق ما أوردنا من أفكار هو سورة يس.
بتوفيق من الله, أيضاً, ثم بالاستعانة بتفسير سورة يس الوارد في كتاب (صفوة التفاسير) للشيخ محمد علي الصابوني نحاول تطبيق الأفكار المذكورة سالفا وفق للخطوات المشار إليها فيها وهي كما يلي:


الخطوة الأولى : الاستيعاب ويشمل:

(1) الاستيعاب الشامل:
ويتم بإلقاء نظرة شاملة على السورة لمعرفة ملامحها الأساسية المتمثلة في اسم السورة ومعناها وموضوع السورة العام ومجموعات آياتها والمواضيع التي تتناولها (أشرنا إلى أنها عموما تتناول "أ" صفات الله تعالى أو صفات مخلوقات . "ب" التعامل أو السلوك. "ج" النتيجة أو الخاتمة) ثم الربط بين إسمها وموضوعها العام وبين موضوعها العام ومجموعات آياتها متى أمكن ذلك.


(2) الاستيعاب التفصيلي:
ويتم بالدخول في تفاصيل نصوص الآيات وهي كما أشرنا غالبا ما تتحدث عن صفة وموصوف أو فعل وأسباب لهذا الفعل أو نتائج مع تحديد معاني المفردات الصعبة.


الخطوة الثانية: الترسيخ (الحفظ):

وهو تثبيت نصوص الآيات في الذاكرة حيث يتم حفظ نص الآية المعنية إستنادا على ملامح مما ورد في نص الآية السابقة لها شكلا أو مضمونا.
والآن ننتقل إلى تطبيق هذه الخطوات عمليا في سورة يس.


الخطوة الأولى: الاستيعاب:

(1) الاستيعاب الشامل:
بإلقاء نظرة شاملة على السورة نجد أن الملامح الأساسية للسورة والمتمثلة في اسمها وموضوعها ومجموعات آياتها والرابط بينها هي كما يلي:

"أ" اسم السورة ومعناه: ورد في (صفوة التفاسير) أن "يس" هي للتنبيه على إعجاز القرآن الكريم وأنه مصولغ من جنس هذه الحروف الهجائية التي يعرفها العرب ولكن نظمه البديع المعجز دليل على كونه من عند الله. وقال ابن عباس (t) : معنى "يس" يا إنسان في لغة طئ، وقيل هو اسم من أسماء النبي (r) وقيل معناه يا سيد البشر.

"ب" موضوع السورة العام: جاء أيضا في كتاب (صفوة التفاسير) أن سورة يس تناولت بشكل عام ثلاثة مواضيع أساسية هي (الإيمان بالبعث والنشور وقصة أهل القرية والأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين).
"ج" مجموعات آيات السورة "صفوة التفاسير":
v أولا: ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالقرآن العظيم على صحة الوحي وصدق رسالة محمد (r) ثم تحدثت عن كفار قريش، الذين تمادوا في الغي والضلال وكذبوا سيد الرسل محمد بن عبد الله، فحق عليهم عذاب الله وانتقامه.
v ثم ساقت قصة أهل القرية (أنطاكية) الذين كذبوا الرسل، لتحذر من عاقبة التكذيب بالوحي والرسالة، على طريق القرآن في استخدام القصص للعظة والاعتبار.
v وتحدثت السورة عن دلائل القدرة والوحدانية، في هذا الكون العجيب، بدءا من مشهد الأرض الجرداء تدب فيها الحياة، ثم مشهد الليل ينسلخ منه النهار فإذا هو ظلام دامس، ثم مشهد الشمس الساطعة تدور بقدرة الله في فلك لا تتخطاه، ثم مشهد القمر يتدرج في منازله، ثم مشهد الفلك المشحون يحمل ذرية البشر الأولين، وكلها دلائل باهرة على قدرة الله جل وعلا.
v وتحدثت عن القيامة وأهوالها، وعن نفحة البعث والنشور التي يقوم فيها الناس من القبور، وعن أهل الجنة وأهل النار، والتفريق بين المؤمنين والمجرمين في ذلك اليوم الرهيب حتى يستقر السعداء في روضات النعيم والأشقياء في درجات الجحيم.
v وختمت السورة بالحديث عن الموضوع الأساسي وهو موضوع (البعث والجزاء) وأقامت الأدلة والبراهين على حدوثه.
"د" مجموعات آيات السورة: "المؤلف":
يمكننا تقسيم آيات سورة يس بالإضافة إلى التصنيف السابق والوارد في (صفوة التفاسير) إلى المجموعات التالية حسب تصنيفنا العام لمواضيع نصوص الآيات (أو مواضيع النص بصفة عامة سواء كان مسموعاً أو مقروءاً) حيث أشرنا إلى أنها تتناول صفات أو تعامل أو نتيجة تعامل، وعليه تكون مجموعات الآيات كما يلي:

1/المجموعة الأولى (الآيات 1-5):
تتحدث عن الرسول (r) من خلال القسم على صدق رسالته.

2/المجموعة الثانية (الآيات 6-12):
تتحدث عن تعامل سلبي من كفار قريش بتكذيبهم سيد الرسل (r) فحق عليهم عذاب الله وانتقامه.

3/المجموعة الثالثة (الآيات 13-32):
تتحدث عن تعامل سلبي من أهل القرية تمثل في تكذيبهم الرسل وقتلهم الداعية (حبيب النجار) الذي نصحهم.

4/المجموعة الرابعة (الآيات 33-44)
تتناول صفات الله تعالى بحديثها عن دلائل قدرته في الأرض الجرداء تدب فيها الحياة والليل ينسلخ منه النهار ودوران الشمس والقمر والفلك المشحون.

5/ المجموعة الخامسة (الآيات 45-54):
تتحدث عن تعامل سلبي من الكفار تمثل في إعراضهم عن آيات الله وعدم إنفاقهم وعدم تصديقهم بوعد الله مع تصوير حالهم عند النفخ في الصور.

6/ المجموعة السادسة (الآيات 55-58):
تتحدث عن نتيجة وعاقبة إيمان المؤمنين وما أعد الله لهم ولأزواجهم في الجنة.



7/ المجموعة السابعة (الآيات 59- 70):
تتحدث عن نتيجة وعاقبة كفر الكافرين المجرمين وتمييز الله تعالى لهم عن المؤمنين وتحديد السبب وراء هذا التمييز وصورة هذا التمييز.

8/ المجموعة الثامنة (الآيات 71-76)
تتحدث عن التعامل السلبي من قبل كفار مكة بشكل خاص (تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي) حيث أنهم كفروا برغم الأنعام التي ذللها الله لهم.

9/المجموعة التاسعة (الآيات 77-83):
تتحدث عن التعامل السلبي من قبل الكافر بصورة عامة (تفسير الشيخ الشعراوي) برغم آيات الله الواضحة في خلقة من نطفة.

"ه" الرابط بين اسم السورة وموضوعها العام:
يمكن أن يكون الرابط بينهما هو أن "يس" تشير إلى إعجاز القرآن الذي هو أيضا من الأدلة والبراهين على وحدانية الله كتلك التي أوردتها السورة. كما يمكن أن يكون الرابط هو أن "يس" سيد البشر أرسله الله تعالى لينذر قومه ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان عن طريق لفت إنتباهم إلى آيات الله التي يعيشونها في واقعهم.

"و" الرابط بين الموضوع العام للسورة ومجموعات آياتها:
كما أوضحنا سابقا فإن هذا الرابط قد لا يتوفر في كل سورة بشكل واضح حيث أن السورة قد تحتوي على عدة مواضيع لا يوجد رابط، أو تسلسل واضح بينها وهنا يمكن الاكتفاء بتحديد موضوعات مجموعات الآيات ومحاولة حفظها كما هي دون تحديد رابط أو تسلسل بينها.

أما فيما يختص بسورة "يس" فإن الرابط بين الموضوع العام وبين مجموعات آياتها يمكن اعتباره بوجه عام في أن يس سيد البشر قد بعثه الله رسولا ليهدي الناس إلى الإيمان بالله من خلال الإيمان بالبعث والنشور وسرد قصة أصحاب القرية وتكذيبهم الرسل ثم توضيح الأدلة على قدرة الله تعالى.

أما بشكل أكثر تفصيلا، فيمكن اعتبار الرابط، في أن السورة أوردت رسالة محمد (r) وتكذيب قومه (كفار قريش) له ثم ربطها مع رسالة المرسلين إلى القرية وتكذيب قومهم لهم ثم أشارت أولا إلى بعض دلائل قدرة الله المعاشة ثم تحدثت بعد ذلك عن أهوال يوم القيامة والبعث والجزاء وكأنها تريد بذلك أن تقدم دليلا آخر على قدرة الله أكثر إقناعا.

(2) الاستيعاب التفصيلي:
وهنا يتم الدخول في تفاصيل نصوص الآيات مع استخدام كتاب تفسير لشرح المفردات والمعاني غير الواضحة. فإذا كان نص الآية يتحدث عن صفة وموصوف يتم الاستيعاب بالمقارنة لتوضيح ما إذا كانت هذه الصفة أو الصفات موجودة لدى موصوف آخر مشابه (خارج النص غالبا). أما إذا كان النص يتحدث عن فعل وأسباب فيتم الاستيعاب بتوضيح ما إذا كانت هذه الأسباب منطقية تؤدي لوقوع هذا الفعل أم غير منطقية أما المفردات الصعبة فيتم التعامل معها عبر قاعدة التوسع الشكلي أو المضموني في معنى المفردة التي أشرنا إليها سابقاً.





وفيما يلي نورد بعض الأمثلة لتطبيق ما ذكرناه آنفا في سورة يس:

(أ) نصوص تتحدث عن موصوف وصفات:
1/ الآية (32): )إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيءٍ أحصيناه في إمامٍ مبينٍ(.
2/ الآيات (36-37-38) : )سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون () وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون () والشمس تجري لمستقرٍ لها ذلك تقدير العزيز العليم( فالآيات السالفة تتحدث جميعها عن موصوف هو الله جل وعلا وصفاته المتمثلة في مقدرته على الأفعال التي ذكرتها الآيات مع ملاحظة أن (العزيز العليم) في الآية الأخيرة هما صفتان في شكل أسماء. ويتم استيعاب هذه النصوص بإجراء مقارنة مع أي موصوف (خالق) آخر في الكون غير الله تعالى يمكن أن تتواجد فيه هذه الصفات فنجده سبحانه وتعالى عما يصفون وهو بالتالي يتفرد بهذه الصفات تفردا تاماً.

(ب) نصوص تتحدث عن أفعال وأسباب:
1/ الآيتان (5-6): )تنزيل العزيز الرحيم () لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون( تتحدث الآيتان عن فعل "تنزيل الله لكتابه الكريم" والسبب من ورائه وهو لينذر به ? محمد ? "قوما ... "
2/ الآيتان (20-21) : )وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين () اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون(. تشير إلى سببين وراء الفعل الذي قام به الرجل ? دعوة قومه لاتباع المرسلين ? هما أن هؤلاء المرسلين (لا يطلبون منهم أجرا وأنهم مهتدون غير مضلين).

ويتم استيعاب هذه النصوص بتحديد ما إذا كانت الأسباب وراء الأفعال المذكورة منطقية أم غير منطقية حيث نجد أنها منطقية بل قوية المنطق وخاصة ما جاء في الفقرة (1) وحاشا لله تعالى أن تكون أفعاله غير منطقية.

(ج) المفردات الصعبة:
يمكن تطبيق (قاعدة المفردات الصعبة) بتحديد ما إذا كان التوسع المفسر للمفردة توسعا شكليا أو مضمونيا مع ملاحظة أن التوسع المضموني لمعنى الكلمة قد يكون غير واضح وعندئذ يتم استيعاب معنى المفردة بربطها بالنص الذي وردت فيه أو أي نص آخر راسخ في الذهن.

وفيما يلي نورد بعض الأمثلة كما جاء في "صفوة التفاسير و كلمات القرآن : تفسير وبيان" :
1/ توسع شكلي: ويستمد من شكل المفردة المفسرة ويكون واضحا : تطيرنا: تشاءمنا, والتطير التشاؤم وأصله من الطير إذا طار إلى جهة اليسار تشاءموا به.
العرجون: من الانعراج وهو الانعطاف. والعرجون: عود عذق النخلة الذي فيه عناقيد التمر، قال الجوهري: هو أصل العذق الذي يعوج وتقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا.
نعمره: التعمير إطالة العمر حتى يبلغ سن الشيخوخة (صفوة التفاسير).

(أ) توسع مضموني واضح: وهنا يكون المضمون الذي تم التوسع فيه بمعنى الكلمة واضحا. ونمثل فيما يلي: ننكسه : التنكيس : قلب الشيء رأسا على عقب، يقال نكست الشيء نكسا إذا قلبته على رأسه (كلمات القرآن) مضمون التنكيس يشير إلى حفظ الشيء والتقليل منه وهو شبيه بقلب الشيء.

فلا صريخ لهم: فلا مغيث لهم من الغرق (كلمات القرآن) مضمون الصراخ يشير إلى الاستغاثة.
ذللناها لهم : صيرناها مسخرة منقادة لهم (كلمات القرآن) التقاء مضمون التذلل والخضوع مع مضمون الانقياد والضعف.

(ب) توسع مضموني غير واضح: أغلالا: جمع غل وهو القيد يوضع في اليد (صفوة التفاسير) وقد تشد به اليد مع العنق. التوسع المضموني هنا غير واضح إلا أنه يتم استيعاب معنى اللفظة يربطها بالنص الذي وردت فيه في الآية المعنية أو أي نص آخر يكون راسخا في الذهن.

الخطوة الثانية: الترسيخ (الحفظ):

* الآيات (1-5) (المجموعة الأولى): تعبر عن تسلسل شكلي تمثل في تشابه أواخر مقاطع الكلمات الأخيرة للآيات (الجرس الموسيقي) حيث تلتقي كلها في الياء والنون أو الياء والميم.

* الآية (6) (بداية المجموعة الثانية): تعبر عن تسلسل مضموني للآية السابقة حيث توضح السبب في نزول القرآن الكريم من رب العالمين.
* الآيات (7-9) : تسلسل شكلي تمثل في تشابه عبارة (فهم غافلون) في الآية (6) مع عبارة (فهم لا يؤمنون) في الآية (7) وعبارة (فهم مقمحون) في الآية (8) وعبارة (فهم لا يبصرون) في الآية (9). وهناك تسلسل شكلي حرفي تمثل في تكرار حرفي القاف والميم في الآيات (6-7-8) كما أن في آيات (7-8-9) تسلسل مضموني تمثل في تصويرها للحال التي كان عليها الذين أنزل عليهم القرآن والتي جعلتهم لا يؤمنون. كما أن هناك تسلسل شكلي في الآية (9) عبارة عن تكرار كلمة (جعلنا) الواردة في الآية السابقة.
* الآية (10) : تسلسل شكلي في تشابه عبارة (لا يؤمنون ) في الآية (10) مع عبارة (لا يبصرون) في الآية (9) مع ملاحظة أن ( عدم الإبصار ) يعتبر كناية عن عدم الإيمان.
* الآية (11) : تسلسل شكلي في تشابه (تنذر) فيها مع (تنذرهم) في الآية (10) .
* الآية (12) تسلسل شكلي في تشابه لفظ (إنما) في الآية (11) مع (إنا) في الآية (12) حيث تصبحان كلمة واحدة لو حذفنا الميم الموجودة في (إنما) كما هناك تشابه تركيبي موسيقي بين (أجر كريم) في الآية (11) وبين (إمام مبين) في الآية (12).
* الآية (13) (بداية المجموعة الثالثة) : تسلسل مضموني حيث أن السورة بعد توضيحها لحال كفار قريش وعدم تصديقهم لرسالة محمد (r) تناولت قصة أصحاب القرية وعدم تصديقهم للرسل وهي تربط بين الحالتين.
* الآيات (14-27): فيها تسلسلان، الأول مضموني عام عبارة عن سرد لأحداث ووقائع متسلسلة تمثلت في حوارين بين المرسلين وأصحاب القرية وبينهم والرجل الذي جاء من أقصا المدينة (حبيب النجار) ويتم استيعابها جميعها باعتبارها خطوات تقود الواحدة لما بعدها . أما التسلسل التفصيلي لهذه الآيات فهو شكلي ومضموني وذلك كما يلي:
· الآية (14) : تشابه عبارة (إذ جاءها المرسلون) في الآية (13) مع عبارة (إذ أرسلنا إليهم) في الآية (14) إضافة إلى تكرار كلمة (المرسلون) في الآية (13) و (مرسلون) في نهاية الآية (14).
· الآية (15): تكرار وصفين متعاكسين (متناقضين) هما: (فقالوا إنا إليكم مرسلون) في الآية (14) مع (قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا) في الآية (15) مع ملاحظة تكرار مصدر (الكذب) في لفظي (فكذبوهما) في الآية (14) و (تكذبون) في الآية (15) إضافة لتكرار لفظ (قالوا) في الآيتين.
· الآية (16): فيها تسلسل مضموني تمثل في ورود كلمة (ربنا) فيها كبديل لكلمة (الرحمن) في الآية (15) . كما أن الآيتين (16) و (17) تعتبران رداً على ما جاء في الآية (15) يشير إلى أن (الرحمن) نفسه الذي زعم أهل القرية أنه لم ينزل شيء يعلم أن هؤلاء الرجال مرسلون وما عليهم إلا البلاغ المبين.
· الآية (18): بها تسلسل مضموني حيث تشير إلى أن أهل القرية عجزوا عن مجاراة المرسلين وردودهم وحجتهم فأرادوا اللجوء إلى أسلوب آخر هو أسلوب التشاؤم والتهديد بالأذى والعذاب.
· الآية (19): تسلسل شكلي تمثل في تكرار عبارة (طائركم معكم) في الآية (19) مع عبارة (تطيرنا بكم) في الآية (18).
· الآية (20): تسلسل مضموني تمثل في أن مجيء الرجل (حبيب النجار) تم في الوقت المناسب حين تأزم الموقف بين المرسلين وأهل القرية الذين كادوا أن يوقعوا بالمرسلين وينفذوا تهديدهم لهم. أيضا تسلسل شكلي تمثل في تكرار (قوم) في الآية (20).
· الآية (21): تسلسل شكلي في تكرار عبارة (اتبعوا) في الآية (21). كما أن الآية (21) توضح السبب وراء دعوة (حبيب النجار) قومه لاتباع المرسلين وهو أنهم لا يسألونهم أجرا وإنهم مهتدون.
· الآيات (22-24): تسلسل مضموني حيث أن (حبيب النجار) تجرأ وأوضح لأهل القرية موقفه الشخصي من المرسلين بعد أن أوضح لهم رأيه فيهم. وكأنه أراد من هذا التجرؤ وكشف حقيقة موقفه الإيجابي أن يكون سببا قويا لإقناع أهل القرية باتباع المرسلين. كما أن هذه الآيات توضح الأسباب وراء موقف (حبيب النجار) الإيماني هذا.
· الآية (25): تسلسل شكلي تمثل في تكرار كلمة (إني) في الآية (25) كما يوجد تسلسل مضموني تمثل في أن الآية (25) تؤكد إيمان (حبيب النجار) وهي حالة مناقضة للحالة السابقة وهي حالة (الضلال المبين).
· الآيات (26-27): تسلسل مضموني تمثل في توضيح الثواب العظيم الذي كوفئ به (حبيب النجار) بسبب إيمانه وتحديه لأهل القرية بقوله (فاسمعون) وتفصل الآية (27) هذا الثواب وهو أن الله غفر له وجعله من المكرمين.
· الآيتان (28-29): تسلسل مضموني حيث تشيران إلى نهاية قصة أصحاب القرية والداعية (حبيب النجار) وتوضحان أن الله تعالى لم ينزل على قوم (حبيب النجار) بعده جند من السماء وإنما قضى عليهم بالصيحة الواحدة. أما شكليا فالتسلسل يتمثل في تكرار عبارتي (قومي) في الآية (26) و (قومه) في الآية (28).
· الآية (30): فضلا عن التسلسل المضموني في هذه الآية حيث أنها تقيّم الموقف عموما وتبدي الحسرة على العباد في الاستهزاء بالرسل وتكذيبهم فإن بها أيضا ما يعتبر تسلسلا شكليا وهو تشابه عبارتي (إلا كانوا) في الآية (30) مع (إن كانت إلا) في الآية (29).
· الآيتان (31-32): تسلسل مضموني حيث تبديان التعجب على إستهزاء العباد بالرسل على الرغم من أن الله أهلك من سار قبلهم من القرون على نفس النهج وأنهم جميعا يرجعون إلى الله يوم القيامة.
* الآيات (33-46): (بداية المجموعة الرابعة) عبارة عن تسلسل مضموني عام تمثل في إشارة الآيات إلى أن حال الكفار والمشركين لم ينحصر فقط في تكذيب الرسل كما أوضحت الآيات السابقة وإنما تمثل أيضا في إعراضهم عن آيات الله الواضحة بينهم والتي أشارت إليها الآيات بل إنهم تمادوا أكثر من ذلك بأن كذبوا صراحة بوعد الله فقالوا (متى هذا الوعد).
أما التسلسل التفصيلي لهذه المجموعة من الآيات فيمكن الإشارة إليه كما يلي:
· الآية (33): تسلسل مضموني حيث تعتبر البداية لاستعراض آيات الله التي كذب بها الكفار.
· الآية (34): تسلسل مضموني حيث توضح الآية شيء آخر مما أخرجه الله تعالى من الأرض الميتة بعد إحيائها وهو جنات النخيل والأعناب وعيون الماء. وتسلسل آخر في التشابه بين عبارة (وجعلنا فيها) في الآية (34) وعبارة (وأخرجنا منها ) في الآية (33).
· الآية (35): تسلسل مضموني تمثل في توضيح الحكمة من إحياء الله الأرض الميتة بالحب والفواكه والغاية من ذلك وهي شكر الله تعالي.
· الآية (36): تسلسل مضموني حيث تعتبر الآية ختم لموضوع إحياء الأرض الميتة الذي ضربه الله مثلا وفيها تسبيح لله تعالى في إحياء الأرض الميتة وخلق الأزواج.
· الآية (37): تسلسل مضموني حيث تتحدث الآية عن آية أخرى من آيات الله ومعجزاته بعد حديث الآيات السابقة عن آية إحياء الأرض الميتة وهي سلخ النهار من الليل وآية الظلام التي تنتج عن ذلك.
· الآية (38): تسلسل مضموني حيث أوردت الآية الحديث عن الشمس وجريانها بشكل مستقر مما ينتج عنه آية النهار التي أشارت إليها الآية السابقة.
· الآية (39): تسلسل مضموني حيث تحدثت الآية عن القمر ومنازله بعد أن تحدثت الآية السابقة عن الشمس وجريانها.
· الآية (40): تسلسل مضموني حيث جمعت بين كل ما ورد في الآيات الثلاث السابقة فتحدثت عن الشمس والقمر والليل والنهار.
· الآية (41): تسلسل مضموني تمثل في الحديث عن آية ثالثة من آيات الله وهي الفلك في البحار. أما التسلسل الشكلي فنجده في تكرار كلمة (الفلك) في الآية (41) مع كلمة (فلك) في الآية (40) وهما جناس تام في حروفه مع اختلاف في التشكيل.
· الآية (42): تسلسل مضموني حيث تشير إلى أن الله تعالى لم يقصر الفلك على ذرية المخاطبين (الكفار) فقط وإنما شملهم أيضا به.
· الآيتين (43-44): تسلسل مضموني حيث تشير إلى أن الفلك رحمة الله الذي لو أراد لأغرق البشر بدون الفلك.
· الآيتين (45-46): (بداية المجموعة الخامسة) تسلسل مضموني حيث تشير الآيتان إلى إعراض المشركين وعدم إيمانهم بالآيات التي بين أيديهم وخلفهم. كما أن هناك تسلسل شكلي تمثل في التشابه بين كلمتي (ترحمون) في الآية
(45) مع رحمة في الآية (44). كما أن الآية (46) تتحدث عن آيات الله
وقدراته الواردة في الآيات السابقة.
· الآية (47): تسلسل شكلي تمثل في التشابه بين عبارتي (وإذا قيل لهم أنفقوا) في الآية (47) مع (وإذا قيل لهم اتقوا) في الآية (45) إضافة إلى التشابه بين كلمتي (أنفقوا) في الآية (47) و (اتقوا) في الآية (45).
· الآية (48): تسلسل مضموني إذ أن المشركين لم يكتفوا بتكذيب المرسلين وتكذيب آيات الله الواضحة أمامهم وإنما تمادوا في التكذيب وعدم الإيمان فأعلنوا صراحة تكذيبهم بوعد الله تعالى ويوم الحساب. وهناك تسلسل شكلي يتراءى في التشابه بين عبارة (ويقولون) في الآية (48) وعبارة (وإذا قيل لهم) في الآية (47).
· الآيات (49-54): تسلسل مضموني عام حيث تبدو هذه الآيات وكأنها ترد على التساؤل الوارد في الآية السابقة وتصور الحال التي يؤول إليها المشركون يوم القيامة والتي تؤكد لهم وقوع الوعد الذي كانوا به يكذبون من قبل فأصبح حقيقة واقعة أمامهم. أما التسلسل المضموني التفصيلي بين هذه الآيات فيبدو كما يلي (إضافة إلى تكرار حرف بارز هو الصاد في كل آيات المجموعة عدا الآية (54):
o الآية (49): تكرار حرفي الصاد والياء في الآية (49) في كلمتي (صيحة) و(يخصمون) بعد ورود الحرفين في الآية (48) في كلمة صادقين (تسلسل شكلي).
o الآية (50): تكرار حرفي الصاد والياء أيضا في كلمة (توصية) كما أن كلمة (توصية) وردت منها ثلاثة حروف في الآية السابقة وهي حروف الصاد والياء والتاء المربوطة في كلمة (صيحة). كما وردت منها ثلاثة حروف أيضا في الآية السابقة في كلمة (يخصمون) هي حروف الواو والصاد أما الحرف الثالث فهو حرف التاء الموجود عندما نرجع كلمة (يخصمون) إلى أصلها وهو (يختصمون)، (تسلسل شكلي).
o الآية (51): تسلسل مضموني تمثل في تكرار معنى واحد في عبارة (نفخ في الصور) في الآية (51) مع عبارة (صيحة واحدة) في الآية (49) بالإضافة إلى التشابه بين عبارتي (إلى ربهم ينسلون) في الآية (51) و (إلى أهلهم يرجعون) في الآية (50).
o الآية (52): تسلسل مضموني حيث أن الآية (52) تعتبر الخطوة اللاحقة لما ورد في الآية السابقة (51). وهناك أيضا تسلسل شكلي تمثل في التشابه الناقص بين كلمتي (المرسلون) في الآية (52) و (ينسلون) في الآية (51).
o الآيتان (53-54): تسلسل مضموني حيث تعتبران تفسير وإجابة على استفسار المشركين عمن بعثهم من مرقدهم وتوضيح لما سيحدث لكل نفس بعد هذا البعث.
· الآيات (55-68) (بداية المجموعة السادسة): تسلسل مضموني بشكل عام تمثل في أنه وبعد أن أكدت الآيات السابقة وقوع يوم البعث والحساب تحدثت هذه الآيات عن أحوال العباد في يوم البعث وقسمتهم بين أصحاب الجنة وأصحاب جهنم وهم المجرمون وصورت حال كل فريق منهم. أما التسلسل التفصيلي لهذه الآيات فهو كما يلي:
o الآية (55): تسلسل شكلي في تكرار كلمة (اليوم) في الآية (55) مع (فاليوم) في الآية (54). كما أن هذه الآيات تفصل ما ورد في الآية (54) من أنه في هذا اليوم لا تظلم نفس شيئا وتجزي كل نفس ما كانت تعمل فمن عبد الله جزاؤه الجنة ومن عبد الشيطان فجزاؤه جهنم كما أوضحت الآيات اللاحقة.
o الآية (56): تسلسل مضموني حيث أوضحت أن النعيم الذي يلقاه أهل الجنة كما بينت الآية (55) لا يشملهم لوحدهم إنما هم وأزواجهم . وهناك تسلسل شكلي في تشابه عبارة (في ظلال ... متكئون) في الآية (56) مع عبارة (في شغل فاكهون) في الآية (55).
o الآيتان (63-64): تسلسل مضموني حيث تشيران إلى أن جهنم هي العاقبة المحتمة للضلال الوارد ذكره في الآية السابقة مع وجود تسلسل شكلي في التشابه بين عبارتي (كنتم تكفرون) في الآية (64) و(كنتم توعدون) في الآية (63).
o الآية (65): تسلسل شكلي مضموني تمثل في تكرار كلمة (اليوم) الواردة في الآية السابقة, كما توضح الآية (65) ما سيحدث للمشركين والعصاة في ذلك اليوم حيث تشهد عليهم أعضاء أجسامهم وجوارحهم.
o الآيات (66-68): تسلسل مضموني حيث توضح الآيات أن الله تعالى قادر على الختم على أفواه الكافرين وذلك لأنه قادر على إعمائهم فلا يهتدون إلى طريق الحق أبدا, قادر على مسخهم في مكانهم فلا يقدروا أن يذهبوا ولا أن يرجعوا وقادر على تنكيس الإنسان إذا هرم فيصير كالطفل "صفوة التفاسير". أما التسلسل الشكلي فيبدو في التشابه بين عبارة (على أعينهم) في الآية (66) وعبارة (على أفواههم) في الآية (65) مع ملاحظة أن الأفواه والأعين تلتقي في المكان وهو الوجه . كما هناك تكرار حرف (الشين) في كلمتي (نشاء) في الآية (66) و (تشهد) في الآية (65) بالإضافة إلى تكرار عبارة (ولو نشاء) في الآيتين (66) و (67).
· الآيتان (69-70) (بداية المجموعة الثامنة): تسلسل مضموني حيث أن السورة الكريمة وقبل أن تختم بالحديث عن جحود كفار مكة بشكل خاص والإنسان الكافر بشكل عام وبعد أن تحدثت عن تكذيب الرسل وعدم الاعتبار بآيات الله ومعجزاته عادت لتأكيد ما جاء في أول السورة من صدق رسالة محمد (r) وأن ما جاء به ليس بشعر وإنما ذكر وقرآن مبين. كما توضح الآيات اللاحقة لماذا (يحق القول على الكافرين) الوارد في الآية السابقة، فالقول حق على الكافرين لأن الله تعالى خلق الأنعام وذللها لعلهم يشكرون إلا أنهم بدلا عن ذلك اتخذوا من دون الله آلهة. كما أوضحت الآيات ? في قسمها الأخير ? أن الأمر لم يقتصر على الجحود ونكران آية الله ومعجزاته في خلق الأنعام فقط وإنما شمل أيضا نكران معجزة الله تعالى في خلق الإنسان نفسه.
· الآيات (71-73): تسلسل مضموني حيث تفصلان المنافع من النعم التي سخرها الله تعالى للبشر. وهناك تسلسل مضموني- شكلي يتراءى في الالتقاء غير التام بين حروف كلمتي (نعمره) في الآية (68) و (علمناه) في الآية (69) والتشابه بين عبارات (خلقنا لهم) في الآية (71) و(ذللناها لهم) في الآية (72) و(لهم فيها) في الآية (73).
· الآية (74): تسلسل مضموني حيث أن الكافرين اتخذوا من دون الله آلهة بدلا من الإيمان بالله وشكره كما ورد في الآية السابقة.
· الآية (75): تسلسل شكلي في تكرار لفظين متشابهين هما ( نصرهم) في الآية (75) و (ينصرون) في الآية (74).
· الآية (76): تسلسل مضموني حيث تختم الآية الحديث عن جحود الكافرين لآية الأنعام وتطلب من الرسول (r) ألا يحزن لما يفعلون.
· الآية (77) (بداية المجموعة التاسعة): هذه الآية وما يليها عبارة عن تسلسل مضموني حيث تتحدث عن الجزء الثاني من الأسباب التي جعلت القول يحق على الكافرين وهو نكران الإنسان لآية الله تعالى في خلق نفسه.
· الآيتان (78-79): تضمان تسلسلين شكلي ومضموني، الشكلي في تكرار لفظ (خلقه) في الآية (78) مع لفظ (خلقناه) في الآية (77) وتكرار عبارة (قل يحييها) الواردة في الآية (79) مع عبارة (قال من يحيي) في الآية (78). أما التسلسل المضموني فيتمثل في أن الآية (78) توضح أن الإنسان (الكافر) نسي أنه خلق من نطفة ميتة ? كما جاء في الآية السابقة ? وأنكر أن يكون هناك من يحيي العظام وهي رميم كما أن الآية (79) تجيب على التساؤل الوارد في الآية السابقة عمن يحيي العظام.
· الآية (80): تسلسل مضموني إذ يبدو أن الآية تطرح على الكافرين مثلا قويا من واقعهم المعاش يدل على قدرة الله وهو إمدادهم بالنار من الشجر الأخضر وهو مثل يتوقع أن يكون مقنعا لهم حيث أن إحياء العظام وهي رميم يقع في الآخرة ولا يجري الآن أمامهم حتى يقتنعوا به كما هو الحال بالنسبة لإيجاد النار من الشجر الأخضر. أما التسلسل الشكلي في الآية فهو في تكرار كلمة (الذي) في الآية (80) مع (الذي) في الآية (79).
· الآية (81): تسلسل مضموني حيث أنها تطرح للكافرين مثلا آخر من واقعهم المعاش يتوقع أن يكون أكثر إقناعا لهم مما جاء في المثل السابق. أما شكليا فتكرار كلمة (الذي) أيضا في هذه الآية.
· الآية (82): تسلسل مضموني حيث تفسر الآية صفة (الخلاق) الواردة في الآية السابقة وتوضح كيفية الخلق عند الله تعالى وأنه يرتكز أساساًً في أمر (كن).
· الآية (83): ختمت هذه الآية السورة الكريمة بتسبيح الله تعالى الذي أوجد كل الآيات التي أشارت إليها السورة وغيرها وأنه بيده ملكوت كل شيء وإليه يرجع الخلق جميعا.



النموذج الثالث
سورة الكهف


في النموذج الثالث، وهو سورة الكهف، نحاول تطبيق ما جاء من أفكار في قاعدة "التسلسل" بالتركيز على الخطوة الأخ
1
574

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

امي حب دائم
امي حب دائم
جزاك الله خيرا