أخي المسلم:
موظف في إحدى الدوائر الرسمية لا يحضر إلى مقر العمل إلا يوماً في الأسبوع أو شهراً في السنة ، تهاونا وكسلاً ، ولما طلب منه رئيسه في العمل أن يحضر يومياً كسائر الموظفين رفض وقال : إنه سوف يقوم بعمله الرسمي وهو في البيت ؟ ماذا تقول في هذا الموظف ؟ ألا يستحق الطرد والإبعاد عن العمل ؟
فما رأيك في مسلم لا يحضر إلى المسجد إلا يوما في الأسبوع ( الجمعة ) أو شهراً في السنة ( رمضان ) ويزعم أنه سيؤدي هذه الفريضة العظيمة في بيته ، ألا يستحق الطرد والإبعاد من رحمة الله ؟ ما الفرق بين الصورتين ؟
هل فكّر أحد من الموظفين أن يقوم بأداء وظيفته الدنيوية في بيته دون الحضور إلى دائرة العمل ؟ فلماذا يفكر كثيرون في الصلاة في بيوتهم دون الحضور إلى مقر الصلاة وهو المسجد .. في كل صباح وفي ساعة محددة يخرج الموظفون إلى أعمالهم والطلاب إلى مدارسهم فتكتظ بهم الشوارع والطرقات وحينما ينادي المنادي إلى الصلاة وخاصة صلاة الفجر لا يخرج منهم إلا القليل فما هو السبب يا ترى ؟
أليس الله أحق بالجلال والتعظيم ؟ أليست حقوق الله أولى بالاهتمام والتكريم ؟
الصلاة جالبه للرزق :
إن المساجد هي أفضل البقاع وأطهرها على وجه الأرض وعمارتها بالصلاة ، وذكر الله من أعظم الأسباب الجالبة للرزق ، قال تعالى :{في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار * ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب}، فالأرزاق بيد الله - عز وجل - يعطي من يشاء ، يمنع من يشاء ، لا معطي لما منع ، ولا مانع لما أعطى .
وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، وأي ذنب أعظم من الاستهانة بأوامر الله وحقوقه ، وتقديم أوامر غيره على أوامره ، وحقوق غيره على حقوقه؟
وقوله سبحانه :{رجال لاتلهيهم } فهؤلاء رجال وما سواهم فأشباه الرجال ؛ فإن الصلاة في البيت من خصائص النساء ، ولقد همّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أن يحرق على قوم بيوتهم بالنار ؛ لتخلفهم عن الحضور إلى المسجد وما منعه من ذلك إلا ما فيها من النساء والذرية ممن لا تجب عليهم صلاة الجماعة .
احذر النفاق :
إن من أبرز صفات المنافقين التي وصفهم الله بها في كتابه العظيم التكاسل عن صلاة الجماعة ، قال تعالى : {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس } ، قال تعالى : {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى } ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه :"ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - أي صلاة الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق " ، فهل ترضى أن تكون في زمرة المنافقين الذين هم أشد الناس عذابا يوم القيامة ؟
الله أكبر من كل شيء :
إن التخلف عن صلاة الجماعة دليل على ضعف الإيمان وخواء القلب من تعظيم الله وتوقيره واحترامه ، وإلا فكيف يليق بمسلم صحيح آمن يسمع منادي الله كل يوم خمس مرات وهو يناديه : (حي على الصلاة) ثم لا يجيبه ؟ ويسمع منادي الله وهو يقول : ( الله أكبر )ثم يكون اللعب عنده أكبر ، ومشاهدة الأفلام والمباريات أكبر ، والبيع والشراء أكبر ، ومشاغل الدنيا الفانية أكبر . ويسمعه يقول : (الصلاة خير من النوم ) ثم يكون النوم عنده خير من الصلاة .
الكبرياء لله :
إن من الموانع التي تمنع بعض الناس من حضور صلاة الجماعة هي الكبر - أعاذنا الله منه - فبعضهم يأنف من الوقوف بجانب عامل أو فقير ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .
لا بد من دخول المساجد :
يا من تصلي في بيتك وتهجر بيوت الله إنك مهما عشت في هذه الدنيا فلا بد لك من دخول المسجد إما حياً وإماً ميتاً.
فاحرص على دخوله حياً قبل أن لا تدخله إلا وأنت محمول على الأكتاف ليصلى عليك وحينئذ لا ينفعك مالك ولا تجارتك ولا جاهك أو منصبك ولا مشاغلك الدنيوية التي شغلتك عن إجابة داعي الله.
مصانع رجال :
المساجد هي المدارس الحقيقية التي تتربى فيها الأجيال ، ولن يكون للمسلمين عزة ولا قوة ولا هيبة إلا حين يعودون إلى المساجد ، فينطلقون منها كما انطلق منها أسلافنا الأولون ؛ لينشروا الهدى والحق والنور في كل مكان .يقول الفيلسوف الفرنسي رينان : " كلما رأيت صفوف المسلمين في الصلاة أتأسف أني لست مسلما " .
قصة وعبرة :
قصة رجل آتاه الله قوة في جسمه وفتوة في عضلاته فنسي أن الله هو القوي العزيز ، كان يسمع داعي الله فلا يجيبه ، أما داعي الهوى فيسرع إليه .. كان يعمل حمّالاّ في الأسواق ذات يوم سقط عليه جدار فأصيب بشلل أفقده القدرة على الحركة طوال حياته حتى البول والبراز يحتاج لثلاث ساعات على الأقل لإخراجهما بتحاميل طبية بعد عرق غزير وألم شديد لا يعلمه إلا الله ، ولما سئل عن أمنيته الآن قال:أتمنى أن أحضر صلاة الجماعة .
تخيل نفسك - يا أخي - مكان هذا الرجل وقد حيل بينك وبين الحركة وأصبحت رهين الفراش ، ثم تذكّر نِعَم الله عليك وما منٌ الله به عليك من الصحة والعافية ، واعلم أن بقاء هذه النعم مرهون بالشكر ، وشكرها باستعمالها في مرضاة الله وشهود الجمع والجماعات وصلة الأرحام وغيرها من القربات.
الأدلة على وجوب الجماعة :
أولا: من كتاب الله :-
قال تعالى:{يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون } ، قال كعب الأحبار : " والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين تخلفوا عن الجماعة " ، فأي وعيد أشد وأبلغ من هذا لمن ترك صلاة الجماعة مع القدرة على إتيانها. وقال تعالى: {وأقيموا الصلاة آتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } ، وهو نص في وجوب صلاة الجماعة ومشاركة المصلين في صلاتهم.قال تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } ، هنا أوجب الله أداء الجماعة حتى في صلاة الخوف فمن باب أولى عند الأمن.
ثانيا: من السنة :-
عن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ، ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فاحرق عليهم بيوتهم بالنار) ، ولا يتوعد بحرق بيوتهم بالنار إلا على ترك واجب.
وفي صحيح مسلم أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال : نعم ، قال: أجب .
فإذا كان هذا في حق رجل أعمى فكيف بمن كان صحيحا مبصراً لا عذر له ؟
عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( من سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلى ) قيل: وما العذر يا رسول الله؟ قال: (خوف أو مرض ) .
ثالثا: من أقوال الصحابة ك-
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:"من سره أن يلقى الله غداً مسلما فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن ؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ن ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف" .
وقال علي بن أبي طالب: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل : ومن جار المسجد ؟ قال: من سمع الأذان .
قال أبو هريرة: " لأن تمتلىء آذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع النداء ولا يجيب " .
بعد هذه الأدلة الواضحة هل بقي للمتخلفين عذراً إن هذه الأدلة حجة على من قرأها أو سمعها وسيحاسب عنها يوم القيامة.
فوائد صلاة الجماعة :
- اختبار العباد وامتحانهم ليعلم الله من يمتثل لأوامره ومن يعرض ويتكبر .
- التعارف والتآلف والترابط بين المسلمين ليكونوا كالجسد الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا فالذي لا يصلي في المسجد لا يعرفه أهل الحي .
- تعليم الجاهل فالجاهل يرى المتعلم فيقتدي به والغافل يسمع الموعظة فينتفع بها.
- ما يشعر به المصلي في الجماعة من الخشوع والتدبر والانتفاع بالصلاة أما من تثقل عليه الصلاة فينقرها نقر الديك فلا ينتفع منها.
- إغاظة أعداء الله وإرهابهم فمن أشد ما يؤرقهم عودة المسلمين للمساجد خصوصا الشباب.
- ما في الخروج إلى المسجد من النشاط والحركة ورياضة البدن .
- هذه بعض فوائد الجماعة وهناك فوائد كثيرة دينية ودنيوية ، فاحرص - يا أخي المسلم- على حضور الجماعة في المسجد حتى تكتب لك براءة من النفاق ، قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان : براءة من النار وبراءة من النفاق ).
ونبني القصور المشمخرات في الهوى * * * * وفي علمنا أنا نموت وتخرب
إلى الله نشكو قسوة في قلوبنا * * * * وفي كل يوم واعظ الموت يندب
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اسيرالحزن @asyralhzn
عضـو
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️