تشجيع القراءة في مرحلة رياض الأطفال

تشجيع القراءة في مرحلة رياض الأطفال

د. بدر محمد ملك د. لطيفة الكندري
ينمو الطفل لغويا بشكل سريع ففي سن الثالثة يستخدم الطفل 300 كلمة تقريبا ثم في سن الرابعة يستخدم 1500 كلمة ثم يقفز مرة أخرى في سن الخامسة حيث يستخدم 2500 كلمة تقريبا. هذه التقديرات التي تذكرها المؤسسات المتخصصة بعمل الأبحاث (Roehlkepartain & leffert, 2000, 96) تجعل المكتبة في البيت ومرحلة رياض الأطفال ذات مسئولية عظيمة لأنها المحطة الأولي لانطلاقة كبرى.
القراءة المثمرة نور ينير المستقبل ويقود نحو تقدم الفرد، ورقي المجتمع، وهي طريقنا إلى النجاح في المدرسة والعمل والحياة. كان السابقون يتفننون في ترغيب الأطفال بتعلم القراءة فقاموا بصناعة بعض الأحرف الهجائية من الحلوى، ليتعلم الولد ويلهو بما ينتفع منه.
"اقرأ" مفتاح الخير ورغم أن اللغة العربية تحتوي على ملايين الكلمات ما بين اسم وحرف وفعل إلا أن "اقرأ" كانت أول قطرة من قطرات الغيث القرآني الذي يحتوي على أكثر من ستة آلاف آية، وسبعة وسبعين ألف كلمة علماً بأن كلمة "اقرأ" لم تكن موضع الاهتمام في البيئة الجاهلية. عرف علماء الإسلام من قبل أكثر من 1400 سنة أن القراءة المثمرة مهارة عقلية ووجدانية لها خطواتها التي تتطلب التدريب المستمر ولهذا اعتبروا القراءة سعادة والكتابة عبادة فكان تاريخنا حافل بالإنجازات في شتى المعارف. من هنا ندرك أن "اقرأ" دستور الأمة المسلمة إذا انحرفت عنه أو قصرت فيه فستضعف بلا شك فيقل خيرها ويخبو نورها.
تفيد تقارير اليونسكو في عام 2003 م أن هناك حوالي 900 مليون من البالغين أميّون، وحوالي 120 مليون من الأطفال الذين هم في سن الدراسة غير ملتحقين بأي مدارس، وأنه من جهة أخرى أصبح الآن عدد الملمين بالقراءة والكتابة من البالغين 2.7 بليون شخص مقابل بليون واحد في عام 1960 م.
يعمل حمود راشد ميكانيكي في محل صغير خارج باندونغ في جزيرة جافا بأندونيسيا ويعاني من مشكلة كبيرة يقول عنها بدأت العمل في هذا المحل ولما أتجاوز العاشرة، وها أنذا وقد بلغت سن 22 سنة أجد صاحب العمل يأتيني ليقول أنه بحاجة إلى ميكانيكي يعرف كيف يقرأ ويستطيع بالتالي أن يرجع إلي الكتب الإرشادية عند إجراء التصليحات الفنية. يقول حمود بصوت حزين: إنني أكبر تسعة أولاد ولم يتح لي أبدا الوقت اللازم لتعلم القراءة والكتابة، والآن أنا على وشك أن أفقد عملي بعد أن كنت عازما على الزواج في الشهر القادم ولكن ... وضعت اليونسكو قصة حمود راشد تحت عنوان "اعرف كيف تقرأ أو مت جوعا". كي لا تتكرر مأساة حمود راشد وغيره يجب أن تعمل مؤسساتنا لمساعدة الأطفال قبل فوات الأوان.
أركان المكتبة
تحتوي المكتبة الحديثة على عدة أركان لتلبية احتياجات المجتمع، ومكتبات رياض الأطفال لا تستغني عن تلك الأركان لجذب انتباه الأطفال وصقل مواهبهم وتحسين مهاراتهم بصورة شاملة. أهم أركان مكتبة رياض الأطفال:
1- ركن القصص المصورة وغيرها.
2- المراجع.
3- الدوريات.
4- غرف أو مساحات للأنشطة.
5- الحاسب الآلي (Internet, CD, VCD, DVD).
6- الفيديو.
7- الأشرطة السمعية.
8- كتب مصورة عن الحقائق والعلوم.
9- الألعاب والتسالي.
10- الإصدارات المتميزة للمدرسة من رسومات وأوراق عمل ونشرات تحتوي على الأخبار الثقافية المستجدة. كما تحتفظ المكتبة بالمادة العلمية (أشرطة سمعية- أشرطة فيديو- أوراق) الخاصة بالدورات التدريبية والمحاضرات الثقافية التي تعدها إدارة المدرسة.
كي يكون الطفل قارئا
يؤكد المتخصصون في ميدان التربية على أن الأطفال جميعهم لا يتعلّمون في نفس السرعة ولهذا فلا بد من تنويع طرائق التدريس وتقبل الفروق الفردية. وعندما يكون الطفل في سن الخامسة فإنه يكون قادراً على أداء الأمور التالية:
• يعيد دون ملل رواية القصص البسيطة المألوفة.
• يستعمل لغة وصفية حركية لتوضيح أو لسؤال الأسئلة.


• يعرف أننا نقرأ الكتاب من اليمين إلى يسار.
• يبدأ بتجريد الكلمات المنطوقة والأحرف المكتوبة أحياناً.
• يعبر عن بعض الأجزاء المقروءة.
• يردد بعض الأسماء والألوان، والأعداد الواردة في المادة المقروءة.
• يستمتع برؤية صور الحيوانات وتعتبر الصور المغناطيسية التي يمكن عرضها على اللوحات من الأساليب العملية للتشويق.
• يستفيد الطفل كثيراً من لوحات الإعلانات، والملصقات العامة، ولوحات الإشارات المرورية.

نصائح للوالدين
• اجعل مكانا خاصّا لكتب طفلك في المنزل.
• ساعد طفلك لترتيب دفاتره.
• استعمل كتب مصورة غير مصحوبة بالكلمات فهي تستطيع المساعدة على تحسين مهارات لغة الأطفال وتثير تخيلاتهم.
• العب مع طفلك –بعد القراءة- بألعاب لها صلة بكلمات أو صور بسيطة وردت في القصة فيسمّي بعض الحيوانات التي تبدأ بحرف الألف – الباء...).

كيف تقيم المعلمة نفسها
1. هل نوفر المكان المريح لقضاء وقت هادئ أثناء قراءة القصص؟ هل الأطفال يشعرون
بالسعادة في هذا المكان؟
2. هل نركز على شرح الصور في الكتاب (اللون – الحركة- المغزى)؟
3. هل نسمح للطفل بالتعليق عليها والاستفسار عنها؟
4. هل أغيّر نغمة صوتي عندما أقرأ للتشويق ولإثارة الحماس؟
5. هل تلميذي يتمتّع بالكتاب الذي نحن نطلع عليه؟
6. هل أشجّع كل مشاركة وأصوب الخطأ بالتدريج؟
7. عندما أسأل الأسئلة، هل أقيس الأهداف المطلوبة للدرس؟
8. هل أربط الأفكار في الكتاب بالأشياء المألوفة من بيئة لطفل (الأسماء –الأرقام- الأماكن- الأحداث)؟
9. هل أركز على مساعدة تلميذي ليميز بعض الأحرف أو الأرقام المطبوعة؟
10. هل أطلب من التلميذ أن يعيد رواية قصصه المفضّلة بأسلوبه وحركاته وإضافاته؟
11. هل أجدد مصادري وقصصي ووسائلي؟

الإستراتيجيات البسيطة ولكنها مفيدة لتكوين قارئ نهم
• اقرأ أمام الطفل وكن قدوة حسنة.
• اغرس في سمعه وفي أعماقه أن القراءة متعة.
• اقرأ مع الطفل يومياً ما يتيسر.
• شجع التقليد الإيجابي (عندما يقلد الطفل غيره في المهارات الصحيحة).
• عود الطفل على ترتيب كتبه وتنظيف مكتبته الخاصة.
• شجع المهارات الحياتية مثل المبادرة واقتناص الفرص والحوار الهادف وعدم التحرج من السؤال.
• أشرك الطفل في لمس الصورة والإشارة لبعض تفاصيلها.
• مرن الطفل على القراءة من اليمين إلى اليسار.
• اقرأ كتاب طفلك (تلميذك) المفضّل وكرر ذلك.
• اقرأ القصص مع التركيز على شرح الكلمات المتكرّرة واطلب من الطفل المشاركة
في الشرح بأسلوبه.
• ناقش الكلمات الجديدة. على سبيل المثال، "هذا المنزل الكبير يدعى قصر. من تعتقد
يعيش في قصر؟ "
• توقّف واسأل عن الصور وبعض الأحداث الهامة في القصّة.
• استغل الحوار الهادف، والقصة القصيرة، والأغنية المسلية، والتمثيل الممتع في أوقات القراءة لإضفاء
طابع السرور كلما أمكن.
• كل الأنشطة يجب أن تجعل الطفل يألف ولا يأنف من القراءة.
• يحتاج الطفل في هذا العمر إلى التمرين الدائم على ستة أمور هامة:
- تنمية المبادرة عنده كي يسأل بلا حرج،
-تنمية حصيلته اللغوية،
- معرفة بعض الآداب الصحية والاجتماعية (الاعتدال في الأكل والشرب – التحية-
المحافظة على كتبه).
- معرفة الأوقات (الصباح – المساء)،
- التعبير عن مشاعره بصورة لا تضر الآخرين،
-اللعب الآمن فالطفل في مرحلة رياض الأطفال كثير الحركة ولكنه قليل الخبرة.

وتبقى كلمة أخيرة لا بد أن نتواصى بها وهي أننا لا نملك الحل السحري الفوري لغرس المهارات فالتربية عملية تراكمية بطيئة أحيانا ولكنها فعالة دائما فالأطفال يتعلّمون خطوة فخطوة في عملية القراءة التي تستغرق الوقت الطويل وتتطلب الصبر الجميل. ولا بد أيضا من تفعيل دور المكتبات الأهلية والمنزلية والحكومية لرفع مستوى أطفالنا في القراءة والكتابة والاستماع, لأننا نملك الكثير من هذه الكتب والبرامج التعليمية ولكن ينقصنا تفعيلها. فكم من لعبة هادفة وكتاب وفيلم وشريط اشتريناه ونحتفظ به وقلما ننتفع منه.


منقول للفائدة