تصدق تصبح غنياً
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
إذا تصدقت بعشرة فربما يأتي بدلها مئة
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ( ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم ،
إذا تصدق الإنسان فإن الشيطان يقول له : إذا تصدقت نقص مالك ، عندك مئة ريال إذا تصدقت بعشرة لم يكن عندك إلا تسعون ، إذاً نقص مالك فلا تتصدق ، كلما تصدقت ينقص مالك .
ولكن من لا ينطق عن الهوى يقول : " ما نقصت صدقة من مال " ، وربما هذه العشرة يأتي بدلها مئة ، كما قال تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) . أي يجعل لكم خلفاً عنه عاجلاً " .
آمن بمبدأ الوفرة
قال العالم الكويتي الدكتور صلاح الراشد ( دكتوراة في علم النفس )
:
" آمن بمبدأ الوفرة ، قانون الوفرة عند علماء العقل يعني : الكثرة والغنى . وهذا القانون أو هذه السنة الكونية تنص على أن الذي يعطي سوف يتلقى بالمقابل . وتنص على أن العالم مليء بالثروات والعطايا الروحية والنفسية والمادية . ما أضيق العيش عند شخص يرى الرزق محصوراً على شخص آخر . وهذه السنة الكونية ( الوفرة ) رواية ودراية أو نقل وعقل ، أي أنها نقلت إلينا من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن السابقين . كما أنها مجربة في حياتنا اليومية .
يقول الله عز وجل : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) . وفي آية الوفرة العجيبة : قوله تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) وهذا وعد من مالك خزائن الخير جميعها أن يعطي ويخلف ويضاعف لمن يؤمن بمبدأ الوفرة ويعمل به .
وقال نبي الهدى صلى الله عليه وسلم : ( ما نقص مال من صدقة وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ) رواه مسلم . وفي رواية أنه أقسم عليهن ، وهذه السنة التي أقسم عليها النبي صلى الله عليه وسلم تنص على أن المال الذي ينفق كعطاء أو صدقة لا ينقص من المال . يعني أنه يعود ، بل يعود متضاعفاً .
يقول نورمن فنست بيل :
" من أجل أن تحصل على الأشياء الجيدة في الحياة فلابد أن تعطي أولاً " . وكلامه هذا يوافق القرآن الكريم في قوله تعالى
:( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )
وفي كتابه " القوة اللامحدودة " حدد أنتوني روبنز خمس نقاط للنجــاح والغنى كانت الخامسة :
أعط أكثر مما تتوقع أن تأخذه ،
قال : وهذه النقطة قد تكون الأكثر أهمية في كل النقاط الأخرى ، لأنها حقاً تضمن السعادة الحقيقية .
وقد اقترح في كتابه الآخر " أيقظ العملاق داخلك " :
نسبة 10% عشرة بالمئة على الأقل مما تجمع يجب أن يذهب عطاءً وهو رأي الدكتور ستيفن كافي أيضاً وذكره في كتابه المتقن " قيادة تركيز المبادئ " . واعلم أخي أن صاحب عقلية الفقير لا يغنى أبداً ولو ورث مليون دينار ، ولو جمعها لفرط فيها ثم صار فقيراً مرة أخرى لأن عقلية الفقير : الأخذ ، لذا هو لا يصبح غنياً أبداً حتى يغير مبدأ الأخذ إلى العطاء ، وهذه سنة كونية مؤكدة غير قابلة للتغيير . لذا قال في الحديث الشريف : ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) رواه البخاري . يريد صلى الله عليه وسلم هذه الأمة هنا أن ينشئ عقلية عليا قوية . إذا كنت فقيراً فابدأ بالتفكير في عقلية الغني . وهنا ألمح إلى كتاب جيد اسمه " فكر تصبح غنياً " تحدث بالتفصيل عن هذه المسألة .
تأثرت جداً مرة بقصة الإمام المجاهد عبدالله بن المبارك عندما تصدق لعابر طريق بمئة دينار فقيل له : دينار يناسبه ، فقال ما معناه : لكنه لا يناسبني . أي أنه يعطي بما يليق بمنزلته وليس بالضرورة ما يليق بمنزلة الذي أمامه . عجيبة هذه العقلية الفذة . ولا أعظم من الله عز وجل في العطاء ولله المثل الأعلى ، فالله سبحانه رغم نكراننا وإساءتنا وتخبطنا ومعاصينا : يعطينا . ابتلانا فلم نصبر وأعطانا فلم نشكر فلا هو بعدم صبرنا أدام البلاء ، ولا هو بعدم شكرنا رفع العطاء . تخلقوا بصفات الله ، فالله يحب من يتأسى بصفاته " .
.
إذا رغبت في الحصول على أي شيء
فعليك أولاً أن تعطيه غيرك
قال المليونير الأمريكي ( من أصل ياباني ) روبرت تي . كيوساكي في كتابه الذي أثار ضجة في عالم المال : " الأب الغني والأب الفقير "
: لقد بذل أبي الثري الكثير من المال ، إذ بذل للمؤسسات الدينية ، وللجمعيات الخيرية ولمؤسسته . فلقد عرف أنه لكي يأتيك المال ، عليك أولاً أن تبذله . وبذل المال هو سر العائلات الأكثر ثراءً . وهذا هو السر وراء وجود منظمات كمؤسسة روكفلر وفورد .
لطالما اتبع معظم الناس الطريقة الخاطئة التي تقول : " عندما يفيض معي بعض المال الزائد ، سأبذله للغير " ، لكن المشكلة تمثلت في عدم توافر مال فائض أبداً . وهكذا استمر هؤلاء في كدحهم ليتكسبوا بعض المال الزائد بدلاً من أن ينتبهوا إلى أهم قانون من قوانين جمع المال وهو قانون " ابذل لتأخذ في المقابل " بل آمنوا بدلاً من ذلك بقانون : خذ أولاً وحينها اعمل على بذله . لقد علمني أبي الثري درساً ً أبقيته ماثلاً طوال حياتي ، وهو ضرورة كون المرء باذلاً معطاءً ومشاركاً في الخير ، فقد آمن إيماناً عميقاً بمبدأ الخيرية المشتركة ، فكان دائماً يقول : " إذا رغبت في نيل أي شيء فعليك أولاً أن تبذله " . وعندما يقل ما في يديه من المال ، كان يعمد ببساطة لمنح بعضه للجهات الخيرية والدينية .
فإن حق لي أن أطبع في ذهنك فكرة ما ، فهي هذه الفكرة : أينما تشعر " بافتقارك " لشيء ما أو " حاجتك " إليه فابذله وأعطه لغيرك أولاً بقدر ما تستطيع ، ولسوف يعود إليك أضعافاً مضاعفة . ينطبق هذا على المال وعلى الابتسامة وعلى المحبة وعلى الصداقة . وإنني لأعلم أن البذل والعطاء في هذه الحالة ( حالة الفقر ) هو آخر ما يريده المرء ساعتها ، لكنه ظل دوماً الشيء الأنفع معي .
وإنني لأثق بمبدأ المقابل ، فأبذل مما أحب . فإن أردت المال ، فلسوف أبذل مالاً ، ولسوف يعود لي أضعافاً مضاعفة . ولئن أردت مبيعات ، فلأعينن غيري على أن يبيع شيئاً ما ولسوف تفتح لي مغاليق البيع . وإن أردت وساطةً لحاجة ، فسأعين أحدهم بما لدي من معارف وستأتي لي وساطتي فيما يشبه السحر . فخلال كل سنوات عمري ، وكلما كنت أستشعر حاجة أو عوزاً أو افتقاراً لعون ، كنت أخرج ببساطة وأتلمس بعمق ما أنا في حاجة إليه ، وأقرر أن أبذل منه ابتداءً ، وعندما أقدم العطاء كان دوماً يعود إلي بما وهبت . فكل ما يحتاج المرء لتذكره عندما يتعلق الأمر بالمال أو بالحب أو بالسعادة أو المبيعات والعقود ، هو البذل مما يحب أولاً ،
وسوف يعود عليه ذلك بأضعاف أضعاف ما أعطى . بل وحتى مجرد تفكيري بما أحب وأبذله أو أعطيه لغيري ، كان يفتح لي أبواب خير جارف . وكلما أشعر أن الناس توقفت عن الابتسام في وجهي ، بادرت أنا بالتبسم في وجوههم وتحيتهم ، وكما السحر ، تنتثر الابتسامات في كل مكان حولي .
فصحيح هو القول بأن العالم ما هو إلا مرآة لك . ولهذا أقول : " امنح مما تملك ، ولسوف يفيض عليك بما منحت " . ولقد وجدت أنه كلما أعطيت علماً لأولئك الراغبين في التعلم زاد ما أتعلمه . فإذا أردت العلم بالمال ، فقم ببذل هذا العلم إلى غيرك ، ولسوف يفيض عليك ذلك بسيل من الأفكار الجديدة والبصائر الأحكم . وصحيح أنه كانت هناك أوقات بذلت فيها ولم أتلق مردوداً ، أو اختلف ما تلقيته عما رغبت فيه ، ولكن بعد التمعن والاستشفاف ، أجد أني تلقيت ما فيه نفعي وإن لم أعرف ذلك من أول وهلة . إنه لمن الأيسر عليك أن تتخذ من فعل الخير عوناً لك في تحقيق أهدافك . وكل ما عليك هو أن تكون كريماً بما تحوزه يداك ، وسيكون الله كريماً معك .
.
كن فياضاً في عطائك
يقول الدكتور وين دبليو داير :
" فالعزيمة هو العطاء الفياض الذي لا يقف عند حد . ليس هناك تقتير ( بخل ) في عالم الروح الكوني غير المرئي الذي خلقه الله سبحانه . إن الكون ذاته ليس له نهاية . كيف تكون هناك نهاية للكون ؟ ما الذي سيقف عند نهايته ؟ هل سيكون هناك جدار ؟ كم يبلغ سمك هذا الجدار ؟ وما الذي يقع عند النهاية الأخرى ؟ بينما تراقب مع العزيمة اعرف في صميم قلبك أن أي تصرف تقوم به ينم عن تقتير سوف يفصلك عن العزيمة . إن الوفرة ( الغنى والثراء ) الفياضة هي سمة الخالق العظيم سبحانه .
تصور إن توقف الكون عن إنتاج المزيد من الأكسجين ؛ إن شعر بأنه متعب وبأنه يكفيه ما ينتجه من الأكسجين وبأنه سوف يبني جداراً لإغلاق هذا الكون الكبير حتى لا يستهلك كل هذا الأكسجين المطلوب . هل هذا ممكن ؟ إنه مستحيل ! لقد خلقت من هذه الرحابة ؛ من هذا الفيض الذي لا يعرف حداً . إذن ما الذي يمنعك من استعادة تواصلك مع هذا الإدراك المتناهي لعقلك وما سر تشبثك بهذا البخل برغم كل ما هو واضح أمامك ؟ إن الذي يمنعك هو الظروف التي تعرضت لها أثناء الحياة ؛ والتي يمكنك أن تغيرها اليوم ؛ على مدى الدقائق القليلة التالية إن رغبت في ذلك . عندما تنتقل إلى العقل الفياض يجب أن تكرر على نفسك مراراً أنك لا تعرف حداً لأنك قد خلقت من هذا المدد الفياض للعزيمة الذي خلقه الله سبحانه . وبمجرد أن ترسخ هذه الصورة بداخلك فسوف تبدأ بالتصرف على هذا الأساس .
عندما تتحول هذه الأفكار المتمثلة في الكرم الزائد والتعفف إلى طريقتك في التفكير فسوف تشرع في التعاون معك ولصالحك وستصبح في انسجام كامل مع أفكارك ، تماماً مثلما كانت تعمل في انسجام مع أفكارك السابقة عن الإمساك والبخل . إن كنت تظن أنه ليس بوسعك أن تعكس هذه الوفرة الفياضة ( الغنى والثراء ) في حياتك فسوف تجد أن العزيمة قد اتفقت معك ؛ بل سوف تساعدك لكي تحقق كل هذه التوقعات المتواضعة ! " .
.
الله سبحانه يمنح بلا توقف وبلا حدود
ويقول وين دبليو داير :
" إن الله سبحانه المسئول عن الخلق في حالة عطاء مستمر ، بل إنه لا يعرف حدوداً للعطاء . إنه يواصل تحويل الأرواح النقية عديمة الشكل إلى أشكال مادية بالغة التنوع . فضلاً عن أن الله سبحانه يمنح بلا حدود ، فهو لا يعرف النقص أو التقتير ( البخل ) . وهذا يعني أننا بصدد حقيقتين بالغتي الأهمية عند تناول الوفرة الفياضة ( الغنى والثراء ) الحقيقة الأولى : هي أن الله متواصل العطاء . والحقيقة الثانية : هي أنه يمنح بلا حدود " . .
الله سبحانه كريم سخي دائم العطاء
فكن أنت كريماً معطاءً
ويقول :
" إن سر الغنى والثراء يكمن في التفكير والتصرف على نحو يضاهي الكرم والجود والسخاء . إن الله هو الواهب لكل شيء والذي نبع منه كل شيء ، إنه دائم العطاء ؛ وقد اخترت أن أكون معطاءً أنا الآخر . كلما منحت وأعطيت زاد تدفق العطاء نحوي . إن الكريم المعطاء هو شخص ملهم بدرجة كبيرة . إنه يحيا في عالم الروح أكثر من الجسد . وبالتالي فهو ملهم ، وهو في نفس الوقت مصدر إلهام " .
.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
امل باكر
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة