cinamon

cinamon @cinamon

عضوة جديدة

تعدُّد الزوجات.. إعادة الفهم للجِنسَين

الأسرة والمجتمع

تعدُّد الزوجات.. إعادة الفهم للجِنسَين العنوان
من المشكلات التي أواجهها دائماً في الدعوة إلى الله في الخارج هو السؤال عن التعدُّد: لماذا يحلُّ للرجل أن يعدِّد ولا يصحُّ ذلك للمرأة؟ لِمَ التفريق بين الرجل والمرأة في ذلك؟ وبرغم استخدامي لما أعرف من فروقٍ بيولوجيَّة ونفسيَّة بين الرجال والنساء، في المناقشات معهم إلا أنَّ ذلك يبدو للنساء غير مقنع، وبرغم قراءاتي المتكرِّرة في هذا الجانب، إلا أنَّني لم أجد ردًّا شافيا، وكذلك فإنَّ المرأة الغربيَّة تقول إنها تشعر باحتقار التشريع الإسلاميِّ لها حين يميِّز الرجل عنها، ولا يراعي مشاعرها مطلقا، وقد مررتُ شخصيًّا بهذه التجربة.
هل أجد مشيراً مقنعاً يجيب إجابةً شافية. السؤال
فريق الاستشارات الدعوية المستشار
الرد

يقول الأستاذ سعيد حسن المحرِّر الشرعيُّ بالموقع:
"أخي الحبيب، سأتحدَّث معك حديثَيْن: أحدهما في الموضوع، والآخر عن الموضوع:
فأمَّا الحديث الذي في الموضوع فهو: في مسألة تعدُّد الزوجات في الإسلام.
وأمَّا الحديث الذي عن الموضوع فهو: في التعامل مع الشريعة.

الموضوع الأوَّل: في مسألة تعدُّد الزوجات في الإسلام:
ويتكوَّن من
حُكْم التعدُّد.
حِكمة التعدُّد.

.

ثانيا: حكم التعدُّد:
قال تعالى: "... فانكحوا ما طاب لكم من النساء مَثْنَى وثُلاث ورُباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"، قال الإمام القرطبيُّ في معنى "ألا تعولوا": "ذلك أقرب إلى ألا تميلوا عن الحقِّ وتجوروا".
وقال سبحانه: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كلَّ الميل فتذروها كالمعلَّقة وإن تُصلِحوا وتتَّقوا فإنَّ الله كان غفوراً رحيما".
فالتعدُّد ليس واجباً ولا مندوبا، أي ليس مدعوًّا إليه ومحبَّباً فيه، بل هو ممَّا أباحه الإسلام، فأباح الله سبحانه وتعالى للإنسان تعدُّد الزوجات وقصره على أربع؛ فللرجل أن يجمع في عصمته في وقتٍ واحدٍ أكثر من واحدة، بشرط أن يكون قادراً على العدل بينهنَّ في النفقة والمبيت وبقيَّة حقوقهنَّ عليه، فإذا خاف الجور وعدم الوفاء بما عليه من تبعات حَرُم عليه أن يتزوَّج بأكثر من واحدة، وأكرِّر: "حرُم"، بل إذا خاف الجور بعجزه عن القيام بحقِّ المرأة الواحدة حَرُم عليه أن يتزوَّج أصلاً حتى تتحقَّق له القدرة على الزواج. ومع أنَّ الإسلام قيَّد التعدُّد بالقدرة على العدل وقصره على أربع، فقد جعل من حقِّ المرأة أو وليِّها أن يشترط ألا يتزوَّج الرجل عليها، فلو شرطت المرأة ذلك صحَّ الشرط ولزم، وكان لها حقُّ فسخ الزواج إذا لم يفِ لها بالشرط، ولا يسقط حقُّها في الفسخ إلا إذا أسقطته ورضيت بمخالفته، على تفصيلٍ كبيرٍ في كتب الفقهاء.

ثالثا: حكمة التعدُّد:
التعدُّد -كما قلنا- ليس واجباً ولا مندوبا، بل هو ممَّا أباحه الإسلام؛ لأنَّ ثمَّة مقتضياتٍ عمرانيَّةٍ وضروراتٍ إصلاحيَّةٍ لا يصحُّ للمشرِّع إغفالها، ولا ينبغي له التغاضي عنها، ومن هذه المقتضيات:
1- الدولة صاحبة الرسالة كثيراً ما تتعرَّض لأخطار الجهاد، فتفقد عدداً كبيراً من الأفراد -الرجال-، ولابدَّ من رعاية أرامل هؤلاء الذين استُشهدوا، ولا سبيل إلى حسن رعايتهم إلا بتزويجهنّ.
وهذا الأمر مثَّل أزمةً كبيرةً عند بعض الشعوب الأوروبيَّة بعد الحربين العالميَّتين الأولى والثانية، فشجَّعوا الزواج وزيادة النسل تعويضاً عن مئات الملايين من الرجال الذين ماتوا في تلك الحروب، إذ لا بديل عن تعويض من فقدوا، فكان أو يكون ذلك بالإكثار من النسل والتعدُّد.
2- قد يكون عدد الإناث في شعبٍ من الشعوب أكثر من عدد الذكور، كما يحدث عادةً في أعقاب الحروب، بل تكاد تكون الزيادة في عدد الإناث مطرِّدةً في أكثر الأمم، حتى في أحوال السلم؛ نظراً لما يعانيه الرجال غالباً من الاضطلاع بالأعمال الشاقَّة التي تهبط بمستوى السنِّ عند الرجال أكثر من الإناث.
وهذه الزيادة توجب التعدُّد، وتفرض الأخذ به لكفالة العدد الزائد، وإحصانه، وإلا اضطررنَ إلى الانحراف واقتراف الرذيلة، فيفسد المجتمع وتنحلُّ أخلاقه، أو إلى أن يقضين حياتهنَّ في ألم الحرمان وشقاء العزوبة، فيفقدن أعصابهنَّ وتضيع ثروةُ بشريَّةٌ كان يمكن أن تكون قوَّةً للأمَّة، وثروةً تضاف إلى مجموع ثرواتها.
يخبرنا الدكتور محمد يوسف موسى رحمه الله أنَّه حضر المؤتمر الشبابيَّ العالميَّ بمدينة ميونخ الألمانيَّة بعد سنين من انتهاء الحرب العالميَّة الثانية، ويقول: "وكان من نصيبي أن اشتركت أنا وزميلٌ لي في الحلقة التي تبحث مشكلة زيادة عدد النساء بألمانيا أضعافاً مضاعفةً عن عدد الرجال بعد الحرب العالميَّة الثانية، وتستعرض ما يُمكن أن يكون حلاًّ طيِّباً لها، وبعد استعراض سائر الحلول التي يعرفونها ورفضها جميعاً تقدَّمت وزميلي بالحلِّ الطبيعيِّ الوحيد، وهو إباحة تعدُّد الزوجات، فقوبل هذا الرأي أوَّلاً بشيءٍ من الدهشة والاشمئزاز، ولكنَّه بعد بحثه بحثاً عادلاً عميقاً رأى المؤتمِرون أنَّه لا حلَّ غيره، وكانت النتيجة اعتباره توصيةً من توصيات المؤتمر التي أقروها، وبعدها طالب أهالي "بون" نتيجةً لهذه المشكلة بأن يُنَصَّ في الدستور على إباحة تعدُّد الزوجات".

هذه بعض الأسباب الخاصَّة والعامَّة التي لاحظها الإسلام، وهو لا يشرِّع لجيلٍ خاصٍّ من الناس، ولا لزمنٍ معيَّنٍ محدودٍ ولا لبلدٍ دون بلد، وإنَّما يشرع للناس جميعاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمراعاة الزمان والمكان والأشخاص والأحوال أمورٌ لها اعتبارها.
هذا يا أخي كان حديثي معك في الموضوع.

الموضوع الثاني: في التعامل مع الشريعة:
- لا بد أن ينظر إلى مقاصد الشرع وإلى الرؤية الكليَّة للشريعة وتفصيلاتها، لارتباط الكلِّ ببعضه.
- المسألة قضيَّة إيمانٍ أو عدم إيمان، خذ مثلاً أقوال المشكِّكين في الشرع: لماذا تُقطَع يد السارق؟ لماذا يُجلَد الزاني؟ لماذا، لماذا… إلخ من قضايا لا تنتهي، لكنَّها في النهاية بالنسبة للمسلم ولغيره إيمانٌ بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي لا يحلُّ الافتئات عليهما، بَيْدَ أنَّ ذلك لا يمنع السؤال والبحث والمناقشة.
- أمر التعدُّد من باب الضرورات، أي الاستثناء وليس القاعدة، وهو يرجع إلى الضرورات الاجتماعيَّة والاحتياج والاتِّفاق والتراضي، فما لا يعجب واحدةً قد يرضي أخرى، وهكذا، كما أنَّ هناك -يا أخي- فارقٌ بين المباح والمتاح، فالشرع أباح الأمر استثناءً وبضوابط، لكن هل هذا الأمر متاحٌ لكل أحدٍ نفسيًّا واجتماعيًّا وصحيًّا واقتصاديًّا؟ هذا هو السؤال.

وبعد كلِّ ما سبق من الحديث في الموضوع وحول الموضوع، تبقى كلمةٌ أخيرة: ضع نفسك موضع الطرف الضعيف، المرأة التي مات زوجها أو استُشهد في حرب، أو فتاةً تكاد تبلغ سنَّ اليأس، أو… إلخ، قل لي بربِّك ماذا تفعل بحقِّ نسائنا في البوسنة والهرسك أو فلسطين مثلاً، اللائي رُمِّلن، الأمر -كما قلت- يخضع لظروفٍ كثيرة.
كما لا تجعل ظروف المجتمعات السيِّئة عندنا في العالم الإسلاميِّ أصلاً في هذه المسألة، فهذا وضعٌ مريضٌ يحتاج لتربيةٍ وتعليمٍ وإعادة بناء، وخذ مثلاً قضيَّة زيادة العنوسة في المجتمعات الإسلاميَّة المريضة، والتي لا تسمح ظروف الشباب منها بتكاليف الزواج لفقرها، فهذا ظرفٌ خاصّ، يشرِّع له الإسلام حكمه.

آخر نقطة أؤكِّد عليها هي أنَّ تلك القضيَّة جزئيةٌ من كلّ، أو لَبِنةٌ في بناء، وعندما تنظر لجزئيَّةٍ في كلٍّ أو لبنةٍ في بناء، لا يصحُّ النظر إليها خارج سياقها، فانظر للزكاة مثلاً ضمن النظام العامِّ للإسلام، وانظر للعقوبات ضمن النظام العامِّ للإسلام، وانظر لأحكام الأسرة والميراث وترتيب النفقات والوصايا ضمن النظام العامِّ للإسلام، لأنَّ بتر جزءٍ من كلّ، أو إخراج لبنةٍ من بناء، وإصدار حكمٍ عليها لا يستقيم مع ما تعارف عليه العلماء في النقد والبحث العلميّ؛ لأنَّه يؤدِّي إلى نتائج جائرةٍ وخاطئة على تلك الجزئيَّة، أو هذه اللبنة.
يجب أن تدرك جيِّداً أنَّ المسائل الفقهيَّة وأحكامها لا تسبح في فراغ، بل ترتكز على قِيَمٍ حاكمةٍ وقواعد ضابطة، وهذه القواعد ترتكز أيضاً على قواعد أشمل منها وأعمّ، وكلُّ هذا في نسقٍ متماسك، ولا يمكن اعتماد حكم فرعٍ من الفروع أو جزئيَّةٍ من الجزئيَّات، أو قضيَّةٍ من القضايا دون النظر والربط بينها وبين قواعدها الضابطة والقِيَم الحاكمة، وإلا اختلَّ البناء.
أرجو أن أكون قد ساهمت بهذه الكلمات في الإجابة على ما طلبت".

كانت هذه إجابة الأستاذ سعيد، والتي أجاب فيها عن الشِّقِّ الأوَّل من سؤالك يا أخي، أمَّا الشِّقِّ الثاني والمتعلِّق بشعور المرأة بامتهان التشريع الإسلاميِّ لها، فجوابه ذو شقَّين:
الشِّقُّ الأوَّل: في موقف المرأة من خلال قضيَّة "تعدُّد الزوجات".
الشِّقُّ الثاني: في موقف المرأة من خلال التشريع الإسلاميّ.

الشِّقُّ الأوَّل: في موقف المرأة من خلال قضيَّة "تعدُّد الزوجات":
المسألة باختصارٍ شديدٍ ليست تعنُّتاً ولا ظلماً للمرأة، فإضافةً لما سبق ذكره في حكمة تعدُّد الزوجات للرجل، وهو ما لا ينطبق على المرأة، تبقى قضيَّةٌ هامَّةٌ تعتبر من ضروريَّات الدين، وهي حفظ النسل وعدم اختلاط الأنساب، وزواج المرأة من أكثر من رجل يفسد ذلك كلَّه، فلا نعد نعرف هذا المولود ابن من، ولا جاء ممَّن، فيختلط الحابل بالنابل كما يقولون، وتضيع الأنساب، وتتلوها الحقوق والالتزامات، ونصبح مجتمعاً مختلطاً لا نعرف هذا من ذاك، فيتنكَّر الأب لالتزاماته نحو أولاده، ويلقي بتبعاتها على رجلٍ آخر، هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى يتزوَّج الأخ دون أن يدري من أخته، والأمُّ من ابنها، والأب من ابنته، وهكذا إلى ما لا نهاية له من الفساد المدمِّر المهلك، ولعلَّ بعضاً من هذا قد ظهر في الغرب اليوم، نتيجة عدم توثيق عقود الارتباط بين الرجل والمرأة، ونتيجة احتماليَّة ذهاب المرأة مع أكثر من رجل.
فالمسألة إذن حفظٌ للحقوق، وصيانةٌ للمجتمع من فسادٍ كبير، وليست تمييزاً وتفضيلاً للرجل على المرأة، لا من قريبٍ ولا من بعيد.

الشِّقُّ الثاني: في موقف المرأة من خلال التشريع الإسلاميّ:
كنَّا قد تطرَّقنا في استشارةٍ سابقةٍ لشبهة أنَّ الإسلام ضدُّ المرأة، ولنظرة الإسلام للمرأة وتكريمه لها، وعنوان هذه الاستشارة:
شبهة أن الإسلام ضد المرأة.. لا محلَّ لها أيضا
وكذلك للدكتور القرضاوي كلامٌ طيِّبٌ في ذلك، أنصحك بقراءته:
دور المرأة في الحياة

وخلاصة الأمر فيها أنَّ المرأة مع الرجل سواءً بسواءٍ فيما يتعلَّق بالتكاليف والالتزامات، والأهليَّة القانونيَّة أداءً ووجوبا، فخطاب الله تعالى للجميع: "يا أيُّها الناس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنَّ الله عليمٌ خبير"، "من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينَّه حياةً طيِّبةً ولنجزينَّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"، والمرأة ترث وتوَرِّث، ولها ذمةٌ مستقلةٌ تماماً عن زوجها أو أيٍّ من أوليائها.

ولأنَّ الإسلام دين الفطرة أيضا، ولأنَّ الله خلق -لحكمته البالغة- الخلق من ذكرٍ وأنثى، فإنَّه لا يقبل من أيٍّ من الجنسين أن يتخلَّى عمَّا ميَّزه الله به ليصبح صورةً مشوَّهةً من الجنس الآخر، فلقد خلق الله الرجل وميَّزه بقدراتٍ عضليَّةٍ وفسيولوجيَّة، كما خلق المرأة وميَّزها بإمكاناتٍ وقدراتٍ أخرى، وهذا لا يُنقِص من قدر أيِّهما، ولا يجعله أفضل من الآخر، وإنَّما كلٌّ ميَسَّرٌ لما خُلِق له وللوظيفة المطلوبة منه، وكلٌّ يحوز الأفضليَّة بقدر نجاحه وإتقانه القيام بوظيفته.

نهاية: هي دعوةٌ لإعادة الفهم من الطرفين:
الرجل: فلا يأخذ أمر التعدُّد ويتوسَّع فيه بإطلاقه دون الالتزام بشروطه: "تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعدَّ حدود الله فأولئك هم الظالمون".
والمرأة: فلا تُنكر ما أمر الله تعالى به: "وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرةُ من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينا".

هذا كان ردُّنا يا أخي الكريم، أتمنَّى من الله تعالى أن نكون "مشيراً مقنعاً يجيب إجابةً شافية"، وبانتظار إجابتك على تمنِّينا.

كما يوجد في الموقع عددٌ من الفتاوى المتعلِّقة بالمرأة، وبحكمة تعدُّد الزوجات، يحسن الرجوع إليها:
from Islamonline.net
2
417

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أم داله
أم داله
تسلمين ياحبيبتي على الموضوع القيم
وبصراحه دائما النساء متحيزات للشي هذا
السبب بوجهت نظري عند كل حرمه الغيره لدرجت الجونون
وحب التملك او النرجسيه اللي تخليها ترا ان الزوج حاجه من ممتلكاتها الخاصه
ولن تسمح لاحد بالاقتراب
اعتقد هذا اكبر سبب لرفض الشي هذا من النساء وانا اولهم
الله يعطيك العافيه على موضوعك المفيد والجاد
جلنار30
جلنار30
جزاك الله خير