تُعد سلاحاً ذا حدين

الملتقى العام

تُعد سلاحاً ذا حدين

«التسامح مع إساءات الخادمات».. الطيبة وحدها لا تكفي!


طفل توفي بعد أن أطعمته الخادمة سم الفئران «ارشيف الرياض»
الطائف، تحقيق - حسن الغامدي
تصحو العاملة المنزلية «روز» مبكراً لإعداد طعام الإفطار لأطفال مخدومها الثلاثة، وبعد خروج الأطفال مع والدهم ووالدتهم المعلمة، تعود «روز» إلى النوم حتى الساعة 11 ظهراً، لتنهض متثاقلة وتعد لنفسها الطعام، حيث تعج «الثلاجة» بأصناف الطعام والمعلبات، وبعد تناول وجبتها الصباحية، تشرع في تهيئة المنزل وتنظيفه وإعداد طعام الغداء للأسرة.
وعلى المائدة يتبادل أفراد الأسرة الحديث تارةً، ويتشاجر الأطفال تارةً أخرى، بينما «روز» تتناول طعامها بهدوء في المطبخ، عقب ذلك يتوسد كل فرد في المنزل فراشه ل«قيلولة» تمتد حتى الساعة السابعة مساءً، تبعاً لنهوض ربة المنزل، وعندما تنهض العاملة المنزلية تجد الأطفال يذاكرون دروسهم ووالدتهم تحضر لعمل يوم جديد، والأب يذرع الشوارع لشراء بعض الأغراض والمستلزمات وقضاء بعض الأمور، وتتفرغ الخادمة لغسل الملابس و«تنشيفها» و«كيّها»، وبالتالي إعداد طعام العشاء، ليعود المنزل الى هدوئه اليومي المعتاد حيث يغط الجميع في نوم عميق.
نموذج لباقي المنازل
ما ذُكر يُعد نموذجاً لما يحدث في المنازل، حيث ينحصر عمل الخادمة الروتيني في 8 ساعات تُمارس خلالها أعمال ربة الأسرة، وتكون كأنها في منزلها تعمل كيفما تشاء دون أي ضغوط في معظم الأحيان، بل وتصاحب الأسرة في الحفلات والمناسبات والنزهات، وحتى خروجهم للمطاعم والملاهي والأسواق، مما يجعلها فرداً من أفراد الأسرة لها ما لباقي الأفراد من حقوق، ورغم هذا الكرم من قِبل أرباب الأسر، إلا أن بعض الخادمات يظللن يمارسن بعض التصرفات السلبية التي من شأنها تفكيك الأسرة، ومضايقة الأطفال وكبار السن، ومع هذا تغادر المملكة بعد إصدار تأشيرة خروج نهائي دون عودة، وهي تحمل جميع مستحقاتها المالية، وتذكرة سفر على حساب الكفيل.
مطلب هام
ونظراً للكم الكبير من الخادمات في بلادنا، فإن البعض منهن يجدن صعوبةً في تعامل مخدومهن، وهن نسبة ضئيلة جداً، وهناك خادمات يفدن إلى البلاد ويحملن نوايا مسبقة للهروب من مخدومهن مهما كان مستوى تعامله معهن، بحثاً عن كسب سريع ولو بطرق غير نظامية ولا شرعية، وهذه التجاوزات يزيد عدد ممارسيها عاماً بعد آخر، ورغم ذلك تظل الخادمة مطلباً ملحاً للكثير من الأسر.

معاملة إنسانية
يقول المواطن «عبدالمغني تردي»: إنني استقدمت العديد من الخادمات ولم يجدن مني إلا كل تقدير، ولا أعلم لماذا يتجاهل البعض معاملتنا الانسانية للخادمات؟، ويبحثون عن أي إساءة، مضيفاً: «تعرضت بلادنا إلى حملة شرسة بسبب تصرف فردي من بعض الأشخاص، رغم أن شعب المملكة عرف بكرمه وأخلاقه ومعاملته الكريمة للعاملات في منازلهم، بل إن أغلبهم يعاملونهن كأنهن من أفراد الأُسرة، ويوفرون لهن الجو المناسب من مأكل ومشرب وكساء، ولكن بعض العاملات في المنازل يقابلن الإحسان بالإساءة إلى الأطفال أو الوالدين، رغم أنه تم إحضارهن من أجل خدمة أسرة الكفيل»، مشيراً إلى أنه سمع الكثير من المآسي التي حلت بأفراد الأسر من الخادمات، وكل ذلك يقابل بالتسامح من رب الأسرة، وترحيلهن الى بلادهن بعد صرف كامل حقوقهن.





الاعتماد على الخادمة غي تربية الأطفال قد ينتج مشاكل داخل المنزل



خسائر باهظة
ويوضح المواطن «حسين الشريف» أنه استقدم خادمتين في عام واحد وتكبد رسوم مالية باهظة تفوق 20 ألف ريال، ووفر للخادمتين جناحاً خاصاً بهن، يوجد فيه جميع احتياجاتهن للراحة، ولكنه فوجئ بهروبهما بعد فترة وجيزة، ويبدو أنهما خططا لذلك من قبل، لتبدأ إجراءات مطولة لاستقدام خادمتين جديدتين دون أي حفظ لحقوقه كرب أسرة متضرر، مبيناً أن العاملة المنزلية الهاربة من مكفولها، تجد عملاً في المنازل بأجر يصل إلى 2000 ريال شهرياً، تزيد خلال أشهر الصيف ورمضان إلى ثلاثة آلاف ريال، كما أن السمسار يأخذ مقابل توفير الخادمة خمسمائة ريال، حتى لو لم تعمل سوى يوم واحد، لافتاً إلى أن غالبية الخادمات المخالفات لأنظمة العمل والإقامة من مكة المكرمة، حيث يمكثون في هذه البلاد إثر تخلفهم بعد أداء العمرة!.
نوبة هياج
وتذمر المواطن «خالد الزهراني» قائلاً: أحضرت عاملة منزلية لخدمة أطفالي، إلا أنها كانت تعاملهم معاملة سيئة، بل وتضربهم وتعمل على تخويفهم، وقد اعتقدت في بداية الأمر أنهم يكذبون، مضيفاً: «اكتشفت زوجتي قيام الخادمة بالإساءة الى ابني الصغير، والذي أصبح «يتبول» على نفسه -أكرمكم الله- جراء عنفها غير المبرر، وعند مواجهتها أنكرت فعلتها، وعند سافرنا إلى جدة للتنزه، غافلتني العاملة المنزلية بعد أن انتابها نوبة «هياج» مفاجئة وألقت بنفسها من الدور الثالث، مما تسبب في إلحاق عدد من الاصابات بها، وقد أصيب أطفالي بالخوف والهلع من هذا الأمر»، مشيراً إلى أنها لو طلبت منه ترحيلها عن البلاد لما تردد في ذلك، رغم أنه لم يمض على عملها سوى عدة أشهر فقط، ولكن بعد ذلك لم يتردد عن تسفيرها، خاصة وأنها غير سوية في تعاملها.
من يعوضني؟
وبنبرة حزن يقول المواطن «عبد الله . ز»: اكتشفت أن العاملة المنزلية تمارس بعض الأفعال السلبية، وقمت بانهاء إجراءات سفرها فوراً، متسائلاً: من يعوضني عن خسائري التي تحملتها؟، ومن يكترث لحالتي؟، فأنا لدي أطفال وزوجتي تعمل في سلك التعليم، مما اضطرني إلى حملهم في الصباح الباكر، وتركهم عند والدتي المسنة، والتي هي بدورها تحتاج إلى الرعاية، ولكن ظروفي تقتضي ذلك.
باب الشقة مفتوح
ويشير المواطن «صالح الحارثي» إلى أن زوجته تعمل موظفة، ولديه أطفال يحتاجون الرعاية، وعندما استقدم عاملة أخبرها بظروفه، وبحمد الله مرت الشهور الأولى على خير ما يرام، وبعدها حدثت المفاجأة، عندما عادت زوجته من العمل ووجدت باب الشقة مفتوحاً، والأطفال في حالة ذعر وخوف، مع اختفاء العاملة وسرقة مبلغ من المال وبعض المقتنيات، ذاكراً أنه بدأ في معاناة أخرى من خلال الابلاغ والبحث عنها، والتقدم للجهات ذات الاختصاص لاحضار خادمة جديدة بعد فترة محددة، ليتكبد خسائر مالية، وانتظار طويل لاحضار خادمة أخرى، ولا حول ولا قوة الا بالله.
طلباتها مجابة
المواطن «محمد فهد» له تجربة من نوع آخر، حيث يقول: اضطرتني الظروف إلى إحضار خادمة لوالدتي المقعدة لرعايتها والاهتمام بها، ولأهمية هذا الأمر، فقد كانت جميع طلباتها مجابة، إلا أن العاملة بعد حضورها بفترة وجيزة تركت المنزل وولت هاربة، وتم ابلاغ الجهات الأمنية بهروبها، وإلى الآن لم أخرج بنتيجة، مضيفاً أنه صرف أكثر من ثمانية آلاف ريال دون فائدة، متسائلاً: من يحمينا من هذه الخسائر المادية؟، بالإضافة إلى المعاناة المستمرة.
علاقات حميمة
ويقول المواطن «إبراهيم الحمامي»: إنه ما يحز في النفس ما تتناقله وسائل الإعلام وبعض الفضائيات من إساءة لأبناء المملكة وهذه البلاد الطاهرة، وكأنهم جميعم يعاملون العاملات معاملة سيئة وجافة، رغم أن النسبة الأكبر من العاملات يلقون المحبة والتقدير، إلى جانب استلام كافة حقوقهم وترحيلهم والذهاب بهم وتوديعهم في المطار، كما أن بعض العاملين والعاملات أمضوا سنوات عديدة بيننا، وتربطنا بهم علاقات وصداقات حميمة، بل ويقطنون في منازلنا، ويأكلون معنا ويتمتعون بالحرية من خلال الخروج والسفر وحضور المناسبات الخاصة والزواجات، متسائلاً عن النسبة بين عدد الإساءات التي يتعرض لها الخادمات وبين ما تتعرض له الأسر من إساءات على يد الخادمات، لافتاً إلى أن ما يحدث على يد الخادمات من الاساءات أكبر، ولكننا شعب طيب القلب، ولا نحمل ضغينة في قلوبنا، ذاكراً أن التسامح يغلف تعامل المواطن وسلوكياته على الدوام
0
340

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️