

الحمد لله على إحسانه ،، والشكر له على توفيقه وامتنانه
ابدأ مشروعي لسورة يونس بكلمات عن تدبر القرآن
فتدبر القرآن وتفهمه والوقوف عند عجائبه فيه تنشرح الصدور
وتستنير القلوب وتُشْفَى من جميع عللها وتعلقها بالله والدار الآخرة .

في رحاب تدبر الاية 12 من سورة يونس
﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ
ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
وهذا إخبارٌ عن طبيعةِ الإنسان مِن حيثُ هُو، وأنَّه إذا مَسَّه ضُرٌّ-
مِن مَرضٍ أو مُصيبةٍ- اجتهد في الدُّعاءِ، وسأل اللهَ في جميع
أحواله، قائمًا وقاعدًا ومُضطجعًا، وألَحَّ في الدُّعاءِ؛ ليَكشِفَ اللهُ عنه ضُرَّه.
فلَمَّا كشفنا عنه الشِّدَّةَ التي أصابته، استمر في غفلته مُعرضًا عن رَبِّه، كأنَّه
ما جاءه ضُرٌّ، فكشفه اللهُ عنه، فأيُّ ظُلمٍ أعظمُ من هذا الظُّلم؟!! يَطلُبُ من
الله قضاءَ غَرَضِه، فإذا أناله إيَّاه لم يَنظُر إلى حَقِّ رَبِّه، وكأنَّه ليس عليه للهِ
حَقٌّ. وهذا تزيينٌ من الشيطان، زَيَّنَ له ما كان مُستهجَنًا مُستقبَحًا في
العُقول والفِطَر. كذلك زُيِّنَ للذين أسرفوا في الكَذِبِ على اللهِ وعلى أنبيائِهِ ما
كانوا يعملون من معاصي الله والشِّرْكِ به.
"تفسيرُ السَّعديّ والتَّفسيرُ المُيَسَّرُ"


المغامسي: تفسير واذا مس الانسان الضر
كيف يتميز المؤمن حال نزول المصيبة عن غيره ؟!
- لقد وصف الله عامة الناس بقوله: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما
فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين
للمسرفين ما كانوا يعملون} (يونس: 12)،
هذه حال عامة الناس، أما المؤمن فهو على خير مع ربه عز وجل حال الرخاء،
فإذا نزلت به شدة علم أنه ابتلاء من الله وتكفير لذنوبه، أو رفع لدرجاته،
فيتحصن بالصبر قلبا وقالبا، ويتذكر قول الله عز وجل:
{الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}،
وفزع إلى الصلاة والدعاء يسأل الله رفع المصيبة وزوال الكرب،
بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله صلى الله عليه وسلم :
«ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من
بلايا الدنيا دعا به يفرج عنه؟» فقيل له: بلى.. فقال:
« دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين » (السلسلة الصحيحة).
وحتى لو طالت المصيبة فإنه يعلم أن الفرج قريب من عند الله وان
مع العسر يسرا ولا يقنط من رحمة الله،
ويؤمن بأن الابتلاء على قدر الإيمان, «وأن أشد الناس بلاء الأنبياء
ثم الأول فالأول » البخاري..
ولا يسخط مهما حاول الشيطان أن يلقي في قلبه من القنوط
والتذمر، ويستعين بالصلاة، وبالأخوة الصادقة، وبسيرة الصالحين.
فإذا انكشف الغم وزال البلاء، سجد شكراً لله أن أعانه
بالصبر وأن كشف عنه الشدة، ويتذكر حديث النبي :
« مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا
يزال المؤمن يصيبه البلاء، ومثل المنافق كمثل شجرة
الأرَز لا تهتز حتى تحصد » متفق عليه ..
ويكون حاله بعد البلاء خيرا من حاله قبل، وإذا طالت المصيبة حتى
انتهت حياته تذكر حديث النبي : « ليودن أهل العافية
يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض مما يرون
من ثواب أهل البلاء » حسنه الألباني.


ما من انسان الا ويحب ان يستجيب الله له عند الدعاء في كل حال وخصوصا عند الشدائد.
لكــــــــن؟؟؟؟
في حديث الترمذي عن ابي هريرة رضي الله عنه:
"من سره ان يستجيب الله تعالى له عند الشدائد والكروب فليكثر الدعاء في الرخاء".
ولكن حال الانسان كما وضح القران الكريم:
"واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا
عنه ضره مر كان لم يدعنا الى ضر مسه".
ونسي ما كان به من قبل .. ونسي انه لا كاشف للضر الا الله
أورد عن الضحاك بن قيس أنَّه قال:
" اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدَّة،
إنَّ يونس عليه السلام كان يذكر اللهَ، فلمَّا وقع في
بطن الحوت قال الله تعالى:
{ فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }،
وإنَّ فرعونَ كان طاغياً ناسياً لذكر الله، فلمَّا أدركه
الغرقُ قال: آمنتُ،
فقال الله تعالى: { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ } "

وإنَّ من التعرُّف على الله في الرخاء أن يجتهد العبدُ في حال رخائه
بالتقرُّب إلى الله وطلبِ مرضاته، والإكثار من الأعمال الصالحة
المُقرِّبة إليه،كالبر والصلة، والصدقة والإحسان، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من وجوه البِرِّ وسُبل الخير
" وحديث الثلاثة الذين دخلوا الغارَ وانطبقت عليهم الصخرةُ " يشهد لهذا،
فإنَّ الله فرج عنهم بدعائهم بما كان منهم من الأعمال الصالحة
الخالِصة في حال الرخاءمن بر الوالدين، وترك الفجور، والأمانة الخفية.
أسأل الله الثبات و حُسن العمل وصِدق اليقين لنا و لكم ، و أن يوفقنا لشُكر نعمته
و يفرّج عن المهمومين همومهم و ينفّس كرباتهم و يصبّرهم و
يبشّرهم بكل خير في الدنيا والآخرة


أختم بتلاوة خاشعة رائعة للآيات بصوت الشيخ ناصر القطامي
الله يجزاك الجنه
جميله جدا هالبطاقه
اللهم آمين