تعلمنا الحياه

الملتقى العام

حينَ نراقب حياتنا، نلحظ أمرًا مدهشًا للغاية، خلاصته أنك تتقلب بين حال ابتلاء و تمحيص، و بين حال نشوة و فرح، و بين حياة و همة و فتور!
سنقول تقلبات الحياة، هي هكذا، علينا أن نصبر، الأمل قريب جدًا، ستضحك لنا الحياة.. الخ و البعض يقول لا راحة في هذه الدار.
كل ما قيل صحيح فعلاً، لكن زاوية أخرى جميلة و فسيحة، تخبرك أن الله جل في علاه يهذّب روحك و يعلّمك، تأمل كيف يربيّك باختبارك مرّة ثم إذا مافهمت و أدركت أنعم عليك و كافاءك بأجمل مما كنت تتصور، و تبقى روحك تحتاج لتهذيب أكثر فيبتليّك مرة أخرى، ينعم عليك بالتعليم النظري ثم يدخلك في تجربة تنقلك إلى واقعك فتزيد إدراكًا!، يكرمك بآخرين يشدّون من عزمك، ثم يظهر لك نفسك دونهم فتدرك أنه هو الحقيقة الباقيّة و المعيّة الدائمة، فتوازن بهذا بين حبك له و حبك لهم، و تعرف كيف تجعل حبهم في سبيّله، يختبرك مرّة في أقرب ما لديّك لتزداد تجرّدًا له، و تسعى لوضع الأمور في موضعها الصحيح
لم أجد أجمل و أعظم تربيّة من هذه، و كل ما تأملتها أقف في دهشة و خشيّة، يربيّنا، يمحّصنا ثم يكرمنا، لنكون مهيأين لهذا الكرم، و مدركين أن معنى الشكر في العمل لا بالقول وحده.
و يبقى الانسان صغيرًا بالنسبة لكل ما حوله، لكنه حين يكبر في كل صلاة “ الله أكبر” يتسع قلبه لكل شيء، فلا يجد في نفسه غير عظمة موصولة بالله، و أن حبه و صحبته أعظم من كل مافي الكون
و كما يقول ابن عطاء السكندري
“لا ترحل من كون إلى كون، فتكون كحمار الرحى؛ يسير والمكان الذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه، ولكن ارحل من الأكوان إلى المكون وأن إلى ربك المنتهى”
هذه حلقة الكون المفرغة في نفسك تسير و تسير، و مع كل تهذيب تدرك أن عليك اللجوء و الرحيل إلى من هو منتهاك و منجاك و ربك.
قرأت مرّة عن آية سورة الكهف “ قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا”
تكرار كلمة “ ربي” ثلاث مرات في آية واحدة تعطي معنى القول و الإقرار بأنه ربك، الذي ربّاك و يربيك، و من لحظتها كانت الكلمة الأقرب إلى قلبي، و فيها من المعاني ما لا تسعفني لغتي في قوله، لكن حياتنا كلها تسير في محورها
“ ربي”
0
309

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️