
عن ابى هريرة - رضى الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : ان الله تعالى
يقول : ( ياابن أدم تفرغ لعباتى املا صدرك غنى واسد فقرك والا تفعل ملآت يديك شغلآ ولم
أسد فقرك ) .

فى هذا الحديث يبين الله عز وجل
فضلية التوكل على وتفرغ القلب لعبادة الله وحده وعدم شغل البال الا بعبادة الله والتفكير فى احوالها ومحاولة ادائها كاملة بالطريقة التى يرضاه الله ويرضى بها على صاحبها فى هذا الحديث خطاب ربانى الى ابن أدم
يامره الله بفعل شىء ويعده مكافأة عليه جائزتين وليست جائزة واحدة لان الله كريم يعطى عطاء بلا حدود يامره بان يجعل ذهنه وعقله وقلبه وكل همه متعلقا بعبادة الله والتفكير فيها وحفز الهمهم لهذا
الامر الخطير الذى هو غاية الخلق والذى من اجله خلق الله الخلق
وصدق الله اذ يقول : ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) فعبادة الله هى الغايه السامية
ولذلك امرنا الله فى هذا الحديث بالتفرغ للعبادة له وحده وهذا هو الامر والعبادة ليست الصلاة والصيام
والزكاة والحج فقط والا لتوقفت عجلة الحياة ولما فضل بعض الناس على بعض ولما رفع الله الناس درجات.
لكن العمل النافع عبادة والعمل الذى يتقوت منه الانسان ليغنى نفسه عن سؤال الناس وينفق على بيته
واسرته ويتصدق عباده واى عمل مادام حلالا فهو عباده لانه جهاد من اجل الانفاق على من يلزمه
الانفاق عليهم من اب او ام او زوجة او ابناء وعدم احراجهم وتعرضهم للسؤال
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لئن تذر ( اى تترك ) ورثتك اغنياء خيرا من ان تتركهم
عالة يتكففون الناس " هذا للورثة بعد الموت فما بالك بحقهم عليه اثناء حياته !!
الاخلاص فالعمل عبادة الكلمة الطيبة صدقة والصدقة عبادة والاصلاح بين الناس عبادة والقاء السلام
على المسلمين عبادة ومواساة المسلمين فى احزانهم عبادة ومشاركة الاهل والجيران والاقارب
عبادة وصلة الرحم عبادة والسعى فى قضاء حاجة الناس عبادة اذن اوجه العبادة كثيرة وابواب
العبادة متعددة .

وليس معنى ( تفرغ لعبادتى )
ان نلزم المساجد ولانفعل مصلحة او نترك العمل لكن الله يريد المسلم ان يكون وهو
فى اى حالة ان يكون فى حالة عبادة
لله يذكر الله فى السيارة وفى الطريق ويراقب الله فى عمله يحسن خلقه يكون امينا فى تعاملاته
ومعاملته فكل هذه عبادة .
( تفرغ لعبادتى ) هذا هو الامر اما الوعد فهو المكافأة بجزاءين الجزاء الاول:
املآ صدرك غنى هذه منزلة عالية فى النفوس وهى ان يرزقه الله القناعة ؛ والقناعة كنز لايفنى
وان يرضيه الله باى شىء فيشعر بانه اغنى الاغنياء ذلك لانه وتوكل على الله ووثق بما عند الله.
الجائزة الثانية : ( اسد فقرك ) : وعد من الله ان يسدد عنه ديونه وان لا يجعله يشعر بالفقر وان
يستر عليه فى دنياه حتى لايمد يده لآحد ولايذل نفسه لمخلوق ؛ وهنا يعلمنا الله - عز وجل - انه تكفل
ان لا يحوج العابد له المخلص فى عبادته ولا يجعله فقيرا ويرزقه القناعة والرضى والستر.
واذا وعد الشريف فى قومه اوفى بوعده فما بالكم بالرب الكريم !!
ولا اوفى من الله اما من بعد عن طريق الله وترك عبادة الله ولم يبال بها فان الله يعاقبه بعقوبتين :
الاول ( ملآت يدك شغلا ) اى لم يبارك له فى وقته ولا فى ماله وجعل الدنيا تليهيه دائما يركض فيها
ركض الوحش فى البرية ولا يناله منها الا ماكتب الله له ؛
والعقوبة الثانية : ( ولم اسد فقرك ) وعد من الله ان يجعله محتاجا دائما لا يشعر بغنى ولا بقناعة ولا برضى ؛ نفسه شرهة لحب المال ولا يشبع .
فهكذا ايها الاحباب يريد الله منا ان نكون دائما فى عبادة له حتى يكفل لنا الرزق ويبارك لنا فيه ويرزقنا القناعة ويجعل غنانا فى قلوبنا اما من يخالف منهاج الله ولم يهتم بعبادة الله فان الله يجعل فقره بين عينيه .

اللهم ثبتنا على دينك
وصلى الله على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون