،،،،تفسير سورة الكهف ،،، ما تعرفونه وما لا تعرفونه عن سورة الكهف

ملتقى الإيمان

السلام عليكم بنات

حبيت أشارك الليله بتفسير سورة الكهف أدري ان الغالبيه العظمى يرى أن الموضوع مستهلك ويعرف جزء من تفسير السورة خاصة وأننا نقرأها كل أسبوع وفيها الكثير من الأحداث والعظه

وبصراحه أنا حابه أن الإدارة تثبت موضوعي أو أن تعرضه كل جمعه لأنني حابه يكون وقف عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له )

وإن شاء الله هذا علم ينتفع به
فيه ملاحظتين هامتين
1/ أن بعض كتب التفسير فيها من كلام اهل الكتاب بس الأفضل تركه
2/ أن أكثر الناس تتهم في رمضان بقرأة القرآن أكثر من إهتمامه بتفسيره ، مع رمضان فرصه لقرأة القرأن وتفسيره وترا سمعت من بعض المشائخ أن هجر القرآن أنواع منها هجر قرأته وهجر العمل به وهجر معرفة أحكامه وتفسيره
حاولت أنزله بصيغة الوورد عشان كل وحده تحتفظ به وتتطلع عليه وقت ما تبي بس عيا يضبط معي ياليت اللي تعرف تقولي

على فكره أنا أخذت التفسير من كتاب تفسير القرآن لإبن كثير موجود على النت وفيه كذلك تفسير السعدي مره حلو وقيم
هذا الجزء الأول وإن شاء الله الأسبوع الجاي بنزل الجزء الثاني


ذكر في فضلها والعشر الآياتالأولى منها وآخرها أنها عصمة من الدجال:

قالالإمام احمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق: قال سمعت البراء يقول:قرأ رجل الكهف، وفي الدار دابة فجعلت تنفر فنظر فإذا ضبابة أو – سحابة، قد غشيته،فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اقرأ فلان، فإنها السكينة نزلت عندالقرآن، أو تنزلت للقرأن " أخرجاه في الصحيحين، والرجل هو أسيد بن الخضير

وعن أبي الدرداء،عن النبي صلى الله عليه وسلم " من حفظ عشر آيات من أول سور الكهف عصم منالدجال " رواه مسلم وأبي داود.

سبب نزول السورة:

عن محمدبن إسحاق قال: حدثني شيخ من أهل مصر عن عكرمه عن أبن العباس قال:

بعثتقريش النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهمسلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم منليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسولالله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله وقالا : إنكم أهل التوراة وقدجئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا ، قال فقالت لهم (أي اليهود) : سلوه عن ثلاث نأمركمبهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم : سلوهعن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم ؟ فإنهم قد كان لهم حديث عجيب،وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه؟ وهذه زيادة من الطبري

فإنأخبركم بذلك فهو نبي فأتبعوه وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدالكم.

فأقبلالنضر وعقبه حتى قدما على قريش فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبينمحمد فقد أمرنا أحبار اليهود أن نسأله عن أمور فأخبروهم بها فجاؤوا رسول الله صلىالله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا فسألوه عم أمروهم به أحبار اليهود فقالالرسول صلى الله عليه وسلم " أخبركم غدا بما سألتم عنه " ولم يستثن (أي لم يقل أن شاء الله )، فانصرفوا عنه ومكث رسول اللهصلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحياً ولا يأتيه جبريل عليه السلام حتىأرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غداً واليوم خمس عشرة قد اصبحنا فيها لا يخبرنابشيء عما سألناه عنه حتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه ، وشقعليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند الله عز وجل بسورةأصحاب الكهف فيها معاتبة له على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجلالطواف أما الروح فقد نزل قوله تعالى فيسورة الإسراء " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم العلم إلا قليلاً" .



أماتفسير الأبيات فقوله تعالى" الحمد لله الذي أنزل على عبدهالكتاب ولم يجعل له عوجا*قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذينيعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا * ما كثين فيه ابدا * وينذر الذين قالوا أتخذالله ولدا * ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولونإلا كذبا"

أي أنهتعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتيمها فإنه المحمود على كل حال ، ولهذاحمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإنهأعظم نعمه أنعمها على اهل الأرض إذ أخرجهم من الظلمات إلى النور حيث جعله كتاباًمستقيماً لا إعوجاج فيه ولا زيغ بل يهدي إلى الصراط المستقيم وينذر لمن خالفهوكذبه ولم يؤمن به وينذره بأساً شديداً عقوبة عاجلة في الدنيا وآجله في الأخرة منعند الله ، ويبشر المؤمنين بهذا القرآن الذين صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح أن لهممثوبة عند الله جميلة ما كثين في ثوابهم عند الله وهو الجنة خالدين فيه أبدا لازوال له "وينذر الذينقالوا أتخذ الله ولدا" أي مشركو العرب في قولهم نحن نعبد الملائكة وهمبنات الله ، "مالهم بهمن علم" أي بهذا القول الذي افتروه وأئتفكوه من علم ولا أسلافهم ،كبرت كلمة تخرج من أفواههم أي أعظم كلمتهم بكلمه وفي هذا تبشيع لمقالتهم واستعظاملإفكهم ، أي ليس لها مستند سوى قولهم ولا دليل لهم عليها إلا كذبهم وافترائهمولهذا قال " إن يقولونإلا كذبا"

" فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لميؤمنوا بهذا الحديث أسفا " يقول تعالى مسلياً رسوله صلى الله عليهوسلم في حزنه على المشركين لتركهم الإيمان وبعدهم عنه وكلمة باخع: أي مهلك نفسكبحزنك عليهم إن لم يؤمنوا بالقرآن ولا تأسف عليهم بل أبلغهم رسالة الله فمن أهتدىفلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.

وقولهتعالى " إنا جعلنا ماعلى الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ً" أي أن الله جعل الدنيافانية مزينة بزينة زائله وإنما جعلها دار إختبار لا دار قرار

وقولهتعالى "وإنا لجاعلون ماعليها صعيداً جرزا " أي إنا لمصيروها بعد الزينه إلى الخراب والدمارفنجعل كل شيء عليها هالكاً لا ينبت ولا ينتفع به وإن ما عليها فان هالك وإن المرجعلإلى الله فلاتأس ولا تحزن ما تسمع وترى



الآن ندخل في الرد على أحبار اليهود بداءً بقصة أصحاب الكهف

" أم حسبت أن أصحاب الكهفوالرقيم كانوا من آياتنا عجبا * إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنكرحمة وهيئ لنا من أمرنا رشد * فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا * ثم بعثناهملنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا*"

أي حسبتيا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من أياتنا عجبا أي ليس أمرهم عجباً فيقدرتنا وسلطاننا فإن خلق السموات والأرض والليل والنهار وغير ذلك من الأياتالعظيمة الداله على قدرة الله تعالى وأنه على ما يشاء قادر ولا يعجزه شيء أعجب منأخبار أهل الكهف، وعن مجاهد في تفسير الأية يقول قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلكوقال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الآية أي الذي أتيتك من العلم والسنةوالكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم.

أما معنىالرقيم فإختلف فيه قيل إنه هو الوادي وقيل هو الجبل، وفي تفسير آخر أنه لوح منالحجارة وهو الكتاب الذي كتبوا فيه قصة أصحاب الكهف ثم وضعوه على باب الكهف هذا الرأي أصوب والله أعلم.

ويخبرالله عن أولئك الفتية الذين فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه فهربوا ولجأواإلى غار في جبل ليختفوا عن قومهم فقالوا حين دخلوا سائلين من الله تعالى رحمتهولطفه بهم "ربنا أتنا منلدنك رحمه " أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها تسترنا من قومنا وقدرلنا من أمرنا هذا رشدا أي أجعل عاقبتنا رشدا كما جاء في الحديث : ، وقوله "فضربناعلى آذانهم في الكهف سنين عددا " أي القينا النوم حين دخلوا إلى الكهففناموا سنين كثيرة ، ولهذا قال "ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا" أي المختلفين بهمأحصى عددا وقيل غاية فإن الأمد غاية.

"نحن نقص عليك نبأهم بالحقإنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا ربالسموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا * هؤلاء قومنا اتخذوا مندونه آلهه لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن أفترى على الله كذبا * وإذأعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم ويهيئ لكم من أمركممرفقا "

من هناشرع في بسط القصه وشرحها فذكر تعالى أنهم فتية – وهم شباب – وهم أقبل للحق وأهدىللسبيل من الشيوخ، فألهمهم الله رشدهم وآتاهم تقواهم فأمنوا بربهم أي أعترفوابالوحدانية وشهدوا أنه لا إله إلا الله.

وقوله "زدناهم هدى" وأستدلبهذه الآية غير واحد من الأئمة كالبخاري وغيره: إلى زيادة الإيمان وتفاضله وأنهيزيد وينقص لهذا قال تعالى "وزدناهم هدى " وذكر البعض ان هؤلاء الفتية على دين عيسى عليه السلام والظاهرأنهم كانوا قبل ملة النصرانية ولو كانوا على دين النصرانية لما أعتنى أحبار اليهودبحفظ خبرهم وأمرهم وهذا الرأي أصوب والله سبحانه وتعالى أعلم.

"وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالواربنا رب السموات والأرض " صبرناهم على مخالفة قومهم ومدينتهم ومفارقةما كانوا فيه من العيش الرغيد والسعادة والنعمة ، فإنه قد ذكر غير واحد منالمفسرين أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم وسادتهم وأنهم خرجوا يوماً في بعض أعيادقومهم وكان لهم مجتمع في السنة يجتمعون فيه في ظاهر البلد ، وكانوا يعبدون الأصناموالطواغيت ويذبحون لها وكان لهم ملك جبار عنيد يقال أن أسمه دقيانوس والله أعلموكان يأمر بذلك ويحثهم عليه ، فلما خرج الناس لمجتمعهم ذلك خرج هؤلاء الفتية معآبائهم وقومهم ونظروا إلى ما يصنع قومهم بعين بصيرتهم وعرفوا أن هذا الذي يصنعهقومهم من السجود لأصنامهم والذبح لها لا ينبغي إلا لله الذي خلق السموات والأرض

كيف أجتمعوا هؤلاء الفتية وهذه بحق قصة عجيبه؟

انهم بعدأن رأوا ما عليه قومهم من الشرك بالله جعل كل واحد منهم يتخلص من قومه وينحاز منهمويتبرز عنهم ناحية، فكان أول من جلس وحده أحدهم جلس تحت ظل شجرة فجاء الآخر فجلسعنده وجاء الآخر فجلس إليهما وجاء الآخر وجلس معهم ثم جاء الآخر والآخر وهكذا،وكان لا يعرف واحد منهم الآخر إنما جمعهم هناك الذي جمع قلوبهم على الإيمان.

و الغرضأنه جعل كل واحد منهم يكتم ما هو فيه عن أصحابه خوفاً منهم ولا يدري أنه مثله حتىقال أحدهم تعلمون والله يا قوم أنه ما أخرجكم من قومكم وأفردكم عنهم إلا شيءفليظهر كل واحد منكم ما بأمره ، فقال آخر أما أنا فإني ولله رأيت ما قومي عليهفعرفت أنه باطل وإنما الذي يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به شيء هو الله الذي خلقكل شيء ، فقال الآخر : أنا و الله وقع لي كذلك وقال الآخر كذلك حتى توافقوا علىكلمه واحده فصاروا يداً وإخوان صدقفأتخذوا معبداً يعبدون الله فيه فعرف بهم قومهم فوشوا بأمرهم إلى ملكهم فاستحضرهمبين يديه فسألهم عن أمرهم وما هم عليه فأجابوه بالحق ودعوه إلى الله عزوجل ولهذاأخبر تعالى عنهم بقوله "وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات و الأرض لن ندعوا من دونه إلها" ولن لنفي التأبيد ، أي لايقع منا هذا أبداً لأنا لو فعلنا ذلك لكان باطلاً ، ولهذا قال عنهم " لقد قلنا إذا شططا" أيباطلاً وكذباً وبهتاناً .

"هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه ألههلولا يأتون عليهم بسلطان بين " أي هلاأقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلاً واضحاً صحيحاً؟ " فمن أظلم ممن أفترى على الله كذبا" يقولون: بل هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك فيقال : إن ملكهم لما دعوه إلى الإيمان باللهأبى عليهم وتهددهم وتوعدهم وأمر بنزع لباسهم عنهم الذي كان عليهم من زينة قومهموأجلهم لينظروا في أمرهم لعلهم يراجعون دينهم الذي كانوا عليه ، وكان هذا من لطفالله بهم فإنهم في تلك النظرة توصلوا إلى الهرب منه ، والفرار بدينهم من الفتنة ،وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس أن يفر العبد منهم خوفاً على دينه كماجاء في الحديث رواه البخاري في صحيحه ، ففي هذه الحال تشرع العزلة عنالناس ، ولا تشرع فيما عداها ، لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع .

فلما وقععزمهم على الذهاب والهرب من قومهم أختار الله تعالى لهم ذلك وأخبر عنهم بذلك فيقوله " وإذا اعتزلتموهموما يعبدون إلا الله " أي وإذا فارقتموهم وخالفتموهم بدينكم فيعبادتهم غير الله ، ففارقوهم أيضاً بأبدانكم " فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته " أييبسط عليكم رحمة يبشركم بها من قومكم " ويهيئ لكم من أمركم" أي الذي أنتم فيه " مرفقا" أي أمراًترفقون به فعند ذلك خرجوا هرباً إلى الكهف فأووا إليه ففقدهم قومهم من بين أظهرهموتطلبهم الملك فيقال : إنه لم يظفر بهم وعمى الله عليه خبرهم ، كما فعل بنبيه محمدصلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق حين لجأ إلى غار ثور وجاء المشركون في طلبهمفلم يهتدوا إليه مع أنهم كانوا يمرون عليه .

فقصة هذاالغار أعظم وأجل من قصة أصحاب الكهف

"وترى الشمس إذا طلعتتزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك منآيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا "

وهذادليل على أن باب أهل الكهف من ناحية الشمال لأن الله تعالى أخبر أن الشمس إذادخلته عند طلوعها تزوار عنه "ذات اليمين " أي تقلص الفئ يمنه كما قال إبن عباس وسعيد بن جبير وقتادة"تزوار " أيتميل وذلك أنها كلما أرتفعت في الأفق تقلص شعاعها بإرتفاعها حتى لا يبقى منه شيءعند الزوال في مثل ذلك المكان ولهذا قال "وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال " أي تدخل الى غارهم منشمال بابه وهو ناحية الشرق.

ومعنىكلمة "تقرضهم "عنابن عباس ومجاهد بمعنى تتركهم. "وهمفي فجوة منه " أي متسع منه داخلاً بحيث لا تمسهم إذ لو أصابتهم لأحرقتأبدانهم وثيابهم قاله ابن عباس ، ولم يخبر الله تعالى عن مكان هذا الكهف في أيالبلاد من الأرض إذ لا فائدة لنا فيه ولا قصد وقد تكلف بعض المفسرين فيه أقوالاً ،وقال ابن عباس في بلاد أيله ، وقيل في بلاد الروم ، ولو كان فيه مصلحه دينيةلأرشدنا الله ورسوله إليه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ، " ذلك من آيات الله " حيث أرشدهم تعالىإلى هذا الغار الذي جعلهم فيه احياء والشمس والريح تدخل عليهم فيه لتقي أبدانهم ، " من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلت تجد له وليا مرشدا"أي هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية من بين قومهم فإنه من هداه الله اهتدىومن أضله فلا هادي له.

"وتحسبهم أيقاظا وهم رقودونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليتمنهم فرارا ولملئت منهم رعبا"

ذكر بعضأهل العلم أنهم لما ضرب الله على آذانهم بالنوم، لم تنطبق أعينهم لئلا يسرع إليها البلى،فإذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبقى لها ولهذا قال تعالى" وتحسبهم أيقاظا وهم رقود "، ويُذكر عنالذئب أنه ينام فيطبق عيناً ويفتح عيناً ثم يفتح هذه ويطبق هذه وهو راقد.

وقولهتعالى "وكلبهم باسطذراعيه بالوصيد " قال بعض السلف يقلبون في العام مرتين وقال ابن عباس:لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض، وقوله " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " قال ابن عباس وغيرهالوصيد هو الفناء وهو الباب، ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب

قال بنجريج يحرس عليهم الباب وهذا من سجيته وطبيعته، حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم وكانجلوسه خارج الباب لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب كما ورد في الصحيح، وشملتكلبهم بركتهم فاصابه ما اصابهم من النوم على تلك الحال وهذا فائدة صحبة الأخيارفإنه صار لهذا الكلب ذكر وشأن.

وقولهتعالى " لو اطلعت عليهملوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا" أي انه تعالى ألقى عليهم المهابةبحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابه لما ألبسوا من المهابة والذعر لئلا يدنو منهمأحد ولا تمسهم يد لا مس حتى يبلغ الكتاب أجله وتنقضي رقدتهم التي شاء الله تباركوتعالى فيهم لما له في ذلك من الحجة والحكمة البالغة والرحمة الواسعة.

" وكذلك بعثناهم ليتساءلوابينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بمالبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزقمنه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا * إنهم إن يظهروا عليكم برجموكم أو يعيدوكم فيملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا *"

يقول تعالى:وكما أرقدناهم بعثناهم صحيحة أبدانهم وأشعارهم وأبشارهم، لم يفقدوا من أحوالهموهيأتهم شيئاً وذلك بعد ثلاثمائة وتسع سنين ولهذا تساءلوا بينهم " كم لبثتم " أيكم رقدتم؟ " قالوا يوماًاو بعض يوم" كأن كان دخولهم الكهف في أول النهار واستيقاظهم كان فيآخره ولهذا استدركوا فقالوا "أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم " أي الله أعلم بأمركم وكأنهحصل لهم نوع تردد في كثرة نومهم فالله أعلم.

ثم عدلواإلى الأهم في أمرهم إذ ذاك وهو احتياجهم إلى الطعام والشراب فقالوا " فابعثوا أحدكم بورقكم "أي فضتكم هذه وذلك أنهم كانوا قد استصحبوا معهم دراهم من منازلهم لحاجتهم إليها،فتصدقوا منها وبقي منها، فلهذا قالوا " فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة " أي مدينتكمالتي خرجتم منها

" فلينظر أيها أزكى طعاماً" أي أطيبطعاماً وقوله أي في خروجه وذهابه، وشرائه وإيابه، يقولون: وليتخف كل ما يقدر عليه " ولا يشعرن " أييعلمن " بكم أحدا * إنهمإن يظهروا عليكم يرجموكم " أي إن علموا بمكانكم يعنون أصحاب الملك(دقيانوس) يخافون منهم أن يطلعوا على مكانهم، فلا يزالون يعذبونهم بأنواع العذابإلى أن يعيدوهم في ملتهم التي هم عليها أو يموتوا، وإن والوهم على العود في الدينفلا فلاح لكم في الدنيا ولا في الآخرة ولهذا قال " ولن تفلحوا إذا أبدا "

"وكذلك أعثرنا عليهمليعلموا أن وعد الله حقا وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالواابنو عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا"

أيأطلعنا عليهم الناس "ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها " ذكر بعض السلف أنهقد كان حصل لأهل ذلك الزمان شك في البعث وفي أمر القيامه، وقال عكرمه: كان منهمطائفة قد قالوا: تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد فبعث الله أهل الكهف حجة ودلالهعلى ذلك والله أعلم.

وذكرواأنه لما أراد أحدهم الخرج ليذهب إلى المدينة في شراء شيء لهم ليأكلوه تنكر وخرجيمشي في غير الجادة حتى أنتهى إلى المدينة وهو يظن أنه قريب العهد بها ، وكانالناس قد تبدلوا قرناً بعد قرن وجيلاً بعد جيل وتغيرت البلاد ومن عليها ، فجعل لايرى شيئاً من معالم البلد التي يعرفها ولا يعرف أحد من أهلها ولا خواصها ولاعوامها فتحير في نفسه يقول لعل بي جنوناً أو مساً أو أنا حالم ويقول والله ما بيشيء من ذلك وإن عهدي بهذه البلدة عشية أمس على غير هذه الصفة ثم قال : إن تعجيلالخروج من ههنا أولى لي ثم عمد إلى رجل ممن يبيع الطعام ، فدفع إليه ما معه منالنفقة وسأله أن يبيعه بها طعاماً فلما رآها الرجل البائع أنكرها وأنكر ضربها ،فدفعها إلى جاره وجعلوا يتداولونها فيما بينهم ويقولون لعل هذا وجد كنزاً ، فسألوهعن أمره ومن أين له هذه النفقة ؟ لعلهوجدها كنز ومن أين أنت؟ وقال انا من هذه المدينة وعهدي بها عشية أمس وفيها دقيانوس،فنسبوه إلى الجنون فحملوه إلى واليهم فسأله عن شأنه وأمره حتى أخبرهم بأمره وهومتحير في حاله وما هو فيه، فلما أعلمهم بذلك قاموا معه إلى الكهف: متولي البلدوأهلها حتى إنتهى الحال بهم إلى الكهف فقال: دعوني حتى أتقدمكم في الدخول لأعلم أصحابي،ويقال دخلوا عليهم ورأوهم وسلم عليهم الملك وأعتنقهم وكان مسلماً فيما قيل وسلمواعليه ثم عادوا إلى مضاجعهم وتوفاهم الله والله عز وجل اعلم.

وقولهتعالى " كذلك أعثرناعليهم " أي كما أرقدناهم وأيقظناهم بهيآتهم أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان" ليعلموا أن وعد اللهحق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم " أي في أمرالقيامة فمن مثبت لها ومن منكر فجعل الله ظهورهم على أصحاب الكهف حجة لهم وعليهم " فقالوا ابنوا عليهم بنياناربهم أعلم بهم " أي سدوا عليهم باب الكهف وذروهم على حالهم " قال الذين غلبوا على أمرهملنتخذن عليهم مسجدا "

حكى ابنجرير في القائلين ذلك قولين: أحدهما أنهم المسلمون منهم والثاني أهل الشرك منهموالله أعلم

والظاهرأن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ ولكن هل هم محمودون على ذلك أم لا؟فيه نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحذر ما فعلو.

" سيقولون ثلاثة ورابعهمكلبهم ويقولون خمسة وسادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربيأعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهمأحدا "

يقولتعالى مخبرا عن اختلاف الناس في عدد أصحاب أهل الكهف، فحكي ثلاثة أقوال ولما ضعفالقولين الأولين بقوله تعالى "رجما بالغيب " أي قول بلا علم، كمن يرمي على مكان لا يعرفه فإنه يكاديصيب وإن أصاب فبلا قصد ثم حكى القول الثالث وسكت عليه أو قرره بقوله " وثامنهم كلبهم " دلعلى صحته وأنه هو الواقع في نفس الأمر.

وقوله " قل ربي أعلم بعدتهم" إرشاد إلى ان الأحسن في حالهذا المقام، رد العلم إلى الله تعالى، إذ لا احتياج إلى الخوض في مثل ذلك بلا علم،لكن إذا اطلعنا على أمر قلنا به، وإلا وقفنا حيث وقفنا.

وقوله " ما يعلمهم إلا قليل " أيمن الناس، " فلا تمارفيهم إلا مراء ظاهرا" أي سهلاً هيناً فإن الأمر في معرفة ذلك لا يترتبعليه كبير فائدة ، " ولا تستفت فيهم منهم أحدا" أي فإنهم لا علم لهم بذلك إلا ما يقولونه من تلقاء انفسهم رجمابالغيب من غير إسناد إلى كلام معصوم ، وقد جاءك الله يا محمد بالحق الذي لا شك فيهولا مرية ، فهو المقدم الحاكم على كحل ما تقدمه من الكتب والأقوال .

" ولا تقولن لشيء إني فاعلذلك غدا * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذارشدا "

هذاإرشاد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعلهفي المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله عزوجل ، علام الغيوب الذي يعلم ما كانويكون وما لم يكن ، وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلىالله عليه وسلم أنه قال

فقيلله - وفي رواية فقال له الملك – قل : ***** الله ، فلم يقل فطاف بهن فلم تلد منهن إلا أمرأه واحدة نصف إنسان " ، قالالرسول صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لو قال " إن شاء الله لميحنث ، وكان دركاً لحاجته " وفي رواية " ولقاتلوا في سبيل الله فرساناًأجمعون ] .

وقد تقدمفي أول السورة ذكر سبب نزول هذه الآية في قول النبي صلى الله عليه ، لما سئل عنقصة أصحاب الكهف : "غدا أجيبكم" ، فتأخر الوحي خمسة عشر يوماً .

وقوله " واذكر ربك إذا نسيت " قيلمعناه إذا نسيت الأستثناء فاستثن عند ذكرك له قاله أبو العالية والحسن البصري أي أن تقول إن شاء الله

قال ابنعباس في الرجل يحلف ؟ له أن يستثنى ولو إلى سنة وكان يقول " واذكر ربك إذا نسيت " في ذلكأي أنه يستثنى ولو بعد سنة أي إذا نسي أنيقول في حلفه أو كلامه "إن شاء الله " وذكر بعد سنة فالسنُة له أن يقولذلك ، ليكون آتياً بسنة الاستثناء حتى لو كان بعد الحنث ، قاله ابن جرير رحمه الله، ونص على ذلك لا أن يكون ذلك رافعاً لحنث اليمين ومسقطاً للكفارة .

وفي قولأخر عن ابن عباس روى الطبراني أن ابن عباس في تفسيره للآية أنها خاصة بالرسول صلىالله عليه وسلم وليس لأحد منا أن يستثنى إلا في صلة عن يمينة .

ويحتملفي الآية وجه آخر وهو أن يكون الله عز وجل قد أرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكرالله تعالى لأن النسيان منشؤه من الشيطان كما قال فتى موسى " وما أنسانيه إلا الشيطان أنأذكره " وذكر الله يطرد الشيطان ، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان فذكرالله تعالى سبب الذكر ولهذا قال "واذكر ربك إذا نسيت "

وقوله " وقل عسى أن يهدين ربي لأقربمن هذا رشدا " أي إذا سئلت عن شيء لا تعلمه فاسأل الله فيه ، وتوجهإليه في أن يوفقك للصواب والرشد في ذلك وقيل غير ذلك تفسيره و الله أعلم .

" ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا * قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض أبصر بهوأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا* "

هذا خبرمن الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بمقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ،منذ أرقدهم الله إلى أن بعثهم وأعثر عليهم أهل ذلك الزمان ، وأنه كان مقدارهثلاثمائة سنة وتسع سنين .

وقوله " قل الله أعلم بما لبثوا" أي إذا سئلت عن لبثهم وليس عندك علم شفي ذلك وتوقيف من الله عز وجلفلا تتقدم فيه بشيء بل قل في مثل هذا " الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض " أي لايعلم ذلك إلا هو أو من أطلعه الله عليه من خلقه .

وقولهتعالى " أبصر به وأسمع" أي انه لبصير بهم وسميع لهم . قال ابن جرير : وذلك في معنى المبالغةفي المدح كأنه قيل : ما أبصره وأسمعه وتأويل الكلام : ما أبصر الله لكل موجودوأسمعه لكل مسموع ، لا يخفى عليه شيء منذلك .

وقوله " ما لهم من دونه من ولي ولايشرك في حكمه أحدا" أي أنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر ، الذي لامعقب لحكمه .











تفسير سورة الكهف من كتاب تفسير القرآن الكريم لإبن كثير من ص 133-151
6
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

وردي سماوي
وردي سماوي
باراك الله فيكي
وردي سماوي
وردي سماوي
وجزاكي الله خير الجزاء
وردي سماوي
وردي سماوي
واحسن الله اليكي ولوالديكي وجميع المسلمين
مـاغيرها
مـاغيرها
مشكورات على الرد ، وين الباقي
يارا7
يارا7
جزاكي الله كل خير