تفقدي إيمانك

ملتقى الإيمان

الحمد لله سبحانه.. عدد ما سبّحت له الرمال..

وسجدت له الظلال، وتدكدكت من هيبته

الجبال.. عدد كل لمحة وطرفَة ونَفَس...

والصلاة والسلام على سفيره بينه وبين

خلقه.. رحمته للعالمين.. وحجته على

العابدين.. صلاةً وسلاماً دائمين حتى يجمعنا

الله به صلى الله عليه وسلم،
وبعد:

فعلى كل مؤمنة في طريقها الطويل إلى الله..

أن تعنى بتفقد إيمانها بين الآونة والأخرى..

فإن

الإيمان يزيد وينقص.. يزيد بالطاعة وينقص

بالمعصية.. وينعدم ببعض ماحذر منه ربك..

ونهاك عنه نبيك صلى الله عليه وسلم..وما أجدرنا في هذا الزمان

الذي يصبح فيه الرجل مؤمناً ويمسي كافراً..

أن نتدبر ونحذر.. ونتفقد إيماننا بين الفينة

والفينة.. إذ لم ييأس الشيطان من الدخول على

كل مؤمن من مداخل قد تخفى لإفساد دينه

ونزع تقواه..

وممايزيد المؤمنة التقية الورعة

خوفاً.. أن تسمع حديث نبيهاصلى الله عليه وسلم كما جاء في

صحيح مسلم حيث يقول: {إن الشيطان قد

يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب

ولكنهلم ييأس من التحريش بينهم }.


لقد أعد الشيطان أيتها المؤمنة هذه المصيدة

الخاصة لأهل الايمان في جزيرة العرب،ليصل

إلى إفساد قلوبهم وإيمانهم.. فإياك أن تكوني

ممن اشتغل بالصلاة والصيام وغفل عن قلبه

وتنقيته مما به من فساد أو غش لأحد من

المسلمين.. فقد نادى نبيك بأن هذه هي

الكارثة التي تودي بالدين إلى غير رجعة..

استمعي اليه صلى الله عليه وسلم حيث يقول: {ألا أخبركم بأفضل

من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟}قالوا:

بلى: قال: {إصلاح ذات البين.. فإن فساد ذات

البين هي الحالقة.. لا أقول تحلق الشعر..

ولكن تحلق الدين}رواه الترمذي].


أرأيت أيتها المؤمنة..تحلق الدين، أي: تزيله.

فعليك أيتها المؤمنة بنداء ربك: {فَاتَّقُواْ اللّهَ

وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن

كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } الأنفال:1].

وعليك أيتها المؤمنة بالدعاء..فاتجهي إلى ربك

دوماً أن يمسح من قلبك الغل على أي من

أخواتك في الإيمان.. واجعلي لسانك رطباً

بهذه الدعوة التي دعا بها المؤمنون قبلك {رَبَّنَا

اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَابِالْإِيمَانِ وَلَا

تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَاإِنَّكَ رَؤُوفٌ

رَّحِيمٌ } الحشر:10].

أيتها المؤمنة: إنه لمما يدمي قلب كل مؤمن..

أن يرى إخوانه المسلمين في أي مكان..

متباغضين متنافرين متعادين، مع أن

نبيهم صلى الله عليه وسلم أوصاهم فقال: {المؤمن للمؤمن

كالبنيان يشد بعضه بعضاً}

رواه البخاري]

، فانقلبوا كأنهم سمعوها المؤمن للمؤمن

كالثعبان يلدغ بعضه بعضاً..!! فترى الدسائس

والفتن.. والغيبة والنميمة قد استشرت

فيهم.. غافلين عما وصفهم بهانبيهم صلى الله عليه وسلم فقال:

{مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم

وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.. إذا اشتكى

منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر

والحمى} رواه البخاري]..

فإياك أن تُخرجي نفسك من دائرة المؤمنين..

واملئي قلبك منذ الساعة لكل من آخاك في

هذا الايمان، وداً وتعاطفاً ورحمة.. ولا تحملي

في قلبك سوى ذلك لأي من أخواتك في الله.

أيتها المؤمنة:لقد جاء عن نبيك حديث يجب أن

نتوقف عنده طويلاً.. روى البخاري في صحيحه

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من كانت عندهم ظلمة

لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه

اليوم.. من قبل ألا يكون دينار ولادرهم.. إن

كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته..

وإن لم تكن له حسنات أُخذ منسيئات صاحبه

فَحُمل عليه}.

انظري ايتها المؤمنة..إلى قوله صلى الله عليه وسلم : {من عرْض أو من شيء}

إن كلمة{شيء}هذه تشمل أي

شيء وكل شيء سواء كان حركة أو لفتة أو

لمزة أو غمزة فيها تعريض بأي مسلم.. فتصبح

له مظلمة عندك يطالبك بها يوم القيامة..

فإياك أيتها المؤمنة فان الثمن باهظ حقاً..

وإنها لنهاية مؤلمة حقاً.. فرب كلمةآذت أختاً

لك في الله.. كانت عندك هينة.. ولكنها عند

الله عظيمة.. ورب حركة أسأت بها لأخت لك

مؤمنة.. كان ثمنها ما أجهدت نفسك فيه من

الحسنات.. توزعينها على أصحاب المظالم

والحقوق في يوم أنت أحوجُ ما تكونين إليها..

ثم ماذا؟ ثم إلى النار.. وماأخال مؤمنةً تود ذلك

المصير الأليم...

أيتها المؤمنة: ها أنت تحترزين من الربا قليله

وكثيره.. سمعاً وطاعةًللجليل المتعال.. وهرباً

من حرب يشنها الله ورسوله على آكل الربا..

ولكن ما موقفك من أفظع أنواع الربا

وأعظمها..

أتدرين ما هي؟ استمعي إلى نبيك صلى الله عليه وسلم


في الحديث


الصحيح يقول: {أتدرون ما أربى الربا عند

الله؟}

قالوا: الله ورسوله أعلم.. قال: {فان أربى الربا

عندالله استحلال عرض امرىء مسلم}..

إن استحلال الحديث عن أي فرد في أي جانب

من جوانب شخصيته، والانتقاص من

شأنه سواء بالغيبة أو النميمة أو الاستهزاء أو

غيرها مما يسيء إليه ولو كان فيه حقاً، كل

هذا

أعظم عند الله من الربا والعياذ بالله.

فالحذر.. الحذر أيتها المؤمنة..فإن استحلال

عرض مسلم بما فيه قد يجر إلى الهول

العظيم.. والعقاب الأليم.. وذلك ما لا تطيقينه..

ومن يطيق الحبس في النار..

استمعي إلى نبيك صلى الله عليه وسلم ماذا يقول: {من ذَكَرَ امرأً

بشيء ليس فيه ليعيبه به.. حبسه الله في نار

جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه}رواه ابو

يعلى].. ولذلك حرم الله الجنة على النمام

الذي ينقل الكلام على سبيل الافساد، فقال:

{لا يدخل الجنة نمام} رواه البخاري]..


ولئن حمل هذه النميمة نمامٌ.. بسبب حسد

يأكل قلبَه فبلغها إلى من يثير بها غضبه

ويستفزه.. فقد جمع هذا النمام بين

مصيبتين،وأحرق إيمانه بناريين:

الأولى: نارُ الحسد وقد جاء عن الصادق

المصدوق: {الحسد يأكل الحسنات كما تأكل

النار الحطب}.

والثانية: النميمة، ومصيبتها أعظم من الأولى،

إذ تحرم صاحبها من دخول الجنة.. فماذا تفعلُ

أيتها المؤمنة من أَكَلَ حسناتها الحسدُ..

وحرَمتْها النميمةُ من دخول الجنة؟ إنها والله

هي الكارثة...

فاحذري أيتها المؤمنة من الحسد، وتذكري أنه

لا يجتمع الإيمان والحسد أبداً. قال صلى الله عليه وسلم : {لا يجتمع

في جوف عبد الإيمانُ والحسد.. } رواه

البيهقي].

وها هي وقفتي الأخيرة معك...

لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أربعة أشياء نهياً أكيداً،

وحذرنا

من الارتداد في حمأتها دون أن نشعر. فقال:

{لا تقاطعوا.. ولا تدابروا.. ولا تحاسدوا..

ولاتباغضوا.. وكونوا عباد الله إخواناً}

رواه البخاري]..

فإياك من مقاطعة أخت لك في الله مهما كانت

الأسباب.. وإياك من مدابرة أخت لك في الله

مهما سولت لك النفس الأمارة بالسوء من

مبررات.. وإياك من التباغض فإن ذلك وسيلة

إلى غضب الله ومقته..

ولقد ختم النبي صلى الله عليه وسلم حديثه السابق الذي رواه

البخاري في صحيحه بقوله: {التقوى هاهنا}..

ويشير إلى صدره ثلاث مرات.. مبيناً أن التقوى

كما جاء في أحاديث أخرى ليست بكثرة صلاة

ولا بطول قيام.. ولكن بتقوى القلب ومخافته

من الله ومراقبته له وبعدم الإساءة إلى

المسلمين.

وقد يستعين البعض بالمقاطعة.. وقد تُقدم

على ذلك المسلمة جاهلةً أن ذلك قد

يكون سبباً في ألا تُقبل صلاتها.. بل ترد عليها

فلا ترفع أبداً.. أتعجبين؟.. هذا

حديث نبيك صلى الله عليه وسلم فاستمعي: {ثلاثة لا تُرفع صلاتهم

فوق رؤسهم شبراً: رجل أَم قوماً وهم له

كارهون.. وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط..

وأخوان متصارمان ( أي متقاطعان ) }..

فإياك أن تكون بينك وبين إحدى المؤمنات

خصومة أوشحناء أو خلاف.. ولا تتهاوني في

ذلك وسارعي بالصلح والتسامح.. لئلا تُحرمي

من مغفرةالله سبحانه وتجاوزه عن عباده.

فقد جاء عن نبيك صلى الله عليه وسلم : {تُعرَضُ الأعمال في كل

اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل فيذلك اليوم

لكل امرىء لا يشرك بالله شيئاً.. إلا امرأً كانت

بينه وبين أخيه شحناء.. فيقول: اتركوا هذين

حتى يصطلحا} رواه مسلم]..

وإياك أن يمنعك الكبر والغرور من الصلح

فتظلي طوال حياتك محرومة من مغفرة الله..

لا تُرفع صلاتك أبداً...

وعليك أيتها المؤمنة بحسن الخلق.. ضعيه

نصب عينيك.. واكتبيه بماء الذهب في سويداء

قلبك.. واخلعيه على حركاتك.. وسكناتك..

ونظراتك ولفتاتك.. مع كل من حولك.. مع

جيرانك ومع زوجك.. ومع أبنائك وأقربائك.. ومع

أخواتك وزميلاتك.. لعل الله أن يمنع ليك بكمال

الإيمان، فإن نبيك صلى الله عليه وسلم يقول: {أكمل المؤمنين

إيماناً أحسنهم خُلُقاً} رواه الطبراني]..


فالله.. الله أيتها المؤمنة.. عليك بكمال الإيمان فالزميه.. والله يغفر لي ولك،وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




أسماء بنت عبدالرحمن الباني
دار الوطن

14
900

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حكايه صبر
حكايه صبر
رضي الله عنك وأرضاك .. وأعطاك .. وكفاك .. وهداك .. وأغناك .. وعافاك .. وشفاك .. ووفقك لخير الدعاء .. وأجاب لك الرجاء .. وأحبك بلا ابتلاء .. وجعلك ساعيا للخير .. مؤثرا ف الغير .. وآمنك بين أهلك وأدخلك الجنة .. آمين
زوجةالامام
زوجةالامام
رضي الله عنك وأرضاك .. وأعطاك .. وكفاك .. وهداك .. وأغناك .. وعافاك .. وشفاك .. ووفقك لخير الدعاء .. وأجاب لك الرجاء .. وأحبك بلا ابتلاء .. وجعلك ساعيا للخير .. مؤثرا ف الغير .. وآمنك بين أهلك وأدخلك الجنة .. آمين
رضي الله عنك وأرضاك .. وأعطاك .. وكفاك .. وهداك .. وأغناك .. وعافاك .. وشفاك .. ووفقك لخير الدعاء...
جزاك الله خير
وطرح اكثر من رائع
نجدية شرقية
نجدية شرقية
بارك الله فيك
الاميرة الشهري
امل باكر
امل باكر
جزاك الله الفردوس الاعلى من الجنه
صيغة الصلاة على الرسول :

(اللهم صلَ على محمد وعلى ال محمد كماصليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد)
(وبارك اللهم على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد)
( اللهم صلَ على محمد وعلى ازواجه وذريته كما صليت على ال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ازواجه وذريته كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد )

الدال على الخير كفاعلة