هذا تقرير مفصل وطويل جدا قمت به لاشراط الساعه الكبرى وموضوع مهم جدا جدا العلم بتفاصيله
لكي لانقع في الشبهات وسامحوني إذا اطلت في هذا الموضوع لاني ارى فيه الاهميه البالغه
================================================== ========
المهدي
في آخر الزمان يخرج رجل من أهل البيت يؤيد الله به الدين يملك سبع سنين ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما ، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط، تخرج الأرض نباتها ، وتمطر السماء قطرها ، ويعطى المال بغير عد. قال ابن كثير رحمه الله : ( في زمانه تكون الثمار كثيرة والزروع غزيرة )، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم ، والعدو راغم ، والخير في أيامه دائم)ه
اسمه وصفته
وهذا الرجل اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون اسمه محمد – أو أحمد – بن عبدالله ، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم
قال ابن كثير رحمه الله في المهدي (وهو محمد بن عبدالله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه )ه
وصفته الوارده أنه أجلى الجبهة أقنى الأنف
وذكر العلامة محمد السفاريني في كتابه المسيح الدجال واسرار الساعة: ورأيتني قد وصفته في كتابي البحار الزاخرة بأنه:ه
آدم : اي أسمر
ضرب من الرجال: أي نحيف
ممشوق مستدق ربعه : اي لا بالطويل ولا بالقصير
أجلى الجبهة: أي خفيف شعر النزعتين عن الصدغين وهو الذي انحسر الشعر عن جبهته
أقنى الأنف: أي طويل الأنف مع دقة أرنبته
أشم : أي رفيع العرنين
أزج : اي حاجبه فيه تقويس مع طول في طرفه أو امتداده
أبلج أعين أكحل العينين واسع العين براق الثنايا أفرقها أي ليست متلاصقة، أزبل الفخذين أي منفرج الفخذين متباعدهما وفي رواية : في لسانه ثقل ، وإذا أبطأ عليه ضرب فخذه الأيسر بيده اليمنى ابن أربعين وفي رواية ما بين ثلاثين إلى أربعين
مكان خروجه
يكون ظهور المهدي من قبل المشرق ، فقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ...... ( ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال : ) فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي)رواه ابن ماجه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين
قال ابن كثير رحمه الله ( والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة ، يقتتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء ، حتى يكون آخر الزمان ، فيخرج المهدي ، ويكون ظهوره من بلاد المشرق ، لا من سرداب سامراء ، كما يزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن ، وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ، فإن هذا نوع من الهذيان ، وقسط كبير من الخذلان ، شديد من الشيطان ، إذ لا دليل على ذلك ولا برهان ، لا من كتاب ولا سنة ولا معقول صحيح ولا استحسان )ه
وقال أيضا يؤيد بناس من أهل المشرق ينصرونه ، ويقيمون سلطانه ، ويشيدون أركانه ، وتكون راياتهم سود أيضا ، وهو زي عليه الوقار لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال لها العقاب )ه
إلى أن قال ( والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهور وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت ، كما دل على ذلك بعض الأحاديث )ه
الأدلة من السنة على حقيقة المهدي
عن الإمام علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) رواه ابن ماجه وأحمد وصحيح الجامع للألباني
قال ابن كثير: ( أي : يتوب عليه ، ويلهمه ، ويرشده ، بعد أن لم يكن كذلك )ه
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك سبع سنين) رواه أبو داود وقال الألباني اسناده حسن
عن أم سلمة رضي الله عنه قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) رواه أبو داود والحاكم في المستدرك
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن تهلك أمة أنا أولها وعيسى بن مريم في آخرها والمهدي في وسطها) أخرجه أحمد
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا ، قال : ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا ) رواه أحمد وابن حبان والحاكم
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليو م حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهلي يواطئ اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي) رواه أبو داود والترمذي
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع تنعم أمتي فيها نعمة لم ينعموا مثلها ترسل السماء عليهم مدرارا ولا تدخر الأرض شيئا من النبات والمال كدوس يقوم الرجل يقول: يا مهدي أعطني ، فيقول : خذ ) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم ، وإمامكم منكم ) رواه البخاري ومسلم
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ) قال : ( فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم : تعال صل لنا . فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض إمراء، تكرمة الله لهذه الأمة ) رواه مسلم
معنى المسيح ..... ومعنى الدجال
معنى المسيح
هذه اللفظة تطلق على الصّدّيق وعلى الضّلّيل الكذاب ، فالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام الصديق ، والمسيح الدجال : الضليل الكذاب، فخلق الله المسيحين أحدهما ضد الآخر : فعيسى عليه السلام مسيح الهدى ، يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله . والدجال – لعنه الله – مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيان كإنزال المطر ، وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق
وسمي الدجال مسيحا لأن إحدى عينيه ممسوحة ، أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوما ، والقول الراجح هو الأول لما جاء في الحديث الذي رواه مسلم ( إن الدجال ممسوح العين )ه
معنى الدجال
لفظ الدجال : مأخوذ من قولهم : دجل البعير ، إذا طلاه بالقطران وغطاه به
وأصل الدجل : معناه الخلط ، يقال : دجل إذا لبس وموّه
والدجال : المموِّه الكذاب المُمَخرِق ، وهو من أبنية المبالغة ، على وزن فعّال ، أي يكثر منه الكذب والتلبيس ، وجمعه : دجالون ، وجمعه الإمام مالك على دجاجلة ، وهو جمع تكسير
ولفظة الدجال : أصبحت علما على المسيح الأعور الكذاب ، فإذا قيل : الدجال ، فلا يتبادر إلى الذهن غيره
وسمي الدجال دجالا : لأنه يغطي الحق بالباطل ، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم ، وقيل لأنه يغطي الأمر بكثرة جموعه والله أعلم
صفة الدجال
الدجال رجل من آدم ، له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به ، وتحذيرهم من شره حتى إذا خرج عرفه المؤمنون فلا يفتنون به ، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة نسأل الله العافية
ومن هذه الصفات أنه رجل ، شاب ، أحمر ، قصير ، أفحج ، جعد الرأس ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، ممسوح العين اليمنى ، وهذه العين ليست بناتئه ( أي ليست بارزة ) ولا جحراء ( أي ليست غائرة ) كأنها عنبة طافئة ، وعينه اليسرى عليها ظفرة غليظة ( وهي لحمة تنبت عند المآقي ) ومكتوب بين عينيه ( ك ف ر ) بالحروف المقطعة ، أو كافر بدون تقطيع ، يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب ، ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له
وهذه بعض الأحاديث التي جاء فيها ذكر صفاته السابقة ، وهي من الأدلة على ظهور الدجال
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بينا أنا نائم أطوف بالبيت ...... ( فذكر أنه رأى عيسى بن مريم عليه السلام ثم رأى الدجال فوصفه فقال : ) فإذا رجل جسيم ، أحمر، جعد الرأس ، أعور العين ، كأن عينه عنبة طافئة ، قالوا: هذا الدجال أقرب الناس شبها به ابن قطن) رجل من خزاعة
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال ( ألا إن الله تعالى ليس بأعور ، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافئة ) رواه البخاري
وفي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال ( إن مسيح الدجال رجل قصير ، أفجع ، جعد ، أعور ، مطموس العين ، ليس بناتئه ولا جحراء ، فإن ألبس عليكم ، فاعلموا أن ربكم ليس بأعور ) رواه أبو داود في السنن وهو حديث صحيح
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وأما مسيح الضلالة فإنه أعور العين ، أجلى الجبهة ، عريض النحر فيه دفأ - أي انحناء - ) رواه أحمد بإسناد صحيح
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ( الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر – أي كثيره - ) رواه مسلم
ويلاحظ في الرويات السابقة أن بعضها وصف العين اليمنى بالعور ، وبعضها العين اليسرى وكلها روايات صحيحة وهذا فيه إشكال. فذهب الحافظ ابن حجر إلى أن حديث ابن عمر الوارد في الصحيحين والذي جاء فيه وصف عينه اليمنى بالعور أرجح من رواية مسلم التي جاء فيها وصف العين اليسرى ، لأن المتفق على صحته أقوى من غيره. وذهب القاضي عياض إلى أن عيني الدجال كلتيهما معيبه ، لأن الرويات كلها صحيحة ، وتكون العين المطموسة والممسوحة هي العوراء الطافئة- بالهمز - أي التي ذهب ضوؤها وهي العين اليمنى ، كما في حديث ابن عمر ، وتكون العين اليسرى التي عليها ظفرة غليظة وهي الطافية – بلا همز – معيبة أيضا فهو أعور العين اليمنى واليسرى معا، فكل واحدة منهما عوراء : أي معيبة . وقال النووي في هذا الجمع ( هو نهاية في الحسن ) ورجحه القرطبي
وفي حديث أنس رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم ( وإن بين عينيه مكتوب كافر ) رواه البخاري
وفي رواية : ( ثم تهجاها ( ك ف ر ) ، يقرؤه كل مسلم ) رواه مسلم
وفي رواية عن حذيقة ( يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ) رواه مسلم
ومن صفاته أيضا ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الجساسة ، وفيه قال تميم رضي الله عنه ( فانطلقنا سراعا ، حتى دخلنا الدير ، فإذا فيع أعظم إنسان رأيناه قط ، وأشده وثاقا ) رواه مسلم
وفي حديث عمران بن حصين رضي اله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال ) رواه مسلم
هل ابن صياد هو الدجال الأكبر ؟!ا
ابن صياد
اسمه هو صافي – وقيل عبدالله – بن صياد أو صائد ، كان من يهود المدينة ، وقيل من الأنصار ، وكان صغيرا عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . وذكر ابن كثير أنه أسلم ، وكان ابنه عمارة من سادات التابعين، روى عن الإمام مالك وغيره. وترجم له الذهبي في كتابه " تجريد أسماء الصحابة " ، فقال : ( عبدالله بن صياد ، أورده ابن شاهين ، وقال : هو ابن صائد ، كان أبوه يهوديا فولد عبدالله أعور مختونا ، وهو الذي قيل أنه الدجال، ثم أسلم فهو تابعي له رؤية ) . وترجم له الحافظ ابن حجر في كتاب ( الإصابة ) فذكر ما قاله الذهبي ثم قال ( ومن ولده عمارة بن عبدالله بن صياد ، وكان من خيار المسلمين ، من أصحاب سعيد بن المسيب ، وروى عنه مالك وغيره ) ، ثم ذكر جملة من الأحاديث في شأن ابن صياد كما سيأتي ذكرها ، ثم قال( وفي الجملة لا معنى لذكر ابن صياد في الصحابة ، لأنه إن كان الدجال ، فليس بصحابي قطعا ، لأنه يموت كافرا ، وإن كان غيره فهو حال لقيه النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مسلما ) ، لكن إن أسلم بعد ذلك ، فهو تابعي له رؤية كما قال الذهبي
أحواله
كان ابن صياد دجالا ، وكان يتكهن أحيانا فيصدق ويكذب ، فانتشر خبره بين الناس ، وشاع أنه الدجال ، كما سيأتي في امتحان النبي صلى الله عليه وسلم له
امتحان النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد
لما شاع بين الناس أمر ابن صياد وأنه هو الدجال أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلع على أمره ويتبين حاله ، فكان يذهب إليه مختفيا حتى لا يشعر به ابن صياد رجاء أن يسمع منه شيئا وكان يوجه إليه بعض الأسئلة التي تكشف عن حقيقته . ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قِبل ابن صياد ، حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بن مغالة ( بناء مرتفع ) وقد قارب ابن صياد الحلم ، فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده ، ثم قال لابن صياد ( أتشهد أني رسول الله ؟ ) فنظر إليه ابن صياد ، فقال : اشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم أتشهد أني رسول الله ؟ فرفضه، وقال : ( آمنت بالله وبرسله ). فقال له ( ما ترى ؟ ) قال ابن صياد : يأتيني صادق وكاذب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( خلط عليك الأمر ) ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم ( إني خبأت لك خيئا ) فقال ابن صياد : هو الدخ . فقال : ( اخسأ فلن تعدو قدرك ) . فقال عمر رضي الله عنه : دعني يا رسول الله أضرب عنقه . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن يكنه ، فلن تسلط عليه وإن لم يكنه ، فلا خير لك في قتله )
وقال أبو ذر رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أمه، قال ( سلها كم حملت به ؟ ) فأتيتها ، فسألتها ، فقالت : حملت به اثني عشر شهرا . قال : ثم أرسلني إليها ، فقال : ( سلها عن صحيته حين وقع ؟ ) قال : فرجعت إليها فسألتها ، فقالت : صاح صيحة الصبي ابن شهر . ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني قد خبأت لك خبئا ) قال : خبأت لي خطم شاة عفراء والدخان. قال : فأراد أن يقول الدخان فلم يستطع فقال : الدخ ، الدخ ) رواه أحمد
وفاته
عن جابر رضي الله عنه قال : ( فقدنا ابن صياد يوم الحرة )
وقد صحح ابن حجر هذه الرواية ، وضعف قول من ذهب إلى أنه مات في المدينة ، وأنهم كشفوا عن وجهه ، وصلوا عليه
والله أعلم
رأي بعض الصحابة في ابن صياد
يتضح من امتحان النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد أن النبي كان متوقفا في أمر ابن صياد ، لأنه لم يوح إليه أنه الدجال ولا غيره
وكان عمر رضي الله عنه يحلف عند النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن صياد هو الدجال ، ولم ينكر عليه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم يرى رأي عمر ، ويحلف أن ابن صياد هو الدجال ، كما ثبت ذلك عن جابر ، وابن عمر ، وأبي ذر. ففي الحديث عن محمد بن المنكدر قال : ( رأيت جابر بن عبدالله يحلف بالله إن ابن صياد هو الدجال . قلت : تحلف بالله ؟! قال : إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي) رواه البخاري
وعن نافع قال : ( كان ابن عمر يقول : والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد ) رواه أبو داود
وعن زيد بن وهب قال : ( قال أبو ذر رضي الله عنه لأن أحلف عشر مرات أن ابن صائد هو الدجال أحب إليّ من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به ) رواه أحمد
وعن نافع قال : لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة فقال له قولا أغضبه، فانتفخ حتى ملأ السكة ، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها ، فقالت له : رحمك الله ! ما أردت من ابن صائد ؟! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما يخرج من غضبة يغضبها ) . رواه مسلم
وكان ابن صياد يسمع ما يقوله الناس فيه فيتأذى من ذلك كثيرا ، ويدافع عن نفسه بأنه ليس الدجال ، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ( خرجنا حجاجا أو عمارا ومعنا ابن صائد . قال : فنزلنا منزلا فتفرق الناس، وبقيت أنا وهو فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه . قال : وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي . فقلت إن الحر شديد فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال : ففعل . قال : فرفعت لنا غنم فانطلق فجاء بعس ، فقال : اشرب أبا سعيد! فقلت : إن الحر شديد ، واللبن حار ، ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده، أو قال : آخذ عن يده. فقال : أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا ، فأعلقه بشجرة ، ثم أختنق مما يقول لي الناس. يا أبا سعيد! من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما خفي عليكم معشر الأنصار . ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أو ليس قد قال رسول الله : هو كافر . وأنا مسلم ؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عقيم لا يولد له . وقد تركت ولدي بالمدينة ؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل المدينة ولا مكة . وقد أقبلت من المدينة ، وأنا أريد مكة ؟ قال أبو سعيد الخدري : حتى كدت أن أعذره. ثم قال : أما والله إني لأعرفه ، وأعرف مولده ، وأين هو الآن . قال : قلت له : تبا لك سائر اليوم ) رواه مسلم
وقال ابن صياد في رواية ( أما والله إني لأعلم الآن حيث هو وأعرف أباه وأمه. قال : وقيل له : أيسرك أنك ذاك الرجل ؟ فقال : لو عرض عليّ ما كرهت ) رواه مسلم
وقد رد النووي على حجة ابن صياد بأنه مسلم والدجال كافر ، وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له ، وأنه لا يدخل مكة والمدينة وقد دخلهما ، أنه لا دلالة فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن هذه الصفات وقت فتنته وخروجه في الأرض
حديث تميم الداري عن الدجال
عن عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال
حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره فقالت لئن شئت لأفعلن فقال لها أجل حدثيني فقالت نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه أسامة بن زيد وكنت قد حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحبني فليحب أسامة فلما كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أمري بيدك فأنكحني من شئت فقال انتقلي إلى أم شريك وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال لا تفعلي إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه فانتقلت إليه فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي الصلاة جامعة فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال ليلزم كل إنسان مصلاه ثم قال أتدرون لم جمعتكم قالوا الله ورسوله أعلم قال إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قالوا وما الجساسة قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت قال قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم قالوا نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبروني عن نخل بيسان قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يثمر قلنا له نعم قال أما إنه يوشك أن لا تثمر قال أخبروني عن بحيرة الطبرية قلنا عن أي شأنها تستخبر قال هل فيها ماء قالوا هي كثيرة الماء قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب قال أخبروني عن عين زغر قالوا عن أي شأنها تستخبر قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين قلنا له نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب قال أقاتله العرب قلنا نعم قال كيف صنع بهم فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم قد كان ذلك قلنا نعم قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها) قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- وطعن بمخصرته في المنبر - ( هذه طيبة ، هذه طيبة ، هذه طيبة - يعني المدينة - ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟ ) فقال الناس : نعم. ( فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي أحدثكم عنه ، وعن المدينة ومكة ، ألا إنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ماهو ، من قبل المشرق ماهو ، من قبل المشرق ماهو ( وأومأ بيده إلى المشرق ) قالت: فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم
أقوال العلماء في ابن صياد
قال القرطبي ( الصحيح أن ابن صياد هو الدجال بدلالة ما تقدم ، وما يبعد أن يكون بالجزيرة في ذلك الوقت ، ويكون بين أظهر الصحابة في وقت آخر ) – التذكرة
وقال النووي ( ومن اشتباه قصته وكونه أحد الدجاجلة الكاذبين قوله للنبي صلى الله عليه وسلم : أتشهد أني رسول الله ؟! ودعواه أنه يأتيه صادق وكاذب ، وأنه يرى عرشا فوق الماء ، وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال ، وأنه يعرف موضعه ، وقوله : إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الآن ، وانتفاخه حتى ملأ السكة . وأما اظهاره الإسلام وحجه وجهاده واقلاعه عما كان عليه فليس بصريح في أنه غير الدجال ) ، ويفهم من كلام النووي هذا أنه يرجح كون ابن صياد هو الدجال
وقال الشوكاني : ( اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافا شديدا ، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول ، وظاهر الحديث المذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مترددا في كونه الدجال أم لا ؟ ........ وقد أجيب على التردد منه بجوابين
الأول : أنه تردد صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلمه الله بأنه هو الدجال ، فلما أعلمه لم ينكر على عمر حلفه
الثاني : أن العرب قد تخرج الكلام مخرج الشك ، وإن لم يكن في الخبر شك
ومما يدل على أنه هو الدجال ما روي عن ابن عمر بإسناد صحيح قال ( لقيت ابن صياد يوما – ومعه رجل من اليهود – فإذا عينه قد طفت وهي خارجة مثل عين الحمار، فلما رأيتها قلت : أنشدك الله يا ابن صياد ! متى طفت عينك ؟ قال: لا أدري والرحمن . قلت : كذبت وهي في رأسك . قال: فمسحها ونخر ثلاثا ) . ويظهر من كلام الشوكاني أنه مع القائلين بأن ابن صياد هو الدجال الأكبر
وقال البيهقي في سياق كلامه على حديث تميم ( فيه أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد ، وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم وقد خرج أكثرهم . وكأن الذين يجزمون بأن ابن صياد هو الدجال لم يسمعوا بقصة تميم وإلا فالجمع بينهما بعيد جدا . إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه محتلم ، ويكون في آخرها شيخا كبيرا مسجونا في جزيرة من جزائر البحر ، موثقا بالحديد يستفهم عن خبر النبي صلى الله عليه وسلم هل خرج أم لا ؟!
فالأولى أن يحمل على عدم الإطلاع . وأما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه قبل أن يسمع بقصة تميم، ثم لما سمعها ، لم يعد إلى الحلف المذكور) ويظهر أن البيهقي من القائلين بأن ابن صائد غير الدجال الأكبر . ولكن يرد على البيهقي بأن جابر ابن عبدالله من رواة حديث تميم كما في رواية أبي داود ، والذي جاء فيه .... قال أبي سلمة ( إن في هذا الحديث شيئا ما حفظته، قال : شهد جابر أنه هو ابن صائد . قلت فإنه قد مات . قال: وإن مات . قلت فإنه قد أسلم . قال: وإن أسلم . قلت : فإنه قد دخل المدينة . قال : وإن دخل المدينة ) فيتضح أن جابر مصر على أن ابن صياد هو الدجال وإن قيل أنه أسلم ودخل المدينة ومات
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن ( أمر ابن صياد أشكل على بعض الناس فظنوه الدجال ، وتوقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجال وإنما هو من جنس الكهان أصحاب الأحوال الشيطانية ولذلك كان يذهب ليختبره )ه
وقال ابن كثير : ( والمقصود أن ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعا لحديث تميم ، وهو فيصل في هذا المقام )
مكان خروج الدجال
يخرج الدجال من جهة المشرق من خراسان ، من يهودية أصبهان ، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلدا إلا دخله إلا مكة والمدينة ، فلا يستطيع دخولهما لأن الملائكة تحرسهما . ففي حديث تميم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال ( إلا إنه في بحر الشام ، أو بحر اليمن ، لا بل من المشرق ماهو ، من قبل المشرق ماهو ( وأوما بيده إلى المشرق ) رواه مسلم
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها : خراسان ) رواه الترمذي
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يخرج الدجال من يهودية أصبهان ، معه سبعون ألفا من اليهود ) رواه أحمد
قال ابن حجر : ( وأما من أين يخرج ؟ فمن قبل المشرق جزما ) - فتح الباري
الدجال لا يدخل مكة والمدينة
جاء في حديث تميم أن الدجال قال ( فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة ، غير مكة والمدينة فهما محرمتان عليّ كلتاهما ، كلما أردت أن أدخل واحدة – أو واحدا – منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها ، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها ) رواه مسلم
وعن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال : ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال ...... ( فذكر الحديث وقال ) ( وإنه يمكث في الأرض اربعين صباحا ، يبلغ فيها كل منهل ، ولا يقرب أربعة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور ، ومسجد الأقصى ) رواه أحمد
أتباع الدجال
أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك ، وأخلاط من الناس غالبهم الأعراب والنساء
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة) رواه مسلم
وفي رواية للإمام أحمد ( سبعون ألفا عليهم التيجان)ه
وجاء في حديث أبي بكر ( يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة)ه
قال ابن كثير ( والظاهر - والله أعلم - أن المراد هؤلاء الترك أنصار الدجال)ه
وأما كون أكثر أتباعه من الأعراب فلأن الجهل غالب عليهم ولما جاء في حديث أبي أمامة الطويل قوله صلى الله عليه وسلم ( وإن من فتنته - أي الدجال - أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك ، أتشهد أني ربك؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان : يا بني ! اتبعه ، فإنه ربك ) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح
وأما النساء فحالهن أشد من حال الأعراب، لسرعة تأثرهن ، وغلبة الجهل عليهن ، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم( ينزل الدجال في هذه السبخة بمرقناة- واد بالمدينة - فيكون أكثر من يخرج إليه النساء حتى إن الرجل يرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطا مخافة أن تخرج إليه) رواه أحمد بإسناد صحيح
فتنة الدجال
فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول، وتحير الألباب. فقد ورد أن معه جنة ونارا ، وجنته نار ، وناره جنة ، وأن معه أنهار الماء وجبال الخبز، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تنبت فتنبت ، وتتبعه كنوز الأرض ، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة ، كسرعة الغيث استدبرته الريح ...... إلى غير ذلك من الخوارق
وكل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة
عن حذبفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ، معه جنة ونار ، فناره جنة، وجنته نار) رواه مسلم
وعن حذيفة أيضا رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان ، أحدهما رأي العين ماء أبيض ، والآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ، ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه ، فإنه ماء بارد ) رواه مسلم
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجحال أن الصحابة قالوا : يا رسول الله! كم لبثه في الأرض ؟ قال : ( أربعون يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعه ، وسائر أيامه كأيامكم) قالوا: وما إسراعه في الأرض؟ قال : ( كالغيث إذا استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ، ويستجيبون له ، فيأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت ، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا ، وأسبغه ضروعا ، وأمده خواصر ، ثم يأتي القوم ، فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فبقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه ، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ) رواه مسلم
وجاء في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن هذا الرجل الذي يقتله الدجال من خيار الناس ، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول للدجال ( أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته ، هل تشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا . فيقتله ، ثم يحييه ، فيقول ( أي الرجل ) والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه )- صحيح البخاري
الوقاية من فتنة الدجال
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال، فقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك. فلم يدع خيرا إلا دل أمته عليه ولا شرا إلا حذرها منه. ومن جملة ما حذر ممه فتنة المسيح الدجال ، لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة، وكان كل نبي ينذر أمته الأعور الدجال ، واختص محمد صلى الله عليه وسلم بزيادة التحذير والإنذار،لأنه خارج في هذه الأمة لا محالة، فهي آخر الأمم. وهذه بعض الإرشادات النبوية لتنجو من الفتنة العظيمة نسأل الله العظيم أن يعيذنا منها
أولا : التمسك بالإسلام والتسلح بسلاح الإيمان ومعرفة أسماء الله الحسنى التي لا يشاركه فيه أحد، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب وأن الله تعالى منزه عن ذلك ، وأن الدجال أعور والله ليس بأعور، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت، والدجال يراه الناس عند خروجه مؤمنهم وكافرهم
ثانيا: التعوذ من فتنة الدجال وخاصة في الصلاة وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، فعن عائشة رضي الله عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ........... الحديث ) رواه الشيخان
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا تشهد أحدكم، فليستعذ بالله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال) رواه مسلم
وكان الإمام طاووس يأمر ابنه بإعادة الصلاة إذا لم يقرأ بهذا الدعاء في صلاته
ثالثا: حفظ آيات من سورة الكهف ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال، وفي بعض الروايات خواتيمها، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها.وقد جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل ، وفيه ( من أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف) رواه مسلم
وروى مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال) أي من فتنته
رابعا : الفرار من الدجال والابتعاد منه ، والأفضل سكنى مكة والمدينة، فإنه لا يدخلهما. فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات ، فيتبع الدجال . نسأل الله أن يعيذنا من فتنته، فعن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمنن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث من الشبهات ) رواه أحمد وأبو داود والحاكم
هلاك الدجال
يكون هلاك الدجال على يدي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وذلك أن الدجال يظهر على الأرض كلها إلا مكة والمدينة ، ويكثر أتباعه وتعم فتنته ولا ينجو منها إلا قلة من المؤمنين ، وعند ذلك ينزل عيسى عليه السلام على المنارة الشرقية بدمشق ويلتف حوله عباد الله المؤمنون، فيسير بهم قاصدا المسميح الدجال ، ويكون الدجال عند نزول عيسى متوجها إلى بيت المقدس ، فيلحق به عيسى عند باب ( لد ) ، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح ، فيقول له عيسى عليه السلام : ( إن لي فيك ضربة لن تفوتني ) فيتداركه عيسى فيقتله بحربته ، وينهزم أتباعه، فيتبعهم المؤمنون، فيقتلونهم، حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم! يا عبدالله ! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( يخرج الدجال في أمتي .... ( فذكر الحديث وفيه ) فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه) رواه مسلم
وعن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقو ( يقتل ابن مريم الدجال عند باب لد ) رواه أحمد والترمذي
وفي حديث النواس بن سمعان الطويل عن الدجال وفيه قصة نزول عيسى وقتله الدجال وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ( فلا يحل لكافريجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ) رواه مسلم
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم ...... ( فذكر الحديث وفيه ) ثم ينزل عيسى بن مريم فينادي من السحر ، فيقول: أيها الناس! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث. فيقولون : هذا رجل جني . فينطلقون ، فإذا هم بعيسى بن مريمصلى الله عليه وسلم، فتقام الصلاة ، فيقال له : تقدم يا روح الله ! فيقول : ليتقدم إمامكم ، فيصل بكم ، فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه. قال : فحين يرى الكذاب ينماث - أي يذوب - كما ينماث الملح في الماء ، فيمشي إليه فيقتله ، حتى إن الشجر والحجر ينادي : يا روح الله ! هذا يهودي ، فلا يترك ممن كان يتبعه أحدا إلا قتله ) رواه أحمد
نزول عيسى عليه السلام
صفة عيسى عليه السلام
صفته التي جاءت بها الروايات أنه رجل مربوع القامة ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، أحمر جعد ، عريض الصدر ، سبط الشعر ، كأنما خرج من ديماس- أي حمام- له لمة تملأ ما بيم منكبيه
واللمة بكسر اللام : شعر الرأس . يقال له إذا جاوز شحمة الأذن : لمة ، وإذا جاوز ذلك فهو جمة
والأحايث الواردة في ذلك
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليلة أسري بي لقيت موسى ......... فنعته إلى أن قال ) ولقيت عيسى ....... ( فنعته فقال ) ربعة ، أحمر ، كأنما يخرج من ديماس- أي الحمام ) رواه البخاري ومسلم
عن ابن عابس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رأيت عيسى وموسى وإبراهيم ، فأما عيسى ، فأحمر جعد عريض الصدر ) رواه البخاري
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني .... ( فذكر الحديث وفيه ) وإذا عيسى عليه السلام قائم يصلي أقرب الناس به شبها عروة ابن مسعود الثقفي ) رواه مسلم
وفي الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أراني عند الكعبة ، فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال، له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم، قد رجلها ، فهي تقطر ماء ، متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالبيت فسألت : من هذا ؟ فقيل : هذا المسيح عيسى بن مريم ) ، وفي رواية لبخاري عن ابن عمر قال ( لا والله ما قال النبي صلى الله عليه وسلم أحمر ولكن قال ( فذكر تمام الحديث بنحو الرواية السابقة ))ه
صفة نزوله
بعد خروج الدجال وإفساده في الأرض ، يبعث الله عيسى عليه السلام ، فينزل إلى الأرض ، ويكون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشام ، وعليه مهرودتان، واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع رأسه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه
ويكون نزوله على الطائفة المنصورة التي تقاتل على الحق وتكون مجتمعة لقتال الدجال، فينزل وقت إقامة الصلاة ، يصلي خلف أمير تلك الطائفة
ففي حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر خروج الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام قال صلى الله عليه وسلم ( إذا بعث الله المسيح ابن مريم ، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق ، بين مهرودتين ، واضعا كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر ، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ، فيطلبه – أي يطلب الدجال – حتى يدركه بباب لد فيقتله ، ثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه ، فيمسح وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة ) رواه مسلم
أدلة نزوله
قال الله تعالى ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) إلى قوله ( وإنه لعلم للساعة ) فهذه الآيات جاءت في الكلام على عيسى عليه السلام وجاء في آخرها ( وإنه لعلم للساعة ) أي نزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة علامة على قرب الساعة ، ويدل على ذلك القراءة الأخرى ( وإنه لعلم للساعة ) بفتح العين واللام ( أي علامة وإمارة وهذه القراءة مروية عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أئمة التفسير )ه
وقال تعالى ( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) إلى قوله تعالى ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته .... ) فهذه الآيات بالإضافة إلى دلالتها على أن اليهود لم يقتلوا المسيح عليه السلام ، فهي تدل على أن من أهل الكتاب من سيؤمن بعيسى عليه السلام آخر الزمان ، وذلك عند نزوله ، وقبل موته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في جوابه لسؤال وجه إليه عن وفاة عيسى ورفعه ( الحمدلله ، عيسى عليه السلام حي، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى لله عليه سلم أنه قال ( ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا وإماما مقسطا ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ) وثبت في الصحيح عنه أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق ، وأنه يقتل الدجال ، ومن فارقت روحه جسده ، لم ينزل جسده من السماء ، وإذا أحيي ، فإنه يقوم من قبره. وأما قوله تعالى ( إني متوفيك ورافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا ) فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت، إذ لو أراد بذلك الموت لكان عيسى كسائر المؤمنين ، فإن الله يقبض أرواحهم ويعرج بها إلى السماء ، فعلم أن ليس في ذلك خاصية) . وليس الكلام هنا للبحث عن رفع عيسى وإنما جاء ذكر ذلك لبيان أنه رفع ببدنه وروحه ، وأنه حي الآن في السماء ، وسينزل في آخر الزمان ويؤمن به من كان موجودا من أهل الكتاب
ومن الأدلة أيضا على نزوله عليه السلام ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كيف أنتم إذا أُنزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ) متفق عليه
وعن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال ، فينزل عيسى بن مريم عليه السلام ، فيقول أميرهم : صل لنا. فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله لهذه الأمة ) رواه مسلم
وجاء في حديث حذيفة عن أشراط الساعة الكبرى ، وفيه ( ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ) رواه مسلم
وقال ابن كثير ( تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا ) - تفسير ابن كثير
والأحاديث في هذا الشأن كثيرة اكتفينا بذكر ما تقدم منها
الحكمة في نزول عيسى بن مريم
أولا: الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوا عيسى بن مريم ، فبين الله تعالى كذبهم ، وأنه هو الذي يقتلهم ويقتل زعيمهم الدجال
ثانيا: أن عيسى عليه السلام وجد في الإنجيل فضل أمة محمد كما في قوله تعالى ( ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه ) ، فدعا الله أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه ، وابقاه حتى ينزل في آخر الزمان مجددا لأمر الإسلام
قال الإمام مالك رحمه الله ( بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة الذين فتحوا الشام يقولون : والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا ) – تفسير ابن كثير
ثالثا : أن نزول عيسى عليه السلام من السماء لدنو أجله ، ليدفن في الأرض ، إذ ليس لمخلوق من التراب أن يموت في غيرها
رابعا : أنه ينزل مكذبا للنصارى فيظهر زيفهم في دعواهم الأباطيل ، فإنه يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية
خامسا :إ ن خصوصيته بهذه الأمور المذكورة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أنا أولى الناس بعيسى بن مريم ، ليس بيني وبينه نبي ) رواه البخاري
انتشار الأمن وظهور البركات
زمن عيسى عليه السلام زمن أمن ورخاء ، يرسل الله فيه المطر الغزير ، وتخرج الأرض ثمرتها وبركتها ، ويفيض المال ، وتذهب الشحناء والتباغض والتحاسد. فقد جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر الدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج في زمن عيسى عليه السلام ودعائه عليهم وهلاكهم وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ( ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك، وردي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ، ويستظلون بقحفها ويبارك في الرِّسل ( بكسر الراء وهو اللبن )حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس ، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس ، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس ) رواه مسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والله لينزلن عيسى بن مريم حكما عادلا ............ وليضعن الجزية ، ولتُتركنَّ القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى لمال فلا يقبله أحد ) رواه مسلم
قال النووي ومعناه أن يزهد الناس فيها – أي الإبل - ولا يرغب في اقتنائها ، لكثرة الأموال ، وقلة الآمال ، وعدم الحاجة ، والعلم بقرب القيامة
مدة بقائه بعد نزوله ثم وفاته
جاء في بعض الروايات أن مدة بقائه عليه السلام في الأرض بعد نزوله سبع سنين ، وجاء في بعضها أربعين سنة . ففي رواية عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( فيبعث الله عيسى بن مريم ....... ثم يمكث سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته) رواه مسلم
وفي رواية الإمام أحمد وأبي داود ( فيمكث في الأرض أربعين سنة ، ثم يتوفى ، ويصلي عليه المسلمين )ه
وكلا الروايتين صحيحة ، وهذا مشكل ، إلا أن تُحمل رواية السبع سنين على مدة إقامته بعد نزوله ، ويكون ذلك مضافا إلى مكثه في الأرض قبل رفعه إلى السماء ، وكان عمره إذ ذاك ثلاثا وثلاثين سنة على المشهور . والله أعلم
نزول عيسى عليه السلام
يأجوج ومأجوج
يأجوج ومأجوج اسمان أعجميان ، وقيل : عربيان
وعلى هذا يكون اشتقاقهما من أجت النار أجيجا : إذا التهبت . أو من الأجاج : وهو الماء الشديد الملوحة ، المحرق من ملوحته ، وقيل عن الأج : وهو سرعة العدو. وقيل : مأجوج من ماج إذا اضطرب،ويؤيد هذا الاشتقاق قوله تعالى ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) ، وهما على وزن يفعول في ( يأجوج ) ، ومفعول في ( مأجوج ) أو على وزن فاعول فيهما
هذا إذا كان الاسمان عربيان ، أما إذا كانا أعجميين فليس لهما اشتقاق ، لأن الأعجمية لا تشتق
وأصل يأجوج ومأجوج من البشر من ذرية آدم وحواء عليهما السلام . وهما من ذرية يافث أبي الترك ، ويافث من ولد نوح عليه السلام . والذي يدل على أنهم من ذرية آدم عليه السلام ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يقول الله تعالى : يا آدم ! فيقول لبيك وسعديك ، والخير في يديك . فيقول اخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسع مئة وتسعة وتسعين . فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ). قالوا : وأينا ذلك الواحد ؟ قال : ( ابشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف) رواه البخاري
وعن عبدالله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن يأجوج ومأجوج من ولد آدم ، وأنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا ) ه
صفتهم
هم يشبهون أبناء جنسهم من الترك المغول، صغار العيون ، ذلف الأنوف ، صهب الشعور، عراض الوجوه، كأن وجوههم المجان المطرقة ، على أشكال الترك وألوانهم . وروى الإمام أحمد : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب ، فقال ( إنكم تقولون لا عدو ، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج : عراض الوجوه ، صغار العيون ، شهب الشعاف ( الشعور ) ، من كل حدب ينسلون ، كأن وجوههم المجان المطرقة) .
وقد ذكر ابن حجر بعض الاثار في صفتهم ولكنها كلها روايات ضعيفة ، ومما جاء فيها أنهم ثلاثة أصناف
صنف أجسادهم كالأرز وهو شجر كبار جدا
وصنف أربعة أذرع في أربعة أذرع
وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى
وجاء أيضا أن طولهم شبر وشبرين ، وأطولهم ثلاثة أشبار
والذي تدل عليه الروايات الصحيحة أنهم رجال أقوياء ، لا طاقة لأحد بقتالهم، ويبعد أن يكون طول أحدهم شبر أو شبرين. ففي حديث النواس بن سمعان أن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بخروج يأجوج ومأجوج ، وأنه لا يدان لأحد بقتالهم، ويأمره بإبعاد المؤمنين من طريقهم ، فيقول لهم ( حرز عبادي إلى الطور) ه
أدلة خروجهم
قال تعالى ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون . واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ) الأنبياء:96-97
وقال تعالى في قصة ذي القرنين ( ثم أتبع سببا . حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا . قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما . آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا . فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا . وتركنا بعضهم يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ) الكهف : 92- 99
وهذه الآيات تدل على خروجهم ، وأن هذا علامة على قرب النفخ في الصور وخراب الدنيا، وقيام الساعة
وعن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوما فزعا يقول ( لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ( وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها ) قالت زينب بنت جحش : فقلت يا رسول الله ! أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم ، إذا كثر الخبث )ه
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيه ( إذا أوحى الله على عيسى أني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أولئك على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مئة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب إلى الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف( دود يكون في أنوف الإبل والغنم ) في رقابهم فيصبحون فرسى ( أي قتلى ) كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت ، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ) رواه مسلم وزاد في رواية – بعد قوله ( لقد كان بهذه مرة ماء ) – ( ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر ، وهو جبل بيت المقدس فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض ، هلم فلنقتل من في السماء ، فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما )ه
وجاء في حديث حذيفة رضي الله عنه في ذكر أشراط الساعة فذكر منها ( يأجوج ومأجوج ) رواه مسلم
سد يأجوج ومأجوج
بنى ذو القرنين سد يأجوج ومأجوج ، ليحجز بينهم وبين جيرانهم الذين استغاثوا به منهم. كما قال تعالى ( قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) الكهف
هذا ما جاء به الكلام على بناء السد ، أما مكانه ففي جهة المشرق لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس ) ولا يعرف مكان هذا السد بالتحديد
والذي تدل عليه الآيات أن السد بني بين جبلين ، لقوله تعالى ( حتى إذا بلغ بين السدين ) والسدان : هما جبلان متقابلان. ثم قال ( حتى إذا ساوى بين الصدفين) ، أي : حاذى به رؤوس الجبلين وذلك بزبر الحديد، ثم أفرغ عليه نحاس مذابا ، فكان السد محكما
وهذا السد موجود إلى أن يأتي الوقت المحدد لدك هذا السد ، وخروج يأجوج ومأجوج، وذلك عند دنو الساعة، كما قال تعالى ( قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا . وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ) الكهف
والذي يدل على أن هذا السد موجود لم يندك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه، قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدا . قال : فيعيده الله عز وجل كأشد ما كان ، حتى إذا بلغوا مدتهم، وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله تعالى، واستثنى. قال : فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه ، فيخرقونه ويخرجون على الناس ، فيستقون المياه ، ويفر الناس منهم ) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم
الخسوفات الثلاثة
معنى الخسف
يقال : خسف المكان إذا ذهب في الأرض ، وغاب فيها ، ومنه قوله تعالى ( فخسفنا به وبداره الأرض ) ، والخسوفات الثلاثة التي هي من أشراط الساعة جاء ذكرها ضمن العلامات الكبرى
الأدلة من السنة
عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الساعة لن تقوم حتى تروا عشر آيات ...... ( فذكر منها ) وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب) رواه مسلم
وعن أم سلمة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( سيكون بعدي خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف في جزيرة العرب ) قلت : يا رسول الله ! أيخسف بالأرض وفينا الصالحون ؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا أكثر أهلها الخبث ) رواه الطبراني
هل وقعت هذه الخسوفات
هذه الخسوفات الثلاثة لم تقع بعد ، كغيرها من أشراط الساعة الكبرى ، وإن كان بعض العلماء يرى أنها قد وقعت . ولكن الصحيح أنه لم يحدث شيء منها إلى الآن ، وإنما وقع بعض الخسوفات في أماكن متفرقة وفي أزمان متباعدة وذلك من أشراط الساعة الصغرى
أما هذه الخسوفات الثلاثة فتكون عظيمة وعامة لأماكن كثيرة من الأرض في مشارقها ومغاربها وفي جزيرة العرب
قال ابن حجر ( وقد وجد الخسف في مواضع ، ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدرا زائدا على ما وجد كأن يكون أعظم منه مكانا وقدرا ) – فتح الباري
ويؤيد هذا ما جاء في الحديث من أنها إنما تقع إذا كثر الخبث في الناس وفشت فيهم المعاصي . والله أعلم
الدخان
ظهور الدخان في آخر الزمان من علاملات الساعة الكبرى التي دل عليها الكتاب والسنة
أدلة ظهوره
قال تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين . يغشى الناس هذا عذاب أليم ) الدخان : 10- 11
والمعنى : انتظر يا محمد بهؤلاء الكفار يوم تأتي السماء بدخان مبين واضح يغشى الناس ويعمهم ، وعند ذلك يقال لهم : هذا عذاب أليم تقريعا وتوبيخا ، أو يقول بعضهم لبعض ذلك – تفسير القرطبي
هل وقع الدخان ؟ أم هو من الآيات المرتقبة ؟
وللعلماء قولان في ذلك
الأول: أن هذا الدخان هو ما أصاب قريشا من الشدة و الجوع عندما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يستجيبوا له ، فأصبحوا يرون السماء كهيئة الدخان. وإلى هذا القول ذهب عبدالله بن مسعود رضي الله عه وتبعه جماعة من السلف
قال رضي الله عنه : خمس قد مضين : اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان – صحيح البخاري
ولما حدث رجل من كندة عن الدخان وقال : إنه يجيئ دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع لمنافقين وأبصارهم ، غضب ابن مسعود رضي الله عنه وقال ( من علم فليقل ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم : لاأعلم ، فإن الله قال لنبيه : ( قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) وإن قريشا أبطؤوا الإسلام ، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ) فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها ، وأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان) رواه البخاري ومسلم
وهذا القول رجحه ابن جرير الطبري ثم قال : لأن الله جل ثناؤه توعد بالدخان مشركي قريش وأن قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) في سياق خطاب الله كفار قريش وتقريعه إياهم بشركهم بقوله ( لا إله إلا هو يحي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين . بل هم في شك يلعبون) ، ثم أتبع ذلك قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) أمرا له بالصبر .... إلى أن يأتيهم بأسه وتهديدا للمشركين ، فهو بأن يكون إذ كان وعيدا لهم قد أحله بهم أشبه من أن يكون أخره عنهم لغيرهم
الثاني : أن هذا الدخان من الآيات المنتظرة ، التي لم تجئ بعد وسيقع قرب قيام الساعة . وفي هذا القول ذهب ابن عباس وبعض الصحابة والتابعين، فقد روى الطبري وابن أبي حاتم عن عبدالله بن أبي مليكة قال :( غدوت على ابن عباس رضي الله عنهما ذات يوم فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت . قلت : لم ؟ قال : قالوا طلع الكوكب ذو الذنب ، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق ، فما نمت حت أصبحت )ه
وقال ابن كثير : وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن........ - إلى أن قال - مع أنه ظاهر القرآن قال الله تعالى( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) أي : بين واضح يراه كل أحد ، على أن ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما كان هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد. وهكذا قوله ( يغشى الناس ) أي : يتغشاهم ويعمهم ولو كان أمرا خياليا يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه ( يغشى الناس )
وقد ذهب بعض العلماء إلى الجمع بين هذه الاثار بأنهما دخانان ظهرت إحداهما وبقيت الأخرى وهي التي ستقع آخر الزمان. قال القرطبي ( قال مجاهد : كان ابن مسعود يقول : هما دخانان قد مضى أحدهما ، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض ، ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمه ، وأما الكافر فتثقب مسامعه )ه
ومن الأدلة الصريحة على حدوث الدخان آخر الزمان
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بادروا الأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة ) رواه مسلم
عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال : اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال : ( ما تذاكرون ) ؟ قالوا : نذكر الساعة . قال : ( إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ) . فذكر : الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى عليه السلام ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم)رواه مسلم
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن ربكم أنذركم ثلاثا : الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ،ويأخذ الكافر فينتفخ حت يخرج من كل مسمع منه ) تفسير الطبري ، وقال ابن حجر عن رواية الطبري : وإسنادهما ضعيف جدا ، لكن تضافر هذه الأحاديث يدل على أن لذلك أصلا
طلوع الشمس من مغربها
طلوع الشمس من مغربها من العلامات الكبرى الثابتة بالكتاب والسنة
الأدلة على وقوع ذلك
قال تعالى ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) الأنعام:158
وقد دلت الأحاديث الصحيحة أن المراد ببعض الآيات المذكورة في الآية هو طلوع الشمس من مغربها وهو قول أكثر المفسرين. قال الطبري ( وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (وذلك حين تطلع الشمس من مغربها ))، وقال الشوكاني: فإذا رفع هذا التفسير النبوي من وجه صحيح لا قادح فيه ، فهو واجب التقديم محتم الأخذ به
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) رواه الشيخان
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بادروا الأعمال ستا : ( فذكر منها ) طلوع الشمس من مغربها ) رواه مسلم
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : ( حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ) رواه أحمد
وعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما : ( أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ اقلوا : الله ورسوله أعلم . قال : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ، فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ارجعي من حيث جئت. فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها لا يستنكر الناس منه شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش ، فيقال لها : ارتفعي ، أصبحي طالعة من مغربك ، فتصبح طالعة من مغربها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أتدرون متى ذاكم ؟ ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) رواه مسلم
عدم قبول الإيمان والتوبة بعد طلوع الشمس
فإذا طلعت الشمس من مغربها فإنه لايقبل الإيمان ممن لم يكن قبل ذلك مؤمنا ، كما لا تقبل توبة العاصي، وذلك لأن طلوع الشمس من مغربها آية عظيمة يراها كل من كان في ذلك الزمان فتنكشف لهم الحقائق ، ويشاهدون من الأهوال ما يلوي أعناقهم إلى الإقرار والتصديق، وحكمهم في ذلك كما في قوله تعالى ( فلما رأ,ا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين. فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون)ا
قال ابن كثير: إذا أنشأ الكافر إيمانا يومئذ لا يقبل منه ، فأما من كان مؤمنا قبل ذلك ، فإن كان مصلحا في عمله فهو بخير عظيم ، وإن كان مخلطا فأحدث توبة حينئذ لم تقبل منه توبته. وقال عليه الصلاة والسلام ( لا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب ، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفي الناس العمل )
ويرى بعض العلماء أن الذين لا يقبل إيمانهم هم الكفار الذين عاينوا طلوع الشمس من مغربها ، أما إذا امتد الزمان ونسي الناس ذلك، فإنه يقبل إيمان الكفار وتوبة العصاة
وقال القرطبي : قال عليه الصلاة والسلام ( إن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر) رواه أحمد. أي تبلغ روحه رأس حلقه، وذلك وقت المعاينة الذي يرى فيه مقعده من الجنة ومقعده من النار ، فالمشاهد لطلوع الشمس من مغربها مثله ، وعلى هذا ينبغي أن تكون توبة كل من شاهد ذلك أو كان كالشاهد له مردودة ما عاش ، لأن علمه بالله وتعالى وبنبيه صلى الله عليه وسلم قد صار ضرورة ، فإن امتدت أيام الدنيا إلى أن ينسى الناس من هذا الأمر العظيم ما كان ولا يتحدثون عنه إلا قليلا ، فيصير الخبر عنه خاصا وينقطع التواتر عنه فمن أسلم في ذلك الوقت أو تاب قبل منه والله أعلم
والجواب عن ذلك أن النصوص دلت على أن التوبة لا تقبل بعد طلوع الشمس من مغربها ، ولم تفرق بين من شاهد هذه الآية وبين من لم يشاهدها. ويؤيد هذا ما رواه الطبري عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال ( التوبة مبسوطة مالم تطلع الشمس من مغربها ) تفسير الطبري. وقد ذهب إلى هذا القول أيضا ابن حجر وذكر آثارا تدل على استمرار قفل باب التوبة إلى يوم القيامة
وطلوع الشمس من المغرب يحدث فقط مرة واحدة يوم الطلوع، ثم تعود إلى الطلوع من المشرق وتستمر هكذا إلى أن يشاء الله
ظهور الدابة
ظهور دابة الأرض في آخر الزمان علامة على قرب الساعة ثابت بالكتاب والسنة
أدلة ظهورها
قال تعالى ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة وأن ذلك عند فساد الناس وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق
قال العلماء في قوله تعالى ( وقع القول عليهم ) أي وجب الوعيد عليهم لتماديهم في العصيان والفسوق والطغيان وإعراضهم عن آيات الله والنزول على حكمها ، وانتهائهم في المعاصي إلى ما لا ينجح معه موعظة ولا يصرفهم عن غيهم تذكرة ، يقول عز من قائل : فإذا صاروا كذلك أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم : أي دابة تعقل وتنطق ، والدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل ، ليعلم الناس أن ذلك آية من عندالله تعالى
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ( وقع القول يكون بموت العلماء وذهاب العلم ورفع القرآن ) ثم قال ( أكثروا من قراءة القرآن قبل أن يرفع. قالوا هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الرجال؟! قال : يُسرى عليه ليلا فيصبحون منه قفرا ، وينسون ( لا إله إلا الله ) ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم وذلك حين يقع عليهم القول )ا
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اله صلى الله عليه وسلم ( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ) رواه مسلم
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد ، سمعت رسول الله صلى الله عليهم وسلم يقول( إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا ) رواه مسلم
وعن أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تخرج الدابة ، فتسم الناس على خراطيمهم ثم يغمرون فيكم حتى يشتري الرجل البعير فيقول ممن اشتريته ؟ فيقول: من أحد المخطيين ) رواه أحمد
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( بادروا بالأعمال ستا ...... ( وذكر منها ) دابة الأرض ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تخرج الدابة ومعها عصا موسى عليه السلام ، وخاتم سليمان عليه السلام ، فتخطم الكافر-أي تسمه - بالخاتم، وتجلو وجه المؤمن بالعصا حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوانهم فيقول هذا : يا مؤمن ! ويقول هذا : يا كافر ) رواه أحمد والترمذي
من أي الدواب دابة الأرض
اختلفت الأقوال في تعيين دابة الأرض ، وهذه بعض أقوالهم في ذلك
قال القرطبي: أول الأقوال أنها فصيل ناقة صالح ، وهو أصحها والله أعلم. واستشهد لهذا القول بما رواه أبو داود الطيالسي عن حذيفة بن أسيد قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدابة..... ( فذكر الحديث وفيه ) ( لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام ) وموضع الشاهد قوله ( ترغو ) والرغاء إنما هو للإبل ، وذلك أن الفصيل لما قتلت الناقة هرب ، فانفتح له حجر ، فدخل في جوفه ثم انطبق عليه فهو فيه حتى يخرج بإذن الله عز وجل. وترجيح القرطبي لهذا القول فيه نظر ، لأن الحديث الذي استند إليه في سنده رجل متروك، وكذلك جاء في بعض كتب الحديث لفظ ( تدنو ) و ( تربو) بدل ( ترغو ) كما في المستدرك للحاكم
القول الثاني : أنها الجساسة المذكورة في حديث تميم الداري رضي الله عنه في قصة الدجال . وهذا القول منسوب إلى عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما
وليس في حديث تميم ما يدل على أن الجساسة هي الدابة التي تخرج آخر الزمان ، وإنما الذي جاء فيه أنه لقي دابة أهلب كثيرة الشعر فسألها : ما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة
وسميت بالجساسة لأنها تجس الأخبار للدجال
القول الثالث : أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة. وهذا القول نسبه القرطبي إلى ابن عباس رضي الله عنهما منقول من كتاب النقاش ، ولم يذكر له مستندا في ذلك وذكره الشوكاني في تفسيره
القول الرابع : أن الدابة إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم ، لينقطعوا ، فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. وهذا القول ذكره القرطبي، ورده بأن الدابة لو كانت إنسانا يناظر المبتدعة لم تكن الدابة آية خارقة وعلامة من علامات الساعة الكبرى
والذي يجب الإيمان به هو أن الله تعالى سيخرج للناس في آخر الزمان دابة من الأرض تكلمهم ، فيكون تكليمها آية لهم، وأنهم مستحقون للوعيد بتكذيبهم آيات الله، فإذا خرجت فهم الناس وعلموا أمها الخارقة المنبئة باقتراب الساعة
والذي يؤيد أن هذه الداية تنطق وتخاطب الناس بكلام يسمعونه ويفهمونه هو أنه جاء ذكرها في سورة النمل وهذه السورة فيها مشاهد وأحاديث بين طائفة من الحشرات والطير والجن وسليمان عليه السلام فجاء ذكر الدابة وتكليمها للناس متناسقا مع مشاهد السورة وجوها العام
وقال أحمد شاكر رحمه الله ( والآية الصريحة بالقول العربي أنها ( دابة ) ومعنى ( الدابة ) في لغة العرب معروف واضح لا يحتاج إلى تأويل................... )ا
مكان خروج الدابة
اختلفت الأقوال في مكان خروج الدابة فمنها
القول الأول : أنها تخرج من مكة المكرمة من أعظم المساجد
ويؤيد هذ القول ما رواه الطبراني في " الأوسط " عن حذيفة بن أسيد قال( تخرج الدابة من أعظم المساجد ، فبينا هم إذ دبت الأرض ، فبينا هم كذلك إذ تصدعت)ا
القول الثاني: أن لها ثلاث خرجات ، فمرة في البوادي ثم تختفي ، ثم تخرج في بعض القرى ، ثم تظهر في المسجد الحرام
وهناك أقوال أخرى ، غالبها يدور على أن خروجها من الحرم المكي ، فالله أعلم بذلك
عمل الدابة
إذا خرجت هذه الدابة العظيمة ، فإنها تسم المؤمن والكافر
فأما المؤمن ، فإنها تجلو وجهه حتى يشرق ، ويكون ذلك علامة على إيمانه
وأما الكافر فإنها تخطمه على أنفه ، علامة على كفره والعياذ بالله
وجاء في الآية الكريمة قوله تعالى ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ) النمل، وفي معنى هذا التكليم اختلفت أقوال المفسرين
القول الأول : أن المراد تكلمهم كلاما : أي تخاطبهم مخاطبة، ويدل على ذلك قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ( تنبئهم )ه
القول الثاني : تجرحهم، ويؤيد ذلك قراءة ( تكْلمهم ) بفتح التاء وسكون الكاف ، من الكلم، وهو الجرح وهذه القراءة مروية عن ابن عباس رضي الله عنه أي : تسمهم وسما، وهذا القول يشهد له حديث أبي أمامة السابق ( تخرج الدابة ، فتسم الناس على خراطيمهم )ا
وروي عن ابن عباس أنه قال : ( كلاً تفعل ) أي المخاطبة والوسم. وقال ابن كثير ( وهو قول حسن ولا منافاة والله أعلم ) ا
وأما الكلام الذي تخاطبهم به فهو قولها ( إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) وهذا على قراءة من قرأها بفتح همزة ( إن ) أي تخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون، وهذه قراءة الكوفة وبعض أهل البصرة. وأما قراءة عامة قراء الحجاز والبصرة والشام فبكسر همزة ( إن ) على الاستئناف ويكون المعنى : تكلمهم بما يسوؤهم أو ببطلان الأديان سوى الإسلام
النار التي تحشر الناس
وهي آخر الأشراط الكبرى ، وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة
مكان خروجها
جاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكون من اليمن ، من قعرة عدن ، وهذه بعض الأحاديث التي تدل على مكان خروج النار وظهورها
جاء في حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط الساعة الكبرى قوله صلى الله عليه وسلم ( وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ) رواه مسلم
وفي رواية لمسلم عن حذيفة أيضا ( ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس )ا
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ستخرج نار من حضرموت أو من بحر حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس ) رواه أحمد والترمذي
وعن أنس رضي الله عنه أن عبدالله بن سلام لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مسائل ومنها : ما أول أشراط الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب) رواه البخاري
والجمع بين ما جاء أن هذه النار هي آخر أشراط الساعة الكبرى وما جاء أنها أول أشراط الساعة : أن آخريتها باعتبار ما ذكر معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة. وأوليتها باعتبار أنها أول الآيات التي لا شيء بعدها من أمور الدنيا أصلا ، بل يقع بانتهاء هذه الآيات النفخ في الصور، بخلاف ما ذكر معها من الآيات الواردة في حديث حذيفة فإنه يبقى بعد كل آية منها أشياء من أمور الدنيا
وأما ما جاء في بعض الروايات أن خروجها من اليمن ، وفي بعضها الآخر أنها تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، فيجاب عن ذلك بأجوبة
أولا: أن كون خروج النار من قعر عدن لا ينافي حشرها الناس من المشرق إلى المغرب ، وذلك أن ابتداء خروجها من قعر عدن ، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها ، والمراد بقوله : تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب
ثانيا: أن النار عندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق أولا ويؤيد ذلك أن ابتداء الفتن دائما من المشرق، وأما جعل الغاية المغرب ، فلأن الشام بالنسبة للمشرق مغرب
ثالثا : يحتمل أن تكون النار المذكورة في حديث أنس كناية عن الفتن المنتشرة التي أثارت الشر العظيم والتهبت كما تلتهب النار ، وكان ابتداؤها من قبل المشرق ، حتى خرب معظمه وانحشر الناس من جهة المشرق إلى الشام ومصر، وهما من جهة المغرب . وأما النار في حديث حذيفة فهي نار حقيقية والله أعلم
كيفية حشرها للناس
عند ظهور هذه النار العظيمة من اليمن ، تنتشر في الأرض وتسوق الناس إلى أرض المحشر ، والذين يحشرونعلى ثلاثة أفواج
الفوج الأول : راغبون طاعمون كاسون راكبون
الفوج الثاني : يمشون تارة ويركبون تارة أخرى ، يعتقبون على البعير الواحد كما سيأتي في الحديث ( اثنان على بعير وثلاثة على بعير.......... إلى أن قال : وعشرة على بعير يعتقبونه ) وذلك من قلة الظهر يومئذ
والفوج الثالث: تحشرهم النار ، فتحيط بهم من ورائهم ، وتسوقهم من كل جانب إلى أرض المحشر ، ومن تخلف أكلته النار
وهذه بعض الأحاديث التي تبين كيفية حشر هذه النار للناس
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى اللهعليه وسلم قال ( يحشر الناس على ثلاث طرائق : راغبين وراهبين ، واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير ، ويحشر بقيتهم النار تقيل معه حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معه حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا ) رواه البخاري ومسلم
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تبعث نار على أهل المشرق فتحشرهم إلى المغرب ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا ، يكون لها ما سقط منهم وتخلف وتسوقهم سوق الجمل الكسير ) رواه الطبراني في الكبير والأوسط
وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال : قام أبو ذر رضي الله عنه فقال : يا بني غفار ! قولوا ولا تختلفوا، فإن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حدثني ( أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج : فوج راكبين ، طاعمين كاسين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار . فقال قائل منهم : هذان قد عرفناهما ، فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال : يلقي الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر ، حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة ، فيعطيها بالشارف ذات القتب فلا يقدر عليها ) رواه أحمد
والشارف هي الناقة المسن الهرمة . والقتب : بكسر القاف وسكون التاء وهو الرحل الذي يوضع على السنام
أرض المحشر
يحشر الناس إلى الشام في آخر الزمان وهي أرض المحشر كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة فمنها
عن ابن عمر رضي الله عنهما في ذكر خروج النار وفيه : قال : قلنا : يا رسول الله ! فماذا تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام
وعن حكيم بن معاوية البهزي عن أبيه ....... ( فذكر الحديث ) وفيه قوله صلى الله عليه وسلم ( ها هنا تحشرون، ها هنا تحشرون ، ها هنا تحشرون ( ثلاثا ) ركبانا ومشاة وعلى وجوهكم ) قال ابن أبي بكير : فأشار بيده إلى الشام ، فقال : ( إلى ها هنا تحشرون ) رواه أحمد
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : سكعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ، لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها ، تلفظهم أرضوهم تنذرهم نفس الله ، تحشرهم مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلف ) رواه أحمد
قال ابن حجر : وفي تفسير ابن عيينة عن ابن عباس : من شك أن المحشر هاهنا- يعني الشام – فليقرأ أول سورة الحشر ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ اخرجوا . قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى أرض المحشر
والسبب في كون أرض الشام هي أرض المحشر أن الأمن والإيمان حين تقع في آخر الزمان يكون بالشام
فضل الشام والترغيب في سكناه
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به ، فأتبعته بصري ، فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام ) رواه أحمد ، وسنده صحيح
وعن عبدالله بن حوالة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( رأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لواء تحمله الملائكة ، فقلت : ما تحملون ؟ قالوا : عمود الكتاب ، أمرنا أن نضعه بالشام ) – فتح الباري وقال : سنده حسن
وعن عبدالله بن حوالة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة : جند بالشام ، وجند باليمن ، وجند بالعراق ) قال ابن حوالة: حر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك . فقال : ( عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليها خيرته من عباده ، فأما إذا أبيتم فعليكم بيمنكم ، واسقوا من غدركم فإن الله توكل لي بالشام وأهله ) رواه أبو داود، والحديث صحيح
وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة ، فعمن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا ) رواه البخاري
كما أن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان يكون بالشام وبه يكون اجتماع المؤمنين لقتال الدجال
وقد أنكر أبو عبية أن تكون الشام هي أرض المحشر ، فقال : الكلام الذي يحدد أرض المحشر لا دليل عليه من كتاب أو سنة أو اجماع ، بل في القرآن ما ينقضه ، قال الله تعالى ( يوم تبدل الأرض غير الأرض ) ، فأين أرض الشام إذن ؟
ويجاب على ذلك بأن الأدلة متضافرة على أن أرض المحشر هي الشام كما سبق ذكرها . والحامل له على هذا هو اعتقاده أن هذا المحشر في الآخرة، وليس في الدنيا . وسنبين أن هذا المحشر في الدنيا كما تدل عليه النصوص
هذا المحشر يكون في الدنيا
وهذا الحشر المذكور في الأحاديث يكون في الدنيا ، وليس المراد به حشر الناس بعد البعث من القبور، وقد ذكر القرطبي أن الحشر معناه الجمع وهو على أربعة أوجه : حشران في الدنيا ، وحشران في الآخرة
أما حشران الدنيا
فالأول : إجلاء بني النضير إلى الشام
والثاني : حشر الناس قبل القيامة إلى الشام وهي النار المذكورة هنا في الأحاديث. وكون هذا الحشر في الدنيا هو الذي أجمع عليه جمهور العلماء كما ذكر ذلك القرطبي وابن كثير وابن حجر وهو الذي تدل عليه النصوص
وذهب بعض العلماء كالغزالي والحليمي إلى أن هذا الحشر ليس في الدنيا وإنما هو في الآخرة. وذكر ابن حجر أن بعض شراح المصابيح حمله على الحشر من القبور واحتجوا على ذلك بعدة أمور
الأول : أن الحشر إذا أطلق في عرف الشرع ، إنما يراد به الحشر من القبور ما لم يخصه دليل
الثاني : أن هذا التقسيم في الخبر لا يستقيم في الحشر إلى الشام ، لأن المهاجر لا بد أن يكون راغبا أو راهبا أو جامعا الصفتين
الثالث: أن حشر البقية على ما ذكر ، وإلجاء النار لهم إلى تلك الجهة وملازمتها حتى لا تفارقهم : قول لم يرد به التوقيف ، وليس لنا أن نحكم بتسليط النار في الدنيا على أهل الشقوة من غير توقيف
الرابع أن الحديث يفسر بعضه بعضا ، وقد وقع في الحسان من حديث أبي هريرة وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن علي بن زيد عن أوس بن أبي أوس عن أبي هريرة لفظ ( ثل
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
فله والاقزام7 :على الاقل كل الي قراء الموضوع بس يقول جزاك الله خير او دعوه صادقه شكرا على كل حاالعلى الاقل كل الي قراء الموضوع بس يقول جزاك الله خير او دعوه صادقه شكرا على كل حاال
:) مايهو عليك أختي .. تبين بس دعوة .. أنت بس قولي أمين
ألا الله يجزاك ألف و ألف خير و الله يورثك الجنة و الفردوس الأعلى ..
الله يوفقك دنيا و أخرة .. و جعلك الله من أهل الطالعات ..
و الله يجعلك رفيق النبي في الجنة ... و الله يرضيك و يراضيك و يرضى عنك ..
و الله يحققلك اللي في بالك .. ووفقك الله لما يحه و يرضى..
أميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين..
محبتك ..*السعادة*..:26:
ألا الله يجزاك ألف و ألف خير و الله يورثك الجنة و الفردوس الأعلى ..
الله يوفقك دنيا و أخرة .. و جعلك الله من أهل الطالعات ..
و الله يجعلك رفيق النبي في الجنة ... و الله يرضيك و يراضيك و يرضى عنك ..
و الله يحققلك اللي في بالك .. ووفقك الله لما يحه و يرضى..
أميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييين..
محبتك ..*السعادة*..:26:
اللهم امين ويااك يااختي السعااااااده يعلم الله اني كنت ابغى الكل يستفيد من ال نقلته لني قعدت ابحث لحد مالقيت تفصيل عنه
الله يعطيكم العافيه
الله يعطيكم العافيه
الصفحة الأخيرة
شكرا على كل حاال