تلخيص كشف الشبهات وشرح التوضيحات الكاشفات على كشف الشبهات للهبدان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فهذا تلخيص لكتاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى المسمى ( كشف الشبهات ) وهو زبدة كتبه, وينبغي حفظه وفهمه جيداً للحفاظ على الدين من شبهات المشركين وعباد القبور الذين يريدون أن يفسدوا ديننا وأنى لهم ذلك, فالله عز وجل يهدي عباده المخلصين إلى التوحيد ويثبتهم عليه.
ولكي يكون القارئ على علم بمحتوى الكتاب أقول: أن هذا الكتاب فيه أهم شبهات الذين يقصدون القبور والأولياء ويتقربون إليهم بأنواع العبادة كالاستغاثة الشركية والذبح لهم ودعاؤهم من دون الله وغيرها من العبادات التي لا تصلح إلا لله وحده.
فإلى شبهات المشركين ورد الموحدين عليهم:
الشبهة الأولى:
قال عُبَّاد القبور: نحن نشهد بأنه لا يخلق ولا يرزق ولا ينفع ولا يضرُّ إلا الله وحده لا شريك له. والأولياء والصالحون لهم جاه عند الله, ونحن أناس مذنبون ومقصرون, ولذا فنحن نسأل الله بجاههم ومكانتهم.
الجواب:
• أن كفار العرب الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم مقرُّون بما ذكرتم وهو توحيد الربوبية والدليل قوله تعالى:" قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يُخرِجُ الحيَّ من الميِّت ويُخرِجُ الميِّت من الحيِّ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون" (يونس:31).
• أن كفار العرب كانوا يسألون الله بجاه الأولياء والصالحين ومكانتهم. والدليل قوله تعالى:" ويعبدون من دون الله ما لا يضرُّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون" (يونس:18) فلا فرق بين ما تفعلونه وما يفعله كفار العرب.
الشبهة الثانية:
قال عُبَّاد القبور: أن كفار العرب كانوا يدعون الأصنام! ونحن ندعو الصالحين! فكيف تجعلون الصالحين كالأصنام ؟
الجواب:
• أن مِنَ الكفار من يدعو الأصنام, ومنهم من يدعو الأولياء ويدعون عيسى وأمه ويدعون الملائكة. والأدلة قال الله جل وعلا:" ما المسيح ابن مريم إلا رسولٌ قد خَلَتَ من قبلِهِ الرُّسُل وأمُّهُ صِدِّيقة كانا يأكُلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون, قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم". (المائدة:75-76).
قال الله جل وعلا:" ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون, قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون". (سبأ:40-41).
• الله جل وعلا ساوى في الحكم فيمن اعتقد في الأصنام وفيمن اعتقد في الأنبياء أو الصالحين ولم يُفرِّق بينهما, وكذا رسوله صلى الله عليه وسلم قاتلهم جميعاً ولم يستثن أحداً.
الشبهة الثالثة:
قال عبَّاد القبور: أن الكفار يدعون الأولياء والصالحين لجلب المنفعة ودفع المضرة, ونحن نريد الشفاعة وطلبها منهم ليس شركاً.
الجواب:
• أن قولكم هذا هو عين قول الكفار والدليل قوله تعالى:" والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى". (الزمر:3) وقوله تعالى:" ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله". (يونس:18). فحكمكم هو حكمهم.
الشبهة الرابعة:
قال عُبَّاد القبور: الالتجاءُ إلى الصالحين ليس بعبادة !
الجواب:
قل له: هل تقرُّ أن الله فرض عليك إخلاص العبادة؟ وهو حقه عليك ؟
فإذا قال نعم.
فقل له: بيِّن لي هذا الذي فرض عليك ؟ وهو إخلاص العبادة ؟
فإنه لا يعرف العبادة ولا أنواعها.
فبيِّن له بقولك: قال الله:" ادعوا ربكم تضرُّعاً وخُفية" وقل له هل الدعاء عبادة ؟ فسيقول نعم.
فألزمه بقولك: إذا أقررتَ أن الدعاء عبادة, ودعوتَ الله ليلاً ونهاراً, خوفاً وطمعاً, ثم دعوت في حاجة لك نبياً أو غيره هل أشركت في عبادة الله ؟
فلا بد وأن يقول نعم. وكذا في النحر. قال تعالى:" فصلِّ لربك وانحر".
الشبهة الخامسة:
قول المشرك: أتنكرُ شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ منها ؟!
الجواب:
• أننا لا ننكر شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم, بل هو الشافع المشفع, وأرجو شفاعته, ولكن الشفاعة كلها لله تعالى كما قال:" قل لله الشفاعة جميعاً" (الزمر:44).
• أن الشفاعة لا تكون إلا من بعد إذن الله كما قال:" من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" (البقرة255). وقوله تعالى:" ولا يشفعون إلا لمن ارتضى"( الأنبياء: 28).
• الطريقة الشرعية لطلب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم: أن ندعوَ الله عز وجل وليس النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: اللهم لا تحرمني شفاعته, اللهم شفِّعه فيَّ. أو غير ذلك من الأدعية التي يُطلب فيها من الله.
الشبهة السادسة:
قال عُبَّاد القبور:أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أُعطيَ الشفاعةَ, وأنا أطلبها منه.
الجواب:
• أن الله أعطاه الشفاعة ونهاك أن تدعوَ غيره والدليل قوله تعالى:"فلا تدعو مع الله أحداً" (الجن:18).
• أن الله عز وجل قد أعطى الشفاعة لغير النبي صلى الله عليه وسلم مثل الملائكة والأولياء والأفراط. والدليل حديث أبي سعيد مرفوعاً في صحيح مسلم قال:"فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة, وشفع النبيون, وشفع المؤمنون, ولم يبق إلا أرحم الراحمين, فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط". فهل تقول أن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم ؟ فإن قلت نعم فقد رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه, وإن قلت لا. بطل قولك: أعطاه الله الشفاعة وأنا أطلبه مما أعطاه الله.
الشبهة السابعة:
قال عُبَّاد القبور: نحن لا نشرك بالله ! ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك !
الجواب:
• قل له ما هو الشرك ؟ فسيقول لك لا أدري. فقل له: كيف تبرئ نفسك من الشرك وأنت لا تعرفه ؟
• يقال له أيضاً: لماذا لا تسأل عن الشرك الذي حرَّمه الله تعالى أعظم من تحريم قتل النفس والزنا وأوجب لفاعله النار وحرم عليه الجنة ؟ أتظن أن الله حرمه على عباده ولم يُبيِّنه لهم ؟ حاشاه ذلك.
الشبهة الثامنة:
قال عبَّاد القبور: الشرك هو عبادة الأصنام, ونحن لا نعبد الأصنام !
الجواب:
• القاعدة: أن حقائق الأشياء لا تتغير بتغير أسمائها, فلا تزول هذه المفاسد بتغير أسمائها, كتسمية عبادة غير الله توسلاً وتشفعاً أو تبركاً وتعظيماً للصالحين وتوقيراً فإن الاعتبار بحقائق الأمور لا بالأسماء والاصطلاحات, والحكم يدور مع الحقيقة وجوداً وعدماً لا مع الأسماء.
• دلت الآيات القرآنية على كفر من تعلق أو دعا الملائكة أو الأنبياء أو الصالحين, ومن ثم فلا بد أن يقر بأن الشرك هو عبادة ما سوى الله تعالى, سواء كان صنماً أو شجراً أو نبياً أو ملكاً أو صالحاً.
الشبهة التاسعة:
قال عبَّاد القبور: أن كفار العرب لم يكفروا بدعاء الملائكة والأنبياء, وإنما كفروا لما قالوا : الملائكة بنات الله. ونحن لم نقل أن عبدالقادر ولا غيره ابن الله !!
الجواب:
• أن نسبة الولد إلى الله تعالى كفرٌ مستقلٌ. قال تعالى:"قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد". ومن جحد هذا كفر, ولو لم يجحد السورة.
• قال الله تعالى:" ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله" (المؤمنون:91) ففرَّق بين النوعين وجعل كلاً منهما كفراً مستقلاً.
• قال الله تعالى:" وجعلوا لله شركاء الجن وخَلَقَهُم وخَرَقوا له بنين وبنات بغير علم" (الأنعام:100) ففرَّق بين الكفرين.
• أن الذين كفروا بدعاء اللات مع كونه رجلاً صالحاً لم يجعلوه ابناً لله.
الشبهة العاشرة:
قال عباد القبور: إن الذين كفَّرهم القرآن لا يشهدون أن لا إله إلا الله ويكذبون الرسول وينكرون البعث, ويكذبون بالقرآن ونحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ونصدق القرآن ونؤمن بالبعث ونصلي ونصوم, فكيف تجعلوننا مثل أولئك ؟ بمعنى آخر: (أن من أدَّى بعض واجبات الدين لا يكون كافراً ولو أتى بما ينافي التوحيد)
الجواب:
• أجمع العلماء على كفر من آمن ببعض الدين وكفر ببعض الدين.
• أنت تقرُّ أن من جحد الصلاة كفر, أو من جحد الزكاة أو غيرها مما هو معلوم بالدين من الضرورة كفر, فكيف من يجحد التوحيد وهي أعظم من الصلاة والزكاة ؟
• أن الصحابة رضي الله عنهم قاتلوا مانعي الزكاة على الرغم من أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيمون الصلاة, ولكن هذا لم يكف لإسلامهم.
• إجماع الصحابة على تكفير وقتل من اعتقد في علي رضي الله عنه الألوهية مع دعواهم الإسلام, وحرَّقهم علي رضي الله عنه بالنار.
• إجماع العلماء على كفر بني عبيد (الدولة الفاطمية) مع إظهارهم الإسلام, لفعلهم ما يناقضه.
• لا يُشترط في التكفير الجمع بين مُكفِّرات عدة, وإلا ما معنى تخصيص العلماء باب حكم المرتد ؟
• أن الله تعالى كفَّرَ من استهزأ بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع كونهم يؤدون العبادات.
الشبهة الحادية عشرة:
قال المرجئة وعُبَّاد القبور: أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفروا عندما طلبوا من النبي أن يجعل لهم ذات أنواط مع شناعة طلبهم.
الجواب:
• أنهم لم يطلبوا الشرك الأكبر ولم يقولوا نريد عبادة الشجرة فكلامهم بالحديث واضح أنهم طلبوا التبرك بالشجرة, والتبرك بدعة لا تصل إلى الشرك الأكبر. فهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام وغيرها فهل يُعقل أن يطلبوا منه أن يعبدوا شجرة ؟
الشبهة الثانية عشرة:
قال المرجئة وعبَّاد القبور: أن من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله لا يحكم بكفره أبداً واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة قتل من قال لا إله إلا الله, وكذلك قوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
الجواب:
• أما حديث أسامة رضي الله عنه فإنه قتل رجلاً ادعى الإسلام بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه إلا خوفاً على دمه وماله. والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكفُّ عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك. قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتَبَيَّنوا" (النساء:94) أي فتثبتوا. فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت فإذا تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قُتِلَ لقوله تعالى "فتبيَّنوا" ولو كان لا يُقتل إذا قالها لم يكن للتثبت معنى. ومثل ذلك الأحاديث الأخر.
• أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال تلك الأحاديث السالفة الذكر, قد قال في الخوارج:" أينما لقيتموهم فاقتلوهم" "لئن أدركتُهُم لأقتلنَّهم قتل عاد" مع كونهم من أكثر الناس عبادة, وتهليلاً, حتى أن الصحابة يحقرون عبادتهم عندهم, ولكن لم ينفعهم ذلك لما ظهر منهم مخالفة الشريعة.
• وكذلك قتال الصحابة رضي الله عنهم لبني حنيفة مع أنهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله.
الشبهة الثالثة عشرة:
قال عباد القبور: إذا جازت الاستغاثة بالأنبياء في الآخرة فمن باب أولى أن تجوز في الدنيا.
الجواب:
• أن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها كما قال تعالى:" فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدُوِّه". ونحن ننكر استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى.
• أن الصحابة رضي الله عنهم قد وقعوا في مصائب جسيمة ووقائع أليمة, ومع هذا لم يُنقل عنهم أنهم قصدوا قبرَ النبي صلى الله عليه وسلم أو قبور كبار الصحابة, بل عملوا المشروع الوارد مثل خروجهم إلى الصحراء في الاستسقاء.
• أن الصحابة رضي الله عنهم لما فتحوا أرض الشام والعراق وغيرهما إذا وجدوا قبراً يُقصد الدعاء عنده غيَّبوه وأخفوه, كما أنهم عندما فتحوا بيت المقدس لم يقصدوا قبر الخليل ولا غيره من الأنبياء عليهم السلام. (التوضيحات الكاشفات للهبدان ص334-335 لترى الآثار).
الشبهة الرابعة عشرة:
قال عباد القبور: عرض جبريل على إبراهيم أن يغيثه, فلو كان ذلك شركاً لما فعله !
الجواب:
• أن هذا من جنس الشبهة السابقة, فإن جبريل عرض على إبراهيم أمراً يقدر عليه.
• ويُشبه ذلك رجل غني له مال كثير يرى رجلاً محتاجاً فيعرض عليه أن يُقرضَهُ أو يهبَهُ شيئاً من المال. فيأبى ذلك المحتاج أن يأخذ المال ويصبر حتى يأتيَه رزقُ الله, فأين هذا من استغاثة العبادة والشرك ؟؟
وختام الكتاب مسألة عظيمة مهمة يكثر الغلط فيها, فنقول:
التوحيد لا بد أن يكون:
• بالقلب: وهو يتضمن 1- قول القلب وهو العلم والتصديق والمعرفة 2- عمل القلب وهو الالتزام والانقياد للتوحيد. والدليل:" ولمَّا يدخل الإيمان في قلوبكم".وقوله: "كتب في قلوبهم الإيمان".
• باللسان: قول اللسان والدليل قول الله تعالى:" قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا". وحديث:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ...". إضافة إلى اتفاق المسلمين.
• بالعمل بالجوارح: والدليل قوله تعالى:" وما أُمِرُوا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة". وحديث وفد عبد القيس:"أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس" متفق عليه. وهو إجماع الصحابة كما نقله الشافعي في الأم.
فهذه الثلاث إذا اختلَّ واحد منها لم يكن العبد مسلماً.
أقسام الناس في التوحيد:
• من علم التوحيد, وعمل به ظاهراً وباطناً فهذا هو المؤمن.
• من عرف التوحيد, ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما.
• من عمل بالتوحيد ظاهراً ولكنه لا يفهمه ولا يعتقده بقلبه فهو منافق.
• من علم التوحيد وعمل به باطناً لا ظاهراً للإكراه الحاصل عليه فهذا معذور.
مسألة العذر: من الذي يُعذر في الكفر ؟
• يعذر الله تعالى المكره بشرط كون قلبه مطمئن بالإيمان. الدليل:" إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان".
• أما الذي يقول أو يفعل الكفر سواء خوفاً على ماله أو جاهه أو سلطانه, أو مداراة لأحد, أو مشحة بوطنه أو أهله وعشيرته, أو فعله على وجه المزاح فلا يُعذر.
والأدلة من كتاب الله:
"ولئن سألتهم ليقولُنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم" (التوبة:66) وهؤلاء كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يريدون جهاد الروم, وحينما استهزءوا برسول الله والصحابة كفَّرهم الله تعالى بعد أن كانوا مؤمنين مع أنهم كانوا يمزحون, فلم يُعذروا.
"ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة" (النحل: 107) فصرَّح أن هذا الكفر لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر, وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين.
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون, قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين" (التوبة:23-24).
مسألة الإكراه: (من كتاب التوضيحات الكاشفات على كشف الشبهات للشيخ الهبدان ص366-371).
الإكراه لا يُسمى إكراهاً إلا إذا توفرت فيه أربعة أركان وهي:
• أن يكون المُكرِهُ قادراً على تحقيق ما تهدد به.
• أن يكون المُكرَه عاجزاً عن أن يدافع عن نفسه لا بمقاومة شخصية ولا استغاثة بغير ولا فراراً من المكرِه فمتى استطاع أن يقوم بأحد هذه الأمور ولم يفعله لم يكن مكرهاً.
• أن يكون الأمر المتهدد به من الأمور المحرمة على المُكرَه.
• أن يكون المتهدد به عاجلاً ويغلب على ظن المكرَه بأن المكرِه سيوقع ما هدد به في الحال إن لم يفعل ما أمره به.
وقد قسَّم العلماء الإكراه إلى قسمين:
القسم الأول: إكراه تام: كمن كُبِّلَ وقُيِّدَ وأُلقيَ على آخر فقتله, فهذا لا يكون المكرَه مكلفاً بالإجماع كما نقله الشنقيطي رحمه الله لأنه لا قدرة له فهو كالآلة في يد المكرِه.
القسم الثاني: إكراه غير تام: وهو نوعان:
النوع الأول: إكراه ملجئ: كمن هُدِّدَ بالقتل أو القطع أو الإيذاء في النفس أو المال أو العرض على فعل شيء كالذبح لغير الله أو سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو نحو في ففيه تفصيل:
أ) إن كان الإكراه على غير حق, كأن يقال له اقتل فلاناً وإلا قتلناك, فهذا لا يُعذر, لأنه مخير بين أن يفعل ما أمر به أو لا يفعل, فلو قتل مثلاً فقد قدَّم حظ نفسه على حظِّ غيره, مع مساواة النفسين, فيُآخذ بذلك.
ب) إن كان الإكراه في غير حق الغير: فالظاهر أن الإكراه عذر يُسقط التكليف بدليل قوله تعالى:" إلا من أُكرِه وقلبه مطمئن بالإيمان". لكن بشروط:
1- أن يكون مُكرهاً كما هو معلوم إكراهاً ملجئاً.
2- أن يكون قلبه مطمئن بالإيمان.
3- هذا الإكراه هو في القول والفعل دون القلب.
النوع الثاني: إكراه غير ملجئ: وهو ما لا يكون التهديد فيه مؤدياً إلى إتلاف النفس أو عضو من الأعضاء كالتهديد بالقيد أو الحبس مدة, أو خاف التعيير أو التشهير, فهذا ليس بعذر.
وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حب المسلمين @hb_almslmyn
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️