النصرانية
المبحث الأول: التعريف
النصرانية لغة: قيل: نسبة إلى نصرانة، وهي قرية المسيح عليه السلام
. النصرانية اصطلاحاً: هي دين النصارى الذين يزعمون أنهم يتبعون المسيح عليه السلام، وكتابهم الإنجيل.
وقد أطلق على أتباع الديانة النصرانية في القرآن الكريم نصارى، وأهل الكتاب، وأهل الإنجيل، وهم يسمون أنفسهم بالمسيحيين نسبة إلى المسيح عليه السلام. ، وهي تسمية لا توافق واقع النصارى؛ لتحريفهم دين المسيح عليه السلام.
فالحقُّ والصواب أن يطلق عليهم نصارى، أو أهل الكتاب؛ لأن في نسبتهم للمسيح عليه السلام خطأ فاحشا؛ إذ يلزم من ذلك عزو ذلك الكفر والانحراف إلى المسيح عليه السلام، وهو منه بريء.
المبحث الثاني:التعريف بالمسيح عليه السلام
إجمالاً من خلال القرآن الكريم وما يتفق معه مما ورد في أناجيل النصارى.
المسيح عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، دعا إلى الله عزَّ وجلَّ، وبلَّغ رسالة ربه عزَّ وجلَّ، وقد ذكر الله عزَّ وجلَِّ هذا النبي الكريم في القرآن الكريم، وذكر دعوته في مواضع عديدة.
وإذا نظرنا إلى الأناجيل الموجودة بين يدي النصارى نجد أنها صرَّحت بما ذكره القرآن تصريحاً واضحاً لا لبس فيه، ومن ذلك:
1- بشرية المسيح:
ذكر الله عزَّ وجلَّ بشرية المسيح في القرآن الكريم.
وقد ذكرت جميع الأناجيل أنه ولد من مريم، وأنه طرأ عليه ما يطرأ على البشر من الوجود بعد العدم، والأكل والشرب والتعب والنوم والموت، وسائر الخصال البشرية.
2- أنه رسول الله:
وذلك في قوله عز وجل: { مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ } . وقد صرَّّح النصارى أن المسيح عليه السلام قال لهم في مواطن كثيرة في الأناجيل بأنه رسول من عند الله،فقد ورد في إنجيل متى (10/40) وفي إنجيل يوحنا ذكر أنه رسول من الله في مواطن كثيرة منهاوفي (17/3) يذكر عن المسيح أنه قال: "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته".
3- أنه رسول إلى بني إسرائيل خاصة:
قال الله عزَّ وجلَّ في الآيات السابقة: {وَرَسُولاً إلى بَنِي إِسْرائيلَ}
قال المسيح: "لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ".
4- أنه دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له:
قال جلَّ وعلا عن المسيح أنه قال: {إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }
وذكر متى في إنجيله (4/10) عن المسيح أنه قال: "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد".
5- إنه متبع لشريعة موسى عليه السلام ومكمل لها:
قال عزَّ وجلَّ: { وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ }.
قال متى في إنجيله (5/17) عن المسيح أنه قال: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل".
6- أنه دعا إلى التوبة
وهو معنى قوله عزَّ وجلَّ: {وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُون}
وقد ذكر بعض الكُتَّاب أن لبَّ دعوة المسيح عليه السلام حسب الأناجيل هو: الدعوة إلى التوبة، والأخذ بشريعة موسى عليه السلام. وفي هذا ورد في إنجيل متى (9/13): "لأني لم آت لأدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة".
فنجد أن ما ذكرناه هنا مما ذكر من الأناجيل يتفق مع دعوة الأنبياء عليهم السلام ومما يتفق مع العقل وترتاح له النفس.وهذا بخلاف ماتدعيه الكنيسة من الأمور المناقضة للعقل والشرع.
مصادر النصرانية.
المبحث الأول: الكتاب المقدس:
النصارى يقدسون كلا من العهد القديم والعهد الجديد و يضمونها في كتاب واحد يطلقون عليه " الكتاب المقدس "
و العهد القديم هو التوراة و الكتب الملحقة بها، أما العهد الجديد و هو بالنسبة الى النصارى منسوخ حكما فلا يعملون بتشريعاته الا انهم يعتقدون قداسته و يأخذون منه معارفهم الدينية.
و اما العهد الجديد : هو مجموعه من الاناجيل و الرسائل الملحقة بها و تتضمن دعوة المسيح عليه السلام و تاريخه و شيئا من دعوة اوائل النصارى و تاريخهم و رسائل دينية اخرى، منها: إنجيل متى ،وإنجيل مرقص وإنجيل لوقا وإنجيل يوحنا وأعمال الرسل ورسائل بولس ورسالة يعقوب..........إلخ من الرسائل
إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة:
تمهيد:
الإنجيل كلمة يونانية تعني الخبر الطيب (البشارة). والإنجيل عند المسلمين: هو الكتاب الذي أنزلـه الله تعالى على عيسى عليه السلام فيه هدى ونور، وقد دعا المسيح عليه السلام بني إسرائيل للأخذ بالإنجيل والإيمان به، وهذه الأناجيل تحوي شيئاً من تاريخ عيسى عليه السلام حيث ذُكِرَ فيها ولادته، ثم تنقلاته في الدعوة، ثم نهايته بصلبه وقيامته في زعمهم، ثم صعوده إلى السماء. كما تحتوي على مواعظ منسوبة إليه وخطب، ومجادلات مع اليهود، ومعجزات كان يظهرها للناس دليلاً على صدقه في أنه مرسل من الله، فهذه الأناجيل أشبه ما تكون بكتب السيرة، إلا أن بينها اختلافات ليست قليلة، وبعضها اختلافات جوهرية لا يمكن التوفيق بينها إلا بالتعسف.
والقارئ لهذه الأناجيل الأربعة يستطيع بسهولة أن يدرك أن ما ورد فيها من دعوة وخطب ومواعظ ومجادلات تعود إلى مطلبين أساسيين، هما:
1- الدعوة إلى التوبة والعمل بما جاء في الشريعة التي أنزلت على موسى عليه السلام.
2- التبشير بقرب قيام مملكة الله التي يتحقق فيها العدل والمساواة.
إسناد وتاريخ الأناجيل الأربعة إجمالا:
حديث النصارى عن كتبهم يتلخص فيما يلي:
- 1- أن الله أنزل كتاباً على المسيح سماه الإنجيل، ودعا المسيح عليه السلام الناس إلى الإيمان به، وذكره أوائل النصارى، كما ذكره بولس في رسائله.
2- أن النصارى لا يعرفون شيئاً عن مصير ذلك الإنجيل، ولا أين ذهب !!.
3- أنه كانت هناك روايات شفوية ووثيقة مشتركة متداولة كان يتناقلها الحواريون ودعاة النصارى الأوائل، ويعتقد أنها كانت المصدر الأساسي لأوجه الاتفاق بين الأناجيل. وأرى أن تلك الروايات الشفوية لا يبعد أن يكون الإنجيل الأصلي من ضمنها، إلا أن النصارى لم يدوِّنوه مجموعة واحدة، كما أنهم لم يميزوه عن غيره من الروايات، مما جعله غير محدد، ولا يستطيع أحد الجزم والاعتقاد بشيء من النصوص أنها منه، وهذا تصديق قول الله عزَّ وجلَّ: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ }.
4- أن المتقدمين من النصارى لم يشيروا إلى الأناجيل الأربعة، ولم يذكروها ألبته، فبولس- على كثرة رسائله- لم يذكرها في رسائله أبداً، وكذلك لم يذكرها سفر أعمال الرسل الذي ذكر دعاة النصارى الأوائل، وهذا يدلُّ على أن هذه الكتب لم تكن موجودة في ذلك الزمن، وأنها أُلِّفت وكتبت بعد ذلك.
5- أن أول من ذكر مجموعة من الكتب المدونة ذكراً صريحا هو جاستن الذي قتل عام (165)م، وهذا لا يدل صراحة على الأناجيل الأربعة نفسها، وأما أول محاولة للتعريف بها ونشرها فكانت عن طريق "تاتيان" الذي جمع الأناجيل الأربعة في كتاب واحد سماه "الدياطسرن" في الفترة من (166-170)م, وهذا هو التاريخ الذي يمكن أن يعزى إليه وجود هذه الكتب، وهو تاريخ متأخر جدًّا عن وفاة من تعزى إليهم هذه الكتب؛ إذ إنهم جميعاً ماتوا قبل نهاية القرن الأول، مما يدلُّ على أنهم برءاء منها، وأنها منحولة إليهم.
6- أنه حتى بعد هذا التاريخ- وهو (170)م, إلى القرن الرابع الميلادي- لم تكن الأناجيل الأربعة وحدها هي الموجودة، بل كانت هناك أناجيل كثيرة موجودة منتشرة ربما تبلغ مائة إنجيل، ولم يكن لأيٍّ منها صفة الإلزام والقداسة، وذلك أمر تكون الأناجيل الأربعة معه عرضة للتحريف والتغيير خلال تلك الفترة أيضاً.
7- أن النصارى لا يعرفون بالضبط تاريخ إعطاء هذه الكتب صفة الإلزام والقداسة، وإنما يرون أنه خلال القرن الرابع الميلادي أخذت كتبهم صفة القداسة بشكل متدرج، يعني: رويداً رويداً.
8- أن النصارى لا يملكون السند لكتبهم، ولا يعرفون مصدرها الحقيقي، ولا تعدو أن تكون كتباً وجدوها منحولة إلى أولئك الناس الذين نُسبت إليهم فنسبوها إليهم، واعتقدوا صحة ذلك بدون دليل، وهذا أمر لا يمكن أن يعطي النفس البشرية القناعة المناسبة لما تراد له هذه الكتب في الأصل من تجنب سخط الله وبلوغ رضوانه.
9- أننا نعجب غاية العجب من زعم النصارى: أن هذه الكتب حقيقية وصادقة، وتنقل بأمانة وإخلاص كلام المسيح، وتروي أخباره. كيف تجرؤوا على مثل هذا الكلام، وكيف قبله أتباعهم مع أنهم لا يملكون الدليل على ذلك، وكل دعوى عريت عن الدليل فهي باطله.
قال الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ}. وكل من تحدث في دين الله بلا علم فهو ضال مضل ولأن دعاويهم عارية عن الدليل فهي نابعة من الهوى، فلهذا سمى الله عز وجل ما عند اليهود والنصارى من دين أهواء.
وفي هذا كفاية ودلالة على أن تلك الكتب التي تسمَّى الأناجيل كتب لا يملك أصحابها أي مستند يمكن الاعتماد عليه في صحة نسبتها إلى من ينسبونها إليه، فضلاً عن أن يصحَّ نسبتها إلى المسيح عليه السلام أو إلى الله عزَّ وجلَّ.
fraternity88 @fraternity88
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️