تنبيه مهم حول حديث« ما من عبد مؤمن ، إلا و له ذَنبٌ يعتاده الفينة بعد الفينة..

الملتقى العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لايصح حديث « ما من عبد مؤمن ، إلا و له ذَنبٌ يعتاده الفينة بعد الفينة ، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا ، إن المؤمن خلق مُفَتَّنَاً توَّاباً نَسَّاءً ، إذا ذُكِّرَ ذَكَرَ » .
وقد بين علله بجزء مفرد العلامةُ الشيخ محمد عمرو بن عبد اللطيف -رحمه الله-..
يقول الشيخ في كتابه
أحاديث ومرويات في الميزان

في متن هذا الحديث : « ما من عبد مؤمن ، إلا و له ذَنبٌ يعتاده الفينة بعد الفينة ، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا ، إن المؤمن خلق مُفَتَّنَاً توَّاباً نَسَّاءً ، إذا ذُكِّرَ ذَكَرَ » .
ألفاظٌ ومعان يأباها القلب ، ويستنكر صحتها ، فضلاً عن صدورها عن المعصوم ـ ? ـ الذي لا ينطق عن الهوى .
فإن : « ما من كذا ، إلا ... » من صيغ الحَصْر عند أهل اللغة ، مثل كلمة التوحيد سواءً بسواء ( لا إله إلا الله ) .
وقال رسول الله ـ ? ـ : « ما منكم من أحدٍ ، إلا سيكلمه الله ، ليس بينه وبينه ترجمان ... » الحديث متفق عليه عن عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ .
فهل حقاً لا يوجد عبد مؤمن مُنذ خَلَقَ اللهُ آدم ـ عليه السلام ـ حتى تقوم الساعة إلا وله ذَنْبٌ قد اعتاد إتيانَهُ الحينَ بعد الحينِ ؟!
أو ذنبٌ ـ وهذه أعظم ـ هو مقيمٌ عليه ومُصِرٌّ على مواقعته ، لا يَفرِقُ بينه وبين مقارفته إلا الموت ؟!
وهل هذه الصفة من خصائص ولوازم الإيمان الذي هو أعلى مرتبةً من الإسلام ودون الإحسان ؟

لقد وجدتُ كثيراً من الحفاظ والأئمة يعتنون بتفسير لفظة ( الفَيْنة بعد الفَيْنة) بأنها ( الحين بعد الحين ) ، منهم : أبو القاسم التيمي ، والديلمي ، والبيهقي ، دون أن يتعرضوا لأول الحديث لإزاحة هذا الاستشكال .
بل أن قِوَامَ السُّنَّة أبا القاسم التيمي ـ رحمه الله ـ لم يورده في أبواب ( التوبة والاستغفار ) من «ترغيبه» كما فعل أكثرُ من وقفتُ عليه من العلماء ، بل أورده في الباب الأول ( الإيمان ) (فصل في صفة الإيمان والمؤمنين ) ، فأورد أحاديث فيها صفات ( الصبر ) و ( السماحة ) و ( حسن الخلق ) و ( أن تسرك حسنتك وتسوءك سيئتك ) .
وحديث : « كيف أصبحت يا حارثة ؟ » ـ على ضعفه هو وغيره ـ ونحو ذلك من الصفات الطيبه الصالحة ، حتى ختم الفصل بهذا الحديث ( رقم 26 ) وقال ـ عقبه ـ :
« الفينة بعد الفينة ، أي : الوقت بعد الوقت ، والساعة بعد الساعة » .
ولعله آثر لفظ حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس ، لأنه ليس فيه هذه اللفظة الشنعاء : « أو ذنب هو مقيم عليه ، لا يفارقه حتى يفارق الدنيا » الواقعة في أصح أسانيده ظاهراً والتي لم تقع إلا في « المعجم الكبير » للطبراني ـ عفا الله
عنه ـ ولعله لو كان لفظه :
« ما من عبد مسلم إلا وله ذنب » لكان أهون ، كما لو كان اللفظ : « ما من عبد مُحسن ... » لكان أشنع ، لما في مدلول مرتبة « الإحسان » من المراقبة الدائمة للحي القيوم الذي ( لا يعزُبُ عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ) مع علمي بأن ( الإسلام ) و ( الإيمان ) لو أُفرد كل منهما بالذكر لترادفا ، ولو اجتمعا ـ كما في حديث جبريل ـ لتغايرا .
فبالله : أكان أبو بكر ، أو عمر ، أو عثمان ، أو علي هكذا ؟ أو يظن بهم ذلك؟
وكذلك طلحة ، والزبير ، وسعد ، وسائر العشرة .
أكان ابن عمر ، وابن عمرو ، وابن عباس ، وابن مسعود هكذا ؟ أو يظن بأحدهم ذلك ؟

أكان سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والأسود بن يزيد ، وعلقمة ، ومسروق ، والربيع بن خثيم هكذا ؟
أليس كل هؤلاء مؤمنين أم ماذا ؟
إني أخاف أن يُحَرّض هذا الحديثُ المنكرُ على عدم ترك الاعتياد على الذنوب ، بل الإصرار عليها بحجة أن هذا لا ينافي الاتصاف بالإيمان ، بل بحجة أن أحد كبار الأئمة يرى أنه ( من صفات الإيمان والمؤمنين ) .
ولقد أحسن الحافظ المنذري ـ رحمه الله ـ صُنعاً إذ لم أجد لهذا الحديث عنده أثرٌ في كتابه القيم «الترغيب والترهيب» ـ على كثرة ما فيه من الواهيات ـ ولا يخفى على مثله هذا الحديث وجَوْدَةِ إسناده في الظاهر !!
فإن قال قائل : ألم يقل النبي ـ ? ـ : « كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين
التوابون » ؟ ، و ( كل ) أيضاً من صيغ العموم ؟
قلت له : نِسْبَةُ هذا الحديث إليه ـ ? ـ غلطٌ عليه ، فقد استنكره ابن حبان ، وابن عدي ، وأبو أحمد الحاكم ـ رحمهم الله ـ وإنما هو من الإسرائيليات كما رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنها .
وإنما الثابت قول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : « كل ابن آدم خطَّاء ـ وفي رواية : ابن آدم خلق خطّاء ـ إلا ما رحم الله ـ عز وجل ـ » .
ولابد من هذا الاستثناء لأن الصالحين والصديقين من الصحابة وتابعيهم بإحسان ليسوا كذلك ، وإنما الذنوب واقعة من أهل الإسلام في الجملة ، وما أجمل قوله ـ ? ـ الدال على هذا المعنى ـ : « لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون ، يغفر لهم » ، وفي اللفظ الآخر : « والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون ، فيستغفرون الله فيغفر لهم » رواهما مسلم عن أبي أيوب وأبي هريرة .
11
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام احلي نونو
ام احلي نونو
جزاك الله كل خير
متجر هاجر
متجر هاجر
جزاك الله خير
happy gerl
happy gerl
مشكورة الله يعطيكي العافيه
سمائي السلوى
سمائي السلوى
جزاك الله خيراً

أول مرة أعرف هذا الحديث
راقية الفكر
راقية الفكر
شاكره لكم تواجدكم اخواتي