السيدة مادلين سيدة مسنة ..جاوزت الخامسة والسبعين ..دوما مبتسمة.. متفائلة رغم تعب الأيام وحصاد السنين..هي سيدة قوية كما يقولون عنها..كيف لا وقد ربت أولادها الثلاثة وحدها..فقد هرب زوجها مع امرأة أخرى منذ خمسين عاما.. .لا أسف عليه فقد كان سكيرا مهووسا..وهذاحال أغلب الناس في هذا البلد الأوروبي..سريعا ما ينهار الزواج لأتفه الأسباب. . .
هي قوية حقا..فقد غادر أولادها الثلاثة المنزل منذ سنوات..وهي تتابع عيشها بنفس الوتيرة...في بيتها الكبير...وقد اعتادت على هذا..
(هذا ثمن الحضارة )..قالت في نفسها وهي تعود لمنزلها بعد زيارتها المعتادة للمركز الطبي...( العلاج عندنا محاني...نحن قوم متحضرون..)..ولكن أفلتت منها زفرة رغما عنها..فهي تعرف أنها لن تشفى أبدا..أخبرها الطبيب بذلك.. . ستكون محتاجة طوال حياتها لتلك الجلسات العلاجية...ثلاث مرات في الأسبوع.. .ومنذ تلك اللحظة تحس أنها أمضت عمرها غافلة عن شيء ما .. .
وصلت سيارة الأجرة للبيت..نامت السيدة مادلين كعادتها لتمضي أيامها القادمة في أعمالها الروتينية. ..تقرأ الجرائد على مقعدها الكبير.. تأكل في مواعيد منتظمة..تتكلم بالهاتف ثلاث مرات : مع أختها..مع ابنتها ومع صديقتها جولييت..تأتي المساعدة الصحية لترتب لها أغراضها ..ويمر اليوم ثم اليوم..والبيت الكبير مظلم رغم نوافذه...والهواء خانق خانق... ...
(صباح الخير يا دكتور)..(صباح الخير يا سيدة مادلين...نتائج الفحوص المخبرية مطمئنة..الجلسات تقوم بعملها)..(شكرا يا دكتور)..الدكتور عبد الله هذا الأجنبي..أتى من بلد فقير..يقولون أنه من أصل عربي.. لكن له هيبة في القلوب و وجه منير.. النور . ..النور....( لاتتكلمي مع الدكتور يا سيدة مادلين.. هو لا يكلم أحدا فهو صائم ..يقول أننا في رمضان..)قالت الممرضة ذلك بخبث. .وابتسم الدكتور دون أن ينظر للممرضة لأنه يعرف استفزازات الناس للمسلمين في هذا البلد..ويعرف تحرشات الممرضات. .فيجب أن لا يدع الممرضة تتمادى...فهو يحتاط لكل شيء..(نعم يا فرانسواز..أنا صائم..وأحترم تعاليم ديني في رمضان وغيره كما تعرفين..)
مرت في خاطر السيدة مادلين صورة قديمة عندما ذكرت كلمة دين..كانت في العاشرة من عمرها..ذهبت بها أمها للكنيسة كالعادة...وتكلم الكاهن كلاما غير مفهوم كالعادة. .عند الخروج رآها الكاهن فناداها:الصغيرة مادلين..خذي هذه الورقة..أعطاها ورقة رسم عليها شيطان يهاجم إنسانا. .قال لها هذا الشيطان يهاجم الرب.. .ابتسمت السيدة مادلين عندما تذكرت هذه الكلمات.. أي سخف. .. أي رب هذا...منذ ذلك اليوم قررت الفراق بينها وبين الدين..لن تعترف برب بعدها..
هذا الدكتور المتخلف يتكلم عن الدبن..ما حاجتنا للدين..(أنا أمضيت عمري أعمل الخير مع الناس.... الضعفاء..والأطفال..والآن وأنا على مشارف الموت.....) توقف كل شيء عندما ذكرت الموت...الموت .. وماذا بعد الموت.. .(هل كل ما عملته من خير في حياتي دون مقابل...عنايتي بأطفال المدرسة...دفاعي عن العمال الأجانب...تبرعي بالأموال لكل محتاج....والكلب الصغير التائه الذي كاد يموت جوعا...أخذته وأطعمته...هل كل هذا دون معنى.....)
ولمعت في ذهنها فكرة.. (لماذا لا أتسلى وأرى ما هذا الإسلام)...(قبل أن تذهب يا دكتور...هل عندك شيء عن الإسلام)..(نعم يا سيدتي ..عندي ترجمة القرآن..سأحضره لك..اقرئيه وأعيديه لي فهو النسخة الوحيدة المترجمة عندي)...
مضت أيام والسيدة مادلين تقرأ هذا الكتاب العجيب. .بسم الله الرحمن الرحيم...هي أيضا رحيمة..وتحب من يرحم..الحمد لله رب العالمين...مالك يوم الدين.... يوم الحساب. ... إذن ما نفعله له معنى.. له نتيجة..الله لا إله إلا هو الحي القيوم....خالق.. حي.. قوي... الله نور السماوات والأرض...نور ..نور...وأضاء في قلبها مصباح صغير خافت.. ..
(أتستطيع أن تزورني في بيتي يا دكتور فقد نسيت أن أحضر لك الكتاب وأتمنى أن تمر لأخذه هناك...)تردد الطبيب فهاذا طلب غير عادي من امرأة مسنة.. ..(حسنا يا سيدة مادلين لكني سأحضر معي زوجتي وهي مسلمة محجبة...أرجو أن لا يزعجك ذلك )...
(على العكس أبدا ..أبدا..)
كان يشعر أنها ستتكلم عن الإسلام..فالمصحف عندها منذ مدة وهي امرأة خاصة..قوية الشخصية..تعرف ما تريد..(يا ترى ماذا ستقول..وكيف سأرد عليها....)
جلس الطبيب وزوجته أمام المرأة المسنة المبتسمة...
ما هو دينك يا دكتورفالكتاب كبير وأريد أن أعرف منك الخلاصة .. .
هو الإسلام يا سيدتي ..نؤمن برب واحد خالق عادل قوي كريم رحيم...أرسل محمدا الصادق الأمين لينشر نور الإسلام في الدنيا...نور ..نور مرة أخرى..يا إلهي عاد المصباح يتوهج.. .
(وهل هو للعرب فقط يا دكتور). .(أبدا يا سيدة مادلين..الله خلق الكون كله ..ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى..) التقوى ..النور...ازداد المصباح توهجا.. .( وماذا يحصل لمن يدخل فيه مسنا. .) . .(يغفر الله له كل ما مضى..يعود كمن ولدته أمه..فالإسلام يجب ما قبله..) وبدأ القلب يخفق بشدة في صدر الطبيب وزوجته...
(وكل ما عملته في حياتي يا دكتور..أقصد ما يخالف دينكم...
(اسمعي يا سيدتي ..التائب المؤمن له جائزة خاصة..وهي أن الله يبدل سيئاته حسنات ..ستصبح كل أعمالك قبل الاسلام كنزا إضافيا لك..)
(وبعدها يا دكتور... بعد الموت... ) . .(الجنة يا سيدتي... ندعو الله أن نكون جميعا من أهلها..).. ..
(كيف أدخل في دينكم يا بني..)..... ...(تقولين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله...)...
(أشهد.....أن...ل...ا..إله ...إلا. .. الله .. وأن . ..... مهمد... لا لا ممممحححمممدا...... رسول الله ....)
ابتسمت السيدة مادلين. .....البيت أصبج مضيئا. ....النور في كل مكان . ..والمصباح يتوهج في قلبها. ...هو مصباح قديم جديد..... وضعه الله في قلوب كل الناس ...ولكنها أوقدته بعد سنين وسنين في قلبها لأن فيه خيرا لا يضيع أبدا..وأحست أن الهواء نقي نظيف... وأن كل ما حولها يردد معها كلمات الشهادة.. .المنزل... السماء ... الطير ..... الشجر ... ونظرت إلى الدكتور وزوجته فرأت على وجه كل منهما دمعتين تسيلان ببطء..
توفيت الاحد الماضى السيده الفاضله المسلمه مادلين تيتار عن عمر 83 وامضت اخر 6سنوات وهى مسلمه
الهم ارحمها وادخلها الجنه
الهم عوضها بيتا خير من بيتها وصحبه خيرا من صحبتها
الهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات والارض
الهم امين
منقوووووووووووووووووووووووووووووول
زملكاويه @zmlkaoyh
محررة فضية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
mazagea
•
الهم ارحمها وادخلها الجنه
الهم عوضها بيتا خير من بيتها وصحبه خيرا من صحبتها
الهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات والارض
اللهم امين
بارك الله فيك على نقل هالقصه الرائعه استمتعت جدا بقرائتها
الهم عوضها بيتا خير من بيتها وصحبه خيرا من صحبتها
الهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات والارض
اللهم امين
بارك الله فيك على نقل هالقصه الرائعه استمتعت جدا بقرائتها
اللهم عوضها بيتا خير من بيتها وصحبه خيرا من صحبتها
اللهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات والارض
اللهم امين
اللهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات والارض
اللهم امين
حلا سدير
•
طيف الأحبة :اللهم عوضها بيتا خير من بيتها وصحبه خيرا من صحبتها اللهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات والارض اللهم اميناللهم عوضها بيتا خير من بيتها وصحبه خيرا من صحبتها اللهم اجمعنا بها فى جنه عرضها السموات...
الصفحة الأخيرة
قصه جميله ورائعه ....... انا أعيش في امريكا منذ سنين ....... وصاحبة البيت اللي انا مستأجره منها مسيحيه امريكيه عمرها 85 عام كم اتكلم معها عن الدين وهي ترى أسلوب الاسره العربيه المحافظه ولكن وكأن الله عمى على قلبها ....... فلا هم لها في الدنيا سوى بيتها وأموالها التي في البنك
عندما وصفت حياة تلك العجوز ...... سبحان الله فهي نفس الوضع ...... لا أولاد سوى ابنه لا تأتي لزيارتها سوى يوما او يومين طول السنه ...... وعندما تمرض لا تجد غيري وغير زوجي حولها ....
اللهم اهدها يارب