سيدة الوسط

سيدة الوسط @syd_alost

عضوة شرف في عالم حواء

ثلاثة أسباب رئيسية لهروب الشغالات ..

الأسرة والمجتمع

اختلط الحابل بالنابل في قضية هروب الخادمات، أو تمردهن، ثم ظهورهن في مواقع عمل أخرى..
واختلط الحابل بالنابل في قضية زواج الرجال من خادماتهم فهناك من يعتقد أنه تم بسحر ساحر، وهناك من يؤكد أنه تم برضى الطرفين.
واختلط الحابل بالنابل في الكسل، والخمول الذي صار عنواناً لبيوتنا التي لا تتحرك بعيداً عن هؤلاء الشغالات إلا قليلاً منهن مازالت محافظة على حيويتها، وأصالتها..
واختلط الحابل بالنابل في هذه الخسائر المادية، والنفسية، والاجتماعية التي تهز بيوتنا منذ اقرار نظام الشغالات، وتسليم مفاتيح بيوتنا لهن..
وهذه اطلالة صحفية على هذا الواقع من داخل بيوتنا التي تشكو من سرقتين: سرقة البيت من الداخل، وسرق صاحب البيت من الدخل، وسرقة صاحب البيت من الداخل، ومما يُقال من ان السرقة الأولى سببها تركنا لكل شيء مهملاً، وان السرقة الثانية مردها ان الزوجات لا يعرفن كيف يُحافظن على أزواجهن فتتم عمليات الخطف، ويتم اتهام الجان بأنه وراء ذلك..؟



هروب مطامح، وزواج مصالح
تقول العاملة المنزلية "الآنسة نور" التي هربت من كفيلها في ليل أظلم: لقد هربت لأن زوجته تُعاملني بقسوة، ولأن الزوج لا يعرف شيئاً عن هذه المعاملة، ولأن الظروف لا تسمح أن أشكو الزوجة لزوجها، فأنا في مثل سن بناتها، واجمل منهن، ومثل النحلة في البيت فالجمال يتألق بالحركة التي تفتقدها كثير من البيوت السعودية. هربت في ليل أظلم، والتحقت ببيت آخر بواسطة المرأة الحديدية التي تقوم بتوزيعنا حسب الطلبات التي تتلقاها، وتقوم بتوصيلنا إلى مقر العمل الجديد. وفي مقر العمل الجديد وجدت ترحيباً حاراً من ربة البيت من الوهلة الأولى التي دخلت فيها المطبخ، وذهبت فيها للمغسلة، وباشرت رحلة التنظيف فقد كانت غرف البيت (مكركبة، ومبهذلة) واكتشفت فيما بعد سر هذا الترحيب الحار بقدومي فقد كانت الأسرة عن بكرة أبيها تعاني من الكسل، والخمول بدءاً بالزوجة التي تُغادر سرير النوم عند الظهر، والأبناء الذين إذا احتاج أحدهم كأس ماء ايقظني من النوم..؟
وواصلت الهروب لبيت ثالث فليست هناك مشكلة في الانتقال من بيت لآخر في ظرف أسبوع على الأكثر لأن هناك سمساراً - على ما يبدو - يستطلع حاجة البيوت للخدم غير النظاميين عندما تتعب هذه البيوت مع الخدم النظاميين، وعلى الفور تصطحبني المرأة التي أقيم عندها للعمل الجديد وهي تحصل على مبلغ 200ريال كل شهر، ولديها مجموعة من الهاربات، أو غير النظاميات، أحياناً معهن الأزواج، وأحياناً يكون الزوج من هنا.
ومزايا الهروب من الكفيل - من وجهة نظرنا - عديدة فنحصل على حريتنا كاملة: إجازة كل أسبوعين، أو كل شهر لمدة أربع وعشرين ساعة، واجازة في عيد رمضان، واجازة في عيد الحج (وكل هذه الإجازات لا نحصل عليها مع الكفيل) ... وكذلك تستغل من نعمل لديها ان نقوم برعايتها، وخدمتها مجاناً، ونستفيد من هذه الإجازات نصف الشهرية، والشهرية، والموسمية تغيير مكان البيت الذي نخدم فيه، والحصول على مزايا أفضل عندما تكون الحاجة ماسة لنا خاصة الراتب الذي لا يقل عن ألف ريال بزيادة 400ريال عن العقد الرسمي. وتضحك "نور" وهي تقول: لا تُصدقوا الاشاعات بأننا نسحر الأزواج للسيطرة على البيوت، أو نسحر الزوجات لنتزوج الرجال، أو نسلب كل شيء في البيت (إلا إذ كان الجن في اندونيسيا، امهر، واشطر، واقوى من الجن في السعودية) والحقيقة ان الزوج الذي يرى فارق السن، والملامح يضعف امامنا وهذه طبيعة بشرية، والزوجة الكسولة التي تسهر للفجر، وتستيقظ بعد الظهر تُسلم لنا زمام البيت، وهذا الزوج الذي غابت زوجته عن البيت، ووجد شغالته تطبخ، وتغسل، وتكوي، وتُحضّر له كل شي وكأنه عريس قرر أن يتزوج الشغالة لأن زوجته لم تكن تفعل معه نصف هذه الخدمات بقدر ما تطلب منه ان يحضر الغد
اء من السوق، والعشاء كذلك، ويخرج للعمل دون إفكار، ويحمل ملابسه للمغسلة، وتحاسبه إن تأخر عن البيت..

سعادتنا في اعطائنا "كافة الصلاحيات"
تقول "السيدة فايزة" أنها أمضت أكثر من 14عاماً تعمل في عدد من البيت، وكان أبرز ما يُميزها انها نشيطة فهي لا تتفرج على التليفزيون إلا نادراً، ولا تسمع الأغاني إلا نادراً، واثناء حركتها في البيت كانت تسمع شخير الزوجة، وشخير بعض الأبناء بينما كانت هي تقوم بأعمال التنظيف، والطبخ، والغسيل، ونجحت خلال النصف الأول من عملها في شراء تذكرة لزوجها ليشاركها العمل، ثم نجحت هي وزوجها في شراء عقد عمل لزوج ابنتهما ليعمل براتب (1200) ريال بدل (700) في تلك الفترة، وتعمل ابنتهما براتب 1000ريال بزيادة عن راتبها هي 200ريال، وتشير فائزة إلى راتب ابنتها فتقول انه ليس فيه بركة فهي تعمل شهراً، وتتعطل شهراً لكن الطمع اغواها في الراتب المرتفع فظلت على هذا الحال. وتؤكد فائزة أنها أدت فريضة الحج عدة مرات نظراً لأن المسؤول عن تشغيلهم يكلفهن بالعمل أيام الحج لإعداد الوجبات الأندونيسية، وخلافها من الأعمال في فترة الموسم، ثم تعود المياه إلى مجاريها بعد ذلك.
وتعترف بأنها لم تشعر بالغربة وهي تقيم في أرض الحرمين فمعظم البيوت التي عملت فيها كانت أقرب للطيبة منها لأي شيء آخر، ثم أمضت النصف الثاني من اقامتها في بيت شعرت فيه بالراحة، والأمان، وكانت هي تفرض عليه شروطها عند مطالبتها بأي عمل خارج (بنود المطبخ، والغسالة، والأسباب).. وكانت ربة البيت تُقدر نشاطها، وسرعتها، وحيويتها، ولا تهتم كثيراً بمسألة (الجودة) وتكتفي بمسألة (الإنجاز) حيث يصعب الجمع بين الحالتين في مثل هذه الحالات..! والموقف الطريف الذي لا أنساه ان السيدة التي امضت عدة سنوات في العمل لديها عرضت عليها أن تُزوج ابنها الكبير من فتاة اندونيسية تعرف اسرتها فقالت لي "ان البنات لدينا على قفا من يشيل" فلماذا يتزوج من اندونيسيا فقلت لها "لدينا زوجات يطبخن، ويغسلن، ويكنسن، ولا يُصبهن الملل من خدمة البيت، وخدمة الزوج، وخدمة الأولاد فيما بعد" فضحكت الأم، وضحكنا جميعاً..!
ولا بد أن أشير هنا إلى ان "السيدة فائزة" ذات الأربعين عاماً قد خبا نشاطها تدريجياً بعد دخول التليفزون، والدش، والأقمار الصناعية لغرفتها فصارت تستيقظ من نومها في التاسعة بعد أن كانت تستيقظ في السابعة، وتصعد إلى

عملها وهي معصوبة الرأس من الصداع، وكانت تستخدم "قطع الخيار" في علاجه، ولذلك فإن ربات البيوت معهن - بعض الحق - في كراهية المطبخ، والغسالة، وبقية اعمال التنظيف طالما جلسن بالساعات أمام شاشة التلفزيون..؟

التعاقد الداخلي والكاميرات التيفزيونية
يقول "عبدالرحمن مدني" إن ثلاثة أرباع مشاكل (الشغالات، والشغالين) يمكن ان تنتهي، أو تخف حدتها لو اننا نجحنا في اقرار مشروع التعاقد من الداخل، وهو المشروع الذي تناولته الأقلام في سنوات سابقة بأن تتولى مؤسسة، أو جهة كبيرة استقدام العمالة المنزلية، وان يستعين المحتاجون بها عند الرغبة في الحصول على (شغالة، أو سائق) بدل هذه المتاعب، والخسائر التي يتعرض لها الكثيرون في أسلوب، وطريقة الاستقدام، وما ينجم عنها من مشاكل لا حصر لها تنتهي بضياع مبالغ الاستقدام، أو زرع مشاكل في البيت بسبب الشغالة، أو السائق تنتهي بدورها هي الأخرى في أقسام الشرطة، وهروب الشغالة، وضياع المبالغ التي صُرفت على استقدامها. والتعاقد من الداخل من شأنها أن يُرضي الطرفين، وان يتيح الفرصة لكل طرف ان يختار راضياً، وأن يُلغى (عقد العمل) في أي وقت بشرط جزائي يحفظ الحق لكل طرف فلا يُجبر رب الأسرة على (شغالة) تُثير له المتاعب، أو سائق يُسبب له المشاكل، ولا تُكره شغالة على العمل لدى زوجة تُذيقها صنوف العذاب، أو سائق يتحول إلى سائق، وحارس، وقائم بأعمال النظافة، واحضار الوجبات، والقيام بالواجبات المدرسية على مدار الليل، والنهار، مما تكون نتائجه تجاوز حدود
العمل إلى الأذى، والمعاناة، والعذاب لأي طرف من الأطراف، وهذه حوادث (الشغالات) نعيشها كل يوم والتي تصل لأعلى معدلات السوء، والفزع حين نسمع باقدام شغالة على الانتحار، أو شكوى زوجة من قيام شغالة بتعذيب أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم ابناء لهذه الزوجة التي لم تُحسن معاملة شغالتها فكان الانتقام الأسرع من أبنائها الصغار لدرجة ان هناك من اقترح تركيب كاميرات تليفزيونية في المنازل لرصد هذه المخالفات، وهذا أمر يدعو للدهشة بالفعل، وعلينا توفير ثمن الكاميرات التليفزينية، وجهدها فيكفي ان تكتشف الأم سوء المعاملة لتتخلص من الشغالة "رغم أن هناك أطفالاً أشقياء لا يفيد معهم أسلوب الحنان فتلجأ الشغالة للعنف، أو القسوة" كلنا نرى كثيراً من الشغالات يعطفن على صغارنا احياناً أكثر من عطف الأسرة نفسها الأم، أو الأب، وأي أم تُهمل في تربية "فلذات كبدها" لن تستطيع أن تشتري أماً بديلة بمواصفاتها هي في الوقت الذي تكون فيه قدوة غير حسنة، فالشغالة هي التي تقوم بكل شيء، والأم تقوم بالصراخ، والزعيق عندما
تفيق من النوم. والشيء - غير الطبيعي - هو ان تصبح بيوتنا وأسرنا، وأطفالنا أسرى في يد الشغالات، والسائقين ثم نصرخ من جانبنا بأن هؤلاء الشغالات يمثلن معاناة لنا بينما الواقع يقول انهن يخففن من المعاناة التي نعانيها في بيوتنا نتيجة الكسل، والخمول الذي داهمها، وقد كانت قبل ربع قرن تقريباً قمة في الحيوية، والنشاط، والعمل..؟
دخلا من الباب فهل يخرجا من النافذة
يقول "هاشم صالح" إن الشغالة، والسائق دخلا من الباب، ومن الصعب اخراجهما من النافذة فقد انتقلت عدوى الكسل، والخمول من بيت، إلى بيت حتى تكاد بيوتنا جميعاً تمتلئ بالشغالات، وتمتلئ بعد ذلك بالسائقين، وزاد "الطين بلة" ان الأباء "إناثا، وذكوراً" اختفى دورهم الأسري في البيوت، وصاروا عبئاً على آبائهم، وأمهاتهم ليتم إحالة هذا العبء على الشغالة من ناحية، والسائق من ناحية..
الشغالة تتولى خدمتهم من احضار وجبة الفطار، والغداء، والعشاء، إلى غسل الملابس، إلى أعمال تنظيف البيت، وأصبح شيئاً عادياً ان تستند البنت على الكنب وتطلب من الشغالة فنجان شاي، أو كأس ماء ثم لا تقوم بإعادة الفنجان، أو الكأس، أو غسلهما، وكذا الأولاد، ولا تقوم الأم بتوجيه بناتها، أو أولادها إلى أن ذلك خطأ، وان ذلك يُهدد صحتهم ففي "الحركة بركة"... وفي الخمول، والكسل، والجلوس سلسلة من الأمراض حمانا الله منها جميعاً. وإذا كانت هناك مُبررات لبعض البيوت فإن معظم البيوت تُمارس عملية الاستقدام من باب (الكشخة، والوجاهة) ليقال ان لديهم شغالة، وان لديهم سائقاً، وتبرز هذه الكشخة، والوجاهة في مناسبتين: موسم الأفراح، والموسم الدراسي، وبعد ان كان دور الأم تربية، وتأهيل بناتها لإدارة شؤون البيت، وخدمته، ودور الأب تأهيل الأولاد لتحمل المسؤولية أصبحت الشغالة تقوم بالمهمة الأولى، والسائق يقوم بالمهمة الثانية، وستعاني بيوتنا من هذا المرض - الذي هو في طريقه ليكون مزمناً - وهو مرض الشغالة - السائق، وستزداد بيوتنا كسلاً، وخمولاً باستثناء نشاطها في تقليب القنوات الفضائية، والأرضية، والتي لا تجلب غير تحقيق، وتكريس مبدأ الكسل، والخمول بح
كم اعتمادنا على (جهاز الريموت كنترول) في أعمال التقليب هذه، وسهرنا أمام هذه القنوات على حساب صحتنا، ومسؤولياتنا، وأعمالنا اليومية، وعلاقاتنا الأسرية، والاجتماعية، والمهنية. وإذا لم تنفض بيوتنا هذا الغبار الذي أحاط بها باعتمادها الكلي، والكامل على الشغالة، والسائق فإننا سنشهد معاناة اسوأ في المستقبل فنحن لا نضمن هذه الفئة ان تظل لدينا (طول العمر) وان يظل اعتمادنا عليها في كل شيء قائماً، ومستمراً من ايقاظ الأبناء في الصباح، إلى تهيئتهم للمدرسة، إلى توصيلهم إليها، إلى عودتهم منها، إلى أعمال البيت كاملة، إلى تجهيز الوجبات، إلى إعداد الشاي، والقهوة، إلى كل كبيرة وصغيرة.
انني أحزن حين أرى السائق يقف على أبواب المدرسة، أو الكلية ينتظر هذه الطالب، أو تلك بينما شقيقها يستطيع القيام بهذه المهمة، وبينما والدا يستطيع ان يقوم بها، وبينما قريبها يستطيع أن يقوم بها، وقس على ذلك بقية الأشياء..؟

الرياض
0
960

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️