دمعه وحزن

دمعه وحزن @dmaah_ohzn

محررة ماسية

ثلاثه مكعبات سررت بها !!

الملتقى العام



--------------------------------------------------------------------------------




--------------------------------------------------------------------------------



أمام الموقف الواحد ، تجد الناس يتصرفون في الغالب على نحو متباعد ،
بل ومتضارب في كثير من الأحيان .. يدخل الصغير على أمه باكياً ، يشكو إليها ابن الجيران ،
وأنه فعل به كذا وكذا ، وأذاه ونحو هذه الشكاوى ..

وأمام هذا المشهد – الذي يكسر القلب – انظر كيف تتصرف الأم _ وأيضاً الأب في كثير من الأحيان _
إنك تجد نفسك أمام ألوان من التصرفات ..

فهذه أم تتنمّر لتحرض صغيرها على صديقه ، وتوغر قلبه عليه ، وتدله على ما يمكن أن يفعل به ،
وبدلاً من أن تطفئ النار ، إذا بها تبادر إلى صب البنزين فوق لهيبها !
وبدلاً من أن تصلح ، إذا بها تفسد ، حيث تزرع في قلب الصغير بذور العداوة والحقد والبغضاء ،
بل لعلك تجد بعض الأمهات تتجاوز هذه المنطقة المحظورة ، فلا تقنع بمجرد الكلام ،
لكنها تبادر إلى ضرب الصغير إنْ هو نسي _ كعادة الصغار ببراءة فطرتهم – وعاد ليلعب مع ذلك الصديق بعينه !

وتجد أم في صورة ثالثة :
لا تكلف نفسها عناء سماع المشكلة أصلاً ، بل تسارع لتصرفه من وجهها لتواصل ممارسة هوايتها المفضلة
أمام ‘إحدى جهات ثلاث : الهاتف ، أو التلفاز ، أو المرآة ..!!

وأما الصورة الرابعة فهي العجب بعينه :
حيث نجد الأم تستغل ذلك المشهد نفسه لتزيد الجرح اتساعاً ، فلا تراها إلا وقد أمسكت بإذن صغيرها
تفركها بقوة ، وهي توبخه بأنه يستحق هذا وأكثر منه ، ثم تبدأ أسطوانتها المشروخة ،
لتغتاب عائلة ذلك الصبي ، وتصب عليهم أقذر الألفاظ ، وأحقر الأوصاف ،
ونسيت أن المشكلة بين صغيرين لا بين عائلتين !! كما نسيت أنها قدوة لهذا الصغير ، وأنها مدرسته الأولى !! ومنها يتعلم !!!!
ثم لا يمر وقت طويل حتى يراها الصغير تزور تلك العائلة وتزار ، وترحب بهم مبتسمة
ويرحبون بها معانقين ، وتثني عليهم وتمدح !!
تُـرى أي تشوهات نفسية تشترك هذه الأم في صنعها في نفس ذلك الصغير
الذي تنتظره الحياة على مفارق الطرق بمفاجآت لا حصر لها !؟

غير أن أعجب من هذه الصورة ، هو النموذج الخامس :
وفيه نرى الأم بمجرد أن ترى ما أصاب صغيرها وتسمع نصف شكواه الباكية ،
حتى تسارع لتستنفر زوجها لخوض معركة الثأر الكبرى !!
فإذا لم يكن الزوج متواجداً ، فما أسرع ما تضم ثيابها على نفسها ، وتخرج وقد تأبطت شراً !!

وبدون مقدمات ، وبلا سؤال ، ولا انتظار حوار ، ولا سلام ولا كلام ، تشن غاراتها على جيرانها ،
وتسلخهم بما تيسر لها من صواريخ الألفاظ ، وتشتبك معهم في معركة ضارية ضروس ،
تبدأ باللسان السليط ، والكلمة التي تلقحها كلمة مثلها ، ثم تمتد الأيدي وترتفع العصي ،
ويلتحم الطرفان .. !!
فإذا كان الزوج قليل العقل هو الآخر ، فبمجرد وصوله ، ورؤيته لزوجه وقد امتلأ وجهها بالكدمات
،يشمر عن ساق الجد ، ويهرول كالمجنون نحو بيت الجيران ليشن غاراته ،
ولتنتهي المعركة في مخفر الشرطة ..!!! وربما إلى المحاكم بعد ذلك !!!

كل ذلك ولعل الصغيرين – سبب المشكلة كلها – يلعبان معاً في ناحية ،
وهما يتضاحكان ،ولا يدريان بما سبباه من أحداث تبكي القلب ، وتدمع لها العين ..!!!

ولكن تعالوا لنرى صورة مشرقة ، نحسبها جديرة بالتوقف معها ، والاستفادة منها ،
لأنها صورة مثالية لأم عاقلة ، استطاعت بمنتهى الحكمة أن تستثمر المشهد نفسه ،
والقضية بعينها ، لتقرر في عقل الصغير قاعدة كبرى يواجه بها أحداث الحياة فيما بعد ..


يقول أحد رجال الأعمال _ وهي قصة قرأتها منذ زمن :

دخلت على أمي يوماً وأنا صغير ، أشكو ابن الجيران ، ساخطاً عليه ،
عاقداً العزم على عدم اللعب معه ، بل ألححت على أمي أن تثأر لي منه !!
فأصغت إليّ أمي حتى انتهيت ، ثم بادرت فأحضرت بين يدي مجموعة من المكعبات الخشبية ،
التي كنت ألعب بها أحياناً ،
ثم قالت لي وهي تبتسم وقد أمسكت بيدها مكعباً :
ألم تخبرني بأنه ساعدك في كذا ، يوم كذا ؟ فهذه حسنة لا ينبغي أن تنساها ،
ثم وضعت المكعب في ناحية ، وأخذت مكعباً آخر وقالت :
ألم يعطك يوماً لعبته المفضلة لتلعب بها ؟ فهذه حسنة أخرى .
ووضعت القطعة المكعبة فوق المكعب الأول ، ثم أخذت ثالثة وقالت :
ألم يسمح لك منذ يومين بركوب دراجته ؟ فهذه حسنة ثالثة ..
وهكذا ذهبت تعدد لي مناقب ابن الجيران ، حتى تكاثرت مكعبات الحسنات بشكل ملحوظ ،
وفي الأخير قالت في حزم :
وهذا المكعب يرمز إلى ما صنع بك صديقك هذا اليوم ..
فهل ترى أن تخاصمه لتخسر كل هذا الكوم من الحسنات في مقابل هذه السيئة ؟
إذن لن تكون رجلاً عاقلاً يا بني ..!

وشعرت أنها بكلماتها تلك غسلت قلبي تماماً ، مما كان فيه ،
وسرعان ما قررت أن أذهب إليه لأصالحه ..
وظلت تلك القصة عالقة في ذهني ، ونفعني الله بها كثيراً في حياتي العملية ،
وكلما واجهتني أحداث جديدة قد لا تسرني مع أصناف من الناس ،
فإنني لا أتسرع في الحكم ، ولكني أبادر إلى استحضار قصة المكعبات تلك ..
وهكذا عشت نقيه الصدر ، لا أحمل إلا الحب للآخرين ..!!

والآن ، انظر ما أعظم هذا الدرس ، الذي استطاعت تلك الأم في جلسة خاطفة أن تغرسه ،
في قلب ولدها لينتفع به طوال حياته ..!!
2
502

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

***ملكة الليل***
الامهات في السابق لهن من الحكمه والتأني الشيئ الكثير
ارى ذلك في امي
اما نحن فجيل متسرع لايحكم الامور
المكعبات فكره رائعه من ام اروع
كل الشكر على الموضوع القيم
وعلى الفلاش الرائع