ثلاث وقفات مع ( زلزال آسيا..وزلزال الرياض ) خطبة الجمعة 19/11

اما بعد ايها المسلمون
في يوم الاحد الماضي ، وبينما الناس يتابعون حياتهم اليومية ، والله اعلم بما يفعلون ، إذ تحركت الارض بامر ربها جل وعلى ، فحدث الزلزال المدمر في قاع المحيط الهندي ، والذي تسبب في مصرع اكثر من 100 ألف شخص حتى الآن ، فضلاً عن ملايين المشردين من مدن وقرى عدد من دول شرق آسيا.. ومن اللافت للنظر أن الدول وهيئات الاغاثة تسارعت لإغاثة المنكوبين وتأثرت لما أصابهم ، بينما لم تحرك ساكنا عنما قتلت أمريكا مئات الالاف من المسلمين وشردت الملايين في افغنستان والعراق ..

ايها الاخوة في الله :

وحول هذه الحادث العظيم سيكون مدار خطبتنا في هذا اليوم ..وسيكون الحديث عبارة عن ثلاث وقفات الاولى بعنوان نبذة عن الزلازل، والثانية بعنوان وما هي من الظالمين ببعيد..والثالثة وقفة مع زلزال الاربعاء.. اولا : ماهو الزلزال ؟ وما الحكمة من حدوثه ؟ أيها الإخوة في الله الزلزال هوعبارة تحرك في الطبقات السفلى من الارض نتيجة لبعض العوامل الداخلية ..مما يؤدي تصدع واهتزاز في القشرة الارضة.. ولاشك ولا ريب عند المسلمين أن الزلازل من جنود الله تعالى يرسلها على من يشاء من عباده ، لحكمة يعلمها جل وعلى ، فهو المتصرف بها وحده لا شريك ..

والزلزال الذي حصل أخير ليش شرا محضا ،بل فيه خير كثير لمن عرف حكمة الله تعالى حق المعرفة ، وعرف رحمة الله بخلقه ، وعرف شدة غضبه وبأسه على اعدائه ..

ونحن لو نظرنا الى الوجه المشرق من الزلزال الذي لم تظهره وسائل الاعلام لوجدنا ان هناك فوائد عظيمة حصل عليها المؤمنون على مستوى العالم ..والذي منها على سبيل المثال الغاء مراسم الاحتفال باعياد راس السنة الميلادية في بعض البلدان المنكوبة ، وشغل الآخرين ايضا بهذا الحدث الهائل ، وكلنا يعلم أن الاعلام المنحرف قد اشغل الناس في العالم الاسلامي وبشكل لم يسبق له مثيل باحتفالات راس السنة الميلادية وكذلك بعيد ميلاد المسيح عليه السلام ..

فالله تعالى بهذا الزلزل قد أشغلهم كثيرا عن تحقيق بعض اهدافهم .. كما أن من بين اجابيات الزلزال الاخير مقتل آلاف الكفار ، والذين قد يكون من بينهم من يخطط لحرب المسلمين .

ومن الايجابيات ايضا هو إلحاق أضرار بالغة بمحطة الطاقة النووية الهندية في منطقة التاميل بولاية نادو الجنوبية ، حيث اندفعت المياه إلى داخل المحطة النووية مما ادى الىاغلاقها مؤقتا حتى يتضح حجم الاضرار التي لحق بها ..هذه امثلة بسيطة على حكمة الله من وراء حدوث هذا الزلزل وهناك الاف الحكم التي نعجز عن حصرها ..

ايها الاخوة وهنا قد يقول قائل : نعلم أن الكافرين والمنافقين المحاربين لله ولدينه ..يستحقون ما أصابهم من جراء الزلزال في تركيا وغيرها ..ولكن ما ذنب الابرياء من الاطفال والناس الصالحين ؟ ومالحكمة من اصابتهم بالزلزال ؟

والجواب باختصار على هذا السؤال ، والذي قد يكون الاعلام الكافر وراء ظهوره..حين يخرج صور الاطفال والنساء ،ويدعي الشفقة والرحمة بهم ؟؟

الجواب ايها الاخوة كما يلي :

اولا : لايحق للمسلم أن يطرح هذا السؤال ، لانه بذلك يسال ربه عن سبب ما حدث ، وهذا لايتناسب مع كونه مؤمن ..لان الله تعالى لايسال عما يفعل وهم يسألون.. واما الحكمة من حدوثة فهذا امر يرجع إلى موجده وخالقه والامر به ..فقد يكون الزلزال رحمة للعباد ، وقد يكون عذابا للعصاة منهم ..وقد يكون تذكيرا للمقصرين إلى غير ذلك من الحكم ..كما سبق الاشارة اليه ..

ثانيا : من المسلم به أن الله تعالى ارحم بالموتي من أي مخلوق كان ..حتى من آبائهم وامهاتهم..ومهما قدر للمؤمنين ، فهو رحمة بهم ..كما قال تعالى ( أن الله كان بالمؤمنين رحيما ) وقال تعالى ( أن الله بالناس لرؤف رحيم) اذا هذه قاعدة يجب على المسلم أن يسلم بها ..

ثالثا: أن من رحمة الله تعالى بالمؤمنين حين ياخذ ارواحهم بالقتل او الزلازل او البلاء ..انه يكفر عنهم سيئاتهم ، ويغفر لهم ذنوبهم ..فعن أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ ، لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ إِلَّا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا، الْقَتْلُ وَالْبَلَاءُ وَالزَّلَازِلُ *احمد وغيره بسند صحيح..

فالاطفال الذين يموتون في الزلازل وغيرها من الكوارث يموتون على الاسلام ..ولاشك أن خروجهم من الدنيا بدون ذنب افضل لهم وارحم..

واما المؤمنين البالغين فان ما حصل لهم هو خير لهم حيث انهم ماتوا شهداء ..فالمسلم الذي يموت من جراء انهدام سقف عليه يعتبر من الشهداء ..بشهد لهذا قوله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) *اخرجه البخاري .. وهذا لاشك افضل لهم وارحم من الضيق والايذاء الذي حصل لهم قبل الزلزال ..ثم أن من عدل الله تعالى انه اذا اصاب قوم بكارثة فانه يبعث كل منهم على نيته ..كما قال لعائشة رضي الله يا عائشه ! ان الله اذا انزل سطوته باهل نقمته و فيهم الصالحون ، فيصابون معهم ، ثم يبعثون على نياتهم ..

انتهت الوقفة الاولى اما الوقفة الثانية: فهي بعنوان ( وما هي من الظالمين ببعيد )

ايها الاخوة في الله : إن الله تعالى ليس بينه وبين احد من خلقه نسب ، فاكرم الناس عنده اتقاهم ..وكلما ازاد الناس في طغيانهم ومعصيتهم له سبحانه ..كلما عرضوا انفسهم لعذاب الله ومقته ..

وعلى هذا فلنتق الله تعالى جميعا ، ونحرص على فعل الطاعات وترك المنكرات ، حنى نحمي انفسنا ومجتمعنا من عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة ..

وليتق الله الذين ينشرون الفساد بين المسلمين ..عن طريق تشجيع الربا والتعامل..او عن طريق نشر الاغاني والافلام الهابطة والقنوات المنحرفة ..او عن طريق الدعوة إلى انفلات المرأة من حدود الدين الحنيف ..او عن طريق موالاة الكافرين ..ومحاربة المؤمنين ..او غير ذلك من الانحرافات ..

ايها الاخوة : ان جميع من ينشر الفساد ويدعوا إليه .. انما يحارب ربه سبحانه ..علم بذلك ام لم يعلم ..ادعى الاسلام ام يدعيه .. وهولاء قد حذرهم الله تعالى بقوله (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ(45)..فالله سبحانه قد حذر جميع العصاة من عذابه جل وعلى فقال ( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمْ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنْ السَّمَاءِ ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ(9)

ويقول سبحانه (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ(96)أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ(97)أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ(98)أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ(99)

هذا تحذير الله جل وعلا للناس ...اما تحذير البشر اثر الزلال الاخير ..فقد علماء الارض عدد من البلاد العربية من احتمال وقوع زلزال فيها

وختاما اخوةالايمان :

فان ما حصل دليل على معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم وصدق نبوته ، حيث اخبر بكثرة الزلازل في آخر الزمان ..فقال صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ ،و حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضَ *البخاري..

ثم إن ما حصل ايضا : دليل وبرهان عملي على قدرة الله على نصر المؤمنين واهلاك الكافرين والمنافقين في لحظة واحدة.. فالله سبحانه قد اهلك كثيرا ممن تكبر عن طاعته ، وحارب المؤمنين ، ووقف في وجه الدعوة إلى دينه..اهلكهم بهلاك عام في لحظة واحدة ..وفي نفس الوقت انجى عباده المؤمنين ..يقول تعالى ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(40)

بارك الله لي ولكم في القرىن العظيم

الخطبة الثانية

الحمد لله ولي الصالحين ، ومذل الكافرين والمنافقين ، واشهد الا اله الا هو وحد لاشريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه

اما بعد ايها المسلمون :

الوقفة الثالثة : حول الزلزال الامني الذي حصل في الرياض ، حيث تم تفجير سيارين مفخختين بالقرب من مبنى وزارة الداخلية ، وقرب مبنى قوات الطوارىء ..ونحن اذا نحمد الله على كل حال ، فهو سبحانه الذي لا يحمد على مكروه سواء ..ونحمد الله تعالى ان الانفجارات حصلت في وقت كانت المباني خالية من الموظفين والا كانت الخسائر البشرية اكبر ..ونحمد الله ان أرانا ضعفنا امام جزء سيارتين صغيرتين .. وجعلنا نفكر لو كان الأمر زلزالا حقيقيا .. هدم البيوت وقتل الالاف وشر الملايين ..

ومع هذا فالمسلم العاقل يستنكر هذا الحدث ، بغض النظر اهداف المفجرين ، وبغض النظر عن موقف البعض من ولاة امر هذه البلاد ..

ايها الإخوة : بعض الناس قد يفرح عندما سمع بما حصل خصوصا انه حصل لأهم جهازين في الدولة .. وهذا يقال له .. ما يلي :

تخيل نفسك وانت جالس مع اهلك واولادك في احدى البيوت المجاورة للحدث ، وسقط البيت او جزء منه على احد اهلك فهلك او جرح ..فهل تفرح ؟؟

بل تخيل أنك احد المارة بجوار الحدث ، وحصل لك او لسيارتك بعض التلف ..فهل تفرح ؟؟

ثم كيف يفرح المؤمن بهذا الحدث ، وقد استهدف المسلمين .

في السابق كان البعض قد يتعاطف مع التفجيرات لأنها تستهدف الامريكان وبعض عملائهم .. لكن العمليات الاخيرة استهدفت المسلمين .. وهذا هو مكمن الخطر..

وصحيح أن التفجير حصل في وقت خلت فيه المباني من الموظفين .. ولكن الفكرة بحد ذاتها بادرة خطيرة .. ومع ذلك فقد روعت الالاف ، وجرحت العشرات ، وأدت الى وفاة بعض المسلمين ..

وصحيح ان في بلادنا من يقوم بتفجير العقيدة وتفجير الاخلاق وتفجير القيم والمبادىء ، في بعض وسائل الاعلام ، وعلىارض الواقع ، ولكن ليس بهذا الاسلوب نقف في وجوههم وننتصر عليهم ..

اذا فالاصل أننا نستكر هذه الاعمال وغيرها ، والتي تسبب نزع الامن ، و خلخلت الصف ، وتأخير الدعوة ، ونشر الفوضى بين المسلمين ...ولا نرضى بها مهما كانت الاسباب والمبررات ..

وعلينا كما ندافع عن أهلنا ان ندافع عن ديننا اولا ثم عن بلادنا وارضنا ..ولا نترك لأحد من الناس مهما كان أن يمس امننا وديننا وبلدنا بسوء ..

اسال الله تعالى أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه ..