صحيفة المرصد : تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، لا يوجد أحد على وجه الأرض إلا وله حلم وأمل، والحياة بلا حلم وأمل وطموح لا معنى لها. الأمل طاقة لا حدود له، يحفز صاحبه على العمل ومجابهة الجبال الرواسي وعبور الأمواج المتلاطمة.
ها هي زهور مهدي، تحلم مثل رفيقاتها وتكبر عندها فسحة الأمل وتتعملق، فهي كما تقول عاشت على الأمل، ليس مثل حلم الآخرين.
هناك حلم مكتسب للشخص، ولكن ظروفه المحيطة تجعل ذلك الحلم بعيد المنال. زهور لم تكن تحلم بالمستحيل وإنما كانت تحلم بمواصلة دراستها لتتخصص في قسم الجغرافيا وترسم خريطة للعالم بطريقة مختلفة عن التقليدية، ولكن حياتها وقفت في محطة محددة، كيف توقفت؟ دعونا نسألها كي تجيب.
• ما كان حلمك؟
- ظل حلمي الدائم يتركز في التخصص بقسم الجغرافيا في الجامعة، كنت أشعر دائما بأن لدي فكرة بداخلي بأن أصمم خريطة واسعة للعالم بطريقة مختلفة، ولكن لم تظهر ملامح هذه الفكرة إلى الآن وفي هذا الوقت بالتحديد.
• ما العقبة التي واجهتك وعطلت حلمك وأوقفته في مكانه؟
- نحن ثلاث بنات وولد، درسنا الابتدائية والمتوسط في بلدتنا، ظل أبي يتولى إيصالنا للمدرسة ثم يعيدنا منها. وذات يوم دخلت والدتي إلى غرفته لإيقاظه من النوم، فلم يستجب لندائها. رحل والدي فجأة ونحن في مقتبل العمر، فأنا الأخت الكبرى بعد أخي، وكان لابد أن أقدم تضحية بترك الدراسة، وأن يعمل أخي الأصغر ويدرس في ذات الوقت لمجابهة ظروف الحياة. هنا ماتت أحلامي وأظلمت الدنيا في عيني.
موقف أعمامي
• موقف أعمامك وأخوالك بعد رحيل الوالد وتغير نمط حياتكم بعد وفاته؟
- الحياة مليئة بالمشاغل، وكل شخص يرى أسرته هي الأهم، الحياة مليئة بالضجيج والمسؤوليات، فكل يرعى أسرته الصغيرة. صحيح أنهم قدموا لنا العون والمساعدة في أول أيام رحيل والدنا، لكنهم انشغلوا بأنفسهم وأبنائهم. والدنا (رحمه الله) لم يعودنا على طلب المساعدة من أحد، وأخي لا يمكنه تحمل مسوؤلية ثلاث بنات ووالدتهن بمفرده، نحمد الله أن منزلنا ملك لنا، فاقترحت أن أخواتي هن الأحق باستكمال تعليمهن. وكانت وجهة نظري تستند على رغبتي في التخفيف من أعباء أخي الذي يعمل ويدرس في وقت واحد.
قسم غليظ
• ثم ماذا بعد.. ما الذي حدث بعد ذلك؟
- الحمد لله الذي يخلق ولا ينسى أحدا، فقد كانت ابنة جيراننا في ذات المدرسة التي أدرس بها وفي نفس السنة. وكان والدها يوصلها يوميا. وبادرت زوجته إلى زيارة والدتي، وأقسمت لها بأن زوجها مستعد لتوصيلي إلى المدرسة مع ابنته، وأنه لن يسمح بضياع مستقبلي بسبب ظروف مادية أو خلافها. فشعرت أمي في بداية الأمر بالحرج، ومع إصرار جيراننا وافقت والدتي على المقترح.
فقد كانت تتمنى أن نكمل جميعنا تعليمنا. وأقسم والد ابنة جيراننا بأني مثل ابنته ولن يقبل أن أضحي بمستقبلي. وقتها شعرت بنافذة فرج فتحت، ليدخل لي ضوء مشع من خلالها يعطيني أمل، بأنه ربما يأتي اليوم الذي أحقق فيه حلمي.
• وهل بر جاركم بقسمه أم أنه تنصل في منتصف الطريق؟
- لا لم يتنصل، فقد كان يوصلنا ويعود بنا وإخواتي حتى تخرجنا من الثانوية، ولم يكتف بذلك، بل كان بين الفترة والأخرى يرسل لنا بعض احتياجات المنزل مع زوجته، وعندما ترفض أمي أخذها، تقول لها زوجته، إن الرسول أوصى على سابع جار، وأن المعروف لا يضيع بين الناس. واستمر الرجل في مهمته حتى تخرجت من الثانوية فقررت التوقف عند هذا الحد.
قرار صعب
• وماذا حدث بعد قرار التوقف وما سبب القرار؟
- سببه أني لم أرد زيادة العبء على جارنا، فقررت أن أبحث عن عمل لأساعد أخي في مصاريف المنزل وتكاليف الحياة، لكن جارنا وزوجته لم يتركونا، فقد أصر علي أن أكمل مع ابنته الجامعة، وأقنعت زوجته أمي بذلك، واستمر في إيصالنا والعودة بنا. وفي كثير من الأوقات كانت ابنة جارنا تنتهي من محاضراتها قبلي وتنتظرني دون أن تشعرني يوما بالضجر. واصلت دراستي حتى وصلت الآن إلى المستوى الثالث قسم جغرافيا. وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يتحقق فيه حلمي كما تحقق حلمي في إكمال مشواري الدراسي، رغم فقدي للأمل في ذلك. ربما يتحقق حلمي الأكبر بسبب لم يخطر لي ببال، فقد كان الفضل لله تعالى ثم لجارنا في إكمال تعليمي، وإلا لكنت اليوم في المنزل أحمل شهادة المتوسط والكل من حولي يحمل شهادة الجامعة.
منقول

قراني كتابي @krany_ktaby
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

jam781
•
سبحان الله الخير موجود الى قيام الساعه




الصفحة الأخيرة