الحمد لله ، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد.
فإن الحرب الصليبية الجديدة على الإسلام و المسلمين قد تداعى لها الكفار من نصارى و يهود و هندوس و غيرهم من ملل الكفر، و من تابعهم من الأنظمة المرتدة عن الإسلام إلى العلمانية، و المنافقين.
وهي حرب وصفها البعض بأنها حرب عالمية ثالثة لضخامتها ، واتساع ساحة المواجهة فيها ، وكثرة المسارعين إليها .
فقد أصبحت الصحوة الإسلامية قوة تقض مضاجع الكافرين حيث تجاوزت مرحلة القلة و الضعف ، وهي اليوم قوة حقيقية تواجه المعتدين في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير وغيرها .
كما أصبحت أحداثها العظام ، ومعاركها الجريئة والشرسة مع أقوى دول الكفر في العالم شغل العالم الأكبر في وسائل الإعلام العالمية المتنوعة .
وعلى الرغم من هذا التحالف من رؤوس الكفرعلى حرب الإسلام فإن النصر سوف يكون هو العاقبة بإذن الله التي يظفر بها المجاهدون إذا حققوا الإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى :" وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ، يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فؤلئك هم الفاسقون " فالصحابة رضي الله عنهم حققوا الإيمان التام ، والعمل الصالح التام ، فحصل لهم التمكين التام في الأرض ، وحين قصر كثير من المسلمين في القرون المتأخرة في الإيمان و العمل الصالح نقص تمكينهم في الأرض بحسب ما نقص من إيمانهم و أعمالهم الصالحة.
ومن التقصير في هذه السنوات الحاسمة من تاريخ الأمة ندرة طلبة العلم بين المجاهدين النافرين إلى ساحات الجهاد.
فإن أي جهاد يقام في بلد من البلاد يحتاج إلى طلبة العلم الذين يوجهون مسيرة الجهاد ، ويوحدون الصفوف ، ويعلمون الناس دينهم ، ويقومون بواجب الدعوة والتبليغ و يخاطبون الأمة عن القضية التي نفروا للدفاع عنها ، ويحرضون المسلمين على نصرة إخوانهم بالنفس و المال .
وهذا التقصير في نفير من تحصل بهم الكفاية من أهل العلم من الظواهر التي لها أبعادها الخطيرة على الأمة ، مع كون هذه الظاهرة إخلالا في صفة من أبرز صفات الطائفة الناجية المنصورة أهل السنة والجماعة ، وهي القتال في سبيل الله ، فعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ، ظاهرين إلى يوم القيامة" أخرجه مسلم .
وعن جابر ابن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لن يبرح هذا الدين قائما ، يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" أخرجه مسلم.
وعن معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، ولاتزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ، ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة" أخرجه مسلم .
وعن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ، قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك" أخرجه مسلم .
فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يقاتلون بأنفسهم ، ولم يقل بأنهم كانوا يقتصرون على الدعوة إلى الجهاد، والتحريض عليه، وكتابة الكتب في فضائله ووجوبه ، بل يقومون بواجب التحريض مع الجهاد بالنفس والمال .
وإن تسليط الذل على الأمة عقوبة من الله تعالى لتركها الجهاد في سبيل الله ، ولا ترفع عنها هذه العقوبة إلا بالعودة إلى الجهاد في سبيل الله ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم " أخرجه أحمد وأبو داود .
وينبغي أن يكون طلبة العلم السابقين في الرجوع إلى فريضة الجهاد وتجديدها، وأن يقودوا الشباب المجاهد ، ويتقدموا الصفوف في أرض النزال ، ولا يكونوا ممن طال عليهم الأمد فقست قلوبهم ، فلا يتعظون بموعظة ، ولا ينتفعون بذكرى ، قال تعالى :" ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون . اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الأيات لعلكم تعقلون ".
قال ابن كثيرـ رحمه الله ـ : ( ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي) .
وقال تعالى :" أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ، ثم لا يتوبون ولا هم يذ ّكرون" أي يُختبرون بالغزو والجهاد في العام الواحد مرة أومرتين كما في أحد الأقوال في الآية ، وما تعدد الجبهات ، وكثرة الحروب والمواجهات مع الصليبيين واليهود والمرتدين في أكثر من بلد في هذا الوقت إلاّ ابتلاءٌ واختبار لطلبة العلم وغيرهم، لتمييز الصادقين من الكاذبين .
فلم يكن الصحابة تسطَّر لهم الكتب الكبيرة ، ولا الرسائل الكثيرة لتحريضهم على الجهاد ، بل كانت الكلمات القليلة كافية لتستجيب لها القلوب الصادقة اللينة الحية ، فعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري قال : سمعت أبي رضي الله عنه وهو بحضرة العدو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف" فقام رجل رث الهيئة ، فقال : يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا ؟ قال : نعم ، فرجع إلىأصحابه فقال : أقرأعليكم السلام ، ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل . رواه مسلم.
وفي يوم بدر قال صلى الله عليه وسلم :" قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض " فقال عمير بن الحمام رضي الله عنه : يارسول الله ، جنة عرضها السماوات والإرض ؟!
قال :" نعم" ، قال : بخ بخ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما يحملك على قولك : بخ بخ ؟" فقال لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها قال :" فإنك من أهلها "
فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منها ، ثم قال : لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فرمى بما معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل . رواه مسلم .
كما أن نفير طلبة العلم إلى أرض الجهاد وخصوصا إلى العراق تحتمه حاجة المجاهدين في العراق إلى أهل العلم الذين يسعون لوحدة الكلمة ، وإلى اختيار حاكم مسلم للعراق ممن توفرت فيه شروط الإمامة ، ويتم اختياره عن طريق أهل الحل والعقد من قادة الجهاد ، والعلماء المجاهدين ، ولا يدخل المنافقون أو القاعدون عن الجهاد في أهل الحل والعقد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يول على المسلمين منافقا أو قاعدا عن الجهاد الواجب .
فلا يجوز للمجاهدين أن يبقوا بلا إمام يقودهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا الخطأ الكبير ـ وهو خلو العراق من حاكم مسلم ـ إذا لم يتدارك فسوف يساعد الأمريكان في تنفيذ مخططاتهم بتنصيب حاكم عميل على العراق .
وهذه الرسالة سوف يذكر فيها فصلان ، الأول : في صفات أهل العلم ، والثاني : في المعوقات عن النفير ، نسأل الله تعالى أن ينفع بما نكتب الإسلام والمسلمين .
مجاااااهدة @mgaaaaahd
الوسام الفضي
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مجاااااهدة
•
ولك بالمثل يالغاليه أسرار البحر:26: :26:
الصفحة الأخيرة