بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
--------------------------------------------------------------------------------
جزاء التعفف
مكافأة التعفف
ابن الجوزي
قال الإمام ابن الجوزي-رحمه الله – حين وقع
في يده كتاب الاعتبار للأمير أسامة بن
منقذ:جاءني اليوم كتاب الاعتبار للأمير أسامة
بن منقذ وهو ممن عرفت وصاحبت فقرأت فيه
مدهشات من الغرائب العجائب ،ومنها مايصلح
دليلأً على وقوع المثوبة في الدنيا مع الآخرة،و
سأذكر مما قرأت هذه النادرة:
قال القاضي أبو بكر بن محمد بن عبد الباقي الأنصاري:
بينما كنت أحج بيت الله وجدت عقداً من
اللؤلؤ،فشددته في طرف حزامي ،وبعد ساعة
سمعت إنساناً ينشده في الحرم ،وجعل لمن
يرده عشرين ديناراً،فسألته علامة له
،فأخبرني بها فتسلمه وقال لي :تجيء إلى
منزلي لأدفع إليك الجُعل. فقلت : مالي حاجة إلى
مالك وأنا من الله في خير كثير.
فقال: أكان صنيعك لله – عز وجل – قلت نعم :
،فقال: استقبل بنا الكعبة وأمن على دعائي
فا ستقبلنا القبلة فقال: اللهم اغفر له
وارزقني مكافأته.
ثم اتفق لي أن سافرت من مكة إلى ديار مصر
فركبت البحر متوجهاً إلى المغرب ،فوقع
المركب في أيدي الروم وأُخذت أسيراً،فكنت من
نصيب بعض القسس،ولم أزل أخدمه حتى
مات.وكان قد أوصى بإطلاقي بعد موته،فحررت
وخرجت من أرض الروم إلى بعض بلاد
المغرب، فجلست أكتب على دكان خباز بأجر
يومي،وكنت أكتب بخطي ورق الحساب لمن
يعاملهم الخباز من أعيان المدينة.
فجاء بعض الوجهاء وقال للخباز:تتنازل عن
هذا الكاتب لأجلي،لأن معرفته بالحساب والخط
تعينني على إدارة أملاكي،فوافق الخباز لمنافع
يرجوها من الرجل وانتقلت إلى منزله ،فإذا
نعمة سابغة وجاه مديد، فأوقفني على مايرغب
مني،فكنت أؤديه كأحسن مايكون الأداء حتى
اطمأن لي،فلما مضت مدة قال لي: لماذا لا
تتزوج؟ قلت سيدي!وهل أملك ماآكل به حتى
أضم إلي زوجة تأتي بأطفال!..
فقال:سأتكفل بكل ماتحتاج،فقلت:إذاً
لاأمتنع .فقال:يا ولدي إن التي ستتزوجها ابنتي
وهي دميمة غير مقبولة:قلت: رضيت مادامت
ابنتك.
فلما كان بعد أيام قال لي: تهيأ لدخول منزلك،ثم
أمر بكسوة فاخرة ودار تعادل داره بهاء وسعة،
وذهبت بعد اجتماع القوم للعروس ،فوجدتها
أجمل فتاة وقعت عليها عيني، فخرجت هاربا من
الدار فلقيني والدها وقال:ماشأنك؟ قلت: ليست
هذه الزوجة التي وصفتها وذكرت من عيوبها
الكثير. فتبسم وقال:هي زوجتك وليس سواها
وقد قلت لك ذلك لتستقل ماستراه ابتداء فإذا
اطلعت اقتنعت.
فلما كان من الغد جعلت أتأمل مالدي من الحلي
والجواهر التي حملتها العروس معها فرأيت
من بينها العقد الذي وجدته بمكة من
قبل،فعجبت كثيراً . و جاء والدها يزورها
فرأى على شفتي كلاماً فقال:ماخطبك؟
قلت هذا العقد رأيته بمكة مفقوداً لإنسان
مغربي وأعطيته إياه.فقال :أأنت صاحبنا بمكة؟
قلت :نعم .قال:وقد دعوت الله أن يغفر لك
ويرزقني مكافأتك وأنت تؤمن!؟
قلت :نعم.قال : أبشر بمغفرة الله لأن نصف
الدعوة تحقق وسيتحقق النصف الثاني إن شاء
الله ! وقد سلمت إليك مالي وابنتي وهي كل
أقاربي فأصبح كل شيء لك وأوصيك بها!
أقول: رحم الله تلك النفوس التي عفّت و تركت
لله فعوضها الله خيراً مما تركت ،وتلك النفوس
التي أخلصت في دعائها فاستجاب الله دعاءها
في مكان ترفع فيه الدعوات،وتتنزل الرحمات ،
وتضاعف الحسنات .ولا عجب فهو حرم الله
وهم وفد الله .
المصدر مجلة الأدب الإسلامي العدد (57)
منقوووووووول

رولا11 @rola11_1
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة