العهد

العهد @alaahd

عضوة شرف عالم حواء

جليــــــد البركان (قصـــــه) وفي انتظار نقدكم

الأدب النبطي والفصيح

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

إنها المرة الأولى التي أكتب فيها في هذا القسم، أعجبتني مواضيعكم فأردت أن أشارك بقصة بسيطه كتبتها و هي ثاني قصه أكتبها ، و أطمع بنقدكم و ملاحظاتكم ..


جليــــــــــــــد البركان

(1)

تنفست أسماء عندما توقفت السياره أمام مسجد صلاح الدين الذي اعتادت أن تزوره مساء كل أربعاء ...
توجهت بخطى فرحه مستبشره نحو تلك الغرفه الصغيره الحبيبه حيث تتجمع الأخوات لحضور درس الفقه الأسبوعي.. دخلت الغرفه و سلمت على الأخوات بحماس.. مازال العدد لم يكتمل بعد لازالت هناك ربع ساعه على دخول الشيخ. تجاذبت أطراف الحديث مع الأخوات و أخذت تسأل عن بعض المسائل التي طرحها الشيخ في الدرس الماضي، يبدو أن الجميع لم يفهم درس الجمع و القصر بعد .. نعم لقد ألقاه الشيخ على عجله و لم يتسنى لنا طرح أي أسئله. سألت و هي تمزع ورقه صغيره من كراستها :
- لقد كتبت بعض الأسئله للشيخ ، هل تود إحداكن أن تضيف شيئا؟
أجابت مريم:
- و أنا كذلك كتبت بعض الأسئله، ما رأيك لو نجمع الأسئله في ورقه واحده و نرسلها للشيخ؟
- جيد، لكن أكتبي أنت الأسئله لأن خطي غير مفهوم أحيانا و كثير ما أضيع وقت الشيخ و هو يحاول أن يفكك طلاسمي ..
ضحكت مريم للتعبير الذي رسمته أسماء على وجهها و جلست بجانب أسماء لتنقل الأسئله..
كانت أسماء تراقب هاجر التي دخلت قبل قليل سألتها بعد أن لاحظت هاجر نظرات أسماء
- هل لديك أي سؤال تودين إضافته؟
أجابت هاجر مبتسمه:
- شكرا حبيبتي ، جزاك الله خير كل الأسئله التي أردت طرحها قد سبقتني بها ..
عادت هاجر تقلب صفحات كتابها بينما استمرت أسماء تراقبها بصمت، هاجر فتاه هادئه لا تتكلم إلا إذا طلب منها ذلك أشعر أحيانا أنها تفضل أن لا يكلمها أحد، و لكن دفء كلماتها و إبتسامتها التي تصاحب كلامها يجعلني أمحو هذه الفكره. لاحظ الجميع هدوء هاجر و صمتها الدائم مما جعل بعض الأخوات يتحفظن في الحديث معها قليلا، الحمدلله أننا في مجلس من مجالس العلم و لولا ذلك لكثر الحديث حول هاجر و ظنها الجميع متكبره، و هي غير ذلك تماما.
شيء ما يحركني لأتقرب منها و لكني أواجه صعوبه في ذلك، كثير ما أفكر فيها و أغبطها لصمتها و إن كان أحيانا يغيضني هذا الصمت. أستطيع أن ألخص معرفتي لها في جملتين: ابتسامه مشرقه و نظره حانيه، صمت طويل و حزن دفين.
أطبق الصمت على الغرفه فجأه بعد دخول الشيخ ، و لكن ظل سؤال يتردد بداخل أسماء: من أنت يا هاجر؟

يبتع بإذن الله ،،
13
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نجم السماء
نجم السماء
بداية جميلة اكملي لنرى كيف تكون البقية :24: :24:
العهد
العهد
(2)

جلست أسماء مساء يوم الثلاثاء تراجع درس الفقه السابق و تدون بعض الأسئله التي تود طرحها على الشيخ،
تذكرت ما قالته هاجر في الأسبوع الماضي بعد أن انتهى الشيخ من القاء الدرس، قالت في غبطه و سرور:

- لكم أحب الفقه، كلما تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)) زدت
حبا له و تمسكا به. جزا الله عنا شيخنا خير الجزاء على سماحته و طيب خاطره، أسأل الله أن يبارك له في علمه و يوسع له في رزقه.

أمنت الأخوات على دعاء هاجر، و تلى ذلك صمت و كأن كلمات هاجر فتحت لنا مجالا للتفكر في هذه النعمة التي نحن فيها ، اي و الله ، كم من الأخوات هن الأن يشاهدن التلفاز أو يتمشين في إحدى الحدائق لا حديث لهن غير القال و القيل.

- اللهم لك الحمد على ما رزقتنا من علم، و أعوذ بك من العجب و أمراض القلوب و أسقامها..

رددت أسماء هذا الدعاء في نفسها، إنها المره الأولى من فتره طويله لم تشعر بلذه في مراجعة دروس الفقه ، و لكن كلمات هاجر جددت لها الذكرى، و زادت من قابليتها من حماسها تجاه هذه الدروس.

طالب العلم يحتاج لمثل هذه المواعظ دائما فكم يتربص بنا الشيطان و يحاول منعنا من الذهاب إلى هذه الدروس و يزين لنا الحجج و الجلوس في المنزل، و قد انقدت إلي كلامه مره، و تكاسلت عن الذهاب إلى الدرس، فكان ذلك اليوم من أتعس أيامها، و كأن الدنيا قد ضاقت بها في ذلك اليوم، و كلما تذكرت الأخوات و هن في الدرس يستمعن إلى الشيخ ، سالت دموعها، و من يومها قطعت علي نفسها أن لا تتخلف عن درس من دروس العلم إلى لظرف طارئ و عذر مقنع.

غدا هو دور هاجر في إلقاء الدرس الوعظي الذي اعتادت الأخوات أن يلقينه بعد الإنتهاء من درس الفقه، إنها المره الأولى التي ستلقي فيها الدرس أمامهن، ترى ماذا ستقدم؟ يبدو لي أنها لم تعتد على القاء مثل هذه الدروس، و قد تكون المره الأولى لها. لا بأس، سأنتظر للغد لأرى جديدك يا هاجر ....

يبتع بإذن الله،،
العهد
العهد
(3)
ها قد جاءت لحظه الدرس، التفت الأخوات حول هاجر، لم يكن يبدو عليها أي ارتباك أو تردد بل بالعكس كانت تبدو واثقه و كأنها قد اعتادت على إلقاء مثل هذا الدروس.

- هذه صفه جديده عرفتها يا أسماء

هذا ما قالته أسماء في نفسها و هي ترتقب حديث هاجر، كانت تأمل أنها ستستطع أن تبنى شخصيه متكامله لهاجر بعد الإنتهاء من الدرس.

بدأت هاجر درسها بالثناء على الله سبحانه وتعالى و الصلاه و السلام على نبينا محمد ثم ما لبثت أن بينت المحاور مما زاد فضول الأخوات للاستزاده من الموضوع. و بعد مقدمه رائعه دخلت في صلب الموضوع،،

كان الحديث عن القرآن الكريم، و أي حديث أجمل و أروع من هذا الحديث.. كلمات تخرج من فيها كالدرر لا أعرف هذه الدرر لأن الموضوع عن كتاب الله أم لأن الموضوع يخرج من إنسان أحسبه يعيش مع كتاب الله و لا أزكي على الله أحد . كانت الكلمات تخرج من هاجر عذبه صافيه نقيه فما تلبث أن تحط على قلب كل أخت كما خرجت من هاجر، عذبه صافيه نقيه. لامست كلماتها القلوب لابد أن السر في انسيابيه عرضها، كان صوتها هادئا يرتفع قليلا في بعض الاحيان و ينخض مره أخرى... تتحدث و تتحدث حتى يتحرج صوتها و تمتلىء عيناها بالدموع حتى تتساقط دموع الأخوات من حولها ثم تبعث الأمل في الجديد في بابتسامه مشرقه . كانت أسماء تشعر بأن جميع الأخوات من حولها مشدوهات بحديث هاجر يتفاعلن مع كلماتها. بالنسبه لأسماء كانت هاجر كالبركان الذي تفجر فجأه ، البركان الذي ظل مختبئا دوما خلف غطاء من جليد فما لبث هم الدعوه أن فجره ليخرج سيلا متدفقا من العطاء. أهذا يا هاجر همك؟ أهذا هو مفتاح صمتك؟ الدعوه؟ آآآآآآآآآآآآآه كم الدروس التي أحتاجها منك يا هاجر.

ختمت هاجر مجلسها بالدعاء الذي أسال الدموع من جديد و هز الأشواق ... حينها وددت لو أستطيع ضمك يا هاجر.
فكم أنا بحاجه إلى حضن داعيه،،،
العهد
العهد
(4)
مرت الأسابيع و ظل لقاءنا الأسبوعي في دروس الفقه، مازلت لا أعرف شئيا عن هاجر و لكن يكفيني أن أعرف أنها من أصحاب هم الدعوة و الذين نادرا ما نجدهم في زماننا هذا. أقبلت إمتحانات الفصل الدراسي الثاني و عادة ما تتوقف الدروس في هذه الفتره بسبب الإمتحانات حيث منا من لديه التزامات في الجامعه و منا من لديه أبناء و ينشغل معهم أثناء هذه الفتره.
توجهت أسماء بخطى سريعه نحو غرفة الدرس..
- سأفتقدك يا غرفتي الحبيبه
لا يعجبني إيقاف الدروس و دائما ما أحاول أن أقنع الأخت أم معاذ و هي المسؤوليه بعدم إيقافها و لكنها تقول أنه يجب علينا مراعاة الغير، بالنسبة لي هذه الدروس هي المنتفس الذي أتنشق منه الهواء النقي الذي يعينني على الاستمرار بنشاط و همه طوال الأسبوع، و مهما كان انشغالي فحاجتي للدروس أهم. حاولت إقناع أم معاذ بتوقيف امتحانات الفقه و عدم إيقاف الدروس و لكن الأخوات سامحهن الله يردن أيضا إيقاف الدروس إلى ما بعد الإمتحانات. - آآآآه، لا أعرف لماذا أشعر هذه المره أنه لن يكون هناك دروسا بعد الإنتهاء من الإمتحانات..
عندما دخلت أسماء غرفة الدرس و بعد أن سلمت على الأخوات أعلمتهن بشعورها هذا .. و أن المركز الدعوي الذي بجانبهم قد تم تجميد نشاطاته و تخاف أن يكون الدور عليهم ... فزت مريم من مكانها و قالت
- لا يمكن هذا !! و ماذا نفعل نحن حتى يتم إيقاف الدرس؟ و كيف يتم إيقاف المركز الدعوي؟ لماذا هذا؟ لماذا؟
- هدءي من روعك يا مريم كل ما في الأمر هو أني أشعر بذلك و غالبا ما يخونني الشعور..
رددت هاجر..
- حسبي الله و نعم الوكيل، اللهم لا تحرمنا تجمعنا هذا
انتهبت لهاجر التي كانت قد اغروقت عيناها بالدموع و هي تسمع حديثنا.. يا الله ..كم لهذه الدروس مكانه خاصه لجميع الأخوات..ربي لا تحرمنا إياها..
عندما جاءت أم معاذ أخبرنها الأخوات بإيقاف المركز الدعوي و أنه يخفن أن يكون الدور عليهم ..
- هذا غير صحيح، نحن نشاطنا غير الدعوي كل ما في الأمر أننا نأخذ دروسا فقهيه و الشيخ حفظه الله لا يتجاوز ذلك ..
تذكرت أسماء الشيخ و امتلأت عيناها بالدموع..
انتهي الدرس.. و تجمعت الأخوات في حلقة صغيره بعد خروج الشيخ، لا يوجد اليوم درس وعظي و لكن يبدو أن جميع الأخوات لديهن ما يتحدثن عنه .. خطررت في بالي فكره و هي أن أطلب من كل أخت أن تحكي لنا طريقها في طلب العلم الشرعي و كيف تعرفت على المركز ( دروس الفقه ) ..
تحدثت الأخوات و كان معظمهن قد ولدن في أسره محافظه متمسكه بدينها ملتزمه بشرائع هذا الدين و حريصه على طلب العلم الشرعي و من ذلك تعرفن على المركز إما عن طريق آبائهن أو إخوانهن ، و كان بعض الاخوات قد تعرفن عليه من أخوات لهن في الجامعة ومن خلاله بدأن طريقهن في طلب العلم الشرعي. وصل الدور إلي هاجر :
- هاه يا هاجر جاء دورك حدثينا عن مشوارك في طلب العلم الشرعي..
ابتسمت هاجر ثم أطرقت رأسها و بدأت بالحديث.
- لم أكن أظن يوما أني سأكون في مثل هذا المكان و بين أخوات مثلكن، لم يكن لدي أي مشروع لطلب العلم الشرعي كما سمعت من البعض و لست من عائله حريصه على طلب الشرعي أو حتى حريصه على تطبيق جميع ما شرع الله على عباده ( اسأل الله الهدايه لنا و لهم ) ... و لكن من يظن أنه سيكون هو الشخص نفسه طوال العمر.. فالإنسان يتغير من يوم ليوم فكيف بالسنوات.
و السنوات غيرت في الكثير و علمتني الكثير و حرمت خلالها من الكثير و حصلت أيضا على الكثير.. و هكذا الدنيا تأخذ منا دوما و لكنها لا تعطي سوى القليل منا.. تعطي من ادرك أنه راحل منها و تجهز لدار غير دارها ..و أما من تشبث بها فهو محروم منها ..
أدركت نفسي فجأه و أيقنت خلالها أني يجب أن أغير من حالي.. اضطررت أن أترك أخوة و أخوات لي تعرفت عليهم في غفلتي .. من خلال الشبكه العنكبوتيه .. قضيت معهم الكثير من الوقت و لم أكن حينها أعرف معنى الوقت ورغم أنه كان هناك المفيد في حوارنا ولكن كان الضياع و الغفله يطغي عليها.. رحلت عنهم، و تركتهم و نسيت عندها أن أقول لهم تداركوا أنفسكم .. مرت السنين و تبدلت أحوالي و بدأ هما ينبت بداخلي جلعني أتذكر تلك الوجوه التي تعرفت عليها و تركتها في غفلتها..حاولت أن أعود إليهم لأنقذهم مما هم فيه .. و لكن .. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .....و دعائي لهم هو كل ما أملك،،، عسى أن تصل إليهم كلماتي يوما ما فتنتشلهم مما هم فيه..
تساقطت الدموع من عينا هاجر و بدأت تبكي بحرقه... قالت بصوت متحرج:
- إن كان الله قد كتب علينا أن تكون هذا الجلسه هي آخر جلساتنا .. فدعوني أيتها الحبيبات أن أقول لكم شيئا..

ليكن هم الدعوة في عروقكن ...
.
.
و كان كما قالت هاجر .... آخر جلساتنا!!

((انتهت))
العهد
العهد
الأخت نجم السماء // حفظها المولي و رعاها

ها قد أتممت وضع القصه أختي ..

اسأل الله أن يرزقنا الإفاده و الاستفاده

بارك الله فيك أخيه

و في انتظار نقدك