
امي جنتي وناري
•


قتلى وجرحى في انفجارات هزت حلب ودمشق
في مشهد أصبح مألوفا منذ وصول بعثة المراقبين الدولية إلى سوريا، كانت كل من حلب ودمشق أمس
على موعد مع تفجيرات أودت بحياة عدد من القتلى والجرحى، بينما كانت قوات الأمن في مكان آخر
تستهدف المشيعين والمظاهرات التي خرجت في مناطق سورية عدة. وأعلن المرصد السوري لحقوق
الإنسان أن تفجيرين هزا مدينة دمشق، صباح أمس، وقع أحدهما بالقرب من قصر العدل، بينما وقع الآخر
بالقرب من سوق الخجا في شارع الثورة، مما أدى إلى إغلاق قوات الأمن السورية ساحة السبع بحرات
وبعض الشوارع الرئيسية، وفق ما أوردته شبكة «شام» الإخبارية. وبعد ساعات قليلة وقع انفجار آخر
في منطقة السكري بمدينة حلب. وقالت وكالة الأنباء الألمانية إن أحد التفجيرين في دمشق استهدف سيارة
عسكرية ودمر نحو عشر سيارات كانت في محيط السيارة العسكرية.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «قتل خمسة أشخاص على
الأقل في انفجار استهدف منطقة تل الزرازير في أطراف مدينة حلب»، مشيرا إلى أن الحصيلة مرشحة
للارتفاع، مضيفا «تزامن انفجار العبوة مع مرور حافلة لم يعرف ما إذا كانت مدنية أو عسكرية».
وعن تفجير حلب، قال ياسر النجار عضو مجلس قيادة الثورة، لـ«الشرق الأوسط»: «وقع الانفجار في
منطقة تشهد في الأيام القليلة تحركا شعبيا ملحوظا ويخرج فيها العديد من المظاهرات، وها هو النظام نفذ
التفجير بعدما عجز عن إقناع الأهالي بعدم الانضمام إلى الثورة». وأضاف «هناك حاجزان مركزيان في
هذه المنطقة يتولى فيهما العناصر مهمة تفتيش السيارات، وبالتالي كيف يمكن أن يقع التفجير في حي
مضيق عليه أمنيا بهذا الشكل؟!»، مضيفا «كيف يمكن أن تقوم المعارضة بتفجير كهذا في منطقة ينشط
فيها الحراك الثوري؟! وبالتالي هذا دليل على أن النظام يقوم بها لتخويف الأهالي من جهة، ولإيهام
المجتمع العربي والدولي بأنها يد الإرهابيين و(القاعدة)». ولفت النجار إلى أنه تم التأكد من وصول
الحصيلة الأولية لعدد قتلى التفجير إلى 6 ويتراوح عدد الجرحى بين 13 و15، لكننا لم نستطع التأكد من
العدد النهائي للجرحى، نظرا لصعوبة الوصول إلى المستشفيات الحكومية حيث نقل المصابون.
وعن تزايد وتيرة الانفجارات المتنقلة في الفترة الأخيرة، اعتبر قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد،
أن خطة أنان فاشلة، وهذا ما تعكسه تصريحات مسؤولي دول عدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «النظام
يقوم بهذه التفجيرات ويتهمنا ويتهم المعارضة بها»، مضيفا «لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن جيش النظام
جمع شبيحته وشكل منهم كتائب تحت تسميات عدة مدعين أنها تنتمي إلى الجيش الحر، بهدف إلصاق
التهمة بنا». وأشار إلى أن «النظام قام بإرسال عناصر منه إلى الجيش الحر على أنهم منشقون لزجهم
بين صفوفنا في محاولة منهم للقول إن الجيش الحر هو مخترق وغير منضبط، لكننا كشفنا أمرهم
وسنعلن عن أسمائهم في فيديو مصور في الأيام القليلة المقبلة». وعن خطة أنان قال «كيف يمكن القول
بنجاح الخطة في حين أن التفجيرات وعمليات الاعتقال والقتل لا تزال مستمرة ومنتشرة في كل المناطق
السورية؟! وخير دليل على هذا الفشل هو عمل المراقبين الذين تحولوا إلى شهود زور، كما أن وجودهم
في أي منطقة تحول إلى نقمة على الناشطين الذين يتم اعتقالهم فور خروجهم من منطقتهم». وسأل
«كيف يمكن لـ50 مراقبا فقط وحتى 300 بعد ذلك، أن يقوموا بهذه المهمة في كل المناطق السورية، في
حين أنه تم نشر آلاف العناصر في الجنوب اللبناني وحده، من قوات حفظ النظام الدولية (اليونيفيل)؟!».
واعتبر أن هناك تقدما في مواقف بعض الدول في ما يتعلق بتسليح الجيش الحر، و«نعتبر أن فشل هذه
المبادرة سينعكس إيجابيا على مساعدة الدول لنا».
وأكد رياض الأسعد أن الجيش الحر لا يزال ملتزما بقرار وقف إطلاق النار، لكنه قال في الوقت عينه
«صبرنا نفد، ولن نبقى طويلا متقيدين بهذا القرار، ونحن اليوم نتعرض لضغط شعبي كبير للعودة إلى
المواجهة والدفاع عن المواطنين الذين يطالبوننا بالتحرك، وها نحن اليوم في صدد ترتيب الصفوف
وتحضير أنفسنا للعودة إلى العمليات الدفاعية، ولن نتراجع رغم الإمكانات العسكرية الضئيلة التي
نملكها».
في المقابل، أعلن العميد غازي جابر العبود قائد الفوج «147» للإنزال الجوي في الجيش السوري،
انشقاقه عن جيش النظام السوري، بينما أفيد بتعرض بساتين برزة في دمشق منذ ساعات صباح أمس
الأولى لقصف عنيف، كما قصفت المدفعية الثقيلة المثبتة على تل النقيرة حي جوبر المليء بالنازحين،
بينما قامت القوات بحملة دهم واعتقالات في ريف دير الزور الشرقي.
كذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اغتيال مسؤول في حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في
سوريا أمس (السبت) في محافظة إدلب. ولم يقدم بيان المرصد أي تفاصيل عن اسم المسؤول ومنصبه.
وذكر ناشطون أن القوات السورية اقتحمت مناطق قرب الحدود التركية صباح أمس مما أدى إلى إصابة
عشرين شخصا على الأقل. وقال الناشط فراس إدلبي، إن قصفا مكثفا استهدف إحدى المناطق التي تقع
شمال إدلب، وهي أحد معاقل الجيش الحر قبل اقتحام القوات النظامية لها وترويعها للسكان.
وأفادوا بأن منطقة سلقين، على الحدود التركية - السورية في محافظة إدلب، تعرضت لعملية عسكرية
واسعة فجر أمس أدت إلى مقتل تسعة أشخاص. كما أكد اتحاد تنسيقيات الثورة تعرض مدينة أريحا في
إدلب طوال ليل السبت، إلى قصف طال العديد من المنازل مما أدى إلى انهيار جزئي لعدد من المباني.
كذلك، ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، أن حي القصور في حمص تعرض لقصف عنيف، بينما قام
ثوار في حي الميدان بدمشق بقطع طريق المجتهد بالمواد المشتعلة بالقرب من الأمن الجنائي نصرة لحيي
كفرسوسة والتضامن.
وفي اللاذقية، ذكر أنه سجل انتشار أمني كثيف في شيخ ضاهر وخاصة عند بوابة مدرسة جول جمال
(التي تحولت إلى معتقل) مع غياب شبه تام للمجندين وانتشار الشبيحة والأمن بلباس مدني بالعتاد الكامل.
كما سمع دوي أصوات قصف مدفعي في دوما.
وذكر اتحاد التنسيقيات أن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيش السوري الحر وكتائب الأسد على مدخل مدينة
الرستن الشمالي قرب السد، بينما نفذت حملة اعتقالات عشوائية في مدينة جاسم المحتلة في درعا.
وفي منطقة البساتين بحي برزة في دمشق، قال ناشطون إن القوات النظامية اقتحمت المنطقة وهدمت عدة
منازل، وأطلقت الرصاص بشكل عشوائي مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل.
وفي دير الزور شنت قوات الأمن حملة دهم واعتقال في بلدة القورية. أما في ريف حلب فقد اقتحمت
القوات الحكومية منطقة قباسين بأكثر من ثلاثين سيارة محملة بالعناصر وعشر سيارات مثبت عليها
رشاشات ثقيلة. وفي حمص تعرضت الرستن لإطلاق نيران وجرت فيها اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر
وقوات الجيش النظامي، كما تجدد القصف العنيف على قلعة الحصن.
وفي درعا، شهدت بلدة النعيمة انتشارا كثيفا للمدرعات والآليات العسكرية، كما جرى اقتحام البلدة مما
تسبب في سقوط جرحى. كما اقتحمت القوات النظامية بلدة تسيل. وقالت الهيئة العامة للثورة إن الطيران
الحربي حلق فوق مدينة إزرع، كما تجدد القصف العنيف على بلدة المسمية لليوم الثاني على التوالي،
وشن الأمن والشبيحة حملة دهم واعتقالات في النجيح والصنمين بمحافظة درعا.
الشرق الأوسط
في مشهد أصبح مألوفا منذ وصول بعثة المراقبين الدولية إلى سوريا، كانت كل من حلب ودمشق أمس
على موعد مع تفجيرات أودت بحياة عدد من القتلى والجرحى، بينما كانت قوات الأمن في مكان آخر
تستهدف المشيعين والمظاهرات التي خرجت في مناطق سورية عدة. وأعلن المرصد السوري لحقوق
الإنسان أن تفجيرين هزا مدينة دمشق، صباح أمس، وقع أحدهما بالقرب من قصر العدل، بينما وقع الآخر
بالقرب من سوق الخجا في شارع الثورة، مما أدى إلى إغلاق قوات الأمن السورية ساحة السبع بحرات
وبعض الشوارع الرئيسية، وفق ما أوردته شبكة «شام» الإخبارية. وبعد ساعات قليلة وقع انفجار آخر
في منطقة السكري بمدينة حلب. وقالت وكالة الأنباء الألمانية إن أحد التفجيرين في دمشق استهدف سيارة
عسكرية ودمر نحو عشر سيارات كانت في محيط السيارة العسكرية.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «قتل خمسة أشخاص على
الأقل في انفجار استهدف منطقة تل الزرازير في أطراف مدينة حلب»، مشيرا إلى أن الحصيلة مرشحة
للارتفاع، مضيفا «تزامن انفجار العبوة مع مرور حافلة لم يعرف ما إذا كانت مدنية أو عسكرية».
وعن تفجير حلب، قال ياسر النجار عضو مجلس قيادة الثورة، لـ«الشرق الأوسط»: «وقع الانفجار في
منطقة تشهد في الأيام القليلة تحركا شعبيا ملحوظا ويخرج فيها العديد من المظاهرات، وها هو النظام نفذ
التفجير بعدما عجز عن إقناع الأهالي بعدم الانضمام إلى الثورة». وأضاف «هناك حاجزان مركزيان في
هذه المنطقة يتولى فيهما العناصر مهمة تفتيش السيارات، وبالتالي كيف يمكن أن يقع التفجير في حي
مضيق عليه أمنيا بهذا الشكل؟!»، مضيفا «كيف يمكن أن تقوم المعارضة بتفجير كهذا في منطقة ينشط
فيها الحراك الثوري؟! وبالتالي هذا دليل على أن النظام يقوم بها لتخويف الأهالي من جهة، ولإيهام
المجتمع العربي والدولي بأنها يد الإرهابيين و(القاعدة)». ولفت النجار إلى أنه تم التأكد من وصول
الحصيلة الأولية لعدد قتلى التفجير إلى 6 ويتراوح عدد الجرحى بين 13 و15، لكننا لم نستطع التأكد من
العدد النهائي للجرحى، نظرا لصعوبة الوصول إلى المستشفيات الحكومية حيث نقل المصابون.
وعن تزايد وتيرة الانفجارات المتنقلة في الفترة الأخيرة، اعتبر قائد الجيش السوري الحر رياض الأسعد،
أن خطة أنان فاشلة، وهذا ما تعكسه تصريحات مسؤولي دول عدة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «النظام
يقوم بهذه التفجيرات ويتهمنا ويتهم المعارضة بها»، مضيفا «لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن جيش النظام
جمع شبيحته وشكل منهم كتائب تحت تسميات عدة مدعين أنها تنتمي إلى الجيش الحر، بهدف إلصاق
التهمة بنا». وأشار إلى أن «النظام قام بإرسال عناصر منه إلى الجيش الحر على أنهم منشقون لزجهم
بين صفوفنا في محاولة منهم للقول إن الجيش الحر هو مخترق وغير منضبط، لكننا كشفنا أمرهم
وسنعلن عن أسمائهم في فيديو مصور في الأيام القليلة المقبلة». وعن خطة أنان قال «كيف يمكن القول
بنجاح الخطة في حين أن التفجيرات وعمليات الاعتقال والقتل لا تزال مستمرة ومنتشرة في كل المناطق
السورية؟! وخير دليل على هذا الفشل هو عمل المراقبين الذين تحولوا إلى شهود زور، كما أن وجودهم
في أي منطقة تحول إلى نقمة على الناشطين الذين يتم اعتقالهم فور خروجهم من منطقتهم». وسأل
«كيف يمكن لـ50 مراقبا فقط وحتى 300 بعد ذلك، أن يقوموا بهذه المهمة في كل المناطق السورية، في
حين أنه تم نشر آلاف العناصر في الجنوب اللبناني وحده، من قوات حفظ النظام الدولية (اليونيفيل)؟!».
واعتبر أن هناك تقدما في مواقف بعض الدول في ما يتعلق بتسليح الجيش الحر، و«نعتبر أن فشل هذه
المبادرة سينعكس إيجابيا على مساعدة الدول لنا».
وأكد رياض الأسعد أن الجيش الحر لا يزال ملتزما بقرار وقف إطلاق النار، لكنه قال في الوقت عينه
«صبرنا نفد، ولن نبقى طويلا متقيدين بهذا القرار، ونحن اليوم نتعرض لضغط شعبي كبير للعودة إلى
المواجهة والدفاع عن المواطنين الذين يطالبوننا بالتحرك، وها نحن اليوم في صدد ترتيب الصفوف
وتحضير أنفسنا للعودة إلى العمليات الدفاعية، ولن نتراجع رغم الإمكانات العسكرية الضئيلة التي
نملكها».
في المقابل، أعلن العميد غازي جابر العبود قائد الفوج «147» للإنزال الجوي في الجيش السوري،
انشقاقه عن جيش النظام السوري، بينما أفيد بتعرض بساتين برزة في دمشق منذ ساعات صباح أمس
الأولى لقصف عنيف، كما قصفت المدفعية الثقيلة المثبتة على تل النقيرة حي جوبر المليء بالنازحين،
بينما قامت القوات بحملة دهم واعتقالات في ريف دير الزور الشرقي.
كذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان اغتيال مسؤول في حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في
سوريا أمس (السبت) في محافظة إدلب. ولم يقدم بيان المرصد أي تفاصيل عن اسم المسؤول ومنصبه.
وذكر ناشطون أن القوات السورية اقتحمت مناطق قرب الحدود التركية صباح أمس مما أدى إلى إصابة
عشرين شخصا على الأقل. وقال الناشط فراس إدلبي، إن قصفا مكثفا استهدف إحدى المناطق التي تقع
شمال إدلب، وهي أحد معاقل الجيش الحر قبل اقتحام القوات النظامية لها وترويعها للسكان.
وأفادوا بأن منطقة سلقين، على الحدود التركية - السورية في محافظة إدلب، تعرضت لعملية عسكرية
واسعة فجر أمس أدت إلى مقتل تسعة أشخاص. كما أكد اتحاد تنسيقيات الثورة تعرض مدينة أريحا في
إدلب طوال ليل السبت، إلى قصف طال العديد من المنازل مما أدى إلى انهيار جزئي لعدد من المباني.
كذلك، ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية، أن حي القصور في حمص تعرض لقصف عنيف، بينما قام
ثوار في حي الميدان بدمشق بقطع طريق المجتهد بالمواد المشتعلة بالقرب من الأمن الجنائي نصرة لحيي
كفرسوسة والتضامن.
وفي اللاذقية، ذكر أنه سجل انتشار أمني كثيف في شيخ ضاهر وخاصة عند بوابة مدرسة جول جمال
(التي تحولت إلى معتقل) مع غياب شبه تام للمجندين وانتشار الشبيحة والأمن بلباس مدني بالعتاد الكامل.
كما سمع دوي أصوات قصف مدفعي في دوما.
وذكر اتحاد التنسيقيات أن اشتباكات عنيفة وقعت بين الجيش السوري الحر وكتائب الأسد على مدخل مدينة
الرستن الشمالي قرب السد، بينما نفذت حملة اعتقالات عشوائية في مدينة جاسم المحتلة في درعا.
وفي منطقة البساتين بحي برزة في دمشق، قال ناشطون إن القوات النظامية اقتحمت المنطقة وهدمت عدة
منازل، وأطلقت الرصاص بشكل عشوائي مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل.
وفي دير الزور شنت قوات الأمن حملة دهم واعتقال في بلدة القورية. أما في ريف حلب فقد اقتحمت
القوات الحكومية منطقة قباسين بأكثر من ثلاثين سيارة محملة بالعناصر وعشر سيارات مثبت عليها
رشاشات ثقيلة. وفي حمص تعرضت الرستن لإطلاق نيران وجرت فيها اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر
وقوات الجيش النظامي، كما تجدد القصف العنيف على قلعة الحصن.
وفي درعا، شهدت بلدة النعيمة انتشارا كثيفا للمدرعات والآليات العسكرية، كما جرى اقتحام البلدة مما
تسبب في سقوط جرحى. كما اقتحمت القوات النظامية بلدة تسيل. وقالت الهيئة العامة للثورة إن الطيران
الحربي حلق فوق مدينة إزرع، كما تجدد القصف العنيف على بلدة المسمية لليوم الثاني على التوالي،
وشن الأمن والشبيحة حملة دهم واعتقالات في النجيح والصنمين بمحافظة درعا.
الشرق الأوسط

لم يطيعوه في سوريه .. لأنه ماعــاد يستخفهم
كيف يُمكن لنظامٍ سياسي أن يُرسّخ في واقعٍ بشري يحكمهُ الفناء والموت شعاراً يقول (قائدُنا إلى الأبد..)؟!
د. وائل مرزا
الأحد 06/05/2012
{فاستخفّ قومه فأطاعوه}.
تُفسّرُ الآية المذكورة بشكلٍ عبقري طبيعة العلاقة بين شعبٍ يتعرّض للإذلال والإهانة والاحتقار، ونظامٍ سياسيٍ يقوم بتلك الممارسات ويُسلّطها عليه.
على مدى أكثر من أربعة عقود، استخفّ النظام السوري بشعبه إلى درجةٍ لاتكاد تُصدّق. لن يُدرك المرء معنى الكلام مالم يكن سورياً. فمن الشعارات إلى الممارسات، ومن القوانين إلى السياسات، كان واضحاً أننا بإزاء نظام حكمٍ يرى من يُفترض أن يكونوا (مواطنين) على أنهم أقلّ من الحشرات.
كيف يُمكن لنظامٍ سياسي أن يُرسّخ في واقعٍ بشري يحكمهُ الفناء والموت شعاراً يقول (قائدُنا إلى الأبد..)؟! لم يقف الأمر عند ادّعاء الخلود بالقول وبشكلٍ مباشر، وإنما تجاوز ذلك إلى ادّعاء درجةٍ من الألوهية، بلسان الحال وبشكلٍ غير مباشر. فكل فعلٍ قام به النظام على مرّ الأيام كان يوحي بوجود قناعةٍ عميقةٍ في قرارة نفسه بأنه يهب الموت والحياة، ويعطي الرزق ويمنعه، ويتحكم بمصائر العباد والبلاد في كل مجال.
في أيّ بلدٍ من هذا العالم يمكن لعريفٍ جاهلٍ في الجيش أن يُخيف رئيسه، نقيباً كان أو عقيداً أو لواءً، ويأمره بما يجب أن يفعل ليل نهار، ويجعل (خدمة الوطن) همّاً بدون نهاية؟
من الذي قال بأن رجل الأعمال في بلدٍ كان مضرب المثل في الطبيعة التجارية لشعبه لايستطيع أن يُطور عملاً دون شراكةٍ مع مفسدٍ كبير؟
متى كان الوزير في أي نظامٍ سياسي يرتجف رعباً من حاجبٍ لديه، أو من سكرتيره في أحسن الأحوال؟ بل متى كان هذا الوزير أو رئيس الوزراء مُجرّد (ممسحةٍ) يمسح بها الحاكم حذاءه؟ فلا يكونَ له أمرٌ أو نهيٌ دون إشارةٍ من ضابط أمنٍ تخجل القذارة من اقترانه بها؟
كيف كان يحق لأصغر مُخبرٍ شأناً وإنسانيةً أن يتبختر بين عامة الناس كأنه إلهٌ قادر؟
بأي حقٍ يُنعت بلدٌ راسخٌ في الحضارة والتاريخ بأنه (سورية الأسد)؟
لم يكن لكل هذا أن يحدث لولا أن ذلك النظام (استخفّ) قومه.
والاستخفاف هنا يعني فقدان الإنسان لشعوره بقيمته كإنسان، حتى قبل أي حديث عن شعوره بحقوقه الطبيعية والشرعية والقانونية. والاستخفاف يعني فقدان المرء لأي درجةٍ من درجات الإرادة في مقاومة الظلم لاستعادة تلك القيمة واسترداد هذه الحقوق.
لكن هذا كُله كان قبل انطلاق ثورة الحرية والكرامة.
سأستعير من الصديق إياد شربجي إحصائية قام بها منذ أسبوعين لنعرف معنى أن يرفض الشعبُ الاستخفاف.
واستخدم حرفياً مااستخلصه من تلك الإحصائية.
يقول إياد:((عليكم الآن أن تقرؤوا هذه الأرقام لتتعرفوا على حقيقة شعبكم العظيم:
مليون ومئتي ألف مهجّر داخل البلاد من المناطق الأكثر نشاطاً في الثورة، 220 ألف مهجّر وهارب خارج البلاد، 28 ألف معتقل، 8 آلاف مختفي قسري، 13 ألف شهيد، 42 ألف مطلوب للجهات الأمنية تجري ملاحقتهم، 1100 منزل مدمر تدميراً كاملاً، 19 ألف منزل مدمر تدميراً جزئياً، 240 ألف عنصر عسكري وأمني ومدني يشاركون بقمع الثورة، 1800 حاجز أمني وعسكري مسلّح يقطّع أوصال المناطق الثائرة، 1200 عربة عسكرية ثقيلة تساهم في قمع الثورة (دبابات- مضادات للطيران- حاملات رشاشات ثقيلة- عربات مضادة للدروع- مدفعية..)، 218 واقعة مسجلة لاستخدام الطائرات الحربية والهيلوكوبتر في الرماية والقصف، انهيار اقتصادي أثّر بشكل مباشر على حياة الناس ومعيشتهم وضيق الخناق عليهم، حصار شامل وقطع مستمر لوسائل الحياة الأساسية (الكهرباء- الماء- الاتصالات- المحروقات..)، تواطؤ وتخاذل وعجز دولي لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلاً.
رغم كل هذه الأرقام والحقائق المفزعة الكفيلة بالتأكيد بوأد أعظم الثورات الشعبية في العالم مهما بلغت قوتها وعظمتها.
رغم كل ذلك سجل يوم الجمعة 20 نيسان (جمعة سننتصر ويهزم الأسد) الرقم الأعلى بعدد التظاهرات في سورية منذ انطلاق الثورة السورية وبواقع 822 مظاهرة.
أعزائي.. هذه الثورة خارج كل التوقعات والحسابات..هذه الثورة حدث جلل سيترك بصمة لن تنسى في تاريخ البشرية..هذه الثورة سيكتب فيها مجلدات، وسيصّور عنها آلاف الأفلام وستكون موضوعاً لشهادات الدكتوراه حول العالم.هذه الثورة..هي بصمة السوريين وحدهم..أيها العالم.. أنتم الآن في حضرة الشعب السوري العظيم.. طأطئوا رؤوسكم أمام هذا المارد القادم)).
صدقت يا إياد، وذهبت إلى غير عودة أيام الاستخفاف.
كيف يُمكن لنظامٍ سياسي أن يُرسّخ في واقعٍ بشري يحكمهُ الفناء والموت شعاراً يقول (قائدُنا إلى الأبد..)؟!
د. وائل مرزا
الأحد 06/05/2012
{فاستخفّ قومه فأطاعوه}.
تُفسّرُ الآية المذكورة بشكلٍ عبقري طبيعة العلاقة بين شعبٍ يتعرّض للإذلال والإهانة والاحتقار، ونظامٍ سياسيٍ يقوم بتلك الممارسات ويُسلّطها عليه.
على مدى أكثر من أربعة عقود، استخفّ النظام السوري بشعبه إلى درجةٍ لاتكاد تُصدّق. لن يُدرك المرء معنى الكلام مالم يكن سورياً. فمن الشعارات إلى الممارسات، ومن القوانين إلى السياسات، كان واضحاً أننا بإزاء نظام حكمٍ يرى من يُفترض أن يكونوا (مواطنين) على أنهم أقلّ من الحشرات.
كيف يُمكن لنظامٍ سياسي أن يُرسّخ في واقعٍ بشري يحكمهُ الفناء والموت شعاراً يقول (قائدُنا إلى الأبد..)؟! لم يقف الأمر عند ادّعاء الخلود بالقول وبشكلٍ مباشر، وإنما تجاوز ذلك إلى ادّعاء درجةٍ من الألوهية، بلسان الحال وبشكلٍ غير مباشر. فكل فعلٍ قام به النظام على مرّ الأيام كان يوحي بوجود قناعةٍ عميقةٍ في قرارة نفسه بأنه يهب الموت والحياة، ويعطي الرزق ويمنعه، ويتحكم بمصائر العباد والبلاد في كل مجال.
في أيّ بلدٍ من هذا العالم يمكن لعريفٍ جاهلٍ في الجيش أن يُخيف رئيسه، نقيباً كان أو عقيداً أو لواءً، ويأمره بما يجب أن يفعل ليل نهار، ويجعل (خدمة الوطن) همّاً بدون نهاية؟
من الذي قال بأن رجل الأعمال في بلدٍ كان مضرب المثل في الطبيعة التجارية لشعبه لايستطيع أن يُطور عملاً دون شراكةٍ مع مفسدٍ كبير؟
متى كان الوزير في أي نظامٍ سياسي يرتجف رعباً من حاجبٍ لديه، أو من سكرتيره في أحسن الأحوال؟ بل متى كان هذا الوزير أو رئيس الوزراء مُجرّد (ممسحةٍ) يمسح بها الحاكم حذاءه؟ فلا يكونَ له أمرٌ أو نهيٌ دون إشارةٍ من ضابط أمنٍ تخجل القذارة من اقترانه بها؟
كيف كان يحق لأصغر مُخبرٍ شأناً وإنسانيةً أن يتبختر بين عامة الناس كأنه إلهٌ قادر؟
بأي حقٍ يُنعت بلدٌ راسخٌ في الحضارة والتاريخ بأنه (سورية الأسد)؟
لم يكن لكل هذا أن يحدث لولا أن ذلك النظام (استخفّ) قومه.
والاستخفاف هنا يعني فقدان الإنسان لشعوره بقيمته كإنسان، حتى قبل أي حديث عن شعوره بحقوقه الطبيعية والشرعية والقانونية. والاستخفاف يعني فقدان المرء لأي درجةٍ من درجات الإرادة في مقاومة الظلم لاستعادة تلك القيمة واسترداد هذه الحقوق.
لكن هذا كُله كان قبل انطلاق ثورة الحرية والكرامة.
سأستعير من الصديق إياد شربجي إحصائية قام بها منذ أسبوعين لنعرف معنى أن يرفض الشعبُ الاستخفاف.
واستخدم حرفياً مااستخلصه من تلك الإحصائية.
يقول إياد:((عليكم الآن أن تقرؤوا هذه الأرقام لتتعرفوا على حقيقة شعبكم العظيم:
مليون ومئتي ألف مهجّر داخل البلاد من المناطق الأكثر نشاطاً في الثورة، 220 ألف مهجّر وهارب خارج البلاد، 28 ألف معتقل، 8 آلاف مختفي قسري، 13 ألف شهيد، 42 ألف مطلوب للجهات الأمنية تجري ملاحقتهم، 1100 منزل مدمر تدميراً كاملاً، 19 ألف منزل مدمر تدميراً جزئياً، 240 ألف عنصر عسكري وأمني ومدني يشاركون بقمع الثورة، 1800 حاجز أمني وعسكري مسلّح يقطّع أوصال المناطق الثائرة، 1200 عربة عسكرية ثقيلة تساهم في قمع الثورة (دبابات- مضادات للطيران- حاملات رشاشات ثقيلة- عربات مضادة للدروع- مدفعية..)، 218 واقعة مسجلة لاستخدام الطائرات الحربية والهيلوكوبتر في الرماية والقصف، انهيار اقتصادي أثّر بشكل مباشر على حياة الناس ومعيشتهم وضيق الخناق عليهم، حصار شامل وقطع مستمر لوسائل الحياة الأساسية (الكهرباء- الماء- الاتصالات- المحروقات..)، تواطؤ وتخاذل وعجز دولي لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلاً.
رغم كل هذه الأرقام والحقائق المفزعة الكفيلة بالتأكيد بوأد أعظم الثورات الشعبية في العالم مهما بلغت قوتها وعظمتها.
رغم كل ذلك سجل يوم الجمعة 20 نيسان (جمعة سننتصر ويهزم الأسد) الرقم الأعلى بعدد التظاهرات في سورية منذ انطلاق الثورة السورية وبواقع 822 مظاهرة.
أعزائي.. هذه الثورة خارج كل التوقعات والحسابات..هذه الثورة حدث جلل سيترك بصمة لن تنسى في تاريخ البشرية..هذه الثورة سيكتب فيها مجلدات، وسيصّور عنها آلاف الأفلام وستكون موضوعاً لشهادات الدكتوراه حول العالم.هذه الثورة..هي بصمة السوريين وحدهم..أيها العالم.. أنتم الآن في حضرة الشعب السوري العظيم.. طأطئوا رؤوسكم أمام هذا المارد القادم)).
صدقت يا إياد، وذهبت إلى غير عودة أيام الاستخفاف.

السوريون: لم يعد لنا ما نخسره.. نريد الحرية
بعد تحول غالبية سكان المناطق المتوترة إلى عاطلين عن العمل، والشلل الذي أصاب أطراف البلاد، لا
تزال شعلة (الثورة) متقدة بالمظاهرات المطالبة بالحرية، كما أنها
إلى تزايد.. وهنا تكمن المعجزة السورية إذ يقول أبو جميل الحمصي: «لم يعد لنا
ما نخسره.. نريد الحرية».
حياة أبو جميل تكاد تكون نموذجا لحياة السوريين الذين هُجّروا من منازلهم في المناطق المنكوبة من
حمص وحماه وإدلب والغوطة الشرقية إلى المناطق الهادئة نسبيا ليعيشوا على المساعدات في بيوت
فتحت لإغاثتهم، يسكنون كل أربع أو خمس عائلات في شقة. لم يعرف أبو جميل الراحة في البيت الذي حل
فيه وأسرته مع عائلتين أخريين، فأخذ يمضي أغلب وقته في الحديقة القريبة، بانتظار مظاهرة طيارة.. أو
عمل، أو تغير الأحوال ليعود إلى حمص.
نزوح آلاف السوريين داخل البلاد باتجاه المحافظات الأخرى، لا سيما العاصمة دمشق ومدينة حلب
والقلمون وسط البلاد والوادي القريبة من الساحل، مقابل تعطل الحياة في مناطق واسعة مثل محافظتي
حمص وإدلب وريف حماه، خلخل التوازن المعيشي لعموم سكان البلاد، مما رتب مشاكل وتحديات جديدة
فاقمت الأزمات المزمنة في المناطق المكتظة بالسكان، والتي لها علاقة بضعف توافر خدمات الكهرباء
والماء والصحة والتعليم.
وبحسب الأمم المتحدة التي وضعت خطة لبحث تغطية الاحتياجات الإنسانية في سوريا بعد قيام بعثة منها
بزيارة عشر محافظات سورية والتوصل إلى تقييم مشترك أجري بالتعاون مع مسؤولين سوريين في
الفترة بين 18 و26 مارس (آذار) الماضي - هناك نحو مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حيث
إن أكثر السكان في الأماكن التي زارتها البعثة يعانون نقصا في الأدوية الأساسية، وارتفاعا حادا في
أسعار المواد الغذائية، مع تضرر البنية التحتية بشدة، وندرة إمدادات المياه والكهرباء، مما جعل عائلات
كثيرة غير قادرة على الحصول على احتياجاتها الأساسية اليومية، كما أن الوظائف وسبل العيش تعطلت،
وارتفعت تكلفة السلع، وكثيرون لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الضرورية، أو الحصول على الخدمات
الاجتماعية اللازمة، بسبب انعدام الأمن والضغوط المالية. وفي بعض المناطق، تلفت شبكات الصرف
الصحي، وتلوثت مياه الشرب، وتوقف جمع القمامة، مما يمهد لتفشي أوبئة تنتقل عن طريق الماء مثل
الكوليرا. ووفقا لخطة الأمم المتحدة، يستهدف البرنامج العالمي للأغذية تقديم الطعام لنحو 850 ألف
شخص، وتمثل عملياته 85 مليون دولار من الميزانية. وما يأمل حسب المخطط تقديم الرعاية النفسية
والاجتماعية والتعليمية للأطفال، ففي كل المناطق التي زارتها بعثة الأمم المتحدة ظهرت أعراض الإجهاد
والصدمة على الأطفال، مثل تساقط الشعر ومشكلات النوم والتبول اللاإرادي.
خطة الأمم المتحدة لا تزال حبرا على ورق، لحاجتها إلى موافقة الحكومة السورية. وفي الأسبوع
الماضي، بحث فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري، مع منسقين من الأمم المتحدة لشؤون
المساعدات الإنسانية تحضيرات لتوقيع اتفاق حول آليات تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات السكان
المتضررين، بعد تأسيس لجنة لقيادة هذه العملية «برئاسة الجانب السوري
». المفارقة أن المقداد أكد حرص الجانب السوري على إيصال المساعدات الإنسانية إلى
«مستحقيها من الذين تضرروا جراء الأعمال الإرهابية»، بينما
تحدث المسؤولون الأمميون عن الحرص «على إيصال المساعدات الإنسانية لمن
يحتاجها». وبين من يحتاجها من وجهة نظر الأمم المتحدة ومن يستحقها من وجهة نظر
الحكومة السورية، تتأخر المساعدات، ليعتمد السوريون على أنفسهم كل بحسب استطاعته.
جمال. ح من سكان دمشق يشير بكلامه عن مزايا (الثورة) بأنها
«قربت الناس من بعضهم بعضا، فمع ارتفاع حدة عنف ووحشية النظام وارتفاع
معدلات القتل والتدمير اليومي، لم تعد هناك قيمة لجني المال والثروات، وبات كل شخص يفكر في أن ما
يجري اليوم لابن حمص أو إدلب أو حماه قد يصيبه غدا، مفسرا هذا بأن (الإنسان على عتبة الموت يكون
بين يدي الحق فيتوب إلى ربه ويعود لإنسانيته لاقتناعه بأن كل شيء فان ما عدا الله.. الآن سوريا كلها
بين يدي الحق)». هذه النظرة التدينية المثالية لا يمكن تعميمها بالمطلق على حال جميع
السوريين، بل ما زال هناك تجار أزمات يستغلون الظروف لزيادة ثرواتهم، سواء كانوا من تجار المواد
الأساسية، أو من أصحاب البيوت الذين رفعوا أسعار الإيجارات بشكل خيالي، ولكنهم فئة ليست كبيرة بل
تكاد تكون معلومة وعرضة للمقاطعة من قبل مجتمع متضامن، يتحسس آلام أفراده، وجمعته المصائب،
راح يلملم أشتاته ويشكل مجموعات إغاثة إنسانية، القسم الأعظم منها يعمل بغفلة عن النظام الذي يعتبر
تقديم أي نوع من المساعدات دعما «للإرهابيين». يظهر هذا في
حملات الاعتقالات التي تستهدف حتى المتعاطفين مع النازحين، أو مع (الثوار
) مع أنه أمر محال ضبطه في مجتمع تحول في غالبيته إلى حاضن لـ
(الثورة) حتى في المناطق الهادئة وذات الأغلبية الصامتة أو
الموالية للنظام، إذ لا يمكن لتلك المناطق الانسلاخ عن محيطها ولا يمكنها العيش خارج أزمة تعيشها
البلاد عموما، فمناطق الوادي في ريف حمص القريب من الساحل استوعبت عددا كبيرا من العوائل
الحمصية المسيحية التي نزحت من حي الحميدية ومن مدينة القصير، وفي المقابل استوعبت مناطق
القلمون أعدادا مضاعفة من العوائل المسلمة النازحة من حمص والقصير، إضافة لدمشق التي استأثرت
بالعدد الأكبر، حيث يقدر عدد النازحين من محافظة حمص وحدها بنحو مائة وخمسين ألف نسمة. وتتندر
إحدى صفحات الثورة السورية الحمصية الساخرة بالقول إن «النظام أخطأ مرتين
مرة بتهجير الحماصنة، ومرة ثانية بإغلاق جامعة حلب.. فهو بذلك نشر الثوار في كل البلاد
».
هذا الانتشار رتب أعباء كبيرة على الحكومة وأيضا على المواطنين جميعا، ففي مناطق الوادي والقلمون
تمكن قلة من النازحين من إلحاق أولادهم بالمدارس، ولكن في دمشق لم يكن ذلك متاحا لازدحام
المدارس بالأساس، ولم يتمكن أكثر الطلاب من متابعة دراستهم، وواقع طلاب الجامعات ليس أفضل، مع
أن الحكومة سمحت لطلاب جامعة حمص بالالتحاق بجامعتي دمشق وحلب، إذ إن اضطراب الأوضاع
الأمنية حال دون ذلك، فانقطع كثير من طلاب الجامعات عن الدراسة تارة تضامنا مع زملائهم المعتقلين
وتارة بسبب هجوم الأمن والشبيحة على الطلبة في الجامعة، مما دفع الطلبة إلى الخوف على حياتهم،
ندى طالبة طب «كلما خرجت من البيت أتلو الشهادة فقد أصادف الموت في طريقي
».
وضع التعليم في البلاد ينسحب على باقي المجالات الأخرى كالصحة، فالمستشفيات العامة تعج بالمرضى،
وهناك عيادات لا سيما في ريف دمشق المتمرد فتحت أبوابها لاستقبال المرضى بأسعار رمزية أو مجانية،
لكنها غير قادرة على تغطية العجز في القطاع الصحي للتداوي والعلاج. خالد طبيب أسنان في بلدة قدسيا
بريف دمشق يقول إنه فتح عيادته لمعالجة المرضى من النازحين مجانا، لكنه غير قادر على الاستمرار
في ذلك طويلا، إنه «بحاجة لتمويل يغطي ثمن المواد المستخدمة في العلاج على
الأقل». أمثال الطبيب خالد كثر في تقديم المساعدات، وبحسب تعبير سيدة أعمال حمصية
أنفقت كل مالها على المساعدات في حمص، وصارت هي تعيش على المساعدات:
«الشعب السوري حمل بعضه بعضا، ولكن تحت استمرار الضرب والقمع بات
بحاجة لمن يحمله». هذا التوصيف يلخص واقعا يوميا ينوء بأحمال ثقيلة، حيث ارتفعت
أسعار المواد الغذائية عدة أضعاف، كنتيجة طبيعية لتضافر عدة عوامل معا، أهمها الوضع الأمني
المضطرب، وانقطاع الطرق، مما جعل حركة النقل بين المحافظات محفوفة بالمخاطر، بالإضافة لتضرر
مناطق زراعية واسعة وتلف المحاصيل والمنتجات الزراعية والحيوانية في المناطق المتوترة، في
مقدمتها أرياف حمص وإدلب وحماه والغوطة الشرقية ووادي بردى، منها بسبب تدميرها بالقصف العنيف
ومنها لاستحالة جنيها، أو لاستحالة نقلها إلى أسواق المدن الكبيرة. يقول مزارع في منطقة الحولة بريف
حمص إنه اضطر لرمي منتوجات مواشيه من الحليب في نهر العاصي: «لم
أستطع تخزينه في برادات بسبب انقطاع الكهرباء، ولم يشتره مني أحد، ولا توجد أسواق في حمص. ماذا
سأفعل بالحليب؟» بينما يقول رامي صاحب سوبر ماركت وسط دمشق
«إن أصنافا فاخرة من الأجبان والألبان الحموية لم تعد تصل إلى دمشق لأن
المعمل في حماه يعتمد على حليب يأتي من جسر الشغور في إدلب، والطرقات هناك خطرة جدا
». لذا، فإن رامي رفع سعر هذا النوع من الأجبان لصعوبة توافره.
إضافة إلى الوضع الأمني المضطرب، تسهم العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، في تعقيد حياة
السوريين وتزيدها صعوبة، فاضطراب سعر صرف الليرة السورية وانخفاضها مقابل الدولار يرفع الأسعار
على نحو جنوني، لكن عندما تتدخل الدولة وتحاول موازنة سعر الليرة بإجراءات تبدو غير واضحة ولا
مدروسة، لا تتراجع أسعار السلع إلى ما كانت عليه، لذا يقول أبو جميل الحمصي:
«عندما غادرنا حمص كان لنا عدة أشهر خارج حركة السوق، لا بيع ولا شراء،
كل شخص يتقاسم مع جاره رغيف الخبز.. ولدى وصولنا إلى دمشق كنا مثل أهل الكهف».
ومع ذلك، يؤكد أبو جميل أنه بمجرد سقوط النظام وتوقف القتل في البلاد، فإن سوريا قادرة على النهوض
بنفسها، قائلا «سوريا أم الخير، ولكن للأسف الانفلات الأمني والقصف والتدمير
يذهب بالخير والأرواح والأرزاق أدارج الرياح». ويوافق على هذا الكلام رياض المزارع
في القصير بريف حمص: «فور توقف القصف العنيف عن المدينة والبساتين،
توجه الفلاحون إلى مزارعهم وجنوا محصولهم من الفول والخس والبطاطا وإلخ.. من خضار وفواكه
وباعوها أمام منازلهم بأسعار بخسة، ومنها ما وزع مجانا.. إذا عاد القصف سنعود لانتظار مساعدات
تأتي من أبنائنا في العاصمة وخارج البلاد».
لندن: «الشرق الأوسط»
بعد تحول غالبية سكان المناطق المتوترة إلى عاطلين عن العمل، والشلل الذي أصاب أطراف البلاد، لا
تزال شعلة (الثورة) متقدة بالمظاهرات المطالبة بالحرية، كما أنها
إلى تزايد.. وهنا تكمن المعجزة السورية إذ يقول أبو جميل الحمصي: «لم يعد لنا
ما نخسره.. نريد الحرية».
حياة أبو جميل تكاد تكون نموذجا لحياة السوريين الذين هُجّروا من منازلهم في المناطق المنكوبة من
حمص وحماه وإدلب والغوطة الشرقية إلى المناطق الهادئة نسبيا ليعيشوا على المساعدات في بيوت
فتحت لإغاثتهم، يسكنون كل أربع أو خمس عائلات في شقة. لم يعرف أبو جميل الراحة في البيت الذي حل
فيه وأسرته مع عائلتين أخريين، فأخذ يمضي أغلب وقته في الحديقة القريبة، بانتظار مظاهرة طيارة.. أو
عمل، أو تغير الأحوال ليعود إلى حمص.
نزوح آلاف السوريين داخل البلاد باتجاه المحافظات الأخرى، لا سيما العاصمة دمشق ومدينة حلب
والقلمون وسط البلاد والوادي القريبة من الساحل، مقابل تعطل الحياة في مناطق واسعة مثل محافظتي
حمص وإدلب وريف حماه، خلخل التوازن المعيشي لعموم سكان البلاد، مما رتب مشاكل وتحديات جديدة
فاقمت الأزمات المزمنة في المناطق المكتظة بالسكان، والتي لها علاقة بضعف توافر خدمات الكهرباء
والماء والصحة والتعليم.
وبحسب الأمم المتحدة التي وضعت خطة لبحث تغطية الاحتياجات الإنسانية في سوريا بعد قيام بعثة منها
بزيارة عشر محافظات سورية والتوصل إلى تقييم مشترك أجري بالتعاون مع مسؤولين سوريين في
الفترة بين 18 و26 مارس (آذار) الماضي - هناك نحو مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حيث
إن أكثر السكان في الأماكن التي زارتها البعثة يعانون نقصا في الأدوية الأساسية، وارتفاعا حادا في
أسعار المواد الغذائية، مع تضرر البنية التحتية بشدة، وندرة إمدادات المياه والكهرباء، مما جعل عائلات
كثيرة غير قادرة على الحصول على احتياجاتها الأساسية اليومية، كما أن الوظائف وسبل العيش تعطلت،
وارتفعت تكلفة السلع، وكثيرون لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الضرورية، أو الحصول على الخدمات
الاجتماعية اللازمة، بسبب انعدام الأمن والضغوط المالية. وفي بعض المناطق، تلفت شبكات الصرف
الصحي، وتلوثت مياه الشرب، وتوقف جمع القمامة، مما يمهد لتفشي أوبئة تنتقل عن طريق الماء مثل
الكوليرا. ووفقا لخطة الأمم المتحدة، يستهدف البرنامج العالمي للأغذية تقديم الطعام لنحو 850 ألف
شخص، وتمثل عملياته 85 مليون دولار من الميزانية. وما يأمل حسب المخطط تقديم الرعاية النفسية
والاجتماعية والتعليمية للأطفال، ففي كل المناطق التي زارتها بعثة الأمم المتحدة ظهرت أعراض الإجهاد
والصدمة على الأطفال، مثل تساقط الشعر ومشكلات النوم والتبول اللاإرادي.
خطة الأمم المتحدة لا تزال حبرا على ورق، لحاجتها إلى موافقة الحكومة السورية. وفي الأسبوع
الماضي، بحث فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري، مع منسقين من الأمم المتحدة لشؤون
المساعدات الإنسانية تحضيرات لتوقيع اتفاق حول آليات تنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات السكان
المتضررين، بعد تأسيس لجنة لقيادة هذه العملية «برئاسة الجانب السوري
». المفارقة أن المقداد أكد حرص الجانب السوري على إيصال المساعدات الإنسانية إلى
«مستحقيها من الذين تضرروا جراء الأعمال الإرهابية»، بينما
تحدث المسؤولون الأمميون عن الحرص «على إيصال المساعدات الإنسانية لمن
يحتاجها». وبين من يحتاجها من وجهة نظر الأمم المتحدة ومن يستحقها من وجهة نظر
الحكومة السورية، تتأخر المساعدات، ليعتمد السوريون على أنفسهم كل بحسب استطاعته.
جمال. ح من سكان دمشق يشير بكلامه عن مزايا (الثورة) بأنها
«قربت الناس من بعضهم بعضا، فمع ارتفاع حدة عنف ووحشية النظام وارتفاع
معدلات القتل والتدمير اليومي، لم تعد هناك قيمة لجني المال والثروات، وبات كل شخص يفكر في أن ما
يجري اليوم لابن حمص أو إدلب أو حماه قد يصيبه غدا، مفسرا هذا بأن (الإنسان على عتبة الموت يكون
بين يدي الحق فيتوب إلى ربه ويعود لإنسانيته لاقتناعه بأن كل شيء فان ما عدا الله.. الآن سوريا كلها
بين يدي الحق)». هذه النظرة التدينية المثالية لا يمكن تعميمها بالمطلق على حال جميع
السوريين، بل ما زال هناك تجار أزمات يستغلون الظروف لزيادة ثرواتهم، سواء كانوا من تجار المواد
الأساسية، أو من أصحاب البيوت الذين رفعوا أسعار الإيجارات بشكل خيالي، ولكنهم فئة ليست كبيرة بل
تكاد تكون معلومة وعرضة للمقاطعة من قبل مجتمع متضامن، يتحسس آلام أفراده، وجمعته المصائب،
راح يلملم أشتاته ويشكل مجموعات إغاثة إنسانية، القسم الأعظم منها يعمل بغفلة عن النظام الذي يعتبر
تقديم أي نوع من المساعدات دعما «للإرهابيين». يظهر هذا في
حملات الاعتقالات التي تستهدف حتى المتعاطفين مع النازحين، أو مع (الثوار
) مع أنه أمر محال ضبطه في مجتمع تحول في غالبيته إلى حاضن لـ
(الثورة) حتى في المناطق الهادئة وذات الأغلبية الصامتة أو
الموالية للنظام، إذ لا يمكن لتلك المناطق الانسلاخ عن محيطها ولا يمكنها العيش خارج أزمة تعيشها
البلاد عموما، فمناطق الوادي في ريف حمص القريب من الساحل استوعبت عددا كبيرا من العوائل
الحمصية المسيحية التي نزحت من حي الحميدية ومن مدينة القصير، وفي المقابل استوعبت مناطق
القلمون أعدادا مضاعفة من العوائل المسلمة النازحة من حمص والقصير، إضافة لدمشق التي استأثرت
بالعدد الأكبر، حيث يقدر عدد النازحين من محافظة حمص وحدها بنحو مائة وخمسين ألف نسمة. وتتندر
إحدى صفحات الثورة السورية الحمصية الساخرة بالقول إن «النظام أخطأ مرتين
مرة بتهجير الحماصنة، ومرة ثانية بإغلاق جامعة حلب.. فهو بذلك نشر الثوار في كل البلاد
».
هذا الانتشار رتب أعباء كبيرة على الحكومة وأيضا على المواطنين جميعا، ففي مناطق الوادي والقلمون
تمكن قلة من النازحين من إلحاق أولادهم بالمدارس، ولكن في دمشق لم يكن ذلك متاحا لازدحام
المدارس بالأساس، ولم يتمكن أكثر الطلاب من متابعة دراستهم، وواقع طلاب الجامعات ليس أفضل، مع
أن الحكومة سمحت لطلاب جامعة حمص بالالتحاق بجامعتي دمشق وحلب، إذ إن اضطراب الأوضاع
الأمنية حال دون ذلك، فانقطع كثير من طلاب الجامعات عن الدراسة تارة تضامنا مع زملائهم المعتقلين
وتارة بسبب هجوم الأمن والشبيحة على الطلبة في الجامعة، مما دفع الطلبة إلى الخوف على حياتهم،
ندى طالبة طب «كلما خرجت من البيت أتلو الشهادة فقد أصادف الموت في طريقي
».
وضع التعليم في البلاد ينسحب على باقي المجالات الأخرى كالصحة، فالمستشفيات العامة تعج بالمرضى،
وهناك عيادات لا سيما في ريف دمشق المتمرد فتحت أبوابها لاستقبال المرضى بأسعار رمزية أو مجانية،
لكنها غير قادرة على تغطية العجز في القطاع الصحي للتداوي والعلاج. خالد طبيب أسنان في بلدة قدسيا
بريف دمشق يقول إنه فتح عيادته لمعالجة المرضى من النازحين مجانا، لكنه غير قادر على الاستمرار
في ذلك طويلا، إنه «بحاجة لتمويل يغطي ثمن المواد المستخدمة في العلاج على
الأقل». أمثال الطبيب خالد كثر في تقديم المساعدات، وبحسب تعبير سيدة أعمال حمصية
أنفقت كل مالها على المساعدات في حمص، وصارت هي تعيش على المساعدات:
«الشعب السوري حمل بعضه بعضا، ولكن تحت استمرار الضرب والقمع بات
بحاجة لمن يحمله». هذا التوصيف يلخص واقعا يوميا ينوء بأحمال ثقيلة، حيث ارتفعت
أسعار المواد الغذائية عدة أضعاف، كنتيجة طبيعية لتضافر عدة عوامل معا، أهمها الوضع الأمني
المضطرب، وانقطاع الطرق، مما جعل حركة النقل بين المحافظات محفوفة بالمخاطر، بالإضافة لتضرر
مناطق زراعية واسعة وتلف المحاصيل والمنتجات الزراعية والحيوانية في المناطق المتوترة، في
مقدمتها أرياف حمص وإدلب وحماه والغوطة الشرقية ووادي بردى، منها بسبب تدميرها بالقصف العنيف
ومنها لاستحالة جنيها، أو لاستحالة نقلها إلى أسواق المدن الكبيرة. يقول مزارع في منطقة الحولة بريف
حمص إنه اضطر لرمي منتوجات مواشيه من الحليب في نهر العاصي: «لم
أستطع تخزينه في برادات بسبب انقطاع الكهرباء، ولم يشتره مني أحد، ولا توجد أسواق في حمص. ماذا
سأفعل بالحليب؟» بينما يقول رامي صاحب سوبر ماركت وسط دمشق
«إن أصنافا فاخرة من الأجبان والألبان الحموية لم تعد تصل إلى دمشق لأن
المعمل في حماه يعتمد على حليب يأتي من جسر الشغور في إدلب، والطرقات هناك خطرة جدا
». لذا، فإن رامي رفع سعر هذا النوع من الأجبان لصعوبة توافره.
إضافة إلى الوضع الأمني المضطرب، تسهم العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، في تعقيد حياة
السوريين وتزيدها صعوبة، فاضطراب سعر صرف الليرة السورية وانخفاضها مقابل الدولار يرفع الأسعار
على نحو جنوني، لكن عندما تتدخل الدولة وتحاول موازنة سعر الليرة بإجراءات تبدو غير واضحة ولا
مدروسة، لا تتراجع أسعار السلع إلى ما كانت عليه، لذا يقول أبو جميل الحمصي:
«عندما غادرنا حمص كان لنا عدة أشهر خارج حركة السوق، لا بيع ولا شراء،
كل شخص يتقاسم مع جاره رغيف الخبز.. ولدى وصولنا إلى دمشق كنا مثل أهل الكهف».
ومع ذلك، يؤكد أبو جميل أنه بمجرد سقوط النظام وتوقف القتل في البلاد، فإن سوريا قادرة على النهوض
بنفسها، قائلا «سوريا أم الخير، ولكن للأسف الانفلات الأمني والقصف والتدمير
يذهب بالخير والأرواح والأرزاق أدارج الرياح». ويوافق على هذا الكلام رياض المزارع
في القصير بريف حمص: «فور توقف القصف العنيف عن المدينة والبساتين،
توجه الفلاحون إلى مزارعهم وجنوا محصولهم من الفول والخس والبطاطا وإلخ.. من خضار وفواكه
وباعوها أمام منازلهم بأسعار بخسة، ومنها ما وزع مجانا.. إذا عاد القصف سنعود لانتظار مساعدات
تأتي من أبنائنا في العاصمة وخارج البلاد».
لندن: «الشرق الأوسط»

الصحافي والكاتب والداعية في سوريا!
فآيز سآرة ..
لم تتغير سياسة السلطات السورية باعتمادها الخطة الأمنية العسكرية في معالجة الأزمة في سوريا، رغم
موافقة السلطات على خطة الموفد الدولي كوفي أنان لمعالجة الأزمة في سوريا بالطرق السياسية طبقا
لبنود الخطة وهدفها الرئيس في وقف العنف والمضي نحو معالجة سياسية. وفي سياق الخطة الأمنية
العسكرية، يتواصل حصار المناطق السكنية وقصفها، وإلحاق الدمار بممتلكات وموارد عيش السكان، قبل
اقتحامها اللاحق، حيث يقتل أشخاص، ويجرح غيرهم، ويتم اعتقال البعض، ليودعوا معتقلات وسجونا،
تمارس فيها صنوف من التعذيب والإذلال، يصل بسببها بعض المعتقلين حد الموت، وبعضهم يموت فعلا.
وسط تلك السياسة، التي تطبقها السلطات، تحت دعوى مواجهة الأعمال المسلحة والتدخلات الأجنبية،
تقوم السلطات السورية باعتقال نشطاء وشخصيات عامة، معروفة بمواقفها السلمية وبجهودها
لمحاصرة العنف ووقفه، والسعي إلى توفير أسس معالجة سياسية للأزمة، يكون من نتائجها حصار
التداعيات الخطرة للوضع السوري، والتخفيف من الخسائر التي تصيب السوريين وبلدهم، وبين تلك
الشخصيات ثلاثة: أولهم صحافي والثاني كاتب والثالث داعية إسلامي.
أول الأشخاص، مازن درويش الصحافي، وقد عمل سنوات في ميدان حقوق الإنسان، قبل أن يقرر إعطاء
وقته وجهده لخدمة مجتمعه وبلده في مجال آخر عبر تطوير واقع الإعلام السوري، وكان مدخله في ذلك
تأسيس وإدارة المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ليعمل من خلاله على الاهتمام بالإعلاميين الأفراد،
والاهتمام بالمؤسسات الإعلامية، وكلاهما كان ولا يزال بحاجة إلى تطوير يتوافق وملامح العصر وحرية
الإعلام خروجا من عصر الإعلام التعبوي وصحافة المنشور التبريري والتحريضي، وهي مهمة جعلته
يقيم شراكة مع أفراد ومؤسسات إعلامية حكومية وخاصة، تضمنت إقامة تدريب فني ومهني، وبلورة
وتنفيذ مشاريع تطوير الإعلام السوري وبيئته العامة.
مازن درويش في نشاطه وجهده استحق احترام منظمات إعلامية عالمية، مما جعله شخصية إعلامية
رفيعة بين السوريين. إذ هو عضو المكتب الدولي لمنظمة «مراسلين بلا حدود»، كما شغل منصب نائب
رئيس المعهد الدولي للتعاون والمساندة في بروكسل، وبفضل جهوده حصل المركز السوري على صفة
العضو الاستشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة العام الماضي، وهي مكانة ظهر
أن هناك من يعارضها.
والشخص الثاني في الأمثلة هو سلامة كيلة، المثقف والكاتب الفلسطيني المولد والسوري الإقامة،
والقومي الحياة، واليساري النزعة، وقد قضى القسم الأكبر من حياته في خلق شخصية ثقافية وفكرية
نقدية الطابع، شخصية تغوص في أعماق مجتمعها من أجل معرفة مشاكله ومعالجتها عبر الوصول إلى
الحلول الأفضل والأقل تكلفة لهذه المشاكل.
ولم يكن طريق سلامة في هذا الاتجاه سهلا؛ إذ كان عليه أن يخرج من قطريته إلى فضاء عربي أرحب،
وأن يزاوج بين قوميته في انفتاحها ويساريته التي تسبح في مجال آخر، مقتربا بصورة عملية أكثر إلى
القطاعات الشعبية والأفقر من الباحثين عن فرص الحياة، وقدرة التقدم فيها على ما في هذا الترابط من
إشكالات ومشاكل، وكان الثمن الأول لهذه التركيبة المعقدة من الخيارات، انخراطه في جهد ثقافي سياسي،
أدى إلى ذهابه للاعتقال السياسي، حيث قضى 8 سنوات من الاعتقال ثمنا لفهم مهمته ودوره في الحياة،
ومحاولته القيام بعبء المثقف إزاء بلده ومواطنيه، وهي النتيجة التي انتهت إليها جهوده الأخيرة في
محاولة فهم الأوضاع السورية الراهنة، وسعيه إلى تقديم رؤية لمعالجة الأزمة المتواصلة في سوريا منذ
14 شهرا.
والشخص الثالث في موضوعنا أحمد معاذ الخطيب الداعية الإسلامي المتنور والمعتدل الذي يمثل في
مواقفه وحياته أحد الوجوه السمحة للإسلام وللمسلمين في مواجهة التشدد والتطرف الذي ينبذه الإسلام،
ليس فقط في علاقاته الداخلية، وإنما في علاقاته بمحيطه سواء في حلقاته القريبة، أو في الحلقات الأبعد،
وهو في كل ذلك يستمد من النصوص الدينية والوقائع التاريخية أسانيده، التي تحمل وتؤكد معاني التوافق
والعيش المشترك، والقدرة الهائلة على معالجة المشاكل القائمة والمحتملة.
ولأن للرجل مثل هذه الروح، التي تتناقض مع السائد في تطرفه تشددا أو تفريطا، فقد تمت محاصرته
والتضييق عليه في القول والفعل والحركة، وإن كان ذلك لم يمنعه في السعي إلى معالجات تستند إلى
العقل والمنطق وقيامه بالدفع نحو مبادرات تتجه إلى حلول ومعالجات من شأنها الوصول إلى نتيجة غالبا
ما تكون في نقطة الوسط شكلا، لكنها ستؤدي لاحقا إلى نقطة الحقيقة بأقل قدر من التكاليف، وأقصى قدر
من الفائدة.
ثلاثة من شخصيات عامة، عرفت باهتمامها واندماجها في الشأن العام السوري، وسعيها إلى تطويره
بمنطق العصر والعقل بطريقة سلمية وهادئة تنحاز إلى الأكثرية وإلى المستقبل، وكله لم يمنع من
اعتقالهم على نحو ما أصاب أمثالهم مرات، والأخطر في اعتقال هؤلاء، هو تردي أوضاعهم في الاعتقال،
وخاصة وضع مازن درويش الذي قيل إن حالته الصحية تدهورت بصورة كبيرة، مما يجعل حياته مهددة
بالخطر.
"الشرق الأوسط"
فآيز سآرة ..
لم تتغير سياسة السلطات السورية باعتمادها الخطة الأمنية العسكرية في معالجة الأزمة في سوريا، رغم
موافقة السلطات على خطة الموفد الدولي كوفي أنان لمعالجة الأزمة في سوريا بالطرق السياسية طبقا
لبنود الخطة وهدفها الرئيس في وقف العنف والمضي نحو معالجة سياسية. وفي سياق الخطة الأمنية
العسكرية، يتواصل حصار المناطق السكنية وقصفها، وإلحاق الدمار بممتلكات وموارد عيش السكان، قبل
اقتحامها اللاحق، حيث يقتل أشخاص، ويجرح غيرهم، ويتم اعتقال البعض، ليودعوا معتقلات وسجونا،
تمارس فيها صنوف من التعذيب والإذلال، يصل بسببها بعض المعتقلين حد الموت، وبعضهم يموت فعلا.
وسط تلك السياسة، التي تطبقها السلطات، تحت دعوى مواجهة الأعمال المسلحة والتدخلات الأجنبية،
تقوم السلطات السورية باعتقال نشطاء وشخصيات عامة، معروفة بمواقفها السلمية وبجهودها
لمحاصرة العنف ووقفه، والسعي إلى توفير أسس معالجة سياسية للأزمة، يكون من نتائجها حصار
التداعيات الخطرة للوضع السوري، والتخفيف من الخسائر التي تصيب السوريين وبلدهم، وبين تلك
الشخصيات ثلاثة: أولهم صحافي والثاني كاتب والثالث داعية إسلامي.
أول الأشخاص، مازن درويش الصحافي، وقد عمل سنوات في ميدان حقوق الإنسان، قبل أن يقرر إعطاء
وقته وجهده لخدمة مجتمعه وبلده في مجال آخر عبر تطوير واقع الإعلام السوري، وكان مدخله في ذلك
تأسيس وإدارة المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ليعمل من خلاله على الاهتمام بالإعلاميين الأفراد،
والاهتمام بالمؤسسات الإعلامية، وكلاهما كان ولا يزال بحاجة إلى تطوير يتوافق وملامح العصر وحرية
الإعلام خروجا من عصر الإعلام التعبوي وصحافة المنشور التبريري والتحريضي، وهي مهمة جعلته
يقيم شراكة مع أفراد ومؤسسات إعلامية حكومية وخاصة، تضمنت إقامة تدريب فني ومهني، وبلورة
وتنفيذ مشاريع تطوير الإعلام السوري وبيئته العامة.
مازن درويش في نشاطه وجهده استحق احترام منظمات إعلامية عالمية، مما جعله شخصية إعلامية
رفيعة بين السوريين. إذ هو عضو المكتب الدولي لمنظمة «مراسلين بلا حدود»، كما شغل منصب نائب
رئيس المعهد الدولي للتعاون والمساندة في بروكسل، وبفضل جهوده حصل المركز السوري على صفة
العضو الاستشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة العام الماضي، وهي مكانة ظهر
أن هناك من يعارضها.
والشخص الثاني في الأمثلة هو سلامة كيلة، المثقف والكاتب الفلسطيني المولد والسوري الإقامة،
والقومي الحياة، واليساري النزعة، وقد قضى القسم الأكبر من حياته في خلق شخصية ثقافية وفكرية
نقدية الطابع، شخصية تغوص في أعماق مجتمعها من أجل معرفة مشاكله ومعالجتها عبر الوصول إلى
الحلول الأفضل والأقل تكلفة لهذه المشاكل.
ولم يكن طريق سلامة في هذا الاتجاه سهلا؛ إذ كان عليه أن يخرج من قطريته إلى فضاء عربي أرحب،
وأن يزاوج بين قوميته في انفتاحها ويساريته التي تسبح في مجال آخر، مقتربا بصورة عملية أكثر إلى
القطاعات الشعبية والأفقر من الباحثين عن فرص الحياة، وقدرة التقدم فيها على ما في هذا الترابط من
إشكالات ومشاكل، وكان الثمن الأول لهذه التركيبة المعقدة من الخيارات، انخراطه في جهد ثقافي سياسي،
أدى إلى ذهابه للاعتقال السياسي، حيث قضى 8 سنوات من الاعتقال ثمنا لفهم مهمته ودوره في الحياة،
ومحاولته القيام بعبء المثقف إزاء بلده ومواطنيه، وهي النتيجة التي انتهت إليها جهوده الأخيرة في
محاولة فهم الأوضاع السورية الراهنة، وسعيه إلى تقديم رؤية لمعالجة الأزمة المتواصلة في سوريا منذ
14 شهرا.
والشخص الثالث في موضوعنا أحمد معاذ الخطيب الداعية الإسلامي المتنور والمعتدل الذي يمثل في
مواقفه وحياته أحد الوجوه السمحة للإسلام وللمسلمين في مواجهة التشدد والتطرف الذي ينبذه الإسلام،
ليس فقط في علاقاته الداخلية، وإنما في علاقاته بمحيطه سواء في حلقاته القريبة، أو في الحلقات الأبعد،
وهو في كل ذلك يستمد من النصوص الدينية والوقائع التاريخية أسانيده، التي تحمل وتؤكد معاني التوافق
والعيش المشترك، والقدرة الهائلة على معالجة المشاكل القائمة والمحتملة.
ولأن للرجل مثل هذه الروح، التي تتناقض مع السائد في تطرفه تشددا أو تفريطا، فقد تمت محاصرته
والتضييق عليه في القول والفعل والحركة، وإن كان ذلك لم يمنعه في السعي إلى معالجات تستند إلى
العقل والمنطق وقيامه بالدفع نحو مبادرات تتجه إلى حلول ومعالجات من شأنها الوصول إلى نتيجة غالبا
ما تكون في نقطة الوسط شكلا، لكنها ستؤدي لاحقا إلى نقطة الحقيقة بأقل قدر من التكاليف، وأقصى قدر
من الفائدة.
ثلاثة من شخصيات عامة، عرفت باهتمامها واندماجها في الشأن العام السوري، وسعيها إلى تطويره
بمنطق العصر والعقل بطريقة سلمية وهادئة تنحاز إلى الأكثرية وإلى المستقبل، وكله لم يمنع من
اعتقالهم على نحو ما أصاب أمثالهم مرات، والأخطر في اعتقال هؤلاء، هو تردي أوضاعهم في الاعتقال،
وخاصة وضع مازن درويش الذي قيل إن حالته الصحية تدهورت بصورة كبيرة، مما يجعل حياته مهددة
بالخطر.
"الشرق الأوسط"
الصفحة الأخيرة