
همسة في أذنٍ واعية ~
**
ها قد اتانا الحبيب المنتظر يطرق أبواب اشتياقنا ..
وملء كفّيه هدايا الرحمن ..
هدايا لاتقدر بثمن لكل محب تهيأ لاستقباله
وأعدّ العدّة ، فأوقد سراج الإيمان
وفرش بساط العبادة ..
ولبس ثياب الطاعة ..
وطهّر نيته وأخلصها لله ..
وشدّ إزار الهمة ..
وواجه نفسه مشفقاً وناصحاً :
يانفس يكفي تخاذلاً ..!
كوني أهلاً لهذه المكرمات والهبات ..
ماعذرك الآن وقد أغلقت السبل أمام الشياطين ..؟
وماعاد بينك وبين التوبة حائل..
فلئن زللت أوقصٌرت ، أو ضيّعت ، أو أخطأتِ..
فلا تلومين غيرك ..!
أقبلي يانفس .!
واسفري عن وجه الخيرات ..
واحجبي ذاتك عن المنكرات ..
وتأمّلي بعيني قلبك النعيم وقد فتحت أبوابه ..
بشرى وحفاوة بالمحبين ..فكوني منهم ..
توبي يانفس .. وتلقي هدية التوبة ..
وقابلي العطاء بالشكر ..
وبمزيد من الطاعة ..
ذوقي حلاوة المناجاة ..
وروحانية القيام ..
الذي أشبه في قلوب السالكين المحبين
من نعيم الجنة ..!
وانغمري في سلسبيل الخير
حتى يرتوي الفؤاد ..ويتطهر القلب ..!
هنالك جائزتان في انتظارك..
من لدن كريم غفور رحيم :
المغفرة ..
والعتق من النار ..
فيالها من هبات تزري بكنوز الدنيا ..
كيف لا ..؟!
وهل أثمن من ميلادٍ جديدٍ في رحم الحياة ..!
وقد ذابت الأوزار و الخطايا وامّحت الذنوب ..؟!
**
تلك هي السعادة التي تنتشلك من درك الأرض ..
وتحلّق بك إلى بركات السماء..
فكوني من أهل السعادة ..!.
الموافق : ١٧ من مايو ٢٠١٨م
( من محاسن الصوم )
{ و أمّــــــــــا الصوم فناهيك بــــــــه من عبـــــــادة
تكفّ النفس عن شهواتها و تخرجهـــــــــا
عن شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقرّبين
فــــــــإنّ النفس إذا خلّيت و دواعي شهواتهـــــــــــا
التحقت بعـــــــــــالم البهائم..
فـــــــإذاكفّت شهواتهــــــــا لله،
ضيّقت مجاري الشيطان وصارت قريبـــــــــة من الله
بترك عادتهـــــــــا و شهواتها محبّة لـــــــــــه
و إيثارا لمرضاته و تقر بــــــــــا إليه
فيدع الصــــــــــائم أحبّ الأشيــــــــاء إليـــــــه
و أعظمها لصوقا بنفسه من الطعام و الشراب و الجماع
من أجل ربّه فهو عبادة و لا تـتصور حقيقتهــــــــا
إلا بترك الشهوة لله.
:
فالصائم يدع طعامه و شرابه وشهواته من أجل ربّه،
و هذا معنى كون الصوم له تبارك و تعالى ..
و بهذا فسّر النبي صلى الله وعليه و آله وصحبه و سلم
هذه الإضافة في الحديث فقال يقول الله تعالى :
(كلّ عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشرة أمثالها،
قال الله: إلاّ الصّوم فـــــــإنّه لي و أنا أجزي به
يدع طعامه و شرابه من أجلي)
حتى أنّ الصّائم ليتصوّر بصورة من لا حاجة له في الدنيا
إلاّ في تحصيل رضى الله و أيّ حسن يزيد على حسن
هذه العبادة التي تكسر الشهوة و تقمع النفس
و تحي القلب وتفرحه
و تزهد في الدنيا و شهواتها و ترغّب فيما عند الله،
و تذكر الأغنياء بشأن المساكين و أحوالهم
و أنّهم قد أخذوا بنصيب من عيشهم..
فتعطف قلوبهم عليهم ويعلمون ما هم فيه من نعم الله
فيزدادوا له شكرا }.
🌷
ابن القيم / ضياء السالكين
**