جولة في أحضان الثلوج

يا من اشتاقت إلى روعة تساقط الثلوج و حنت إلى مشاهدة تلك اللوحة البيضاء المبهجة، و يامن لم يسبق لها أن عاشت هذه الظاهرة البديعة، البسن المعاطف و تدفأن جيدا و تعالين أصطحبكن معي في جولة لعيش تلك اللحظات الجميلة.........
""ما أروع ذاك المنظر و ما أبدعه، من شاشة الطبيعة الخلابة أرقبه، فتحتها فملأ البياض ناظريّ، و أسكن الصقيع حركتي فتجمدت يداي و احمر خداي، و استنشقت نسيما نقيا صافيا أبهج رئتيّ، رفعت عيناي فإذا بمرآة عاكسة لبياض الأرض كانت مترامية الأطراف لم أعرف بدايتها من نهايتها، فإذا هي تنثر من بياضها الساطع نجيمات كانت كاللآلئ تهوي متراقصة متمايلة رفقة النسيم العليل حاملا إياها على كتفيه برفق لتحط رحالها على الأرض بعد سفر طويل في الأجواء .
و أما البيوت فقد غطت رؤوسها قبعات بيض محاكة بإتقان، وأما الأشجار فقد اكتست أسمالا قطنية جميلة فأحست بالدفء بعد عراء طويل، و فرحت بالحلة الجديدة غير حلتها المعتادة. و تلك الأوتاد الشامخة قد بدت وكأنها تعانق أحضان السماء بعد طول اشتياق.
و إذا ما أتت أم الرياح لتجمع بناتها فزعت الطبيعة ومن فيها، فيتحول رقص حبيبات الثلج إلى اضطراب و هيجان، فتتداحم فيما بيناها و كأنها تريد الفرار من هذه الهوجاء التي حمل في فمها صافرة معلنة قدومها، فيتحول البياض الناصع الذي ملأ الدنيا كآبة و حزنا، وتلتحف السماء بلحاف رمادي اللون مرصع بجواهر لامعة تضيء الظلام حينا ويأفل بريقها حينا آخر، فتسمع صوت الرعب و الخوف الذي تصدره هذه الطبيعة التي لم تجد لها ملاذا إلا الصراخ فتنادي هل من مغيث.
حتى إذا هدأت العاصفةو خيم الهدوء وعاد الأمان يعم المكان، أقامت العصافير الاحتفالات فرحا برحيلها، فتراها ترقص تارة و تداعب أغصان الأشجار تارة أخرى و قد ملأت بأناشيدها العذبة الأجواء شدوا وترنما ممزوجا بضحكات الزهور الصغيرة الملونة التي استيقظت من سباتها وأبت إلا أن تشارك في الاحتفال.""

آه ... يكاد الدم يجمد في عروقي من شدة البرودة، و لكنني لم أشعر بهذا طوال الرحلة فقد سباني الجمال الساحر الفتان.....
فسبحان الخالق البارئ المصور الذي أبدع، و أتقن كل شيء خلقه و صنعه.
أرجو أن تكن قد استمتعتن معي في هذه الجولة بين سطور نسجتها استجابة لذاك الإحساس الذي يملأ وجداني اتجاه جمال الطبيعة و رونقها.