جيل البورجر في خطر
في مواجهة إغراء الطعم الذي تقدمه شطائر البورجر لأطفالنا, لن يمكننا تحديد الإجراء الواجب اتخاذه إلا بأن نفهم آلية خطرها, ونُفهم ذلك للصغار.
في عام 1966 - أي منذ زمان طويل, إذا أخذنا تقدم علم التغذية الصحية كنظام معياري لقياس الزمن - تمكنت مؤسسة الإخوة ماكدونالدز - لأول مرة - من تطبيق مبادئ خطوط تجميع التصنيع الغذائي على المطبخ التجاري. لم تظهر شطائر الهامبورجر ذات الطوابق في مطاعم ماكدونالدز بأمريكا, إلا في ذلك العام.
ومع ذلك, ففي بضع سنين, أغرقت هذه الوجبة الولايات الأمريكية كافة, بل إن شعبيتها اتسعت حتى غدت طابعاً أو سمة أمريكية خالصة. ثمة 18% من الشعب الأمريكي يعتقدون اليوم, أنها هي الوجبة الشعبية الأولى في بلادهم. وتشير إحصاءات منظمة التغذية الأمريكية إلى أن عدد الأشخاص الذين يرتادون مطاعم الماكدونالدز في أمريكا, يبلغ نحو 45,8 مليون, في العام. وفي كل يوم, يتوجه مواطن أمريكي من كل أربعة, لشراء وجبة هامبورجر من أحد مطاعم الوجبات الجاهزة.
على أن المثير حقاً, هو أن هذه الوجبة أضحت في السنوات الأخيرة, البوابة الذهبية للولوج إلى النظام العالمي الجديد, بل إنها أصبحت - يا للعجب - من أشهر رموز عصر العولمة.
في كتابه (لكزس وغصن الزيتون), يقول (توماس فريدمان): (إننا إذا تكلمنا عن حداثة أمة من الأمم, وعن رقيّها وتأهلها للدخول في عصر العولمة, فإننا لابد أن نتكلم عما لديها من مطاعم الماكدونالدز, وعن ذيوع وجباتها الجاهزة...!). وهو يرى - لا فُض فوه - أن الشعار الأوفق للعولمة ينبغي أن يكون هو نفسه شعار الماكدونالدز, ذو الأقواس الصفراء, بهيئة حرف (m) الفخيم.
الواقع أن هذه الدعاية الكئيبة تنطوي على الكثير من الحقيقة, إذ توشك شطائر الماك أن تصير وجبة عالمية. لقد رأينا مطاعم الوجبات الجاهزة في موسكو, وقد طال أمامها طابور الراغبين في البورجر, حتى فاق طابور الراغبين في زيارة قبر لينين, ثم أخذ طابور البورجر يزداد طولاً, وطابور لينين يتآكل بعد حين, حتى أصبح هناك طابور واحد, هو طابور البورجر العظيم. وفي الصين, رأينا الطوابير في العاصمة بكين, لا بالآلاف ولكن بالملايين, تنتظر الفوز بشطيرة من الماك الكبير, أو حتى الصغير. وفي عالمنا العربي, لاقت هذه الوجبة إقبالاً واسعاً ومتزايداً, لاسيما لدى الأطفال وجيل المراهقين, الذين يمثلون نحو أربعين في المائة من جملة القاطنين.
المفتونون... المخدوعون
فجأة, أصبحت الشطائر الأمريكانية ذات الطوابق, من ضرورات العصر. أصبح الاهتمام بها والتلهف عليها جزءاً من الشفرة الجديدة للحياة العصرية. كان لحملات الترويج للوجبة الجاهزة, تأثير هائل في طبيعة الوجبة الغذائية للإنسان العصري - ربما أكثر مما ندرك. وفي الأغلب, جرى ذلك بأساليب دعائية كريهة ومدمرة. طوفان من الدعاية رهيب, يخاطب ببراعة. خلجات الإنسان وغرائزه الأساسية, ويرسم بإتقان صوراً كاذبة عن عالم لا يمت للواقع بصلة. حملات من الترويج, تحكم على مدى رقيّك وتقدمك بقدر انضمامك إلى حضارة الهامبورجر ومجتمع الماك. ثمة عشرات الملايين هنا وهناك مفتونون بهذه الوجبات, دون أن يعطوا من وقتهم - ولو دقائق معدودة - ليتأملوا عقلانية هذا الافتتان. على أن المشكلة الواضحة هنا, هي أن الشريحة التي تشكل أكبر قاعدة للمفتونين المخدوعين, هي في الأغلب من صغار السن ومن جيل الشباب. لقد فطن أباطرة الدعاية إلى ذلك, فهيّأوا لأبنائنا كل عناصر المتعة والترغيب... فالمطاعم تبهر العيون جمال مشارفها وروعة أثاثها وجاذبية محتوياتها وتنظيمها الرشيق. وإنهم ليقدمون كل ما تشتهيه الأنفس, وتُسر لرؤيته العيون, في أجواء حالمة مفعمة بالمرح والسرور. وقد درجوا على إغواء الأبناء برصد جوائز إعلانية قيّمة, لأسبقهم افتتاناً على مستوى المخدوعين. على أن العجيب, أن غرام الأبناء بالماك, أخذ يتسلل إلى كل مناحي الحياة, حتى بلغ الدور والحجرات, ووصل إلى الحقائب الخاصة, وبين كتب الدراسة.
وإذن, فقد أصبح من الواجب استقصاء أسباب الظاهرة, ومحاولة رصد عواقبها, ثم البحث عن الوسائل التي تعين على محاصرة مدها السرطاني الرهيب. هل تساءل المفتونون يوماً عن وجبة الهامبورجر, كيف تجهز ومم تعد? إن أول ما نود معرفته, هو أنها تحتل قمة هرم الأطعمة التي جرى بها تعديل وتغيير كبير عن صورتها الطبيعية. فهي ليست كقطعة الدجاج أو السمك أو شريحة اللحم مثلا, ولكنها توليفة نتجت عن فرم وخلط الكثير من المواد, نعرف بعضها, وما خفى منها أعظم. وهذا مصدر القلق, فقد أجمعت بحوث علماء التغذية, على أن الخطر يكمن دوماً في الأطعمة التي حدث بها تعديل وتغيير كبير في صورتها الأصلية الطبيعية.
ويبدو أن هذا ما يحدث بالفعل: إذ يعمد الصانعون إلى توليف خليط عجيب, من لحم أحمر مفروم بنسبة لا تتجاوز 60-70%, ومن بروتينات فول الصويا, وأنواع من النشويات, ومن المواد الحريفة وملح الطعام, ومن دهون حيوانية زائدة, وفلفل أسود مطحون لإخفاء اللون الأبيض للدهون, ومن صنوف من المشهيات والتوابل والبهار.
على أن الخطوة التالية لإعداد الخليط تظل دوماً هي الأساس. ذلك لأن الوجبة في إهابها الخارجي, لابد أن تتصف بكل عناصر الإغواء. فمن الواجب أن تظل ساخنة على درجة حرارة مناسبة, بحيث تمنح الآكل إحساساً بالطزاجة عند التقديم. وينبغي أن تلفت انتباه الناظرين, إلى روعة الألوان, وجمال التنسيق لشرائح الطماطم والخس وحبات الصويا ورقائق البطاطس المحمرة وما تنطوي عليه من مكونات. وينبغي أن يلذ لطعامها الآكلون, ويشعروا بقوة تأثير غير عادية, تدفعهم إلى طلب المزيد. هكذا تقوم الحلقة الأخيرة في خطة الصانعين, على خلق حال من (عدم القدرة على الاستغناء). وهذا شيء عجيب, فإن العلاقة بين شطائر الهامبورجر والصغار الآكلين, أصبحت في أحيان كثيرة تأخذ الشكل المرضي النفسي, كالتعلق أو الإدمان, تحكمها القواعد نفسها, وينطبق عليها القوانين ذاتها.
دهنيات.. من نفايات
إني أسألك أن تضع شريحة واحدة من الهامبورجر في مقلاة دقائق على النار, وأن تنظر فيما يجري في المقلاة, إذن فسوف تجد الشريحة الصغيرة تفرز قدراً كبيراً من الدهون. تعطي الشريحة نحو13 جراماً, وهو ما يمثل أكثر من 25% مما تستوجبه حاجة جسم معتدل النشاط, من دهن, طوال اليوم. الهامبورجر وجبة فائقة الدسامة على نحو خطر, ولكن الأخطر هو نوع الدهون. ثمة دراسة أجراها خبراء المركز الطبي بأمريكا, برئاسة الباحث (فرانك ساك), حول هذا الموضوع, وكانت نتائجها في غير صالح الآكلين. فقد صعق الباحثون, حين أظهرت النتائج, أن دهون الهامبورجر, هي من أخس أنواع الشحوم الحيوانية, التي جلبت من نفايات الجزّارين التي تتخلف عن تنظيف اللحوم. من الواضح أن صانعي البورجر يعرفون جيدا أن الشحوم هي الأرخص سعرا, وهي الأكثر تحملا ومقاومة لحرارة الطهو, وفوق ذلك فهي تكسب الوجبة طعماً ألذ, يطيب للمخدوعين. وقد يرى القارئ أننا نطلق لأفكارنا المتشائمة العنان, إذ إن أبداننا تظل دوما بحاجة إلى الدهون, كي تعمل وتتحرك بفضل ما تختزنه من سعرات حرارية فائقة.
معك الحق, كل الحق, أيها القارئ الصديق, ولكن ما تحتاج إليه أبداننا, بصورة أشد, إنما هي الأحماض الدهنية الضرورية. وهي صنوف فريدة من الأحماض تتخلق في النباتات الراقية, وتعجز أجسامنا وأبدان الحيوانات عن تخليقها. وهي تلعب أدوارا فسيولوجية رائعة, حيث تؤمن حماية الصغار من ضعف النمو وقلة الأوزان, كما تقي الأبدان من العلل التي تنتج عن زيادة كوليسترول الدماء, بفضل ما لديها من خاصية الارتباط بالكوليسترول وتشكيل الاستيريدات السائلة.
والآن, ماذا عن دهون الهامبورجر, وما تنطوي عليه من أحماض ضرورية متعددة الروابط غير المشبعة? يؤسفني أن أقول إن هذه الأحماض المفيدة, تبدو شحيحة في شطائر البورجر, على نحو يدعو حقاً للقلق والرثاء معاً.
إن إمعان النظر في سجايا دهون الماك, لمما يزعج خبراء التغذية والأطباء. وهاهي إحدى جمعيات رعاية الطفولة بالولايات المتحدة, تصدر أخيراً دليل إدانة جديدا ضد الوجبات الجاهزة, حين تحذر من ظاهرة إفراط الأطفال في أكلها, منذرة بأن جيل الأطفال الحالي, سوف يعاني مستقبلا أمراض القلب وانسداد الشرايين والسمنة المفرطة. يعود هذا الاتهام إلى الدهون المشبعة الزائدة, وهي التي تعوق امتصاص الأحماض الدهنية الضرورية التي يتطلبها الجسم, كما تؤدي إلى فرط تدسم, وزيادة مستويات الليبوبروتينات منخفضة الكثافة المعروفة بالكوليسترول الخبيث, في مصل الدماء. إننا نعرف أن تصلب الشرايين ينشأ عادة عن الترسيب المستمر للكوليسترول الخبيث في الجدر الخلوية للشرايين. ونعرف أن عملية الترسيب الغادرة (تلك) تبدأ من الطفولة. لكن الأعراض الإكلينيكية - كمرض القلب ومرض الأوعية المحيطية والسكتات الدماغية - لا تتبدى إلا في أواسط العمر. إنها علل لا تظهر أعراضها إلا بعد وقت قليل.
وفقاً لهذه الحقيقة الراسخة, بدأ طوفان من الدعاوى القانونية, يُرفع في الولايات المتحدة, من قبل المرضى والبدناء, ضد كبريات سلاسل المطاعم التي تقدم الوجبات الجاهزة. تتلخص عريضة الاتهام, في تضليل الناس, باستدراجهم إلى تناول وجبات فائقة الدسم, تفضى إلى البدانة, وتصيبهم بالمرض, ولو بعد حين.
لقد تسلح رافعو الدعوى بتقارير علمية, تفضح الأساليب الكريهة التي تنتهجها الشركات, لتحقيق أرباح طائلة بالمليارات, ولو على حساب صحة الناس. واستعانوا ببحوث مسجلة في مستشفى ولاية بوسطن, تؤكد أن الوجبات الجاهزة, أضرت بصحة الجميع, لاسيما الأطفال. وهي تلفت الانتباه, إلى أن كل الجهود التي بذلت على مدى سنوات, وكل المؤلفات والنشرات الغذائية التي راحت تحث الشعب الأمريكي على العناية بالصحة العامة, منيت بفشل تام, جراء تناول الوجبات.
بل إننا نستطيع أن نقول عنها أكثر من هذا, فهي كثيراً ما تتعرض أثناء الإعداد والتجهيز, وعند التقديم, إلى التلوث بنوع من البكتيريا خطير, لم يعرف إلا من وقت قريب.
بورجر بميكروب القولون
في كتابه الأشهر (أمة الوجبات السريعة), يقول (إريك شلوسر), في معرض سرده قصة وجبات الماكدونالدز المفزعة: (لقد طوفت على مزارع الأبقار التي تديرها شركات اللحوم العملاقة, وزرت مصانع إعداد وتجهيز الوجبات, واطلعت - عن قرب - على الأوضاع المزرية للعمال الذين يقومون بإعدادها, وخرجت من ذلك كله بنصيحة أقدمها لجموع الآكلين: ألا فلتنسوا - مؤقتاً - قلقكم المشروع إزاء ما تنطوي عليه الوجبات من كوليسترول, إذ إن في لحومها برازا حقيقيا, ثمة بكتيريا قاتلة من نوع إيشيريشيا كولاي, المعروفة ببكتيريا القولون....).
ماذا? لقد اعتدنا تماماً النظر إلى بكتيريا كولاي, بوصفها كائنات أليفة تعيش في قولون الثدييات, وفي الإنسان بطبيعة الحال, دون أن تتسبب في أي منغصات. كما نعرف أنها تظهر في المادة البرازية بمستويات من الملايين في الجرام. ولكن هاهم البكتريولوجيون يكتشفون في البورجر, سلالة جديدة من الكولاي, شرسة وشديدة الإمراض, لأنها تنتج توكسينا قولونيا, يسبب تدفق الدماء إلى القولون. اكتشفت السلالة 157 - إتش7, لأول مرة في الولايات المتحدة, في عام 1982, لدى فحص الأطباء حالات مصابة بنزيف دموي معوي. لم يلبث الباحثون أن عرفوا أن الميكروب تسلل أولاً من براز أبقار مذبوحة في المجازر, فتلوثت الذبائح, وتلوثت أجهزة فرم اللحوم, ومن ثم أصاب الميكروب اللحم المفروم الذي أعد لصناعة أقراص الهامبورجر.
وهكذا, حين يطعم المرء من شطائر الهامبورجر الملوثة, فإنه لا يشعر من فوره بأي أعراض. تتراوح مدة الحضانة, أو المدة التي تمضي بين دخول الميكروب وظهور أعراض المرض, بين ثلاثة وأربعة أيام. يبدأ المرض بآلام تقبض وتقلص في عضلات البطن, وهذه يعقبها خروج براز مائي, ثم براز دموي كثيف. ويكون من المعتاد حدوث قيء, ولكن نادراً ما ترتفع درجة حرارة المصاب. وفي بعض الأحيان, يعقب المرض الإسهالي, أعراض البول الدموي, وهو من أخبث أمراض الجهاز البولي, حيث يتصف بحدوث اختلال وظيفي للكليتين, مع زيادة نسبة البولينا في الدم. حين يعتل طفل بالبول الدموي, يصبح أكثر عرضة لتفاقم الفشل الكلوي, وأكثر قابلية لتفاقم الغيبوبة وتلف الخلايا المخية على نحو يفضي إلى الوفاة. في الولايات المتحدة وحدها, يجري تشخيص ما بين سبعة آلاف, وعشرين ألفاً من الحالات المرضية, التي تنتج عن تلوث غذائي بالميكروب القولوني العصبي, على مدار العام. وتقول مجلة (ناشيونال جيوجرافيك) في عدد قريب, إنه في كل عام, يموت في الولايات المتحدة نحو ستين شخصاً, بسبب الإصابة بالميكروب, معظمهم من الأطفال. وقدروا قيمة الخسارة الاقتصادية, جراء التسمم الغذائي بالميكروب, بأكثر من 600 مليون من الدولارات في العام, وهي تتمثل في تكاليف المعالجة الطبية, وفقد الإنتاجية للعاملين المصابين.
إن بوسعي أن أرى التجهم على وجه القارئ, وأن أسمع من يقول: ولماذا البورجر على وجه التحديد. هو الذي يتهدده خطر التلوث بالميكروب القولوني العنيد, من دون سائر منتجات اللحوم?
عصبة متآخية
لم يكن أحد يعرف ما سر ذلك التلازم العجيب بين التفجيرات الوبائية لأعراض البول الدموي والاستنزاف الدموي لإلتهاب الغشاء المخاطي للقولون, وتناول شطائر البورجر تحديداً, من دون سائر منتجات اللحوم. ولكن حين بحث العلماء الظاهرة بعناية أكبر, وجدوا أن الميكروب لا يمكنه تلويث منتجات اللحوم غير المفرومة, سوى على السطوح. على أن تعريض سطوح المنتجات لحرارة الطهو المباشرة, يكفي تماماً لتطهيرها من الميكروبات الغادرة. فماذا عن البورجر والميكروب?
ينبغي علينا أن نعرف, أن فرم اللحم, وهو أول الخطو في إعداد الوجبة, يجعل الميكروب يتغلغل وينتشر في وبين دقائق اللحم المفروم, على نحو يبقيه في مكمنه محمياً من تأثير حرارة الطهو. ويعرف خبراء صناعة الأغذية, أن اللحم المفروم, ينبغي أن يطهى جيداً على درجة حرارة عالية, تكفي لاختفاء آثار احمرار اللحم بصورة تامة, وتكفي لوصول حرارة اللحم نفسه إلى درجة تفوق 86,1م, توسلا لقتل الميكروب.
في معظم منتجات اللحوم المفرومة يمكن بالفعل الوصول إلى درجة حرارة الأمان, ولكن المشكلة الحقيقية في لحوم البورجر المفرومة, تكمن في أنها لا تكون لذيذة, مستطابة للآكلين, إلا إذا عوملت على درجة حرارة أقل. وإذن, يظل الميكروب داخل شطيرة البورجر, آمناً... ينعم بالحياة.
لقد شهدت وجبة الهامبورجر أصدقاء كثيرين يتوافدون عليها, طوال عشرات السنين. لكن الزمان اختلف, والعديد من مساوئها الغذائية اكتشف: فهي وجبة غير صحية ميكروبياً إلى حد كبير. وهي تفتقر إلى التوازن الغذائي في التركيب. وهي فائقة الدسم على نحو خطير. وهي شحيحة فيما تحويه من ألياف, مما يجعل الجهاز الهضمي كسولاً, مهدداً بمعاناة القولون العصبي والإمساك. وهي فقيرة في المحتوى المعدني, بصورة تحط من كفاءة الجهاز المناعي, وتهدد بفقر الدماء. وهي متدنية في المحتوى الفيتاميني, مما يؤثر في حيوية الأبدان, كما توسم بعلامات النقص المرضية بلا انقطاع. وهي دون رصيد يذكر في مضادات الأكسدة, ذات الأدوار الحيوية المهمة لتمام صحة الإنسان. هذه بعض مساوئ هذا الطعام, أعني هذا (الجنك فود), الذي لا يستحق ترجمة أفضل من (نفايات المجازر) أو (طعام النفايات)?
والآن, أوشك أن أقول, إن إعلان حرب على أباطرة هذه الصناعة الكريهة, ليس مجرد واجب, بل هو فضيلة أيضا. ثمة حرب تدور الآن في ساحات المحاكم الأمريكية, تحت قيادة المحامي الأمريكي المخضرم (جون بنزان), الذي تسلح بكم وافر من أحدث الدراسات العلمية, ومن بحوث العلماء التجريبية, حول مساوئ الوجبات.
تُذكرنا هذه الموقعة, بحرب (بنزان) المنتصرة السابقة, ضد شركات السجائر والدخان, حين تمكن من تغريمها ملايين الدولارات, دُفعت لضحاياها من المرضى المدخنين, كتعويضات.
حين سئل (جون بنزان) عن دواعي حربه الجديدة, أجاب أنه يعتقد أن صناعة وجبات النفايات الجاهزة, تعد أخطر ظاهرة ابتلي بها السذج والمخدوعون من الناس, بعد صناعة السجائر والدخان.
هذه هي الحقيقة التي توجب الافتراق الآن, وإعادة النظر... وإلا حلّ الخطر. حقيقة قاسية على الكثيرين, لكنها - بالتأكيد - لن تكون أقسى من مكابدة المرض!
منقول للفائدة......
عطر الزمن @aatr_alzmn
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
عطر الزمن
•
الظاهر ما احد قرأ الموضوع ............ما فيه احد يهتم ........بصحة اطفاله..........معقولة ...
الصفحة الأخيرة