السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
لقد جاء الأدب الإسلامي وسطاً بين المذاهب الأدبية التي ضلت الطريق، وعزفت على أوتار التعصب والانحدار كالوجودية التي تعالى فيها الفرد على حساب المجتمع، أو الاشتراكية التي ألغت الفرد وحقوقه من ذاكرتها.
ومع المتغيرات الحضارية في العصر الحديث، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، وظهور بعض المذاهب المتطرفة تتأكد أهمية الأدب الإسلامي كمرفأ يأوي إليه الباحثون للتعبير عن ذواتهم وأفكارهم ليجدوا فيه الطمأنينة والبلسم، ولأنه يستلهم مضمونه من الكتاب والسنة مع التزود بمعين المعرفة، وأدوات البلاغة العربية من أجل الأخذ بكل جديد لا يتعارض مع الدين الصرف.
ولا يعني ذلك تقييداً لحرية الكاتب، أو تقليلاً من شأن المكتوب، بل هو ارتقاء بالأدب والأديب، ورعاية للفرد والمجتمع.
لأن الأدب الإسلامي تناول سوي لمعطيات الحياة شمولي التصور لها سامي الهدف، طاهر المغزى، يشبع الرغبات، ويصقل العقول، ويفتق الأذهان، ويتناسب مع الفطرة.
بل ويحرص ذلك الأدب على التواصل بين المخلوقات، ويدعو للانسجام فيما بينها، من خلال نظام دقيق بديع يتجلى فيه روعة المخلوق وعظمة الخالق، كما أنه يتأمل في الطبيعة ويمعن النظر، ويتفاعل مع الأشياء ويقارب بينها.
ومن هنا فإننا بحاجة ماسة إلى أديب يبرز محاسن الإسلام، بنفس الوقت يكشف عن زيف التيارات المغرضة، ويجليها في وقتها، مع ثقة في النفس، وحجة واقعة، وتفاعل مع القضية، وقناعة بالأهداف وتسلح بالصبر والحكمة، بعيداً عن التشنج والامتعاض.
وإن كانت هناك بعض المزاعم التي تحاول جاهدة وأد هذا الأدب، وتعريته من الإبداع.. ومن ذلك أن الأدب الإسلامي يجزئ الساحة الأدبية، ويقسم وحدته الموضوعية...
ونقول لماذا الأدب الإسلامي فقط هو الذي يجزئ ويقسم؟
لماذا الأدب الماركسي والوجودي لم يقسم الساحة الأدبية؟ ثم إن الساحة الأدبية مقسمة فبل مجيء الأدب الإسلامي.
ويقول الدكتور حسن الهويمل: (وإذا كنا قد رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وتحملنا في سبيل ذلك مكائد العالم المتكبر، فلا أقل من أن نسعى لتأصيل وتكريس الأدب الإسلامي ليسهم في الذود عن مقدراتنا ومقدساتنا الفكرية، وليس فيما نسعى إليه بدعة ولا تجزئة، فأسلمة الأدب مشروع إسلامي، ومجيء المصطلح لم يكن بدعاً من القول، فالإسلام منذ البدء مارس أسلمة الشعر، والرسول صلى الله عليه وسلم وظف الشعر لخدمة العقيدة، ونزل القرآن الكريم يحدد فئات الشعراء، ومن هنا فإن مصطلح الأدالأدب الإسلامي يقيم صروحه على هذا التقسيم القرآني)(1).
ولعل من المناسب أن أذكر ابرز توصيات الحوار حول الأدب الإسلامي الذي عقد بالمدينة المنورة عام 1402هـ، ومنها:
1-تعميق النظرة في مفهوم هذا الأدب القائم على التصور الإسلامي الصحيح والربط المحكم المتوازن بين قيمة الشعورية والمعنوية، وبين قيمه التعبيرية.
2-دراسة النظريات والمذاهب النقدية عند القدماء والمحدثين من نقادنا الإسلاميين، وذلك لاستخلاص السمات التي يجب أن تتوفر في الأدب الإسلامي.
3-العناية بدراسة طائفة من النصوص المختارة من القرآن الكريم والسنة المطهرة وخطب الراشدين دراسة متعمقة، وذلك لاستجلاء مكامن الروعة الفنية فيها، وجعلها موجهاً ومقوماً لإنتاج الأدباء الإسلاميين.
4-دعوة الوزارات المختصة والجامعات إلى تبني هذا الأدب، والعناية به وتدريسه.
5-دعوة الباحثين من علماء المسلمين عامة،وأدبائهم ونقادهم خاصة،إلى إعداد البحوث في هذا الأدب ووضع قواعده في النقد.
6-أن تعمل المعاهد والكليات التي تدرس المذاهب الأدبية من كلاسيكية ورومانسية وواقعية وغيرها، على عرض هذه المذاهب وبيان أنها كانت نتيجة لفلسفات واتجاهات أجنبية، ثم الاهتمام البالغ بتنفيذ وجوه مخالفة هذه المذاهب للإسلام، وتناقضها الشديد مع قيمه وتعاليمه، وأن يعهد بتدريس هذه المادة إلى ناقد إسلامي بصير(2).
وأخيراً أرى أنه آن الأوان لتتحرر الأجناس الأدبية الإسلامية من أسر الفكر الغربي منذ أرسطو إلى اليوم، وأن تنهض من الارتماء في أحضان التبعية الممقوتة.
منقول للكاتب نايف المهيلب
طمطومه @tmtomh
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️