حبال من السماء " قصة قصيرة "

الأدب النبطي والفصيح

بسم الله الرحمن الرحيم



" قصة قصيرة "

حبال من السماء

اليوم هو يوم الجمعة ,, ,,,يوم عطلتها الأسبوعية ,و كعادتها تحاول فيه أن تتخلص من آثار تعب الأسبوع , و خصوصا هذا الأسبوع فكم كان شاقاً و متعباً و مزدحماً بالمهام الوظيفية و المنزلية , فهي صباحا و مع شروق شمس النهار الجديد تفيق , و سريعا تعد الإفطار لأولادها ثم تصطحبهم الى المدرسة و من ثم تتجه الى مقر عملها لتجد في انتظارها العديد و العديد من المهام التي لا تنتهي , تتقن بعضها وتتغاضى عن الأخر تبعا لحالتها المعنوية و طاقتها . تتخلل اليوم الوظيفي بعض الحوارات المشتركة مع زميلات العمل التي بطبيعة الحال لا تخلو من الكذب بدافع التجمل , اوالغيبة و النميمة بدافع التسلية و المزاح. ,,

ينتهي الدوام الوظيفي لتبدأ معه رحلة العودة الى المنزل مرورا بالسوق لشراء بعض مستلزمات المنزل و هناك لا يخلو الأمر من بعض المناوشات كرد على تجاوزات الباعة , بعدئذ تتجه الى مدرسة الأولاد لاصطحابهم للمنزل و هناك تكون مطالبة بشيء من النفاق و التملق لإنجاح العلاقة مع مدرسيّ الأولاد .

تعود إلى منزلها بعد أن تكون استهلكت معظم طاقتها و لا زال أمامها الكثير والكثير من المهام و الواجبات المنزلية .
تقدم لأسرتها و جبة الغداء المعدة غالباً من ليلة سابقة ليقابلها نقد وسخرية من زوجها و صغارها معلنين رغبتهم في تناول وجبة طازجة ذات يوم , فتتحمل النقد تارة باسمة و تارة صامتة متجاهلة و أخرى صارخة فيهم تذكرهم بمدى تعبها .

بعد الغداء تبدأ رحلة متابعة الصغار في الواجبات المدرسية يتخللها القيام بمهام التنظيف الدورية و إعداد غداء اليوم التالي .


مع دقة الساعة العاشرة تكون قد رفعت و جبة العشاء و هي مستنزفة تماما لتتجه مترنحة مغمضة العينين إلى سريرها متمنية أن تحتضن وسادتها و يحتضنها لحافها لكنها تجد زوجها في انتظارها يأمل منها ببعض من الرومانسية التي أصبحت هي أرضا جدباء يابسةمنها فتستجيب صاغرة مضطرة تارة و تتهرب تارة أخرى .

هذه هي أيامها تتشابه و تتكرر في الشكل و المضمون ,وتفتقر إلى السعادةالحقيقية و إلى غذاء الروح الذي معه يشحن الإنسان طاقته ليستطيع إكمال حياته راضيابأقداره .

أخيرا بعد فارغ الصبر جاء يوم الجمعة .

تمنت لو أنها اليوم لا تبرح سريرها فهي في أشد الحاجة إليه , أعدت فنجان قهوتها المفضلة , و استلقت على سريرها لتغيب شاردة عن الواقع ,و هنا تحولت غرفتها لحديقة غناء و هي مستلقية على خضرتها مستمتعة بجمال المشهد , متأملة زرقة السماءالصافية , و فجأة تظهر أمامها قصور رائعة الجمال في السماء تتدلى منها حبال تصل إلى الأرض , تعتدل في جلستها و تدقق النظر ليبهرها المنظر و يستحوذ على لبها .

بعفوية شديدة تجد نفسها منجذبة لحبل من الحبال ,تمسك به علها ترقى الى السماء, فيستوقفها رجل مسن غريب الملامح ينصحها بالابتعاد عن تلك الحبال .

عبثا يحاول إثناءها فتبدأ في التسلق لكن الحبل ينقطع لتجد نفسها مطرحة ارضا

ولتقابلها شماتة الرجل المسن محاولا أن يثنيها عن المحاولة مجددا لكنهاتتجاهل كلماته متجهة الى حبل اخر و بمجرد التمسك به و محاولة تسلقه تسقط .

يدنو منها الرجل المسن ويخبرها ان تلك القصور الطريق اليها قاتل و مرعب وما اجتازه احد مسبقا؛ فتتجاهله وترفع رأسها إلى السماء وتحدق في القصور فتسمع صوت ضحكات قادماً منها , فتعدو مرة اخرى ممسكة بحبل جديد..يحاول المسن أن يمنعها لكنها تصر و تتسلق الحبل الجديد لتسقط مرة تلو الأخرى و تصاب بالجراح و الإعياء .

يقترب منها ويقول : ألم أنصحك يا صغيرتي أن تتركي قصور السماء لأصحابها وتظلي معي هنا؟.

تتجاهل كلماته و كأنها لم تسمعه وتحبو باتجاه حبل آخر فيحاول الإمساك بها ومنعها.

منهكة ,تتشبث بالحبل الجديد, فيجذبها الرجل تجاهه, تدفعه بقوة بعيداً عنها ليسقط أرضا وبسقوطه يسقط قناع يكشف عن مدى بشاعة مظهره وتبدو له عينا شيطان و أسنان ذئب.

يقوم من سقطته ليلحق بها لكنها تكون قد تسلقت قدراً لا بأس به من الحبل و هذه المرة يعجز عن اللحاق بها او منعها .


هذه المرة نجحت في الاعتصام بالحبل القوي الصحيح الذي معه تبلغ قصور السماء .

تفيق من شرودها على صوت جرس الباب ..


لقد عاد صغارها من النادي الرياضي .


وهنا تسأل نفسها : ترى بأي حبل أنا معتصمة ؟









راقت لي كفكرة ,, فكتبتها بقلمي

مارس 2014

نسرين حسن






شكرا
20
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حنين المصرى
حنين المصرى
اختى نسرين
قصة في منتهى الروعة
متماسكة قوية معبرة وتأسر عينيك من بدايتها لنهايتها
إنه حبل الله المتين
جعلنا الله ممن يتمسكن به قوﻻ وفعلا
واثابنا وكل اﻻمهات الفضليات المضحيات
بجنة عرضها السماوات واﻻرض
اجدتى غاليتى ولك تحياتى وودى
مؤيدة بنصر الإله
ما شاء الله

أسلوب جميل ومنسق ، يشد القارئ للنهاية ..
بارك الله بقلمك الذي لملم شتات القصة
وجمعها هاهنا سحرا لا ينضب

سلمت أناملك غاليتي
,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,
مرحبا بالاخوات الفضليات حنين و مؤيدة

ممتنة للحضور الكريم

ذكرت سابقا انها فكرة راقت لي و معالجة للانخراط بعالم الماديات و تناسي الصراط المستقيم

و انني تناولتها باسلوبي بعد ان تناولها غيري بأكثر من طرح

عميق شكري
آهات رحلة
آهات رحلة
جميل طرحك أحببت اسلوبك

مبدعة

جزاك الله خير
,’سمسمه/
,’سمسمه/
جميله هيّ قصتك ي نسرين ,
رغم إني توقعت ف النهاآيه إنها تحلم , لكن توقعي في غير محله

تسلمين ي عسسل , ربي يخلي لصاآحبة القصه عياآلها وآحبابها =)

..