
راقية الفكر @raky_alfkr_1
كبيرة محررات
حتى الشسع
حتى الشسع
كثير من الناس لا يلجؤون إلى الله ، ولا يتضرعون إليه إلا إذا نزلت بهم عظائم الأمور وشدائدها من نحو المصائب الكبيرة كفقد الأحبة ، وخسارة الأموال الطائلة ، أو نزول الأمراض المستعصية ، وما جرى مجرى هذه الأمور .
أما ما عدا ذلك فلا يخطر ببالهم الدعاء ، والتضرع إلى الله ؛ لظنهم أنها أمور يسيرة لا تستدعي الانقطاع إلى الله .
ولا ريب أن ذلك خطأ يجدر بالمسلم تجنبه ؛ إذ اللائق به أن يعلق رجاءه بربه ، وأن يسأله كل صغيرة وكبيرة من أمره ؛ فتكدر الوالدين على الولد ، وسوء خلق الزوجة ؛ ونفور الأولاد ، وجفاء الأصحاب ، وتكاسل من يعمل تحت يد الإنسان ، وتعكس بعض الأمور عليه ، ونحو ذلك مما شاكله وجرى مجراه - كل ذلك من البلاء الذي يحتاج إلى دعاء وإنابة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( سلوا الله كل شيئ حتى الشسع ، فإن الله - عز وجل - لو لم ييسره لم يتيسر )) .
والشسع : هو أحد سيور النعل ، وهو الذي يدخل بين الأصبعين ، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل .
فقوله صلى الله عليه وسلم : (( حتى الشسع )) : إشارة إلى أن ما فوقه أولى وأولى ، وأن الإنسان لا غنى له عن ربه - جل وعلا -
والمقصود من ذلك أن على العبد أن يتوجه إلى ربه في جميع حوائجه ؛ فالله - عز وجل - يحب أن يسأل ، ويرغب إليه في الحوائج ، ويلح في سؤاله ودعائه ، بل إنه - تبارك وتعالى - يغضب على من لا يسأله ، ويستدعي من عباده سؤاله ، وهو قادر على إعطاء خلقه سؤلهم من غير أن ينقص من ملكه شيئ ؛ فلا يحسن بالعبد -والحالة هذه- أه يدع الدعاء في دقيق أمره وجليله ،
وقد جاء في أثر إسرائيلي أن موسى - عليه السلام - قال : (( يارب إنه لتعرض لي الحاجة من الدنيا ؛ فأستحيي أن أسألك إياها يارب )) .
فقال الله - تعالى - : (( ياموسى : سلني حتى محل عجينتك ، وعلف شاتك )) .
وكان بعض السلف - كما يقول ابن رجب - يسأل الله في صلاته كل حوائجه ، حتى ملح عجينته ، وعلف شاته .
ولقد أحسن الشيخ المكودي رحمه الله إذ يقول :
إذا عرضت لي في زماني حاجة
وقد أشكلت فيها علي المقاصد
وقفت بباب الله وقفة ضارع
وقلت إلهي إنني لك قاصد
ولست تراني واقفا" عند باب من
يقول فتاه : سيدي اليوم راقد
فإذا اعتاد الإنسان دعاء ربه ، وسؤاله كل شأن من شؤونه - كان حريا بالإجابة ، جديرا" بالعزة والكرامة .
المصدر : كتاب ارتسامات للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد
9
819
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.




الصفحة الأخيرة
سبحان الله وبحمده