حتى تعود المودة والرحمة إلى بيوتنا ^-^

الأسرة والمجتمع


حتى تعود المودة والرحمة إلى بيوتنا ^-^

من المطالب التي باتت ملحة على أذهان وقلوب الكثيرين اليوم، تلك الرغبة الصادقة في العيش في بيت الزوجية الذي تغمره المودة الخالصة، والرحمة الظليلة الحنون، بعيدًا عن القلق والضيق، وأشباح الكراهية والسآمة والخلاف والفراق.

وقبل أن أفصّل القول في أسباب عودة المودة والرحمة، أحب أن أذكر أولاً أن الزواج في الإسلام ينشد للرجل والمرأة أن يحققا به سكن النفس، وراحة القلب، وهدوء البال؛ ليعيشا في زواجهما حياة ملؤها المودة والرحمة، قال تعالى:
) "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة( (الروم: 21)، وعمادها الانسجام والتعاون، وظلالها التآلف والتسامح؛ وذلك ليستطيعا في هذا الجو الوديع الحاني أن يؤسسا البيت السعيد الذي تنشأ فيها أجيال جديدة مسلمة سعيدة، وتحيا الأسرة في خير وصفاء وهناء.

وهكذا نرى أن الإسلام يريد لهذين الزوجين أن يهنآ وينعما في زواجهما، المبني على أساس مكين راسخ من مطالب الجسم والعقل والروح والعاطفة، لينطلقا سويًا في عمارة الأرض وإصلاحها.

القوامة مسؤولية لا استعباد
وأذكر ولا أنسى أن من أهم النصائح التي تلقيتها بعد زواجي بشهور، وكانت تلك الفترة تمتاز بكثيرة المشاكل بيني وبين زوجتي، تلك النصيحة التي أهداها إلي صديق لي بعد أن أكثرتُ إليه من الشكوى، وبعد أن حاول علاج كل مشكلة كل مرة على حدة، فإذا به ذات مرة يقول لي كلمة ما انتفعت بمثلها حتى الآن في زواجي، حيث قال لي: "اعتبر هذا الزواج سفينة وأنت رُبَّانها".
ومن حين فطنت لهذا المعنى قلَّت مشاكلي كثيرًا، وأصبحت حياتي أفضل من ذي قبل بكثير.

ومن هنا فهمت أن الإسلام أعطى للزوج حق القوامة على المرأة؛ ليكون رجلاً بحق، يعرف كيف يقود سفينة الحياة في أسرته نحو شاطئ السلامة والهدى والرشاد، فهو ربانها المسؤول عن توفير الراحة والأمان، وحل مشاكلها، والصبر على ما يلقاه في الطريق من مشقة، أو عناء، أو رياح عاتية، أو أمواج عالية حتى يصل بها إلى بر الأمان.

وعلى الرغم من أن الزواج شركة بين الزوجين، وكلاهما مسؤول عن نجاحها ومدها بأسباب البقاء والهناء، إلا أنه وما دام الرجل هو صاحب القوامة والمسؤولية بالدرجة الأولى، فإنه من الطبيعي أن أتوجه إليه هنا بالخطاب- على أن أخصص مقالاً آخر للزوجة إن شاء الله- فأذكره أن:
أفضل الأزواج :27::arb:
هو الزوج المسلم الذي يسير على هداية من تعاليم الإسلام السامية الراقية في معاملاته وسلوكياته مع زوجته، حتمًا سيكون أروع الأزواج، إذ لو نظرنا إلى هدْي الإسلام في التوصية بالمرأة، والحض على تكريمها، والإحسان إليها لرأينا عجبًا، ففي الحديث: ((استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها، استمتعت بها وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها)).
وفي هذا الحديث بيان لطبيعة المرأة وما يعتريها من أحوال قد لا تعجب الزوج أو تريحه، فلا ينبغي عليه أن يصر ويلح على لزومها طريقة واحدة يعتقد أنها الصواب أو الأصح، وليراعين مزاجها الأنثوي الخاص، وليقبلها كما خلقها الله وفيها عوج عما يرغب في بعض الأمور، فإنه إن أبى إلا أن يُقيمها على إرادته ومزاجه، فقد يحدث ما لا تُحمد عقباه، وإذا هو يكسرها ويخسرها، فكسر المرأة طلاقها.
وحينما يتفهم الزوج المسلم هذا الأمر النبوي، المبني على تفهم عميق لنفسية المرأة ومزاجها، فإنه سيتسامح في كثير من هفواتها، ويتغاضى عن كثير من هنواتها، ويتغافل عن بعض عثراتها، مراعاة منه لخلقتها وفطرتها، وعندئذ يظفر ببيت هادئ لا صراخ فيه، ولا خصام.

خياركم خياركم لنسائهم
ولأن من طبيعة القوي أن يبطش بالضعيف إذا استفزه، والمرأة ضعيفة رقيقة متقلبة المزاج أحيانا، وهذا مما يؤدي إلى سهولة ظلمها أو الإضرار بها، فقد تعددت توصيات أفضل الأزواج على الأرض قاطبة، وهو النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، بالمرأة، حتى بلغت (أي التوصيات) حدًّا يجعل الزوج المحسن لزوجته من خيار الأمة وصفوتها، فيقول صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم).
بل ويسمو الشرع الحنيف في تكريم الزوجة، وتوصية الزوج بحسن عشرتها، حتى وإن كرهها، وهو المرتقى السامي الذي لم تصل إليه المرأة في أي دين، أو حضارة لا قبل الإسلام ولا بعده، يقول الله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا"(النساء: 19).

أرأيتم رحمة ومودة كهذه من قبل؟! وبذلك يصون الشرع رباط الزوجية من التفكك، ويحفظ ميثاقه المقدس من الذوبان في أتون نزوات عاطفية متقلبة، أو حماقة غضب فائر.

الزوج المثالي..أفعال وأقوال معًا :43:
إن الزوج المسلم حين يتأمل نصوص الشريعة الرحيمة السمحة الآمرة بالإحسان إلى زوجته، لا يسعه إلا أن يكون زوجًا ممتازًا تنعم زوجته وأسرته بعشرته الطيبة، وتهنأ بلباقته وقدرته على إشاعة أجواء مريحة بكلماته الراقية المهذبة، وحديثه الحلو اللطيف المؤنس، مهما امتد بهما العمر، أو آلمتهما خطوب الحياة.
وإلى لقاء .
منق_________:39:__________ول
المصادر:
1- شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، محمد علي الهاشمي،


0
361

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️