تلك هي أزمة منتصف العمر
والتي تحدث في المرأة حول سن الأربعين
حين تراودها أفكار وتساؤلات لم تكن تخطر
ببالها قبل ذلك فقد كانت طوال حياتها السابقة مشغولة بالدراسة
والخطبة والزواج ورعاية الأطفال
وبناء الأسرة
أما الآن وقد كبرالأولاد وانشغل الزوج عنها
وأصبحت تشعربالوحدة
وتشعر بتسلل التغيرات الجسدية شيئاً فشيئاً
فلم تعد بجمالها وحيويتها ونضارتها وسحرها
كما كانت وبدأت ترى بعض شعرات بيض تظهر في رأسها
صحيح أنها تنزعها بسرعة
ولكن سرعان ما تظهر غيرها .
وأبناءها أصبحوا يفضلون الذهاب مع أصدقائهم على الجلوس معها وزوجها أصبحت مشاعره فاترة نحوها إلى درجة باتت تقلقها
هذا بالإضافة إلى ماتسمعه عنه من شائعات
توحي بأن عينية امتدت خارج البيت
وربما مشاعره أيضاً .
إذن فيم كانت التضحيات من أجل الزوج والأولاد
وهم الآن يتسللون واحداً تلو الأخر بعيداً عنها
وأين جهودها في ارساء قيم التفوق والنجاح
في أبنائها وهم الآن يسلكون عكس ماكانت تتوقع لهم
ويتمردون على كل توجيهاتها
وأين أحلامها في أسرة ناجحة مترابطة
وهي الآن تراها تتفكك شيئاً فشيئاً
فلم تعد تجمعهم مائدة طعام واحدة منذ مدة طويلة
ولم تعد تجمعهم أحاديث سمر .
ولم يبق لها إلا الوحدة والملل والكآبة والخوف
من المستقبل
هذه هي بعض معالم أزمة منتصف العمرالتي تمربها معظم النساء
بعض النساء ممن لديهن درجة عالية من الوعي والإحساس
وبعض النساء يتقبلن الأمر بسهولة
وتمر هذه المرحلة الأمور بلا مشاكل
خاصة في النساء الناضجات
حيث تدرك المرأة أنها ربما خسرت بعض الأشياء كأنثي
ولكنها كسبت مساحات كبيرة كأم حنونة أو كموظفة ناجحة
أو رائدة في مجال اهتمامها
وفريق ثاني من النساء
يشعرن بآلام الأزمة ولكنهن يتحملن ويقاومن
في صمت ويحاولن إخفاء الأزمة عمن حولهن
ولذلك تظهر عليهن بعض الأعراض كآلام وتقلصات بالبطن
أو صعوبة في التنفس
أوآلام بالمفاصل أو صداع مزمن
أوارتفاع في ضغط الدم
وفريق ثالثٌ
يفضلن الانطواء والعزلة
بعيداً عن تيار الحياة ويمارسن واجباتهن المنزلية
والوظيفية في أدنى مستوى ممكن
وفريق رابع
يزهد في الحياة وينصرف إلى العبادة ويتسامى عن رغبات البشر
ويشعر بالصفاء والطمأنينة والأنس بالله
وفريق خامس
يستغرقن في العمل والنشاط والنجاح في مجالات كثيرة
على أمل التعويض عن الإحساس بالإحباط والفشل في الحياة الماضية
وفريق سادس
يلجأن إلى التصابي والتصرف كمراهقات في ملابسهن وسلوكهن
وربما تستعجل الواحدة منهن الفرصة التي تعتبرها أخيرة
(نظراً لقرب غروب شمس الشباب)
فتقع في المحظور
أما الفريق السابع
من هؤلاء الذين
يعانين أزمة منتصف العمر
فإنهن يتحولن إلى المرض النفسي كالقلق
أو الاكتئاب أوأي اضطراب نفسي آخر
ومما يدعم من تأثيرات أزمة منتصف العمر
أنها ربما تكون قريبة من الفترة التي
تتوقف فيها خصوبة المرأة
وتقل فيها هرمونات الأنوثة مع ما يصاحب ذلك
من تغيرات جسمية ، فتضاف العوامل البيولوجية إلى العوامل النفسية والاجتماعية فتزيد الطين بلة
إذن ما الحل ؟
وما العلاج ؟
الحل
هو أن نستعد لمواجهة هذه الأزمة قبل حدوثها وذلك بتحقيق إنجازات حقيقية راسخة ومتراكمة
في مراحل الشباب
وألا نضيع سنوات الإنتاج هباءً
وأن يكون في حياتنا توازن بين عطائنا لأنفسنا وعطائنا للآخرين
حتى لا نكتشف في لحظة أننا ضيعنا عمرنا
من أجل إنسان لم يقدر هذا العطاء
بل تنكر له وجحده في غمضة عين
وأن يكون لدينا أهداف نحاول تحقيقها
وأهداف بديلة نتوجه إليها في حالة إخفاقنا
في تحقيق الأهداف الأولى
فالبدائل تقي الإنسان من الوقوف في الطرق المسدودة
فالواقع يقول أن الحياة مليئة بالخيارات
وإذا انسد طريق فهناك ألف طريق آخر يمكن أن يفتح
وإذا فقدت المرأة بعض شبابها
فقد اكتسبت الكثير من النضج والخبرة والوعي والقدرة
على قيادة أسرتها والحفاظ عليها
واكتسبت الخبرة في العمل وفي الحياة .
وإذا فقدت هويتها كفتاة جذابة وجميلة فقد اكتسبت هوية الأمومة
ومكانتها وكرامتها
ونحرص أن تكون لنا علاقة قوية بالله تحمينا من تقلبات الأيام وجحود البشر
وأخيراً وليس آخراً علينا أن نتذكر أننا نمر
في عمرنا بمراحل قدرها الله سبحانه وتعالى
وهيأنا لها ولكل مرحلة مزاياها ومشاكلها .
وعلينا أن نتقبل ذلك راضين شاكرين
وأن لا نأسى على ما فاتنا
فكل شئ يسير بتقدير من الله
وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا
وأن مردنا في النهاية إلى الله
وأننا نوزن عنده بأعمالنا الصالحة وقلوبنا المحبة للخير
ولا نوزن بأموالنا أو وظائفنا أو جمال وجوهنا وأجسادنا
" إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم"

توتو و فوفو^_* @toto_o_fofo
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️