*( حتى يعود الدفء العاطفيّ إلى بيوتنا )*

الأسرة والمجتمع

يقول الدكتور أكرم رضا:"قال لي صاحبي متعجّباً:أين الحبّ في البيت، من قوله تعالى:


{ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة

إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}




. فابتسمت وقلت مبتهجاً: بل إنّ الله يبيّن في هذه الآية أعلى درجات الحبّ في البيت؛

وهي (المودّة)، إنّ الحبّ عطاء متبادل يقلّ إذا قصّر أحد الطرفين، ولكنّ المودّة عطاء بغير مقابل،

ألم يسمّ الله تعالى نفسه الودود من أجل أنّه يحبّ عباده؟

ابتسم صاحبي وقد أصابه بعض الابتهاج، فقلت مبادراً: وبيّن - سبحانه وتعالى- أيضا

أدنى درجات الحبّ وهي (الرحمة). فالمودّة تكون عندما يكون الحبّ،

فإذا فتر الحبّ وقلّ رصيده في بنك الحبّ...هل يعلن البيت إفلاسه؟

ألا توجد وسيلة لإعادة التوازن؟ بلى، إنّها الرحمة. وإذا كانت المودّة لطفاً وتلطّفاً،

فإنّ الرحمة رفق وترفّق. وعلى جناحيّ المودّة والرحمة يستمرّ الحبّ في البيت بمستواه الأعلى

والأدنى، ويصبح فعلاً سكناً، وهذه الرحمة تبدو واضحة جليّة في قوله – تعالى-:



{وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}




فبالمعروف يعود الدفء إلى البيوت، وبالمعروف ترتوي أشجار الحبّ فيها

وتمتدّ أغصانها وتخضرّ أوراقها فيتّسع ظلّها لتصبح بيوتاً تعيش في ظلال الحبّ.

إلا أنّ هناك بيوتاً قد جفّت أشجارها، وتكسّرت أغصانها، وتساقطت أوراقها، فتقلّص ظلّها.

ولأنّ تلك الأشجار تحتاج إلى ريّ مستمرّ يساعدها على النموّ والبقاء؛

كان لزاماً على الزوجين أن يدركا الوسائل التي يستطيعان بها ريّ أشجار الحبّ لينعما بظلالها،

وأن يدركا أيضاً سبب جفاف تلك الأشجار حتّى لا يحرما هذا الظلّ.

ولهذا كان (بالمعروف) كتاباً تربويّاً مفيداً قدّمه مؤلّفه فيما يربو على ثلاثمائة صفحة

مستعرضاً القواعد التي يزيد بها رصيد الحبّ في بنك الحبّ في بيوتنا، والتي أسماها

(الاحتياجات العاطفيّة)،

استفتحه باسطاً الحديث عن تلك الاحتياجات مقدّماً في البدء تعريفاً مبسّطاً لها،

ليسلّط الضوء بعد ذلك على أهمّ عشر احتياجات منها تسهم في اتساع ظلال الحبّ

وزيادة موارد بنك الحبّ. ومن ثمّ قدّم جدولاً سردت فيه تلك الاحتياجات دونما ترتيب

تاركاً للزوجين فعل ذلك وفق الأهمّ حسب ما يراه كلّ منهما، ومن المفارقات اللطيفة التي ساقها

المؤلّف في هذا السياق أنّه عندما أجرى هذا الاختبار على مجموعة من الأزواج وزوجاتهم

كانت المفاجأة عند مقارنة تصنيف كلّ زوجين أنّ أوّل وأهمّ خمسة احتياجات عاطفيّة للرجال

هي آخر الاحتياجات للنساء وبالعكس. ومن هنا، وجد الإجابة الشافيّة للتساؤل المتألّم

الذي طالما تردّد صداه في كلّ بيت: لماذا يضيع الدفء العاطفيّ من بيتي، ولم الصقيع يلفح جنباته،

رغم أنّي قدّمت كل ما أستطيعه؟! ليبرهن المؤلّف على ضرورة الاعتراف بوجود الفروق

بين الجنسين وإعطائها حقّها. إذ أنّ هذه الفروق الطبيعيّة يمكن أن تفسّر الخلافات

وصعوبات التواصل التي تنبع عنها. ويهمس في النهاية في أذن كلا الزوجين

أن ارويا أشجار الحبّ بإشباع كلّ منكما حاجات الآخر، واستمتعا بالظلال الوارفة.

ذلكم كتاب (بالمعروف) الذي وفّق مؤلّفه في تشخيص الداء وملامسة الجرح

ليبدع بعد ذلك في وصف الدواء، مقدّماً منهجيّة إصلاحيّة ذاتيّة لكلا الزوجين

سبقها باستبيان شامل واضح لتلك الاحتياجات العاطفيّة.

دعم المؤلف عبارات كتابه بآيات قرآنيّة معبّرة، وحلاها بعدد من المواقف التربويّة النبويّة المؤثّرة،

وزيّن سطوره ببعض الرسوم التوضيحيّة البديعة.

وهو بحقّ من أفضل ما كتب في تربويّات الأسرة.

ويعدّ الحلقة الثانية ضمن سلسة بيوتنا وإدارة الذات التي تقدّمها شركة ألفا للنشر والتوزيع.

المؤلف: د.أكرم رضا



دمتــم في دفء البيــوت
10
682

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

التاجرة أم عبودي
مشكورة
أم عمووري ونوونا
مشكورة
مشكورة
العفو حبيبتي
نليوفر
نليوفر
يسلمو كلام وطرح راااائع
ماما الحبوبه
ماما الحبوبه
وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}
أم عمووري ونوونا
يسلمو كلام وطرح راااائع
يسلمو كلام وطرح راااائع
سلمتي حبيبتي