وهذا الحديث صحيح، وهو وصية محمد -عليه الصلاة والسلام- للأولين والآخرين.
قال بعض الصالحين: إذا أردت أن توصي حبيبك أو صاحبك أو ابنك فقل له: احفظ الله يحفظك.
قال أحد العلماء: تأملت في هذا الحديث فكدت أدهش لما فيه من معان جليلة.
ولذلك قال سليمان بن داود عليه السلام وعلى أبيه: تعلمنا مما تعلم الناس ومما لم يتعلم الناس فما وجدنا كحفظ الله في الغيب والشهادة.
وقال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه لـمعاذ وأبي ذر : {اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن }..
نماذج ممن حفظوا الله فحفطهم:
أبو الطيب الطبري يقفز من السفينة
أتى أبو الطيب الطبري -أحد علماء الإسلام- إلى سفينة فركبها، فلما اقترب من الشاطئ -وهو في السبعين من عمره- أراد أن يدلف إلى الشاطئ فقفز، وكان معه شباب فأرادوا أن يقفزوا فما استطاعوا؛ فقالوا له: كيف استطعت وما استطعنا وأنت شيخ كبير؟ قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر. ?فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ? وهذه القصة ذكرها ابن كثير رحمه الله.
فالعين يحفظها الله إذا حفظت الله، والسمع يحفظه الله يوم تحفظ الله، وكذلك اليد والرجل: ?فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ? .
عقبة بن نافع ينادي الوحوش:
خرج عقبة بن نافع قائداً للمسلمين ليفتح شمال أفريقيا ، فلما وصل إلى شمال أفريقيا ودخل غابة أفريقيا الموحشة، وإذا بالأسود في طريقه والحيات والعقارب، فقام فصلى ركعتين، وخرج مترجلاً حتى صعد على صخرة وسط الغابة وقال: أيتها الأسود -ينادي الأسود في الغابة - أيتها السباع! أيتها الحيات! أيتها العقارب! نحن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام جئنا نفتح الدنيا بلا إله إلا الله محمد رسول الله، ادخلي في بيوتك. قالوا: فدخلت في جحورها وخرج.
هؤلاء الذين حفظوا الله فحفظهم الله .
وكما أن هناك من الشعراء من حفظ الله فحفظهم الله، فإن هناك من ضيعوا الله فضيعهم الله تعالى.......
امرؤ القيس ضيع الله فضيعه الله

وممن ضيع الله على ذكر الأدب: امرؤ القيس ، ضيع شبابه في المعصية فضيعه الله، ما عرف إلا النساء والخمر فضاع.
ومعه ابن هاني الأندلسي ، أحد الفجرة، دخل على خليفة وقال:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
يقول للسلطان: احكم فأنت الواحد القهار، فعلمه الله من هو الواحد القهار، وأعطاه درساً لئلا ينسى من هو الواحد القهار؛ خرج من القصر فأصيب بمرض، قالوا: كان يعوي كال على فراشه ويقول: أنت الواحد القهار، وأخذ يبكي ويقول:
أبعين مفتقر إليك نظرتني فأهنتني وقذفتني من حالق لست الملوم أنا الملوم لأنني علقت آمالي بغير الخالق
كيف نحفظ الله :
?
ويبقى حفظ الله -عز وجل- ورعايته لأوليائه، لكن من هو الذي يحفظ الله ليحفظه الله؟
لأن الله يقول: ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) والأواب: الرجاع إلى الله، كثير التوبة والندم والاستغفار، كثير العبادة والإنابة، والحفيظ: الذي يحفظ حدود الله. وحفظ الله يأتي بتقوى الله.
وتقوى الله: أداء ما أمر، واجتناب ما نهى، وتصديق ما أخبر.
وتقوى الله أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية.
وتقوى الله: أن يكون أخوف من تخاف منه هو الله، لأن أي شيء إذا اقتربت منه أمنته إلا الله، فإنك إذا اقتربت منه خفته: ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ? .
وتقوى الله قال فيها أبو الحسن علي رضي الله عنه وأرضاه: التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
منقول
موضوع رائع جدا
الله يعطيك العافيه