فيضٌ وعِطرْ

فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr

فريق الإدارة والمحتوى

~ حديثُ القَلْب ~

الأدب النبطي والفصيح






حديثُ القَلب..




تتوسل بنا الأحلام الذهبية ..

فيصغي لها القلب ساعة جذلى مقطوعة من عمر الزمن...
وينزفها العقل ساعات صحوة
ونحن شاربوالحزن تنعشهم لحظة انتصار
تمرّ كسحابة صيف.. ولا تخلّف أثراً...

فمن أين تجيش بنا الأحلام وتمتد ؟
وأين تختصر ؟..


إنّها تتراوح بين ... الفؤاد ... والقلب ...
والعقل ... واللّب ..
تلكم .. المعرّفات .. التي تصنع مزيج ألواننا
المتجليات بمعاني الروح...
والفاعليات في ملاذ الجسد ..

فمن البعد العقلي تنبع جملة نتاج العقل وإبداعه ...
في التفكير العلمي والمنطق... في الحقائق المجرّدة ..
ومن البعد العاطفي يتولد التفاعل والانفعال ... والرغبة والتمنّي
والحب والبغض ...والأمل واليأس ... وهذا .. شأن القلب ... !
مركز الحرارة والحركة...وصورة التجليات الروحية ...

مصدر الهداية ~

هل عقولنا التي تهدينا ؟ أم أن نور الهداية مصدره القلب ؟
اختلف الناس ويختلفون فيه ... بين هذا وذاك .. .
فقال البعض أن الهداية والاستنارة شأن العقل وحده ...
كما قال آخرون أنه شأنٌ يخص القلوب...
ولكن هناك ثالث من يرى أنها مناط الاثنين معاً : العقل والقلب ..

تمعّني في قول الله تعالى :
( ألهم قلوب يعقلون بها )...
( قل إنها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )
...

قد يرغب القلب شيئاً .. يراه العقل غير مقبول أو العكس صحيح ...
فمنا من يخضع لحكم العقل فهو عقلانيّ ...
ومنا من يخضع لحكم القلب...فهو عاطفي ...
هنا يحدث الصراع والنزاع بين العقل والقلب...
ومن هذا المركز تنطلق إشعاعات التفاوت والاختلاف بين الناس ..
وقد يحدث صراع العقل والعاطفة في الإنسان بذاته ..
ويشتد النزاع الذي يورثه التعب ...
فتقع النفس في صراعٍ و جهاد ...
حتّى ترجح إحدى الكفّتين ..!




وجدانيات ~

في حديث العقل والقلب قرأت للرافعي مقطوعة أخّاذة ...
قطفت منها نغمةً تنساب للوجدان :
ولكن الدنيا بما وسعت لا يمكن أبدا أن تغني محباً
عن الواحد الذي يحبه!
هذا الواحد له حساب عجيب غير حساب العقل....
فإن الواحد في الحساب العقلي أول العدد...
أما في الحساب القلبي فهو أول العدد وآخره ...


القلب .. أي لغزٍ هــو .. ؟!

هو عالم يضمّ عوالم .. وبحر في غيابة أبحر ..
قد يجهل الإنسان الكثير عن هذا المتكسر الأمواج..
الكائن بين ضلوعه ..
ربما هذا النبض الكامن فينا يوصف بأنه كائن لايوصف ..

لكنّا ندرك أننا فيه نكمل دورتنا في ذلك الخفق ..
ونرجع من حيث بدأنا ..
كل ثانية .. ولا خيار لنا في :
كيف ؟ لمن ..؟ وإلى متى .. ؟ وكم . ؟
يقول الشاعر :
وما سمي الإنسان إلا لأنسهِ ~ ولا القلب إلا أنه يتقلبُ

وفي علم البيان ~
ورد عن الراغب الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن :
"وقلب الإنسان قيل سمي كذلك ... لكثرة تقلبه ..!

القلب مضغة ~
يقول رسولنا الكريم في أنوار حديثه :
( إن في الجسد لمضغة ... إذاصلحت صلحت صلح الجسد كله
وإذا فسدت فسد الجسد كله
.... ألا وهي القلب...)

ذلك هو القلب في حقيقته التكوينية ...
مجرد مضغة من دم ولحم من شرايين وأوردة ...
تمثل مركز إمدادات الجسم كله بأسباب الحياة ...
وفي معناه هو مركز العواطف ... وجملة الأحاسيس ... ودفقة المشاعر..

معاني القلب في القرآن ~
وتعبّر الآيات الكريمة عن معاني القلب... في قوله تعالى:
(وبلغت القلوب الحناجر) ...
القلب هنا ...يضطرب خوفاً وفزعاً حتى لكأنه يقفز من مكانه فيبلغ الحلقوم ...
( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب )...
وهنا ... هو قلبٌ حي يعي ويدرك ويتعظ ... وهو قلب المؤمن المبصر ..
(وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه)...
ومرة ثالثة هو قلبٌ غليظ .. غطّته حجب الغفلة والكبر ... فهو قلبٌ أعمى عن الحق..
أمّا المؤمنون فقلوبهم شواهد ...ووطن ترتع فيه الطمأنينة واليقين
( ولتطمئن به قلوبكم )...




غليان القلوب ~

لعلك تعجبي من هذا العنوان ..!
تعالي إذن معي لنقرأ قول العالم الورع مالك بن دينار:
إن القلب إذا لم يكن فيه حزن ، خرب كما يخرب البيت إذا لم يكن فيه ساكن ،
وإن قلوب الأبرار تغلي بأعمال البر ،
وإن قلوب الفجار تغلي بأعمال الفجور ،
والله يرى همومكم ، فانظروا ماهمومكم رحمكم الله.

والفؤاد ماهو ؟

وأما الفؤاد... فهو تعريف آخر للقلب ...
جاء في لسان العرب لابن منظور:
والفؤاد سمي بذلك فهو القلب بتفؤّده وتوقّده..

وفي القرآن الكريم جاء ذكرالفؤاد :
(ما كذب الفؤاد ما رأى ) ...
(فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم )...
(نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة)...
قال البرهان البقاعي: وخص الفؤاد بالذكر ...
لأنه ألطف ما في البدن ..
وأشده تألماً ..بأدنى من الأذى ..
ولأنه أيضاً منشأ العقائد الفاسدة ..ومعدن حب المال والشهوات .

القلب السليم ~
في ( مفتاح السعادة ) كتب ابن القيّم يصف القلب السليم :
هو القلب الذي قد سلم لربه وسلم لأمره...
ولم تبق فيه منازعة لأمره ، ولا معارضة لخبره ...
فهو سليم مما سوى الله وأمره ...
لايريد إلا الله ، ولا يفعل إلا ماأمره ، فالله وحده غايته...
وأمره وشرعه .. وسيلته وطريقته ...
لاتعترضه شبهة تحول بينه وبين تصديق خبره...
ولكن لاتمر الشبهة عليه إلا وهي مجتازة تعلم أن لاقرار لها فيه ...
ولا شهوةً تحول بينه وبين متابعة رضاه ...
ومتى كان القلب كذلك فهو سليمٌ من الشرك ، وسليم من الغي ،
وسليم من الباطل .)

إنّ القلب السليم هو القلب الحي الذي يتأثر بالمواعظ القرآنية،
ويوجل من النذر الربانية..
يعظم الله تعالى، ويقرّ بنعمه ..ويعترف بتقصيره في حقه.
يقول تعالى :
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
القلب السليم هو الذي لايحمل ضغينة أو حقداً أو حسداً
أو تكبراً أو غروراً .. يحب الخير .. ويضمر الخير .. ويعمل الخير
ذلك القلب لن يخزى ..
( يوم لاينفع مال ولا بنون ، إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم )

( يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )..




هذا حديث القلوب
وللعقول والألباب حديثٌ آخر ..!






28
5K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نعمة ام احمد
نعمة ام احمد

رائعة يافيض
ولحديث القلوب نكهة خاصة معك
تطربنا وتمتعنا ..
نسأل الله سلامة القلب
حنين المصرى
حنين المصرى
يامثبت القلوب ثبت قلبي على دينك
حبيبتي فيض رحلت بنا الى عالم القلوب في رحلة جميلة كلها جمال وعبرة
استمتعت جدا بما كتبتي غاليتي
دمت مبدعة فيضة ودام ابداعك الغالي
المحامية نون
المحامية نون
فيض الغالية موضوع رائع
يستحق التأمل فعلاً
لطالما حاول العلم أن يثبت ان
القلب مجرد آله لضخ الدم
ليس لها علاقة بالمشاعر
ولكن كتاب الله الكريم أثبت ان للقلب
مزايا مثل البصر والعقل
شكراً لك لهذا المجهود
والمعلومات القيمة التي تدعو الى القراءة بشغف
حفظك الله فيضنا الحبيبة

امي حب دائم
امي حب دائم
جميل جدا ما كتبت

فقد اعطيت تعريفا شاملا للقلب
واحطت بجوانب عدة لتعريفه

جزاك الله خيرا كفيت ووفيت
روح الفرح.
روح الفرح.
اللهم ثبت قلبي وقلوب والدية على دينك
ربي يرزقك سعادة الدارين