ْْْ حســــن الخـــلق >>وتطييـــــــــــــب النفــــــوس ْْْْ

ملتقى الإيمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حسن الخلق وتطيب النفوس

إن حسن الخلق ومكارمه , يعتبر مما يميز الأنبياء والصديقين والصالحين على من سواهم وبه ترفع الدرجات , وتعلو المقامات , وتثمر التحاب والتآلف , وأما خلافها فلا يثمر إلا التباغض والتحاسد والتدابر ؛ ولذلك فقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على حسن الخلق , والإلتزام به , وجعله قرينا للتقوى , فقد روي عن أبي هريره رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟فقال) : « التقوى , وحسن الخلق ) » خرجه ابن ماجه وحسنه الألباني. ويعتبر تطييبا للنفوس المنكسرة , وجبر خواطر أهل الابتلاء من أعظم ما يكون من أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين , فلذلك هو علم على الأدب الإسلامي الرفيع , وخُلق عظيم , لا يتمثله ويتخلق به إلاذوي النفوس النبيلة .
وفي ذات الوقت يعتبر تطيب الخواطر عبادة عظيمة , كما أن بعض العلماء ذكروه من أبواب الاعتقاد , فقد قال إسماعيل بن محمد الأصبهاني رحمهالله : " ومن مذهب أهل السنة مواساة الضعفاء .. والشفقة على خلق الله " ،فأهل السنة يتبعون الحق ويرحمون الخلق , ويريدون لهم الخير والهدى ولذا كانوا أوسع الناس رحمة , وأعظمهم شفقة , وأصدقهم نصحاً , ويصدق على هذا المعنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وأئمة السنة والجماعة , وأهل العلم والإيمان , فيهم العلم والعدل والرحمة , فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة ... ويرحمون الخلق , فيريدون لهم الخير والهدى والعلم "
ولقد اعتنى الإسلام بهذا الخُلق غاية الاعتناء , بل شرع لذلك أحكاماً عديدة , في مناسبات متعددة , فمن ذلك :
1- استحباب التعزية لأهل الميت ؛ لتسليتهم , ومواساتهم , وتصبيرهم , وتطيب خواطرهم على فقد ميتهم .
2-كما شُرع للمطلقة غير المدخول بها نصف المهر , تطييباً لخاطرها , وجبراً لكسر نفسها , لقوله تعالى : }وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّمِن قَبْلِأَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ{
البقرة : 237].
3- وفي نفس السياق جاء الشرع بإقرار الدية في القتل الخطأ ؛ لجبر نفوس أهل المجني عليه , وتطييباً لخواطرهم.
4- مواساة من فقد عزيزاً أو تحمل ديناً : فقد روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنها أنه قال : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال لي) : « يا جابر : مالي أراك منكسراً ؟»( قلت : يا رسول الله استشهدأبي يوم أحد , وترك عيالاً وديناً . قال: «أفلا أبشرك بما لقي الله بهأباك ؟» , قلت : بلى يا رسول الله . قال : « (ما كلَّم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب , وأحيا أباك فكلمه كفاحاً , فقال : يا عبدي تمنَّ عليَّ أعطك ؟, قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية . قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يُرجعون » ( رواه الترمذي.
5 – مد يد المساعدة لمن وقع في طوق الدين وتوجيهه للحل: وقد كان هذا ديدن رسول الله فقد دخل ذات يوم المسجد ؛ فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامةرضي الله عنه, فقال) : «يا أبا أمامة مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة ؟» , قال: هموم لزمتني وديون يارسول الله . قال : «أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك ؟ »قلت : بلى يا رسول الله قال : «قل إذاأصبحت و إذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن , وأعوذ بك من العجز والكسل , وأعو بك من الجبن والبخل , وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال» , قال: ففعلت ذلك , فأذهب الله عز وجل همي , وقضى عني دَيني.
6 - تطيب نفوس وخواطرالفقراء والأرامل والأيتام , في صلتهم , وجبرٌ لمصابهم : ولقد روى الإمام الذهبي في السير أنه كان لأبي بَرْزَة جَفنة من ثَريد غدوة , و جَفنةعشية , للأرامل واليتامى والمساكين. وذكر في نفس السياق أن صاحب المغرب المنصور كان يجمع الأيتام في العام ، فيأمر للصبي بدينار وثوب ورغيف ورمانة ، وعلى نفس المنوال كان القاضي محمد بن علي المرْوَزيُّ وقد كان ماهر بالخياطة ؛ فقد كان يخيط بالليل للأيتام والمساكين , وَيَعُدُّهَا صدقة . وهذا أحمد بن علي الرفاعي كان يجمع الحطب , ويجئ به إلى بيوت الأرامل , ويملأ لهم بالجرَّة.
7- تطيب نفوس وخواطر عوائل الأسرى : وذلك عن طريق التواصل معهم بالزيارة , وكفالتهم , وحسن رعايتهم , لإعفافهم عن السؤال , وحفظهم من الابتزاز ؛ فكم تهون على الأسير مصيبته , حين تقرعينه بصيانة ذريته .
ومن الواجب التنبيه إليه إحبتي في الله أن مواساة المنكسرين وتطيب نفوسهم وخواطرهم لا يقتصر على الكلام فقط , بل قد تكون المواساة وتطييب الخواطر بالمال , وقد تكون بالجاه , وقد تكون بالنصيحة والإرشاد , وقد تكون بالدعاء والاستغفار لهم , وقد تكون بقضاء حوائجهم , فعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة , فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة , وكلما قوي قويت ،
ومن وسائل تطييب النفوس ما يلي :

1.الاعتذار للآخرين , وقبول أعذار المعتذرين : فالحرص على الاعتذار عندالخطأ , من وسائل تطييب النفوس ؛ لأن الإنسان يَرِدُ عليه الخطأ في تعامله مع الناس؛ وكفاره ذلك الذنب هو الاعتذار. وكذلك هو الحال لمن أساء إليك ثم جاء يعتذر عن إساءته ؛ فإن التواضع يٌوجب عليك قبول معذرته , حقاً كانت أو باطلاً , وتكل سريرته إلى الله.
2.تبادل الهدايا: للهدية أثر واضح في تطييب النفوس , وتصفية القلوب من الأحقاد , فعن أنس رضي الله عنه أنه قال : ( يا بني! تباذلوا بينكم؛ فإنه أودُّ لما بينكم ).
3.الابتسامة : ركز الإسلام على هذا المعنى تركيزا كبيرا فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذيتَبسُّمكَ في وجه أخيك لك صدقة» يعني : أن إظهارك البشاشة والبشر إذا لقيته تؤجر عليه كما تؤجر على الصدقة , فضلاًعن كونها تطيب النفوس , وتزيد المحبة. وفي نفس المعنى يقول ابن عيينه رحمه الله: " البشاشة مصيدة المودة " , فقد يصادفك أخي الحبيب شخص في الطريق وأنت مهمومٌ مغمومٌ حزينٌ ؛ فيبتدرك بتبسمه في وجهك , فتشعر أن همك قد زال , وحزنك قد بان . فالابتسامة تنشر المحبة بين المسلمين , وتطيب نفوسهم وخواطرهم , وتبعث الاطمئنان في نفوسهم وقلوبهم .
4.قضاء حوائج الناس : ويوضح هذا المعنى فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام النسائي فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يأنف أن يمشي مع الأرملةوالمسكين فيقضي له الحاجة». وقد كان هذا ديدن سلفنا الصالح فلقدقال حكيم بن حزامرضي الله عنه "ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها " ، وقال محمد بن عبد الواحد الزاهد : " ترك قضاء حقوق الإخوان مذلة ، وفي قضاء حقوقهم رفعة ؛ فاحمدوا الله على ذلك , وسارعوا إلى قضاء حوائجهم " ، ومشى بَقِي بن مخلد مع ضعيف في مظلمة إلى إشبيلية , ومشى مع آخر إلى إلبيرة , ومع امرأة ضعيفة إلى جَيَّان ، هذا مع كثر عبادته , وكثرةطلابه وانشغاله بالعلم والتأليف.
5.التزاور :زيارة المريض حال مرضه , وزيارة الإخوان بين حين وآخر له أثركبير في تطييب النفوس , وتنمية المودة والألفة .
6.فهم النفسيات: النفس البشرية إن كان لها مثل نشبهها به فلن يكون أعظم وأصدق من مثل البحر , والنفوس تختلف باختلاف أصحابها , فما يصلح لهذه قد لايصلح للأخرى , ولله در شبيب بن شيبة حينما قال : "لا تجالس أحداً بغير طريقه , فإنك إذا أردت لقاء الجاهل بالعلم , واللاهي بالفقه , والعِيِّ بالبيان آذيت جليسك " ، وهذاالمنيعي حسان بن سعيد المخزومي عندما أراد أن يبني جامعاً أتته امرأة بثوب لتبيعه وتنفق ثمنه في بناء ذلك الجامع , وكان الثوب لا يساوي أكثر من نصف دينار , فطيب خاطرها , واشتراه منها بألف دينار , وخبأ الثوب كفنا له.
7.إخفاء الفضل والمنة عند جبر الخواطر: فلقد كان القعقاع بن شَوْرٍ إذاقصده رجلٌ , وجالسه , جعل له نصيباً من ماله , وأعانه على عدوه , وشفع له في حاجته , وغدا إليه بعد المجالسة شاكراً .

فهذه بعض وسائل تطييب النفوس والخواطر، ولنعلم أن المريض, والمهموم, والحزين, والطبيب, والموظف, والداعية, والغني, والفقير, والصغير, والكبير, الكل يحتاج إلى الكلمة الطيبة , والابتسامة المشرقة , والتعامل الحسن , فجميعنا يحتاج إلى هذه العبادة. ولذلك ينبغي على الجميع إحياء هذه العبادة وتفعيلها مع الصغار والكبار , مع المرضى والأصحاء, مع الطلاب والمعلمين, مع العالم والجاهل , مع المصيب و المخطيء . فقد يصبح الطفل من العلماء والعظماءالنابهين النافعين , لأمته بكلمةٍ تشجيعية يسمعها من معلمه , أو أحد والديه . وقديصبح المريض الذي أعياه الألم , صحيحاً سليماً معافى بعبارة مشجعة , ودعوة طيبة , وابتسامة صادقة , من زائريه .

وقد يصبح المخطئ والمقصر , والمسرف على نفسه , صالحاً مصلحاً بموعظة حسنة , وذكرى نافعة , وتوجيه سديد . ولابد من استثمار موقف الضعف عند العبد ؛ لربطه بالله وحده .. فهو سلوة المنكوبين .. وملاذ المنكسرين .. وهو الذي يملك كشف الضرِّ .. }أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُوَيَكْشِفُ السُّوءَ { النمل :62] . وتذكيره بالثواب العظيم لأهل البلاء ؛ كماجاء عن أبي هريرة وأبي سعيدرضي الله عنه ا فيما رواه البخاري أن النبي r قال : «ما يصيب المسلم من نَصَبٍ , ولا وَصَب , ولا هم , ولا حزن , ولا أذى , ولا غَمٍّ , حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه». وكم منأُناس تبدَّلت أحوالهم , وتغيَّرت أمورهم , بسبب فتنة أو محنة ألمت بهم , وتصبيرهم وتثبيتهم حتم وواجب ؛ حتى لا يكونوا ممن تعصف بهم الأزمات والفتن , وتموج بهم رياح الابتلاء والمحن .

نسأل الله أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن , وأن يؤلف بين قلوبنا , ويصلح ذات بيننا , ويجعلنا هداة مهتدين , غير ضالين ولا مضلين . ونسألالله أن ينفعنا جميعاً .وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد , وعلى آله وأصحابه أجمعين .

جزاء الله من كتبه خير الجزاء واجزل له المثزبة والعطاء ..

وأختكم تتمنى لكم النفع وترجومن الله الجزاء لذلك نقلته لكم ..

أختكــم " أم ريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم "
23
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*ياسمين***
*ياسمين***
جزاك الله خيرا وبارك فيك ونفع بك
مبتغآآي آلجنه
الله يجزاك خير
بريق الألمآس ..
جزاك الله خير
احلى هلالية
احلى هلالية
جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوىوالغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان
لوحة الزمن
لوحة الزمن
جزاك الله خير