بسم الله الرحمن الرحيم
حسن التبعل:arb:
قال تعالى" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ؛ إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون".
إن الأصل في المسلم أن يسير بحسب مفاهيمه المرتبطة بالعقيدة فهو آمن بالعقيدة عن طريق العقل وأدرك أنها قادرة على إعطاء حكم لكل عمل من أعماله وتحديد موقف له تجاه كل ما يواجهه في هذه الحياة ؛ إنّ ارتباط المفاهيم بالسلوك ارتباط حتمي ولكن ارتباط المفاهيم بالعقيدة ليس ارتباطا حتميا وإنما هو ارتباط اجتماعي فيه قابلية الانفصال فيه قابلية الرجوع، ولذلك كان على الإنسان أن يظل دائم المراقبة لنفسه ، غير أن الإنسان قد يغفل عن مراقبة نفسه ، أو قد يوسوس له الشيطان فتختلط عليه الأمور فيغفل ما لا يجوز ويقول ما لا ينبغي ومن هذه الأفعال التي يندم الإنسان على فعلها هو عدم فهمه للحياة الزوجية حق فهمها وعدم إدراك حسن التبعل تمام الإدراك ؛ونحن هنا كحاملات دعوة أدركنا أننا مخلوقين لخالق هو الله تعالى ، وأدركنا أيضا أن الله يحاسبنا على أعمالنا في الدنيا ، إذا فيجب علينا أن نمتثل لأوامر الله ونبتعد عما نهى الله عنه ونعمل بالفروض والمندوبات وحيث أنّ تبعل إحدانا لزوجها هو من الفروض الواجب علينا إتباعها بل أنّ به ننال الجنة أو نستحق عذاب النار والعياذ بالله ؛ فيجب علينا أن ندرك حسن التبعل تمام الإدراك فننال رضا الله عز وجل فيجعلنا من أهل الجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين .
يقال في اللغة :"بعلت المرأة : أي صارت ذات بعل؛ قال سيبويه :" ألحقوا الهاء لتأكيد التأنيث ، فيقال للأنثى بعل وبعله مثل زوج وزوجه ؛ وتبعلت المرأة :أطاعت بعلها ؛ وتبعلت له : تزينت ؛ وامرأة حسنة التبعل إذا كانت مطاوعة لزوجها محبة له ، وفي حديث أسماء الأشهلية "إذا أحسنتنّ تبعل أزواجكن " أي مصاحبتهم في الزوجية والعشرة ، والبعل و التبعل : حسن العشرة من الزوجين ، و البعال حديث العروسين ، وقيل البعال النكاح ، ومنه الحديث في أيام التشريق إنها أيام أكل وشرب بعال ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنه :" أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أتى يوم الجمعة قال : يا عائشة اليوم يوم تبعل وقران "؛ يعني بالقران التزويج ، وفي القرآن الكريم : {وبعولتهنّ أحق بردهن}.
خلق الله الإنسان امرأة أو رجلا في فطرة معينة تمتاز عن الحيوان ، وقد هيأهما لخوض معترك الحياة بوصف الإنسانية ، وجعلهما يعيشان حتما في مجتمع واحد، وجعل بقاء النوع متوقفا على اجتماعهما وعلى وجودهما في كل مجتمع فلا يجوز أن ينظر لأحدهما إلا كما ينظر إلى الآخر بأنه إنسان يتمتع بجميع خصائص الإنسان ومقومات حياته ، فكانت الطاقات الحيوية من حاجات عضوية وغرائز وقوة التفكير هي واحدة خلقها الله عز وجل في كلا الجنسين ؛ فالإسلام نظر إلى الصلات بين الرجل والمرأة بأنها نظره لبقاء النوع فلم يترك الشرع للرجل والمرأة أن يشبعا غريزة النوع كيفما يتهيأ لهما بل جعل إشباعها بطريق واحد ليس غير هو طريق الزواج الشرعي وملك اليمين وجعل الأحكام الشرعية هي المقياس ، قال تعالى :{ والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين }
والزواج هو: تنظيم صلات الذكورة والأنوثة بنظام خاص وهذا النظام الخاص هو الذي يجب أن ينتج التناسل عنه وحده وهو الذي يحصل به التكاثر في النوع الإنساني وبه توجد الأسرة وعلى أساسه يجري تنظيم الحياة الخاصة وقد حث الإسلام على الزواج وأمر به فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحسن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "؛ وقد نهى الإسلام عن التبتل والرهبانية قال عليه السلام :" لا رهبانية في الإسلام " والتبتل هو : الانقطاع عن النكاح وما يتبعه من الملاذ إلى العباد.
إذا فالزوجة هي صاحبة الزوج في هذه الحياة فالعشرة بينهما عشرة صحبه يصحب أحدهما الآخر صحابة تامة في جميع الوجوه صحبة يطمئن فيها احدها إلى الآخر إذ جعل الله هذه الحياة محل اطمئنان للزوجين
قال تعالى {" هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها "} ؛ والسكن هو : الاطمئنان ، أي ليطمئن الزوج إلى زوجته والزوجة إلى زوجها ؛ وحتى تكون هذه الصحبة بين الزوجين صحبة هناء وطمأنينة بينّ الشرع ما للزوجة من حقوق على الزوج وما للزوج من حقوق على الزوجة ، فقال تعالى:{ ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف " وقال ابن عباس :" إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي وأحب أن استنظف كل حقي الذي عليها فتستوجب حقها الذي لها علي ، لأن الله تعالى قال :"ولهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف " وقال أيضا : لهن من حسن الصحبة والعشرة مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن.
وقد أوصى الله تعالى بحسن العشرة فقال : { وعاشروهن بالمعروف} ، والعشرة : المخالطة والممازحة، ومعاشرة الرجال للنساء تكون زيادة على وجوب حقها من المهر والنفقة أن لا يعبس في وجهها من غير ذنب وأن يكون منطلقا في القول لا فظّا ولا غليظا ولا مظهرا ميلا إلى غيرها ؛ وقد أوصى عليه الصلاة والسلام بالنساء فقال في خطبته في حجة الوداع :" فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله ولكم عليهنّ أن لا يطأن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرّح ولهن رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف"؛ وروي عنه عليه السلام أنه قال:" خيركم؛ خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي "، وروي عنه أيضا أنه جميل العشرة يداعب أهله ويتلطف بهم ويضاحك نساءه حتى أنه كان يسابق عائشة .
أخواتي الكريمات إنّ مفهوم المرأة في الإسلام أنها : أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان ؛ فحثها الإسلام على طاعة زوجها وحسن تبعلها له ؛ ورغّب بذلك في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت :" قال رسول صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة "، وعن حصين بن محصن رضي الله عنه أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لها : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم ، فقال : فأين أنت منه؟ قالت: ما آلوه إلا عجزت عنه ،قال فكيف أنت له؟ فإنه جنتك ونارك".
وروي أن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية ذهبت إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت :" يا رسول الله إني رسول ومن ورائي من جماعة نساء المسلمين ، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء فآمنا بك واتبعناك ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت ومواضع شهوات الرجال وحاملات أولادهم ، وإن الرجال فضلوا بالجمعات ، وشهود الجنائز والجهاد وإذا خرجوا للجهاد حفظن لهم أموالهم ، وربينا أولادهم ****ركهم في الأجر؟ ... فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه وقال هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالا عن دينها من هذه؟ ... فقالوا بلى يا رسول الله فقال رسول الله : انصرفي يا أسماء واعلمي من ورائك من النساء إن حسن تبعل إحداكنّ لزوجها وطلبها لمرضاته وإتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت للرجال "؛ فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشارا بما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه ، وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره ، وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنه كان لنا جمل نسني عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره ، وقد عطش الزرع والنخل! ، فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : قوموا، فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته فمشى النبي عليه الصلاة والسلام نحوه ، فقالت الأنصار : يا رسول الله قد صار مثل الكلب نخاف عليه صولته !! ، قال ليس عليّ منه بأس ، فلما نظر الجمل إلى رسول الله أقبل نحوه حتى خرّ ساجدا بين يديه ؛ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه : يا رسول الله هذا بهيمة لا يعقل يسجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك؟! قال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها ولو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه...
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا بلى يا رسول الله ، قال : النبي في الجنة، والصديق في الجنة ، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله في الجنة، ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا بلى يا رسول الله ،قال : ودود ولود إذا غضبت أو أسيئ إليها أو غضب زوجها قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأة أيمٌ فإن استطعت وإلا جلست أيمّا ، قال :فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على ظهر قتب أن لا تمنعه نفسها ، ومن حق الزوج على الزوجة أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها ولا تخرج من بيتها إلا فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء ، وملائكة الرحمة ، وملائكة العذاب ، حتى ترجع . وعن طلق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته ، وإن كانت على التنور ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته ، فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح" وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا".
أخواتي الكريمات هذا عدد من الأحاديث رويناها لكنّ حثت على طاعة المرأة لزوجها وحثّت على حسن التبعل وحسن معاشرة الزوجة لزوجها حتى نقتدي بها بهذه الأحاديث ونكون نساء صالحات فنكون كمن قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " وقال أيضا عليه الصلاة والسلام " من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الثاني"
ولما كانت الحياة الزوجية فيها ما يعكر صفوها فقد جعل الله قيادة البيت للزوج على الزوجة فجعله قواما عليها قال تعالى :" الرجال قوامون على النساء" وعن أنس أن رجلا سافر ومنع زوجته من الخروج فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيادة أبيها ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : اتق الله ولا تخالفي أمر زوجك ، فمات أبوها فاستأذنت رسول الله في حضور جنازته فقال لها اتق الله ولا تخالفي زوجك ، فأوحى الله إلى نبيه أني غفرت لها بطاعة زوجها ، أما من الصفات السلبية التي ينبغي على الزوجة الصالحة أن تتجنبها التمرد والنشوز وكفر العشير والعياذ بالله وإلا استحقت غضب وعذاب الله عز وجل وحق تأديبها فقال تعالى :{والاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا}
والنشوز هو معصية الزوج فيما فرضه الله عليها من طاعته ، مأخوذة من النشز وهو: الارتفاع فكأنها ارتفعت وتعالت عما أوجب الله عليها من طاعته ، وعن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال رسول الله : "رأيت أكثر أهل النار النساء قالوا بم يا رسول الله ؟ قال: بكفرهن قيل أيكفرن الله، قال بكفر العشير وبكفر الإحسان ولو أحسنتَ إلى إحداهنّ الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيتُ منك خيرا قط"
فمتى ظهرت منها إمارات النشوز مثل أن تتثاقل وتدافع إذا دعاها ، ولا تصبر إليه إلا بتكره ودمدمة فإنه يعظها فيخوفها اللهَ سبحانه ويذكر ما أوجب الله له عليها من الحق والطاعة ، وما يلحقها من الإثم بالمخالفة والمعصية وما يسقط من ذلك من حقوقها من النفقة والكسوة وما يباح له نم ضربها وهجرها وهكذا يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف ويجب على الزوجة مثلُ ما يجب لها بالمعروف حتى تكون الحياة الزوجية حياة طمأنينة ويكنّ شقائق الرجال بحق ويكون تحقق فيهم وفيهنّّ قول الله عز وجل { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما}.
رشا 24 @rsha_24
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
والله يرزقنا الاحتساب