حصاد اللسان

كلما تحرك لساني في فمي اضطربت نفسي لإحساسي بالمسئولية عما يقول فاللسان من أهم أعضاء جسم الإنسان. بل هو أخطرها علي الإطلاق. فهو الذي ينطق بالشهادتين. ومنه يخرج الحق وأيضاً الباطل. وبه يحق الحق ويزهق الباطل. وبه يتم الإفصاح عما يجول داخل قلوبنا.
وكما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "المرء بأصغريه قلبه ولسانه" فاللسان سيد الأعضاء ومسيِّرها إلي خير أو إلي شر. ففي صبيحة كل يوم تنادي الأعضاء علي اللسان قائلة.. اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا" ولخطر اللسان علي عقيدة المسلم. يتحتم عليه أن يأخذ منه وألا يطلق له العنان. وأن يمسك لسانه دائماً عن الشر. فبهذا أوصي الرسول صلي الله عليه وسلم السائل قائلاً: "أمسك عليك لسانك".
فاللسان مترجم عن الأعضاء فهو الذي يفصح عما في داخل قلب صاحبه. ففاضحه إن كان مسيئاً. وناصحه إن كان محسناً. وليعلم المؤمن دائماً بأن جسده وعاء تصب فيه أحكام الدين. فيجب أن يكون هذا الوعاء نظيفاً طاهراً. لأن النجس يصيب كل ما يقربه بالنجاسة فالوعاء قبل الدعاء كما يقولون.. واللسان جزء من الوعاء فإذا كان نجساً قاد صاحبه إلي نار الجحيم. وشهد عليه أمام رب العالمين يقول تعالي: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" فهو كالصاحب المسيء إن جاريته في اساءته زادك سوءاً ثم تركك وحدك. قائلاً: ماكان لي عليك من سلطان وذكرك بخوفه من الله رب العالمين وإن رددته عن الإساءة وقف عن غيه واقتصر في شره وكفيت أنت أذاه. قبل أن يصدق عليك قول الرسول صلي الله عليه وسلم "وهل يكب الناس في النار علي وجوههم إلا حصائد ألسنتهم".
رحم الله أقواماً كان الواحد منهم يمسك بطرف لسانه مخاطباً له بقوله: "أصمت تسلم. وقل الخير تغنم. وإلا فلا تندم" والندم حينئذ لايفيد. فشاهدك من نفسك ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. فلسان الذاكرين رطب بذكر الله وكأنه عود من الياسمين قد اخضر ساقه وزكت رائحته فلا يتنفس إلا عن عبير طيب مبارك وهو لسان مرضي عنه في الأرض وفي السماء. أما لسان الغافلين فقد جف من كثرة الخطأ. فالخطأ خطيئة. والخطايا تتجمع علي الرجل حتي تهلكه.

منقول :24: