حقّ الطفل في الرضاع والحضانة
الشيخ خالد غنايم رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء
لقد اهتمّ الإسلام بالطفل، ومن مظاهر اهتمامه به أن جعل له حقّاً على والديه أن يوفّروا له الطعام المناسب في هذا الجيل، والطعام المناسب له هو الحليب، وأنسب حليب لهذا الطفل هو حليب الأم، يقول تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة} (البقرة: 233).
فإن لم توجد الأم لموت أو فراق أو عدم قدرة ترتّب هذا الحقّ على الأب أن يستأجر له من ترضعه، قال تعالى: {فإن أرضعن لكم فآتوهنّ أجورهنّ وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى} (الطلاق: 6).
يقول الأستاذ عبد الحميد عبد العزيز: يولي الإسلام عناية كبيرة في تشريعاته لرضاعة الطفل، ويحثّ المرأة على ذلك، لأنّ لبنها أنفع للولد من لبن غيرها، فضلاً عن رحمتها بولدها وفرط اشفاقها عليه، فإذا طلبت الأمّ إرضاعه متبرّعة أو بأجر المثل فهي أحقّ بإرضاعه من أية امرأة أخرى، سواء كانت الأم في حال الزوجية أو بعدها، لأنّ لبنها أوفق له وهي أحنى عليه (العلاقة الزوجية والحياة الأسرية من منظور طبي-إسلامي).
ولقد اتفقت كلمة المذاهب الإسلامية أنّه إذا لم توجد من ترضع الطفل تجبر الأم على الإرضاع صيانة للصبي عن الضياع، وكذلك إذا رفض الطفل أن يرضع من غير أمّه (انظر: المغني 7/627، تفسير القرطبي 3/161، المهذب 2/168، الهداية 2،45).
ولقد أثبت العلم الحديث أنّ لنوعية الغذاء الذي يأكله تأثيراً كبيراً على نفسية وسلوك الإنسان، وخاصّة الرضيع، حيث يتغّر طبع الصبي عن طبع والديه إلى طبع مرضعته لصغره ولطف مزاجه، لذلك على الوالد أن يختار له مرضعة طاهرة زكية ذات عقل ودين وخلق حميد، إذا احتاج الوالد لإرضاع ولده ولا ترضع له كلّ امرأة كما كان يحدث قديماً، كلّ هذا لأنّ الرضاع ينقل مع الحليب أخلاق الأم المرضع وطباعها.
ومن أجل التأكيد على حقّ الطفل في حصوله على حقّه في الرضاعة تشجّع الإسلام المرضعات من غير أم الولد على إرضاع الأولاد الذين ربما توفيت أمهاتهم أو انفصلوا عن أمّهاتهم لأسباب كثيرة. لذلك جعل الإسلام لهذه المرضع مكافأة عظيمة على صنيعها هذا، بأن جعل لها حقاً كحقً الأمّ الوالدة في البرّ والاحترام، وأسماها أماً من الرضاع، قال تعالى: {وأمهاتكم التي أرضعنكم} (النساء:23)، وأكّد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهمية الرضاع وعظمته في موازين الإسلام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (أخرجه البخاري (2654)).
ولقد حذّر الإسلام من التهاون في إرضاع الطفل، لأنّ الرضاعة تترتّب عليها أحكام من الحلال والحرام، لذلك لا يجوز في الإسلام ما يسمّى ببنوك الحليب، لأنّ حليب أمّهات يحرم هذا الرضيع لما ذكرنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقاً وحتى لا تختلط الأنساب.
ولقد حرص الإسلام على إتمام إرضاع الطفل، لقد كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه لا يفرض العطاء، إلا لمن فطم من الأولاد، فصارت الأمّهات يفطمن أولادهنّ قبل بلوغ أوان الفطام، فلمّا علم عمر بذلك رجع عنه وفرض للأولاد العطاء بمجرّد الولادة، حتى يطول وقت رضاعهم من أمّهاتهم، ولا يسارعن إلى فطامهم طمعاً بالعطاء، حرصاً من عمر على أن ينال الأولاد حظّاً وافراً من الغذاء الذي خصّصه الله لهم (انظر: مصنّف عبد الرزاق (9715)).
ونرى في عصرنا تفريطاً من الأمّهات في حقّ أولادهنّ في الرضاع من أجل الراحة أو من أجل أن تحافظ على جمالها ورشاقتها، فتلجأ إلى الحليب الصناعي، الذي هو مجرّد طعام، ونسيت الأم أنّها ترضع طفلها مع الحليب الحنان والعاطفة وصفاتها الحميدة، لذلك نشجّع الأمّهات على إرضاع أطفالهن للأسباب التي ذكرناها سابقاً، مع العلم أنّها سوف تُسأل عن ذلك يوم القيامة.
توفير الحضانة الآمنة للطفل
لقد أثبتت الدراسات النفسية والاجتماعية أنّ حرمان الطفل من رعاية والديه لأي سبب كان يعطّل ارتقاء الطفل النفسية والعقلية والقدرات الجسدية، ويصاب باضطرابات عصبية ونفسية.
والحضانة من الوالدين أمر فطري جبلا عليه من الرحمة والشفقة بمولودهما فهما أجدر بحضانته، فجعل الإسلام الحضانة واجبة على الوالدين معاً من مسؤوليتهما، وإنّهما سوف يُسألان عنها يوم القيامة.
وفي حالة الانفصال بين الوالدين فإنّ الأم أحقّ بالحضانة حتى يُفطم ويشب ثم يختار لنفسه.
وجاءت النصوص والأحكام كثيرة تدلّل على ذلك، والعدل يقتضي ذلك، لأنّ الأم أشدّ رفقاً بالولد وأكثر حناناً عليه وأعظم صبراً وإشفاقاً، وخاصة في سنين الطفولة الأولى التي تتطلّب عناية عظيمة وصبراً لا يقدر عليه الرجل، فلا جرم أن تكون الأم أنفع له وأدرى بحاجاته من غيرها وحتى من والده. كلّ هذا إذا لم تتزوّج لانشغالها عنه بحقوق الزوج. يقول القرطبي: إنّه لا خلاف بين علماء السلف في المرأة المطلقة أذا لم تتزوّج أنّها أحقّ بولدها من أبيه ما دام طفلاً صغيراً لا يميّز شيئاً إذا كان عندها في حرز وكفاية ولم يثبت منها فسق أو تبرّج يؤثّر في أخلاق الطفل (تفسير القرطبي 3/164).
محبة الخير للناس @mhb_alkhyr_llnas
محررة ذهبية
حــــــــــــــق الطفـــــــــــــــــــل فــــــــي الرضاعــــــــــــــــــــــــ ة
5
640
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
لأنّ الرضاع ينقل مع الحليب أخلاق الأم المرضع وطباعها.
سبحااااااااااااان الله اول مره اعرف هذي المعلومه
الله يجزاااك خير يامحبه ويحفظ لك بنيتك من كل شرررررر ويتبعها ذريه صااااااالحه:)
سبحااااااااااااان الله اول مره اعرف هذي المعلومه
الله يجزاااك خير يامحبه ويحفظ لك بنيتك من كل شرررررر ويتبعها ذريه صااااااالحه:)
لأنّ الرضاع ينقل مع الحليب أخلاق الأم المرضع وطباعها.
حبيبتي المعــلومة هـذي متاكـدة انـها صحيحة مـاتوقــع ..
شكرا ع الطــرج ..
حبيبتي المعــلومة هـذي متاكـدة انـها صحيحة مـاتوقــع ..
شكرا ع الطــرج ..
الصفحة الأخيرة
ام عزوز