شرقاويه والعز ليه @shrkaoyh_oalaaz_lyh
محررة برونزية
حُـكم عِبارة " لا تكن أنت والزمان علي
حُـكم عِبارة " لا تكن أنت والزمان علي "
ما رأي فضيلتكم في هذه العبارة : ( لا تكون أنت والزمان علي )
حيث أن البعض يقولها إذا كان يمر بضغوط نفسية وظروف مالية حرجة ثم ألح عليه شخص
بمطالبته بحقه والضغط عليه فيقول هذه العبارة ؟
الجواب :
الذي يَظهر أن هذا لا يخلو من نسبة التعاسة إلى الدّهر والزمان ، بل ونسبة الفقر والديون إليه ،
وهذا خطأ من جهتين :
الأولى : نسبة الأفعال إلى الزمان ، وهذا قد يصِل بصاحبه إلى الشرك ، إذا اعتقد أن الزمان يفعل كذا .
وهذا كَحَال الذين قالوا : (مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ
مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) .
الثانية : أنه مُتضمّن لِسَبّ الدّهر المنهي عنه ، كما قال تعالى في الحديث القدسي : يَسُبّ بنو آدم الدهر
، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار . رواه البخاري ومسلم .
وكما في قوله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : يؤذيني بن آدم يقول : يا خيبة الدهر . فلا يقولن
أحدكم يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر ، أقلَّب ليله ونهاره ، فإذا شئت قبضتهما . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن القيم رحمه الله : في هذا ثلاث مفاسد عظيمة :
إحداها : سَـبّه مَن ليس بأهل أن يُسَبّ ، فإن الدهر خَلْق مُسَخّر مِن خَلْق الله ، مُنْقَاد لأمْرِه ، مُذَلّل
لتسخيره ؛ فَسَابّـه أولى بالذم والسب منه .
الثانية : أن سَـبّه مُتَضَمّن للشرك ، فإنه إنما سبه لظنه أنه يَضُرّ وينفع ، وأنه مع ذلك ظالم قد ضَرّ مَن
لا يستحق الضرر ، وأعطى من لا يستحق العطاء ، ورفع من لا يستحق الرفعة ، وحَرَم مَن لا يستحق
الحرمان ، وهو عند شاتميه مِن أظلم الظَّلَمة . وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سَـبّه كثيرة جدا ، وكثير مِن
الْجُهّال يُصَرّح بِلَعْنِه وتَقْبِيحِه .
الثالثة : أن السبّ منهم إنما يَقَع على مَن فَعل هذه الأفعال التي لو أتبع الحق فيها أهواءهم لَفَسَدَتِ السماوات والأرض ، وفي حقيقة الأمر فَرَبّ الدهر تعالى هو المعطي المانع ، الخافض الرافع ، الْمُعِزّ الْمُذِلّ ، والدهر ليس
له من الأمر شيء ؛ فَمَسَبّتهم للدهر مَسَبّة لله عز وجل . اهـ .
مع ما فيه أيضا من سوء الأدب مع الله ، لأن هذا يُشبه حال الذي قال : أهانن ، كما في قوله تعالى :
(وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فليس كل مَن وُسّع عليه رزقه يكون مُكرَما ، ولا كل من قُدِر عليه
رزقه يكون مُهانا ، بل قد يوسّع عليه رزقه إملاء واستدراجا ، وقد يقدر عليه رزقه حماية وصيانة له
، وضيق الرزق على عبدٍ من أهل الدِّين قد يكون لِمَالَه مِن ذُنوب وخطايا ، كما قال بعض السلف :
إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه . اهـ .
وقال الإمام القرطبي في تفسيره : فليس ضيق الرزق هَوانا ، ولا سَعة الرزق فضيلة .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
--
6
843
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
ونفع الله بكم وغفرالله لكم ولوالديكم
ورزقكم الله جنة عرضها السماوات والارض