حفظ حقوق المرأة بالأسلام

ملتقى الإيمان

لقد حمى الإسلام المرأة من أن يُعتدى عليها، أو يبخس حقها، ورتب على ذلك أموراً ، وجعل لها حدوداً ، مما يدل دلالة واضحة على مكانة المرأة في الإسلام ، وأن لها عناية خاصة لم تحلم بها في أي شريعة من شرائع الأرض،فمن تلك المظاهر :
* أن الإسلام حرم قذفها بما يدنس عرضها
فالله تعالى اشتد في كتابه الكريم على قاذفي النساء في أعراضهن بأشد مما اشتد على القتلة وقطاع الطريق ، فقد قال الله تعالى : ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) (النور:4) .
فجعل الله سبحانه للقاذف عقوبة ثمانين جلدة ، ثم دعم هذه العقوبة بأخرى أشد وأخزى ، وهي اتهامه أبد الدهر في ذمته ، واطراح شهادته ، فلا تقبل له شهادة أبدا، ثم وسمه بعد ذلك بسمة هي شر الثلاثة جميعاً وسمة الفسق ، ووصمة الفجور .
لم يكن كل ذلك عقاب أولئك الآثمة الجناة ، فقد عاود الله أمرهم بعد ذلك بما هو أشد وأهول من تمزيق ألسنتهم فقال : (( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) (النور:23) .
* تحديد عدد الزوجات واشتراط العدل في التعدد وإلا فلا
مما يدل على أن الإسلام يحرص على ألا تخدش المرأة ، وألا تظلم ، أنه اشترط على الرجل ألا يزيد على أربع نسوة ، وقبل أن يتزوج الثانية لابد أن تكون عنده القدرة على العدل بين الزوجات وإلا فلا يحق لـه الزواج كما قال تعالى : ((فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)) (النساء: من الآية3) .
وقد رتب النبي r الوعيد الشديد على من مال إلى إحدى الزوجتين وظلم الأخرى فقال r : ((مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ)) .
* النهي عن الاعتداء عليهايقول الله تعالى : (( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ )) (النساء: من الآية19) .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( أي : تضاروهن في العشرة لتترك ما أصدقتها أو بعضه أو حقاً من حقها عليك أو شيئاً من ذلك على وجه القهر لها والاضطهاد ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ((وَلا تَعْضُلُوهُنَّ)) يقول : ولا تقهروهن (( لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ )) يعني : الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضرها لتفتدي ، وكذا قال الضحاك وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير)
* حفظ حقوقها الماليةفالقرآن حفظ حقها وحماها يتيمة صغيرة ، ومستضعفة ، وحفظ حقهن جميعاً في الميراث والكسب ، وفي حقهن في أنفسهن واستنقاذهن من عسف الجاهلية ، وتقاليدها الظالمة المهينة ، نجد أمثال هذه التوجيهات والتشريعات المتنوعة الكثيرة في جميع أحوالها ولنستعرض بعضاً منها :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً * وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً)) (النساء:21,20,19) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r قال : (( إن أعظم الذنوب عند الله رجلٌ تزوَّجَ امرأةً ؛ فلما قضى حاجته منها طلقها ، وذهب بمهرها )) الحديث
* التحريج العام في إضاعة حق المرأة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ : الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ )) .
قال العلامة السندي في حاشية على ابن ماجه : ( قوله ( إِنِّي أُحَرِّج ) بالحاء المهملة من التحريج أو الإحراج ، أي : أضيق على الناس في تضييع حقهما ، وأُشدد عليهم في ذلك ، ,والمقصود إشهاده تعالى في تبليغ ذلك الحكم إليهم ، وفي الزوائد المعنى : أُحرج عن هذا الإثم بمعنى أن يضيع حقها وأُحذر عنه تحذيرا بليغا وأزجر عنه زجرا أكيدا قاله النووي. قال : وإسناده صحيح رجاله ثقات) .
0
101

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️