
قال بعض السلف :
إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة , ويعمل الحسنة يدخل بها النار.
قالوا : كيف ؟
قال : يعمل الذنب , فلا يزال نصب عينيه , خائفاً منه , مشفقاً , وجلاً , باكياً , نادماً , مستحياً من ربه تعالى , ناكس الرأس بين يديه , منكسر القلب له , فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة ؛ بما ترتب عليه من هذه الأمور, التي بها سعادة العبد وفلاحه , حتى يكون ذلك الذنب سبب في دخوله الجنة .
ويفعل الحسنة , فلا يزال يمن بها على ربه , ويتكبر بها , ويرى نفسه , ويعجب بها , ويستطيل بها , ويقول : فعلت وفعلت فيورثه من العجب , والكبر, والفخر , والاستطالة , ما يكون سبب هلاكه .
فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيراً , ابتلاه بأمر يكسره به , ويذل به عنقه , ويصغر به نفسه عنده , وإن أراد به غير ذلك , خلاه وعجبه وكبره , وهذا هو الخذلان .
فإن العارفين كلهم مجموعون على أن التوفيق أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك ,
والخذلان أن يكلك الله تعالى إلى نفسك .
ابن القيم