حقيقة الحكمة
الحمد لله رب العالمين، الحمد الذي خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً، أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
شكر الله لكم اجتماعكم وحضوركم واستقبالكم، وجمعنا الله بكم في دار الكرامة، فإن هذه المجالس من أعظم ما يتقرب به إلى الله عز وجل، هي مجالس المتقين، وأولياء الله إذا اجتمعوا ذكروا الله، وكما يجتمع الصالحون في هذه الدنيا على ذكره يجمعهم الله عز وجل في جنته على محبته.
من كان ملتمساً جليساً صالحاً فليأت حلقة مسعر بن كدام
فيها السكينة والوقار وأهلها أهل العفاف وزينة الأقوام
أيها الإخوة الكرام! ذكر الله قصة لقمان عليه السلام في القرآن بسورة، وتكلم الله عز وجل عن كلام هذا الرجل الصالح، الذي أصلح الله قلبه. وكان لقمان مولى من الموالي، لكن رفع الله عز وجل ذكره بالتقوى، كان مملوكاً ولكن أحيا الله قلبه بالتوحيد والإيمان، ذكر في ترجمته: قال له مولاه: يا لقمان! ائتني بأطيب شيء في الإنسان، وبأخبث شيء فيه واذبح ذبيحة، فذبح ذبيحة وأتى بلسانها وقلبها وقال: هذا أطيب شيء إذا طاب، وهذا أخبث شيء إذا خبث.
يقول سبحانه وتعالى عنه في القرآن: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ) ما هي الحكمة وما معناها، وكيف نعرفها أيها الكرام؟
الحكمة كما قال السلف : مخافة الله، وفي أثر يروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {رأس الحكمة مخافة الله }.

معاني الحكمة في القرآن
والحكمة إذا أطلقت في القرآن فلها معنيان اثنان: إذا ذكرت مع القرآن فمعناها السنة: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَة وإذا ذكرت وحدها فمعناها وضع الشيء في موضعه، ومعناها التسديد في الأمور، يقول سبحانه: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ولا حكمة لفاجر ولا سداد لعاصي، ومن عصى الله خذله الله، خذله في كلامه وأفعاله وحاله، ومن فجر نزع الله الحكمة من قلبه والنور.
يروى أن يوسف عليه السلام -وهذا يذكره أهل التفسير في قصصه- لما همت به المرأة وهم بها، ذكر واعظ الله وبرهان الله، ورأى أباه يعقوب عليه السلام وهو يعض بأسنانه على أنامله ويقول: يا يوسف! لا تزنِ فإن من زنى كالطائر ينتف ريشه.
وهذا كالعاصي إذا أقدم على المعصية، فإن الله ينزع منه النور أولاً، والحكمة والسداد ويخذله، ويجعله من أبعد الناس عن التسديد في الأمور.
منقول من موقع الشبكة الاسلامية