قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ومذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر سلف الأمة وأئمة السنة: أن الروح عين قائمة بنفسها، تفارق البدن، وتنعم، وتعذب، ليست هي البدن، ولا جزء من أجزائه، ولما كان الإمام أحمد رحمه الله ممن نص على ذلك كما نص عليه غيره من الأئمة؛ لم يختلف أصحابه في ذلك".
وقال في موضع آخر : "والصواب أنها ليست مركبة من الجواهر الفردة، ولا من المادة والصورة، وليست من جنس الأجسام المتميزات المشهودة المعهودة، وأما الإشارة إليها؛ فإنه يشار إليها، وتصعد، وتنزل، وتخرج من البدن، وتسيل منه؛ كما جاءت بذلك النصوص ودلت عليه الشواهد العقلية.
وأما قول القائل: أين مسكنها من الجسد؟ فلا اختصاص للروح بشيء من الجسد، بل هي سارية في الجسد كما تسري الحياة التي هي عرض في جميع الجسد؛ فإن الحياة مشروطة بالروح؛ فإذا كانت الروح في الجسد؛ كان فيه حياة، وإذا فارقته الروح؛ فارقته الحياة".
الروح مخلوقة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "روح الآدمي مخلوقة مبدعة باتفاق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة، وقد حكى إجماع العلماء على أنها مخلوقة غير واحد من أئمة المسلمين".
وقال تلميذه العلامة ابن القيم: "والذي يدل على خلقها وجوه..."، وذكر اثني عشر وجها:
منها: قول الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ؛ فهذا اللفظ عام، لا تخصيص فيه بوجه ما، ولا يدخل في ذلك صفاته؛ فإنها داخلة في مسمى اسمه؛ فالله سبحانه هو الإله الموصوف بصفات الكمال، وهو سبحانه بذاته وصفاته الخالق وما سواه مخلوق.
ومنها: قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} ، وهذا الخطاب لروحه وبدنه، وليس لبدنه فقط؛ فإن البدن وحده لا يفهم ولا يخاطب ولا يعقل، وإنما الذي يفهم ويعقل ويخاطب هو الروح.
ومنها: قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} ، وهذا الإخبار إما أن يتناول أرواحنا وأجسادنا كما يقوله الجمهور، وإما أن يكون واقعا على الأرواح قبل خلق الأجساد كما يقوله من يزعم ذلك، وعلى التقديرين؛ فهو صريح في خلق الأرواح.
ومنها: النصوص الدالة على أن الإنسان عبد بجملته، وليست عبوديته واقعة على بدنه دون روحه، بل عبودية الروح أصل، وعبودية البدن تبع؛ كما أنه تبع لها في الأحكام، وهي التي تحركه وتستعمله، وهو تبع لها في العبودية.
ومنها: قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} ؛ فلو كانت روحه قديمة؛ لكان الإنسان لم يزل شيئا مذكورا؛ فإنه إنما هو إنسان بروحه لا بدنه.
ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في "صحيح البخاري"وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم:(الأرواح جنود مجندة؛ فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) ، والجنود المجندة لا تكون إلا مخلوقة.
ومنها: أن الروح توصف بالوفاة والقبض والإمساك والإرسال، وهذا شأن المخلوق المحدث المربوب.
منقول للفائدة

جوري 1428هـ @gory_1428h
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

جوري 1428هـ :
كيفية قبض روح المتوفى وما لها بعد وفاته قد جاء بيان كيفية التوفي ومآل الروح بعده في حديث البراء بن عازب الطويل، وهذا نصه: عن البراء بن عازب رضي الله عنه؛ قال: ( كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله كأن على رءوسنا الطير وهو يلحد له، فقال أعوذ بالله من عذاب القبر؛ ثلاث مرات ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا؛ نزلت إليه الملائكة، كأن على وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، فجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول يا أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها؛ فإذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون فلان ابن فلان؛ بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله فيقولان له ما علمك؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي؛ فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسخ له في قبره مدَّ بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت؟ فوجهك الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول يا رب! أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرَّق روحه في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح خبيثة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون فلان ابن فلان؛ بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا ثم قرأ {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر! فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة) . رواه الإمام أحمد وأبو داوود والحاكم وأبو عوانة في "صحيحيهما" وابن حبان. قال شارح الطحاوية: "وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد في الصحيح". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أما الحديث المذكور في قبض روح المؤمن، وأنه يصعد بها إلى السماء التي فيها الله؛ فهذا حديث معروف جيد الإسناد، وقوله: "فيها الله": بمنزلة قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} "كيفية قبض روح المتوفى وما لها بعد وفاته قد جاء بيان كيفية التوفي ومآل الروح بعده في حديث...
تفاوت الأرواح في البرزخ
قال العلامة ابن القيم: "الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت:
فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم؛ كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.
ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء، لا جميعهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره.
ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة.
ومنهم من يكون محبوسا في قبره؛ كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد فقال الناس: هنيئا له الجنة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده؛ إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره)
ومنهم من يكون مقره باب الجنة؛ كما في حديث ابن عباس: (الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم من الجنة بكرة وعشية) .
ومنها ما يكون محبوسا في الأرض لم يعل إلى الملأ الأعلى؛ فإنها كانت روحا سفلية أرضية؛ فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية، لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك؛ كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره والتقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها؛ فالمرء مع من أحب في البرزخ ويوم القيامة، والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد؛ كما تقدم في الحديث، ويجعل المؤمن مع النسم الطيب؛ أي: الأرواح الطيبة المشاكلة؛ فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها، فتكون معهم هناك.
ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة.
فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض".
قال: "وأنت إذا تأملت السنن والآثار، وكان لك بها فضل اعتناء؛ عرفت حجة ذلك.
ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا؛ فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها، وأنها لها شأنا غير شأن البدن".
إلى أن قال: "وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير؛ فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق".
منقول
قال العلامة ابن القيم: "الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت:
فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم؛ كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.
ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء، لا جميعهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره.
ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة.
ومنهم من يكون محبوسا في قبره؛ كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد فقال الناس: هنيئا له الجنة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده؛ إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره)
ومنهم من يكون مقره باب الجنة؛ كما في حديث ابن عباس: (الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم من الجنة بكرة وعشية) .
ومنها ما يكون محبوسا في الأرض لم يعل إلى الملأ الأعلى؛ فإنها كانت روحا سفلية أرضية؛ فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية، لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك؛ كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره والتقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها؛ فالمرء مع من أحب في البرزخ ويوم القيامة، والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد؛ كما تقدم في الحديث، ويجعل المؤمن مع النسم الطيب؛ أي: الأرواح الطيبة المشاكلة؛ فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها، فتكون معهم هناك.
ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة.
فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض".
قال: "وأنت إذا تأملت السنن والآثار، وكان لك بها فضل اعتناء؛ عرفت حجة ذلك.
ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا؛ فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها، وأنها لها شأنا غير شأن البدن".
إلى أن قال: "وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير؛ فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق".
منقول

جوري 1428هـ :
تفاوت الأرواح في البرزخ قال العلامة ابن القيم: "الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت: فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم؛ كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء. ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء، لا جميعهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره. ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة. ومنهم من يكون محبوسا في قبره؛ كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد فقال الناس: هنيئا له الجنة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده؛ إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره) ومنهم من يكون مقره باب الجنة؛ كما في حديث ابن عباس: (الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم من الجنة بكرة وعشية) . ومنها ما يكون محبوسا في الأرض لم يعل إلى الملأ الأعلى؛ فإنها كانت روحا سفلية أرضية؛ فإن الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والأنس به والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية، لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك؛ كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره والتقرب إليه والأنس به تكون بعد المفارقة مع الأرواح العلوية المناسبة لها؛ فالمرء مع من أحب في البرزخ ويوم القيامة، والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد؛ كما تقدم في الحديث، ويجعل المؤمن مع النسم الطيب؛ أي: الأرواح الطيبة المشاكلة؛ فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وأخواتها وأصحاب عملها، فتكون معهم هناك. ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة. فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض". قال: "وأنت إذا تأملت السنن والآثار، وكان لك بها فضل اعتناء؛ عرفت حجة ذلك. ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضا؛ فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضا، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها، وأنها لها شأنا غير شأن البدن". إلى أن قال: "وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير؛ فهنالك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة، وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق". منقولتفاوت الأرواح في البرزخ قال العلامة ابن القيم: "الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم...
أنواع تعلق الروح بالبدن .. خمسة!
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح:
الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :
أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا .
الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .
الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة فقد ورد ردّها إليه وقت سلام المسلِّم، وورد : أنه يسمع خفق نعالهم حين يتولون عنه، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .
الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ ( هو ) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .
… وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة .
قلت: صدق رحمه الله ونصح! بمعرفة هذا التقسيم البديع تزول إشكالات كثيرة وتجد جوابا للعديد من الأسئلة والشبهات التي تلوكها الألسنة بين الحين والآخر كمثل:
كيف يحيا الأنبياء والشهداء في قبورهم ؟ هل هي كالحياة الدنيوية المعروفة ؟!!
هل يجلس الميت في قبره حقيقة ويسأل ويجيب ؟!!
كيف تُرد روح النبي عليه الصلاة والسلام إليه عندما نسلم عليه؟
كيف يُعقل أن الكائنات الحية لن تموت يوم القيامة ؟
وغيرها ..
فإن اختلاف تعلق الروح بالبدن – وفق التقسيم السابق – يجعلها تخضع لقوانين ونواميس مختلفة عن كل مرحلة ولا يمكن قياسها على غيرها .. فلا يمكن قياس أحوال الروح في الحياة البرزخية على أحوالها في الحياة الدنيا لاختلاف النواميس التي تخضع لها في كلا الحياتين.
منقول
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح:
الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام :
أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا .
الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .
الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة فقد ورد ردّها إليه وقت سلام المسلِّم، وورد : أنه يسمع خفق نعالهم حين يتولون عنه، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .
الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ ( هو ) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .
… وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة .
قلت: صدق رحمه الله ونصح! بمعرفة هذا التقسيم البديع تزول إشكالات كثيرة وتجد جوابا للعديد من الأسئلة والشبهات التي تلوكها الألسنة بين الحين والآخر كمثل:
كيف يحيا الأنبياء والشهداء في قبورهم ؟ هل هي كالحياة الدنيوية المعروفة ؟!!
هل يجلس الميت في قبره حقيقة ويسأل ويجيب ؟!!
كيف تُرد روح النبي عليه الصلاة والسلام إليه عندما نسلم عليه؟
كيف يُعقل أن الكائنات الحية لن تموت يوم القيامة ؟
وغيرها ..
فإن اختلاف تعلق الروح بالبدن – وفق التقسيم السابق – يجعلها تخضع لقوانين ونواميس مختلفة عن كل مرحلة ولا يمكن قياسها على غيرها .. فلا يمكن قياس أحوال الروح في الحياة البرزخية على أحوالها في الحياة الدنيا لاختلاف النواميس التي تخضع لها في كلا الحياتين.
منقول

جوري 1428هـ :
أنواع تعلق الروح بالبدن .. خمسة! قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح: الروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق متغايرة الأحكام : أحدها تعلقها به في بطن الأم جنينا . الثاني تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض . الثالث تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه . الرابع تعلقها به في البرزخ فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة فقد ورد ردّها إليه وقت سلام المسلِّم، وورد : أنه يسمع خفق نعالهم حين يتولون عنه، وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة . الخامس تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ ( هو ) تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا . … وإذا كان النائم روحه في جسده وهو حي وحياته غير حياة المستيقظ فإن النوم شقيق الموت فهكذا الميت إذا أعيدت روحه إلى جسده كانت له حال متوسطة بين الحي وبين الميت الذي لم ترد روحه إلى بدنه كحال النائم المتوسطة بين الحي والميت فتأمل هذا يزيح عنك إشكالات كثيرة . قلت: صدق رحمه الله ونصح! بمعرفة هذا التقسيم البديع تزول إشكالات كثيرة وتجد جوابا للعديد من الأسئلة والشبهات التي تلوكها الألسنة بين الحين والآخر كمثل: كيف يحيا الأنبياء والشهداء في قبورهم ؟ هل هي كالحياة الدنيوية المعروفة ؟!! هل يجلس الميت في قبره حقيقة ويسأل ويجيب ؟!! كيف تُرد روح النبي عليه الصلاة والسلام إليه عندما نسلم عليه؟ كيف يُعقل أن الكائنات الحية لن تموت يوم القيامة ؟ وغيرها .. فإن اختلاف تعلق الروح بالبدن – وفق التقسيم السابق – يجعلها تخضع لقوانين ونواميس مختلفة عن كل مرحلة ولا يمكن قياسها على غيرها .. فلا يمكن قياس أحوال الروح في الحياة البرزخية على أحوالها في الحياة الدنيا لاختلاف النواميس التي تخضع لها في كلا الحياتين. منقولأنواع تعلق الروح بالبدن .. خمسة! قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح: الروح لها بالبدن...
مفهوم الموت في الإسلام
قلنا أن الروح جسم لطيف نوراني يشتبك بالبدن كاشتباك الماء بالعود الأخضر ويتخلل البدن كتخلل الماء للتراب والطين .
وقد دلت الأدلة الشرعية أن الموت هو مفارقة الروح للبدن كما في قوله تعالى : ﴿ فنفخنا فيها من روحنا ﴾ وقوله : ﴿ فنفخنا فيه من روحنا ﴾ فالحياة حصلت بنفخ الروح فدل ذلك على أن الموت يحصل بمفارقة الروح للبدن ومن الأدلة على ذلك أيضا حديث البراء بن عازب وقد سبق ذكره فراجعه – غير مأمور-
ولذا قال العلماء :أن الموت ليس بعدم محض و لا فناء صرف و انما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن و مفارقته له. وكلمات الفقهاء تتوارد على ذلك فإنك إذا رجعت إلى كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة رحمهم الله تجد أنهم يعرفون الموت بأنه مفارقة الروح للبدن.
ذكر الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين:( أن الموت تغير حال فقط ، وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد إما معذبة وإما منعمة ، ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عنه بخروج الجسد عن طاعتها ، فإن الأعضاء آلات للروح .. والموت عبارة عن استعصاء الأعضاء كلها ) ثم قال:( لا يمكن كشف الغطاء عن كنه الموت ، إذ لا يعرف الموت من لا يعرف الحياة).
وقال الشيخ الدكتور بكر أبوزيد ،: ( إن حقيقة الوفاة هي مفارقة الروح البدن ، وإن حقيقة المفارقة هي خلوص الأعضاء كلها عن الروح ، من حيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية ).
علامة الموت عند الفقهاء .
الفقهاء رحمهم الله بعد أن يقرروا حقيقة الموت يذكرون علامات الموت أي العلامات التي تدل على أن الروح قد فارق البدن ، وهذه العلامات تواردت كلمات العلماء عليها ويذكرونها في كتاب الجنائز وهذه العلامات ليست قطعية لكنها من قبيل الأمور الظاهرة التي يستدلون بها على مفارقة الروح للبدن وتتلخص في تسع علامات وهي :
1-توقف النفس .
2-استرخاء القدمين بعد انتصابهما ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن طبيبا كان واقفا عند بابه فمر عليه بجنازة يحملونها إلى المقبرة فسأل عن شأنها ، فقيل له : إنهم يحملونها إلى المقبرة ، فقال : إن هذا الشخص لم يمت ، واستدل هذا الطبيب على ذلك بأن قدميه لا تزالان منتصبتين ، فأرجع هذا الميت وفك من أكفانه فأفاق بإذن الله عز وجل .
3-انفصال الكفين عن الذراعين ، فإنها الآن متمسكة بالذراع لكن إذا مات الميت انفصل كفه عن ذراعه فينفصل زنده .
4-ميل الأنف واعوجاجه .
5-امتداد جلدة الوجه .
6-انخساف صدغاه إلى الداخل .
7-تقلص خصيتيه إلى الأعلى مع تدلي الجلدة .
8-برودة البدن .
9-إحداد البصر وهذا دل عليه حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال : ( إن الروح إذا قبض تبعه البصر ) وفي حديث شداد بن أوس مرفوعا ( إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر ؛ فإن البصر تتبع الروح وقولوا خيرا ؛ فإنه يؤمن على ما يقول أهل الميت ) .
علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر .
علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر هي «موت الدماغ»- كما سيأتي إن شاء الله بيان ذلك-
وأول من نبه على هذا مجموعة من الأطباء الفرنسيين عام 1959م حيث تكلموا عن موت الدماغ وأنه علامة من علامات الموت فيما أسمي بمرحلة ما بعد الإغماء ، ثم بعد ذلك في جامعة هارفارد في أمريكا عام 1967م تكلموا في هذه المسألة ثم بعد ذلك في بريطانيا اجتمعت لجنة مكونة من الكليات الملكية ووضعت ضوابط لما يسمى بموت الدماغ .
أولا: الأجزاء الرئيسية للدماغ وكيفية حدوث موت الدماغ .
يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية :
1- المخ .
2- المخيخ .
3- جذع المخ .
وكل واحد من هذه الأجزاء له وظائف رئيسية إذا عرفناها استطعنا أن نعرف أي هذه الأجزاء الذي إذا مات يكون علامة على موت البدن كما هو عند الأطباء .
فالجزء الأول المخ : ووظيفته تتعلق بالتفكير والذاكرة والإحساس .
والجزء الثاني المخيخ : ووظيفته تتعلق بتوازن الجسم .
والجزء الثالث جذع المخ : وهو أهم هذه الأجزاء ووظائفه وظائف أساسية فوظائفه تتعلق بالتنفس والتحكم في القلب ونبضاته والتحكم بالدورة الدموية... إلخ.
فعند أكثر الأطباء يحصل الموت إذا أصيب جذع المخ فهذه علامة من علامات الموت عند الأطباء ، وبعض الأطباء يخالف في ذلك .
فالمخ إذا أصيب لا يعني هذا حصول الموت لأن وظيفة المخ تتعلق بالذاكرة والإحساس والتفكير فيفوت عليه التفكير والإحساس وتفوت عليه الذاكرة فيحي كما يسميها الأطباء حياة جسدية نباتية، يتغذى ويتنفس وقلبه ينبض ، ويمكث على هذه الحال سنوات ، وقد وجد من المرضى من مكث عشر سنوات لأن جذع المخ الذي يتحكم في التنفس ونبضات القلب والدورة الدموية لا يزال حيا، لكنه فقد وعيه الكامل.
وكذلك المخيخ لو مات فإنه يفقد توازن الجسم ولا أثر له في موت الإنسان ، فالأطباء يقولون : إذا مات المخ أو المخيخ أمكن للإنسان أن يحيى حياة غير عادية يعني حياة نباتية جسدية فيفقد وعيه الكامل لكنه لا يزال يتنفس وقلبه ينبض ويتغذى .
والغالب أن موت جذع المخ هو الذي موته يكون علامة على الوفاة عند الأطباء ، والغالب أن موته أو إصابته تكون بسبب الحوادث ؛ حوادث السيارات أو القطارات أو الطائرات وما يحصل فيها من الارتطامات والاصطدام الذي يحصل في هذا الجزء من الدماغ .
وكذلك من أسباب موت جذع المخ ؛ النزيف الداخلي .
ثانيا: علامات موت جذع المخ .
ولما كان إصابة جذع المخ عند أكثر الأطباء دليلا على موت الإنسان فإن الأطباء يذكرون لموت جذع المخ علامات منها :
1-الإغماء الكامل .
2-عدم الحركة .
3-عدم التنفس وانقطاعه ولهذا يحتاج إلى أجهزة الإنعاش – وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله- .
4-عدم وجود أي انفعالات انعكاسية ، كظهور آثار الحزن أو السرور .
5-وهي من أهمها مع عدم التنفس عدم وجود نشاط كهربائي في رسم المخ بطريقة معروفة عند الأطباء ، فالأطباء يرسمون المخ فقد يوجد عند هذا المصاب شيء من الرسم الكهربائي ، قد يكون قويا وقد يكون ضعيفا وقد لا يوجد فإذا لم يوجد أي نشاط كهربائي عند رسم المخ بآلاتهم المعروفة فهذا مما يستدلون به على أن جذع المخ قد مات .
هذا بالنسبة لكلام الأطباء لكن يبقى كلام علماء الشريعة الفقهاء في الوقت الحاضر.
الحكم الشرعي للموت الدماغي وهل يعد موتا أم لا ؟
كانت العلامات في السابق على نحو ما ذكرنا لكن لما ظهرت هذه العلامة وهي موت جذع المخ اختلف فيها الفقهاء ، هل هي دليل على موت الإنسان أو أنه حتى الآن لم يمت ؟ على قولين :
القول الأول : وقال به بعض الفقهاء والباحثين في الوقت الحاضر ، قالوا : إنه إذا أثبت الأطباء أن جذع المخ قد مات بالعلامات التي سبق أن أشرنا إليها فإنه يحكم على هذا الشخص بأنه قد مات.
واستدلوا على ذلك فقالوا : إن الروح هي التي تسيطر على البدن عن طريق الدماغ فإذا مات أهم جزء في الدماغ وهو جذع المخ فقدت سيطرتها على البدن فتخرج منه ويقبضها ملك الموت .
القول الثاني : وهو قول أكثر الفقهاء المعاصرين والباحثين ومنهم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد والشيخ عبد الله البسام رحمه الله ، وكذلك أيضا فتوى وزارة الأوقاف الكويتية ، قالوا : إن موت جذع المخ لا يعني الموت ، فلا نحكم بأن هذا الشخص قد مات الآن ويترتب عليه أحكام الموت المعروفة من التوارث والإحداد وانتقال الملكية وبطلان الوكالة وما يتعلق بالوصايا...إلخ .
واستدلوا على ذلك بأدلة ، منها : قاعدة : اليقين لا يزول بالشك ، واليقين أن هذا الإنسان حي وموته مشكوك فيه ، فقد وجدت وقائع يقرر فيها موت الدماغ ثم بعد ذلك تستمر الحياة .
ومنها : قالوا : إن الشرع يتطلع لإحياء النفوس وإنقاذها وأن أحكامه لا تبنى على الشك وخصوصا ما يتعلق بالأنفس .
ومنها : قالوا : إن من أصول الشريعة المحافظة على المصالح الضرورية التي اتفقت الشرائع على المحافظة عليها، ومن ذلك حفظ النفس.
ومنها : قالوا : إن تعطل الإحساس أو توقف النفس ونحو ذلك لا يدل على فقد الحياة .
الترجيح:
هذا القول الثاني هو الصواب فلا نحكم بموته .
منقول
قلنا أن الروح جسم لطيف نوراني يشتبك بالبدن كاشتباك الماء بالعود الأخضر ويتخلل البدن كتخلل الماء للتراب والطين .
وقد دلت الأدلة الشرعية أن الموت هو مفارقة الروح للبدن كما في قوله تعالى : ﴿ فنفخنا فيها من روحنا ﴾ وقوله : ﴿ فنفخنا فيه من روحنا ﴾ فالحياة حصلت بنفخ الروح فدل ذلك على أن الموت يحصل بمفارقة الروح للبدن ومن الأدلة على ذلك أيضا حديث البراء بن عازب وقد سبق ذكره فراجعه – غير مأمور-
ولذا قال العلماء :أن الموت ليس بعدم محض و لا فناء صرف و انما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن و مفارقته له. وكلمات الفقهاء تتوارد على ذلك فإنك إذا رجعت إلى كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة رحمهم الله تجد أنهم يعرفون الموت بأنه مفارقة الروح للبدن.
ذكر الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين:( أن الموت تغير حال فقط ، وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد إما معذبة وإما منعمة ، ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عنه بخروج الجسد عن طاعتها ، فإن الأعضاء آلات للروح .. والموت عبارة عن استعصاء الأعضاء كلها ) ثم قال:( لا يمكن كشف الغطاء عن كنه الموت ، إذ لا يعرف الموت من لا يعرف الحياة).
وقال الشيخ الدكتور بكر أبوزيد ،: ( إن حقيقة الوفاة هي مفارقة الروح البدن ، وإن حقيقة المفارقة هي خلوص الأعضاء كلها عن الروح ، من حيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية ).
علامة الموت عند الفقهاء .
الفقهاء رحمهم الله بعد أن يقرروا حقيقة الموت يذكرون علامات الموت أي العلامات التي تدل على أن الروح قد فارق البدن ، وهذه العلامات تواردت كلمات العلماء عليها ويذكرونها في كتاب الجنائز وهذه العلامات ليست قطعية لكنها من قبيل الأمور الظاهرة التي يستدلون بها على مفارقة الروح للبدن وتتلخص في تسع علامات وهي :
1-توقف النفس .
2-استرخاء القدمين بعد انتصابهما ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن طبيبا كان واقفا عند بابه فمر عليه بجنازة يحملونها إلى المقبرة فسأل عن شأنها ، فقيل له : إنهم يحملونها إلى المقبرة ، فقال : إن هذا الشخص لم يمت ، واستدل هذا الطبيب على ذلك بأن قدميه لا تزالان منتصبتين ، فأرجع هذا الميت وفك من أكفانه فأفاق بإذن الله عز وجل .
3-انفصال الكفين عن الذراعين ، فإنها الآن متمسكة بالذراع لكن إذا مات الميت انفصل كفه عن ذراعه فينفصل زنده .
4-ميل الأنف واعوجاجه .
5-امتداد جلدة الوجه .
6-انخساف صدغاه إلى الداخل .
7-تقلص خصيتيه إلى الأعلى مع تدلي الجلدة .
8-برودة البدن .
9-إحداد البصر وهذا دل عليه حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال : ( إن الروح إذا قبض تبعه البصر ) وفي حديث شداد بن أوس مرفوعا ( إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر ؛ فإن البصر تتبع الروح وقولوا خيرا ؛ فإنه يؤمن على ما يقول أهل الميت ) .
علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر .
علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر هي «موت الدماغ»- كما سيأتي إن شاء الله بيان ذلك-
وأول من نبه على هذا مجموعة من الأطباء الفرنسيين عام 1959م حيث تكلموا عن موت الدماغ وأنه علامة من علامات الموت فيما أسمي بمرحلة ما بعد الإغماء ، ثم بعد ذلك في جامعة هارفارد في أمريكا عام 1967م تكلموا في هذه المسألة ثم بعد ذلك في بريطانيا اجتمعت لجنة مكونة من الكليات الملكية ووضعت ضوابط لما يسمى بموت الدماغ .
أولا: الأجزاء الرئيسية للدماغ وكيفية حدوث موت الدماغ .
يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية :
1- المخ .
2- المخيخ .
3- جذع المخ .
وكل واحد من هذه الأجزاء له وظائف رئيسية إذا عرفناها استطعنا أن نعرف أي هذه الأجزاء الذي إذا مات يكون علامة على موت البدن كما هو عند الأطباء .
فالجزء الأول المخ : ووظيفته تتعلق بالتفكير والذاكرة والإحساس .
والجزء الثاني المخيخ : ووظيفته تتعلق بتوازن الجسم .
والجزء الثالث جذع المخ : وهو أهم هذه الأجزاء ووظائفه وظائف أساسية فوظائفه تتعلق بالتنفس والتحكم في القلب ونبضاته والتحكم بالدورة الدموية... إلخ.
فعند أكثر الأطباء يحصل الموت إذا أصيب جذع المخ فهذه علامة من علامات الموت عند الأطباء ، وبعض الأطباء يخالف في ذلك .
فالمخ إذا أصيب لا يعني هذا حصول الموت لأن وظيفة المخ تتعلق بالذاكرة والإحساس والتفكير فيفوت عليه التفكير والإحساس وتفوت عليه الذاكرة فيحي كما يسميها الأطباء حياة جسدية نباتية، يتغذى ويتنفس وقلبه ينبض ، ويمكث على هذه الحال سنوات ، وقد وجد من المرضى من مكث عشر سنوات لأن جذع المخ الذي يتحكم في التنفس ونبضات القلب والدورة الدموية لا يزال حيا، لكنه فقد وعيه الكامل.
وكذلك المخيخ لو مات فإنه يفقد توازن الجسم ولا أثر له في موت الإنسان ، فالأطباء يقولون : إذا مات المخ أو المخيخ أمكن للإنسان أن يحيى حياة غير عادية يعني حياة نباتية جسدية فيفقد وعيه الكامل لكنه لا يزال يتنفس وقلبه ينبض ويتغذى .
والغالب أن موت جذع المخ هو الذي موته يكون علامة على الوفاة عند الأطباء ، والغالب أن موته أو إصابته تكون بسبب الحوادث ؛ حوادث السيارات أو القطارات أو الطائرات وما يحصل فيها من الارتطامات والاصطدام الذي يحصل في هذا الجزء من الدماغ .
وكذلك من أسباب موت جذع المخ ؛ النزيف الداخلي .
ثانيا: علامات موت جذع المخ .
ولما كان إصابة جذع المخ عند أكثر الأطباء دليلا على موت الإنسان فإن الأطباء يذكرون لموت جذع المخ علامات منها :
1-الإغماء الكامل .
2-عدم الحركة .
3-عدم التنفس وانقطاعه ولهذا يحتاج إلى أجهزة الإنعاش – وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله- .
4-عدم وجود أي انفعالات انعكاسية ، كظهور آثار الحزن أو السرور .
5-وهي من أهمها مع عدم التنفس عدم وجود نشاط كهربائي في رسم المخ بطريقة معروفة عند الأطباء ، فالأطباء يرسمون المخ فقد يوجد عند هذا المصاب شيء من الرسم الكهربائي ، قد يكون قويا وقد يكون ضعيفا وقد لا يوجد فإذا لم يوجد أي نشاط كهربائي عند رسم المخ بآلاتهم المعروفة فهذا مما يستدلون به على أن جذع المخ قد مات .
هذا بالنسبة لكلام الأطباء لكن يبقى كلام علماء الشريعة الفقهاء في الوقت الحاضر.
الحكم الشرعي للموت الدماغي وهل يعد موتا أم لا ؟
كانت العلامات في السابق على نحو ما ذكرنا لكن لما ظهرت هذه العلامة وهي موت جذع المخ اختلف فيها الفقهاء ، هل هي دليل على موت الإنسان أو أنه حتى الآن لم يمت ؟ على قولين :
القول الأول : وقال به بعض الفقهاء والباحثين في الوقت الحاضر ، قالوا : إنه إذا أثبت الأطباء أن جذع المخ قد مات بالعلامات التي سبق أن أشرنا إليها فإنه يحكم على هذا الشخص بأنه قد مات.
واستدلوا على ذلك فقالوا : إن الروح هي التي تسيطر على البدن عن طريق الدماغ فإذا مات أهم جزء في الدماغ وهو جذع المخ فقدت سيطرتها على البدن فتخرج منه ويقبضها ملك الموت .
القول الثاني : وهو قول أكثر الفقهاء المعاصرين والباحثين ومنهم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد والشيخ عبد الله البسام رحمه الله ، وكذلك أيضا فتوى وزارة الأوقاف الكويتية ، قالوا : إن موت جذع المخ لا يعني الموت ، فلا نحكم بأن هذا الشخص قد مات الآن ويترتب عليه أحكام الموت المعروفة من التوارث والإحداد وانتقال الملكية وبطلان الوكالة وما يتعلق بالوصايا...إلخ .
واستدلوا على ذلك بأدلة ، منها : قاعدة : اليقين لا يزول بالشك ، واليقين أن هذا الإنسان حي وموته مشكوك فيه ، فقد وجدت وقائع يقرر فيها موت الدماغ ثم بعد ذلك تستمر الحياة .
ومنها : قالوا : إن الشرع يتطلع لإحياء النفوس وإنقاذها وأن أحكامه لا تبنى على الشك وخصوصا ما يتعلق بالأنفس .
ومنها : قالوا : إن من أصول الشريعة المحافظة على المصالح الضرورية التي اتفقت الشرائع على المحافظة عليها، ومن ذلك حفظ النفس.
ومنها : قالوا : إن تعطل الإحساس أو توقف النفس ونحو ذلك لا يدل على فقد الحياة .
الترجيح:
هذا القول الثاني هو الصواب فلا نحكم بموته .
منقول

جوري 1428هـ :
مفهوم الموت في الإسلام قلنا أن الروح جسم لطيف نوراني يشتبك بالبدن كاشتباك الماء بالعود الأخضر ويتخلل البدن كتخلل الماء للتراب والطين . وقد دلت الأدلة الشرعية أن الموت هو مفارقة الروح للبدن كما في قوله تعالى : ﴿ فنفخنا فيها من روحنا ﴾ وقوله : ﴿ فنفخنا فيه من روحنا ﴾ فالحياة حصلت بنفخ الروح فدل ذلك على أن الموت يحصل بمفارقة الروح للبدن ومن الأدلة على ذلك أيضا حديث البراء بن عازب وقد سبق ذكره فراجعه – غير مأمور- ولذا قال العلماء :أن الموت ليس بعدم محض و لا فناء صرف و انما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن و مفارقته له. وكلمات الفقهاء تتوارد على ذلك فإنك إذا رجعت إلى كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة رحمهم الله تجد أنهم يعرفون الموت بأنه مفارقة الروح للبدن. ذكر الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين:( أن الموت تغير حال فقط ، وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد إما معذبة وإما منعمة ، ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عنه بخروج الجسد عن طاعتها ، فإن الأعضاء آلات للروح .. والموت عبارة عن استعصاء الأعضاء كلها ) ثم قال:( لا يمكن كشف الغطاء عن كنه الموت ، إذ لا يعرف الموت من لا يعرف الحياة). وقال الشيخ الدكتور بكر أبوزيد ،: ( إن حقيقة الوفاة هي مفارقة الروح البدن ، وإن حقيقة المفارقة هي خلوص الأعضاء كلها عن الروح ، من حيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية ). علامة الموت عند الفقهاء . الفقهاء رحمهم الله بعد أن يقرروا حقيقة الموت يذكرون علامات الموت أي العلامات التي تدل على أن الروح قد فارق البدن ، وهذه العلامات تواردت كلمات العلماء عليها ويذكرونها في كتاب الجنائز وهذه العلامات ليست قطعية لكنها من قبيل الأمور الظاهرة التي يستدلون بها على مفارقة الروح للبدن وتتلخص في تسع علامات وهي : 1-توقف النفس . 2-استرخاء القدمين بعد انتصابهما ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن طبيبا كان واقفا عند بابه فمر عليه بجنازة يحملونها إلى المقبرة فسأل عن شأنها ، فقيل له : إنهم يحملونها إلى المقبرة ، فقال : إن هذا الشخص لم يمت ، واستدل هذا الطبيب على ذلك بأن قدميه لا تزالان منتصبتين ، فأرجع هذا الميت وفك من أكفانه فأفاق بإذن الله عز وجل . 3-انفصال الكفين عن الذراعين ، فإنها الآن متمسكة بالذراع لكن إذا مات الميت انفصل كفه عن ذراعه فينفصل زنده . 4-ميل الأنف واعوجاجه . 5-امتداد جلدة الوجه . 6-انخساف صدغاه إلى الداخل . 7-تقلص خصيتيه إلى الأعلى مع تدلي الجلدة . 8-برودة البدن . 9-إحداد البصر وهذا دل عليه حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال : ( إن الروح إذا قبض تبعه البصر ) وفي حديث شداد بن أوس مرفوعا ( إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر ؛ فإن البصر تتبع الروح وقولوا خيرا ؛ فإنه يؤمن على ما يقول أهل الميت ) . علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر . علامة الموت عند الأطباء في الوقت الحاضر هي «موت الدماغ»- كما سيأتي إن شاء الله بيان ذلك- وأول من نبه على هذا مجموعة من الأطباء الفرنسيين عام 1959م حيث تكلموا عن موت الدماغ وأنه علامة من علامات الموت فيما أسمي بمرحلة ما بعد الإغماء ، ثم بعد ذلك في جامعة هارفارد في أمريكا عام 1967م تكلموا في هذه المسألة ثم بعد ذلك في بريطانيا اجتمعت لجنة مكونة من الكليات الملكية ووضعت ضوابط لما يسمى بموت الدماغ . أولا: الأجزاء الرئيسية للدماغ وكيفية حدوث موت الدماغ . يتكون الدماغ من ثلاثة أجزاء رئيسية : 1- المخ . 2- المخيخ . 3- جذع المخ . وكل واحد من هذه الأجزاء له وظائف رئيسية إذا عرفناها استطعنا أن نعرف أي هذه الأجزاء الذي إذا مات يكون علامة على موت البدن كما هو عند الأطباء . فالجزء الأول المخ : ووظيفته تتعلق بالتفكير والذاكرة والإحساس . والجزء الثاني المخيخ : ووظيفته تتعلق بتوازن الجسم . والجزء الثالث جذع المخ : وهو أهم هذه الأجزاء ووظائفه وظائف أساسية فوظائفه تتعلق بالتنفس والتحكم في القلب ونبضاته والتحكم بالدورة الدموية... إلخ. فعند أكثر الأطباء يحصل الموت إذا أصيب جذع المخ فهذه علامة من علامات الموت عند الأطباء ، وبعض الأطباء يخالف في ذلك . فالمخ إذا أصيب لا يعني هذا حصول الموت لأن وظيفة المخ تتعلق بالذاكرة والإحساس والتفكير فيفوت عليه التفكير والإحساس وتفوت عليه الذاكرة فيحي كما يسميها الأطباء حياة جسدية نباتية، يتغذى ويتنفس وقلبه ينبض ، ويمكث على هذه الحال سنوات ، وقد وجد من المرضى من مكث عشر سنوات لأن جذع المخ الذي يتحكم في التنفس ونبضات القلب والدورة الدموية لا يزال حيا، لكنه فقد وعيه الكامل. وكذلك المخيخ لو مات فإنه يفقد توازن الجسم ولا أثر له في موت الإنسان ، فالأطباء يقولون : إذا مات المخ أو المخيخ أمكن للإنسان أن يحيى حياة غير عادية يعني حياة نباتية جسدية فيفقد وعيه الكامل لكنه لا يزال يتنفس وقلبه ينبض ويتغذى . والغالب أن موت جذع المخ هو الذي موته يكون علامة على الوفاة عند الأطباء ، والغالب أن موته أو إصابته تكون بسبب الحوادث ؛ حوادث السيارات أو القطارات أو الطائرات وما يحصل فيها من الارتطامات والاصطدام الذي يحصل في هذا الجزء من الدماغ . وكذلك من أسباب موت جذع المخ ؛ النزيف الداخلي . ثانيا: علامات موت جذع المخ . ولما كان إصابة جذع المخ عند أكثر الأطباء دليلا على موت الإنسان فإن الأطباء يذكرون لموت جذع المخ علامات منها : 1-الإغماء الكامل . 2-عدم الحركة . 3-عدم التنفس وانقطاعه ولهذا يحتاج إلى أجهزة الإنعاش – وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله- . 4-عدم وجود أي انفعالات انعكاسية ، كظهور آثار الحزن أو السرور . 5-وهي من أهمها مع عدم التنفس عدم وجود نشاط كهربائي في رسم المخ بطريقة معروفة عند الأطباء ، فالأطباء يرسمون المخ فقد يوجد عند هذا المصاب شيء من الرسم الكهربائي ، قد يكون قويا وقد يكون ضعيفا وقد لا يوجد فإذا لم يوجد أي نشاط كهربائي عند رسم المخ بآلاتهم المعروفة فهذا مما يستدلون به على أن جذع المخ قد مات . هذا بالنسبة لكلام الأطباء لكن يبقى كلام علماء الشريعة الفقهاء في الوقت الحاضر. الحكم الشرعي للموت الدماغي وهل يعد موتا أم لا ؟ كانت العلامات في السابق على نحو ما ذكرنا لكن لما ظهرت هذه العلامة وهي موت جذع المخ اختلف فيها الفقهاء ، هل هي دليل على موت الإنسان أو أنه حتى الآن لم يمت ؟ على قولين : القول الأول : وقال به بعض الفقهاء والباحثين في الوقت الحاضر ، قالوا : إنه إذا أثبت الأطباء أن جذع المخ قد مات بالعلامات التي سبق أن أشرنا إليها فإنه يحكم على هذا الشخص بأنه قد مات. واستدلوا على ذلك فقالوا : إن الروح هي التي تسيطر على البدن عن طريق الدماغ فإذا مات أهم جزء في الدماغ وهو جذع المخ فقدت سيطرتها على البدن فتخرج منه ويقبضها ملك الموت . القول الثاني : وهو قول أكثر الفقهاء المعاصرين والباحثين ومنهم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد والشيخ عبد الله البسام رحمه الله ، وكذلك أيضا فتوى وزارة الأوقاف الكويتية ، قالوا : إن موت جذع المخ لا يعني الموت ، فلا نحكم بأن هذا الشخص قد مات الآن ويترتب عليه أحكام الموت المعروفة من التوارث والإحداد وانتقال الملكية وبطلان الوكالة وما يتعلق بالوصايا...إلخ . واستدلوا على ذلك بأدلة ، منها : قاعدة : اليقين لا يزول بالشك ، واليقين أن هذا الإنسان حي وموته مشكوك فيه ، فقد وجدت وقائع يقرر فيها موت الدماغ ثم بعد ذلك تستمر الحياة . ومنها : قالوا : إن الشرع يتطلع لإحياء النفوس وإنقاذها وأن أحكامه لا تبنى على الشك وخصوصا ما يتعلق بالأنفس . ومنها : قالوا : إن من أصول الشريعة المحافظة على المصالح الضرورية التي اتفقت الشرائع على المحافظة عليها، ومن ذلك حفظ النفس. ومنها : قالوا : إن تعطل الإحساس أو توقف النفس ونحو ذلك لا يدل على فقد الحياة . الترجيح: هذا القول الثاني هو الصواب فلا نحكم بموته . منقولمفهوم الموت في الإسلام قلنا أن الروح جسم لطيف نوراني يشتبك بالبدن كاشتباك الماء بالعود الأخضر...
هل الروح والنفس شيء واحد أو شيئان متغايران؟
اختلف الناس في ذلك: فمن قائل: إنهما شيء واحد، وهم الجمهور. ومن قائل: إنهما متغايران.
والتحقيق أن لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان، فيتحد مدلولها تارة ويختلف تارة، فالنفس تطلق على أمور:
منها: الروح؛ يقال: خرجت نفسه؛ أي: روحه، ومنه قوله تعالى: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ}
.
ومنها: الذات؛ يقال: رأيت زيدا نفسه وعينه، ومنه قوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} .
ومنها: الدم؛ يقال: سالت نفسه، ومنه قول الفقهاء: ما له نفس سائلة، وما ليس له نفس سائلة، ومنه يقال: نفست المرأة إذا حاضت ونفست إذا نفسها ولدها، ومنه النفساء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويقال: النفوس ثلاثة أنواع، وهي:
النفس الأمارة بالسوء: التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي.
والنفس اللوامة: وهي التي تذنب وتتوب؛ ففيها خير وشر، ولكن إذا فعلت الشر؛ تابت وأنابت، فتسمى لوامة؛ لأنها تلوم صاحبها على الذنوب، ولا تتلوم؛ أي: تتردد بين الخير والشر.
والنفس المطمئنة: وهي التي تحب الخير والحسنات، وتبغض الشر والسيئات، وقد صار ذلك لها خلقا وعادة.
فهذه صفات وأحوال لذات واحدة؛ لأن النفس التي لكل إنسان هي نفس واحدة.
والروح أيضا تطلق على معان:
منها: القرآن الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}
.
وعلى جبريل؛ قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} .
وعلى الوحي الذي يوحيه إلى أنبيائه ورسله؛ قال تعالى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ، سمي روحا لما يحصل به من الحياة النافعة؛ فإن الحياة بدونه لا تنفع صاحبها البتة، وسميت الروح روحا لأن بها حياة البدن.
وتطلق الروح أيضا على الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه.
وتطلق الروح على ما سبق بيانه، وهو ما يحصل بفراقه الموت، وهي بهذا الاعتبار ترادف النفس ويتحد مدلولهما، ويفترقان في أن النفس تطلق على البدن وعلى الدم، والروح لا تطلق عليهما..
منقول
اختلف الناس في ذلك: فمن قائل: إنهما شيء واحد، وهم الجمهور. ومن قائل: إنهما متغايران.
والتحقيق أن لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان، فيتحد مدلولها تارة ويختلف تارة، فالنفس تطلق على أمور:
منها: الروح؛ يقال: خرجت نفسه؛ أي: روحه، ومنه قوله تعالى: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ}
.
ومنها: الذات؛ يقال: رأيت زيدا نفسه وعينه، ومنه قوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} .
ومنها: الدم؛ يقال: سالت نفسه، ومنه قول الفقهاء: ما له نفس سائلة، وما ليس له نفس سائلة، ومنه يقال: نفست المرأة إذا حاضت ونفست إذا نفسها ولدها، ومنه النفساء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويقال: النفوس ثلاثة أنواع، وهي:
النفس الأمارة بالسوء: التي يغلب عليها اتباع هواها بفعل الذنوب والمعاصي.
والنفس اللوامة: وهي التي تذنب وتتوب؛ ففيها خير وشر، ولكن إذا فعلت الشر؛ تابت وأنابت، فتسمى لوامة؛ لأنها تلوم صاحبها على الذنوب، ولا تتلوم؛ أي: تتردد بين الخير والشر.
والنفس المطمئنة: وهي التي تحب الخير والحسنات، وتبغض الشر والسيئات، وقد صار ذلك لها خلقا وعادة.
فهذه صفات وأحوال لذات واحدة؛ لأن النفس التي لكل إنسان هي نفس واحدة.
والروح أيضا تطلق على معان:
منها: القرآن الذي أوحاه الله تعالى إلى رسوله؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}
.
وعلى جبريل؛ قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} .
وعلى الوحي الذي يوحيه إلى أنبيائه ورسله؛ قال تعالى: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ، سمي روحا لما يحصل به من الحياة النافعة؛ فإن الحياة بدونه لا تنفع صاحبها البتة، وسميت الروح روحا لأن بها حياة البدن.
وتطلق الروح أيضا على الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه.
وتطلق الروح على ما سبق بيانه، وهو ما يحصل بفراقه الموت، وهي بهذا الاعتبار ترادف النفس ويتحد مدلولهما، ويفترقان في أن النفس تطلق على البدن وعلى الدم، والروح لا تطلق عليهما..
منقول
الصفحة الأخيرة
قد جاء بيان كيفية التوفي ومآل الروح بعده في حديث البراء بن عازب الطويل، وهذا نصه:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه؛ قال:
( كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله كأن على رءوسنا الطير وهو يلحد له، فقال أعوذ بالله من عذاب القبر؛ ثلاث مرات ثم قال إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا؛ نزلت إليه الملائكة، كأن على وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، فجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول يا أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها؛ فإذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون فلان ابن فلان؛ بأطيب أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله فيقولان له ما علمك؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي؛ فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسخ له في قبره مدَّ بصره قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت؟ فوجهك الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول يا رب! أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي قال وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة؛ نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرَّق روحه في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها؛ لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح خبيثة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة؛ إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون فلان ابن فلان؛ بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا ثم قرأ {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر! فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة)
.
رواه الإمام أحمد وأبو داوود والحاكم وأبو عوانة في "صحيحيهما" وابن حبان.
قال شارح الطحاوية: "وذهب إلى موجب هذا الحديث جميع أهل السنة والحديث، وله شواهد في الصحيح".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أما الحديث المذكور في قبض روح المؤمن، وأنه يصعد بها إلى السماء التي فيها الله؛ فهذا حديث معروف جيد الإسناد، وقوله: "فيها الله": بمنزلة قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} "