بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فـــــــي كل نهاية حقبة أو دورة حياتية أو كور وجودي تتغير معالم الأرض والفلك الكوني الوجودي معلنا نهاية طور وبداية طور أخر.
في كل الأحوال نهاية طور ما يسمى –الدنيا- ليس بالضرورة نهاية الحياة على الأرض.؟
إذا ما اعتبرنا فعلا أن هذا الطور سوف ينتهي في 2012 فهذا لا يعني انعدام بالضرورة الحياة؟
لماذا يركز بعضهم على نهاية العالم في 21/12/2012 ؟
حضارة المايا فعلا حضارة متطورة في حساب الدورات والأطوار ،فهي قسمت التاريخ الفلكي الكوني إلى تسع حلقات ونحن اليوم نعيش فعلا أخر هذه الدورات ؟
الذين يركزون على نهاية الحياة والعالم معا في 2012 هم عندهم مرجعيات بعيدة عن حقيقة الكينونة الوجودية للإنسان فهم عقول محدودة داخل طور قصير من الوجود.
الوجود أكبر من الكون والحياة ملتصقة بالوجود وليست ملتصقة بالكون، فنهاية الكون ليست بالضرورة نهاية الحياة ، إبليس في التراث الإسلامي لم يسجد لأبونا أدم في قوله (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) ص 76، فمع كونه عالما لم يستطع أن يدرك أن أصل كل نار هو الطين .
هكذا اليوم نقول لكل العلماء في الفيزياء الفلكية فمع كونهم علماء وباحثين فليس بالضرورة حساباتهم وتوقعاتهم صحيحة مع تحفظنا في عدم وصفهم بفعل إبليس فهم في كل الأحوال علماء لهم نيات بريئة وبعيدة عن أي توجه أديولوجي.
الذين يستغلون هذه الأبحاث أديولوجيا هم الجماعات المتطرفة التي لها علاقة بالتطرف الديني الإسلامي والمسيحي واليهودي وبعض الجماعات السرية كالماسونية والصهيونية وحكومة العالم الخفية.
الإنسان العادي المحجوب بالواقع ومتغيراته والحياة العامة يرى الأمور بعين الغيب قائلا :
لا يعلم الغيب إلا الله.
فعلا لا يعلم الغيب إلا الله وحده هذه هي الحقيقة الذي يجب أن نؤمن بها جميعا لأن نهاية الحياة الدنيا قد تكون موت خاص لكل فرد أدمي بدخوله إلى بطن الأرض في زلزال أو موت طبيعي أو بسبب الأمراض وهذا أمر طبيعي وعادي نعيش فيه ونتعايش معه.
في الحقيقة نهاية النهاية أمر غيبي وسري للغاية لا يعلمه إلا من بدأ الخلق الأول في قوله (كما بدأكم تعودون) نحن (الإنسانية) عائدون ولسنا معدمون أو منتهون لذا وجب علينا أن نؤمن بمصير العودة وليس بمصير النهاية فليس هناك نهاية فلقد خلقنا للبقاء وإلا فما حكمة الخلق؟
كيف تكون هذه العودة ؟
يقول سبحانه في محكم التنزيل ( إنا لله وإنا إليه راجعون) .
الرجوع إلى الله قسمان قهري وطوعي .
الطوعي هو أن نسعى في معرفة خالقنا والتحقق بماهيتنا كموجودات خلقت من أجل غاية معينة بالعبادة والتقرب إليه سبحانه.
القهري هو الموت بجميع أصنافه الموت الجماعي للجماعات أو للأفراد.
الأرض الحاملة لأجسامنا هي كذلك لها موت طبيعي يعني عودة إلى النقطة التي بدأ منها الدحو الأولي يعني نقطة البداية.
الذين ينغمسون في الوجود الكلي الحياتي كجماعة النطساء أو العرفاء أو العباد الصالحون أو النورانيون هم أقرب موجود للغيب الإلهي فوجود هؤلاء في الوجود يشبه إلى حد ما حيتان البحر في البحر فهم قادرون على التعمق الوجودي ، هؤلاء كلهم يصلون في أقصى إدراكاتهم الوجودية الفطرية إلى نقطة يستحيل معها معرفة أي شيء غيبي لذا جاء الإسلام كدين كوني وجودي شامل لكل المنظومات الوجودية بالتسليم للمبدع والخالق الأول، وإلا فالإنسان كمخلوق لا وجود لماهيته بانعدام إدراك صفته الوجودية.
القرآن كتاب المبدع والخالق الأول من استطاع فك آياته المعجزة بشفاعة الرسل والأنبياء( انظرلكتاب فصوص الحكم ) والأوصياء الذين هم أنفسهم متشفعون بأهل البيت عليهم السلام ( مذهب أهل البيت عليهم السلام في قول الرسول الأعظم في وصية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ) . يستطيع أن يدرك شيئا ما في وجوده.
المعرفة ليست هي الغاية من الخلق كما أنها وهي كذلك أمر لا بد من التحقق به ، فحتى العصاة المنغمسون في الغفلة واللآمبالاة الداخلون إلى النار سوف يتحققون في دخولهم للنار برب النار والخلق والوجود والدنيا .
المعرفة أمر ضروري لمعرفة من أين وإلى أين ؟ فالذين ينغمسون في اللحظات الوجودية متناسين الخطاب الإلهي لظروف اجتماعية أو عقائدية أو تاريخية هم مدعون في نهاية كل طور وجودي للوقوف عند حقيقة وجوديهم، ولعل أطروحة نهاية العالم في سنة 2012 تكون الوقفة التي تلتقي فيها الحضارات والديانات والعلوم والمعارف من أجل معرفة من أين وإلى أين وما الغاية وما غايتها ؟
أكيد سوف لن تنتهي الحياة في سنة 2012 فشروق الشمس من مغربها هو نهاية الطور الدنيوي وبداية الطور المهدوي الإستخلافي الأرضي للمؤمنين والصالحين من عباد الله بعدما خاضوا صراعا مع الطغاة والظالمين عبر العصور.
شروق الشمس من المغرب كاحتمال علمي في نظريات العالم الرياضي الفيزيائي الذكي أنشطاين ليس أطروحة علمية بحتة فهي مع كونها كذلك نجدها في الأحاديث الواردة وقد سميت بالساعة وليس القيامة.
الساعة هي رجوع متوسط إليه سبحانه ،وهي القيامة المتوسطة تنعدم فيها التوبة ويحشر الناس جزئيا إلى الله يعني ليس فيها حشر كلي كما هو في يوم القيامة الكبرى، كما أن السنة الفلكية في حينها سوف تصبح بعشر سنوات من حساباتنا في أيامنا هذه وشمسنا تشرق من الشرق.
الساعة هي الرجوع المتوسط إلى الله وهي طور أخر ينعدم فيه الظلم والظلمات لقرب أصحابها منه تعالى حيث سوف يخرج الإمام المهدي القائد الغيبي الحاضر من وراء غيبته وأسبابها التي لا يصدقها الكثير من الخلق في عصرنا هذا فجميع المعتقدون من غير مذهبنا ( أهل البيت عليهم السلام ) يستحيل عليهم الإيمان بهذه العقيدة فهم يرونها تشبه الخيال العلمي أو الاعتقاد الخرافي، بينما نحن والحمد لله في مذهبنا نجد أناس قد التقوا بإمام زمانهم الغائب عليه السلام متحققون بكل أوصافه فبقدر إيقانهم الفائق به وبخروجه يرون واقعا منكرا لوجوده تماما، فما العمل والواقع ناكرمتنكر والقلب مطمئن موقن؟
العمل هو الانتظار والدعاء والرصد ،رصد الأحداث على أرض الواقع وانتظار الغيب في أمر السماء .
المنكرون للمهدي عليه السلام وغيبته كثر وهذا أمر طبيعي في وجود الإنسان في هذا الطور لأن الحقيقة أمر لا يدركه في كل طور إلا قلة قليلة من البشر الأرضي في قوله ( إن أكثر الناس للحق لكارهون). فالمؤسس لأي اعتقاد أرضي هو حياة الناس المليئة بكل أنواع التوهمات فالمنكرون للمهدي عليه السلام يستحيل عليهم تصور حياة ما بعد شروق الشمس من مغربها؟
فالمنكرون للمهدي عليه السلام تأسس اعتقادهم هذا عن اعتقاد في بواطن أنفسهم فبقدر حكمهم علينا بالضلال والخرافة نجدهم أناس بعيدين عن حياة المعنى ( ونفخت فيه من روحي )والتي بها نذوق كل طعم وجودي فبعضهم ينكر الحب كوجود وبعضهم ينكر العشق وبعضهم ينكر الغيب وهكذا.
إن قوة مذهب أهل البيت عليه السلام هي أنه يؤمن بالإيمان الذي يؤسس لحياة الإيمان بالإيمان بالغيب. ( ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ، الذين يؤمنون بالغيب) الآيتين 1 و2 من سورة البقرة .
لا يمكن أن تقي نفسك من المعوقات والحواجز إلا بمعرفتها حق المعرفة لذا فمعرفة النفس والآفاق الكونية واجبة للدخول في عالم الهداية الحقيقي.
فالإيمان بالغيب هو من يعطي لحياة المؤمن معنى يتحسسه في أرض الواقع بين الناس والمجتمع، فالعابد لله بلا علم كالحمار يدور على الرحى ولا يبرح يظن أنه قطع المسافات وهو في نقطة بدايته.
إن أطروحة نهاية العالم في سنة 2012 أطروحة علمية استشرافية استباقية ، كما أنها وهي كذلك دعوة للغافلين للدخول في عالم الهداية الإلهي إن أحبوا أن يكون لواقعهم معنى يعصمهم من التجاذبات السياسية الاديولوجية للجماعات المتطرفة والخفية التي تسير على خطى إبليس في قوله ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ). ص 76.
والسلام على عباد الله المهديين.
واكرر ( اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لأخرتك كأنك ستموت غدا)
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
قاضيه قاعه
•
وين الردود
الصفحة الأخيرة