@ ظلم كبير @
- من تكريم الإسلام للمرأة أن جَعَلَ لَها حقًّا شرعيًّا في التَّرِكَةِ الَّتي تركها مورثها، حق ثابت لها منذ خلقها في بطن أمها، ويظلّ هذا الحق واجبًا لها مهما كانت حالتها: فقيرة أو غنية، عاقلة أو مجنونة، رشيدة أو سفيهة، بنتًا أو أمًّا أو أختًا، ولا يجوز لأحد أن يحرمها من هذا إلا بموانعه الشرعية من كفر أو ردة أو قتل لموروثها ..
- لقد ضمن الإسلام حق مشاركة البنات للأبناء في الإرث من والدهن ولم يحجبهن بالأبناء كما ذهبت إليه الشريعة اليهودية ، قال تعالى : { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا } ..
- هذا امر من الله الحكيم العليم بإعطاء المرأة حقها من الميراث سواء كانت كبيرة ام صغيرة فحقها محفوظ مكفول من قبل الشريعة لا يجوز ولا يحق لأحد ان يتصرف فيه بدون اذنها ..
- فهذه الآية الكريمة أوجبت النصيب من الميراث للرجال والنساء، والمرأة سواء كانت زوجة أو أختًا أو بنتًا فلها نصيبها من الميراث، وهذا النصيب حق شرعي لها وليس منة أو تفضلاً من أحد، فلا يجوز لأحد أن يحرمها من نصيبها الذي قرَّرَهُ الشرع الحنيف.
- الذي تولى أمر تقسيم التركات في الإسلام هو الله تعالى وليس البشر ، فكانت بذلك من النظام والدقة والعدالة في التوزيع ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه لولا أن هداهم الله ، قال تعالى : { آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } ..
- ومن أعظم الظلم الواقع بين الناس اليوم هضم حق البنات في الميراث ، سواء من قبل وصية الميت الجائرة أو توزيعه الظالم لتركته وهو حي ..
وعلى ذلك فهو معرض لعقوبة الله تعالى وكذلك كل واحد من الأبناء الذكور لأنهم خالفوا شرع الله الذي تولى قسمته بنفسه ولم يتركه للبشر لما قد يقع بينهم من الظلم والاجحاف والطمع وحب الدنيا الزائلة ..
- وتأمل وصية الله عز وجل بالنات في ميراث آبائهن حيث قال سبحانه وتعالى : { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } ..
- الولد اسم للابن ذكراً كان أو أنثى بدليل ما ذكر بعد ذكر كلمة الأولاد، وهو قوله : { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }.
وانظر الى وَصيته سبحانه من الرَّحْمَة بالبنات إضافة الى الْعدْل وَالْحكمَة فَإِنَّهُ جعل للبنات حظا فِي أَمْوَال آبائهن رَحْمَة مِنْهُ لضعفهن وترغيبا فِي نِكَاحهنَّ لِأَن الْمَرْأَة تنْكح لمالها وجمالها ولدينها فَعَلَيْك بِذَات الدّين ..
- وانظر الى حكمة الله تعالى في توزيع الإرث ، فجعل للذكر مثل حظ الانثيين ، فحينما تَرِثُ المرأة نصف الرجل لا يعني هذا ظلمًا ولا هضمًا ولا إجحافًا للمرأة؛ وإنما هو عدالة ورعاية وعناية؛ لأنَّ المرأة مكرمة لا تطالب بدفع المهر بل يدفع لها ولا تطالب بالنفقة وإنما ينفق عليها ولا تطالب بالسكن بل من حقوقها السكن، والنفقة والكسوة ووسيلة النقل، والمتطلبات كثيرة والحياة بأعبائها ومتطلباتها صعبة وثقيلة فجعل الله سبحانه وتعالى للذكر مثل حظّ الأنثيين إذن الحكمة الإلهية واضحة لأن الزوج مطالب بالإنفاق حتى ولو كانت زوجته غنية ..
- كلَّ من يحرم امرأة من نصيبها بأي وسيلة كالتهديد والوعيد أو بإجْبَارها على التنازل عن ميراثها، أو بالتحايل عليها لإسقاط حقها بما يسميه عامة الناس (إرضاء الأخوات) زورًا وبهتانًا؛ كاشراكهن جميعا في قطعة ارض او إشراكهن جميعا مع احد الأخوة ، فمن فعل ذلك فهو آثم ومعطّل لحكم الله في هذه القضية، ومتعد على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وآكل لأموال الناس بالباطل ، وجزاؤه عند ربه ، ولسوف يتصرف ورثته بماله الحرام ويقاسي عذابه بعد موته ..
- هناك من يضيع هذا حق المرأة في الميراث لا سيَّما في بعض المجتمعات والقبائل لمن ليس لهم نصيب كبير من العلم والدين ، حيث يمنعون المرأة - وخاصة المتزوجة - من الميراث ولا يخبرون المحكمة، بل إن بعضهم يقسم التركة دون الرجوع إلى المحكمة ولا يعطي المرأة شيئًا! فالواجب عليهم حصر جميع الورثة صغارا وكبارا والتوجه بهم الى المحكمة لتوزيع التركة حسب قسمة الله لها دون ظلم او تعد او جور ..
- قسمة التركة حسبما قسمها الله امر ضروري ولازم وواجب لتماسك الأسر وبث روح الأخوة والرحمة والمحبة بينهم ، فكم من أسر تشتت وتفككت بسبب ظلم الورثة بعضهم لبعض ..
- يقول الشيخ الدكتور إبراهيم البشر القاضي والمستشار بمكتب وزير العدل: أكثر المشاكل التي ترد إلى المحاكم هي مشكلة العقارات: كالأراضي والعمائر، وكذلك المزارع، والغالب أنَّ الابن الأكبر للمتوفى هو الذي يظلم بقية الورثة أو الابن الذي يرافق والده في حياته ويعمل معه في التجارة ويعرف أملاكه أو معه وكالة عامة قبل وفاة الأب ..
- بعض من يتقدَّم لحصر ميراث المتوفى لا يذكر أمه ولا ابنته المتزوجة مثلاً؛ ظنًّا منه أنَّ أمَّه أو ابنته المتزوجة لا ترث كذلك إذا لم يكن للمتوفَّى أصولٌ ولا فروع؛ وإنَّما الذي يَرِثُ إِخْوَتُه الأشقاء، بل لا يذكرون الإخوة من الأم ظنًّا منهم أن الإخوة والأخوات من الأم لا يرثون مع الإخوة الأشقاء والأخوات الشقيقات ..
- إن حرمان الأب بنته او بناته من الميراث هو سلوك شاذَّ يغرسه الآباء في الأبناء، وتتوارثه الأسرة، وهذا يعني أن الآباء يدمرون علاقات المودَّة والمحبَّة والتَّراحُم بين أبنائهم، ولنا أن نتخيل مشاعر الجميع عندما تضطر امرأة إلى الوقوف في ساحة القضاء أمام أشقائها للحصول على حقها الشرعي بعد أن حرموها منه ..
- إنما الحياة ايام وسنوات قلائل ثم موت وحساب ونعيم او عذاب ، فانج بنفسك وأعط كل ذي حق حقه ، ولا تعتمد على قول عالم او داعية او امام مسجد ، فالحكم الملزم لا يكون الا من المحكمة الشرعية ، ارجع الحقوق الى أهلها قبل ان تغادر الدنيا دار العمل الى الآخرة دار الجزاء والحساب ، فهناك لا ينفع مال ولا بنون بل هي الحسنات والسيئات ولن يدافع عنك احد ولن يتحمل عنك العذاب احد ، فإذا تيقنت من ذلك فاتق الله ورد الحقوق الى أهلها والله يتولاك برحمته وفضله ، قال تعالى : { لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ ۚ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ..
- الا فليتذكر كل آكل للمال الحرام أنه متوعد بقول الله الجبار القهار : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً @ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً } ..
- هذا ما تيسر جمعه ونقله وكتابته والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على الحبيب الشفيع محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين ..
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️